(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إنه من المرجح أن يكون الهجوم بصاروخ باليستي – الذي شنته قوات الحوثي-صالح في اليمن على المطار الدولي الرئيسي في الرياض في 4 نوفمبر/تشرين الثاني 2017 – جريمة حرب. ردت السعودية على الهجوم بالادعاء بأن إيران – التي اتهمتها بدعم المتمردين الحوثيين المسيطرين على أغلب مناطق شمال اليمن – هرّبت الصاروخ إلى اليمن، وأعلنت السعودية عن إغلاق "مؤقت" لجميع المنافذ اليمنية البرية والبحرية والجوية. لم يُمكن التأكد من الادعاءات السعودية التي، بحسب تقارير إعلامية، نفاها مسؤولون إيرانيون.
أفادت وسائل إعلامية منحازة للحوثي-صالح بأن جماعة مسلحة أطلقت صاروخا باليستيا طراز "بركان H2" على "مطار الملك خالد الدولي"، شمال شرقي العاصمة السعودية الرياض. أفادت وسائل إعلام سعودية بأن الدفاعات السعودية اعترضت الصاروخ أثناء طيرانه، لكن تساقطت بعض شظايا الصاروخ داخل نطاق المطار. لم يتم الإبلاغ عن وقوع خسائر بشرية. في 6 نوفمبر/تشرين الثاني قالت الحكومة السعودية إنها أغلقت "مؤقتا" جميع المنافذ اليمنية، ردا على الهجوم، لكن يمكن استمرار دخول المساعدات الإنسانية لليمن تحت تدابير رقابة مشددة من التحالف. قالت هيومن رايتس ووتش إن القيود الإضافية على المساعدات التي تصل اليمن، يُرجح أنها تنتهك القانون الدولي فيما يخص إتاحة المساعدات الإنسانية.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "يبدو أن الحوثيين ارتكبوا جريمة حرب بإطلاق صاروخ باليستي عشوائي على مطار مدني. لكن هذا الهجوم غير القانوني لا يبرر أن تزيد السعودية من الكارثة الإنسانية اليمنية بزيادة القيود على المساعدات وإمكانية الدخول إلى اليمن".
قال العقيد الركن تركي المالكي، المتحدث الرسمي لقوات التحالف بقيادة السعودية، لوكالة الأنباء السعودية في 4 نوفمبر/تشرين الثاني، إن قوات الحوثي-صالح أطلقت صاروخا الساعة 8:07 مساء من اليمن تجاه الرياض، لكن نظام الدفاع الجوي والصاروخي "باترويت" السعودي اعترض الصاروخ شرقيّ المطار.
يقع مطار الملك خالد الدولي على مسافة نحو 35 كيلومتر شمال شرقيّ مناطق كثيفة السكان بالرياض. يشمل مجمع المطار شركة خدمات وصيانة للطائرات الحربية. في حين لم يُعرف الموقع الذي أطلقت منه قوات الحوثي-صالح الصاروخ، يبعد المطار نحو 850 كيلومتر عن الحدود مع اليمن. يعد الهجوم بصاروخ باليستي غير موجه مثل الطراز بركان H2 من مسافة كهذه عشوائيا، بما أن هذه الأسلحة غير قادرة على تحري الدقة اللازمة في استهداف الأهداف العسكرية. عندما تُطلق الأسلحة عمدا أو عشوائيا تجاه مناطق مأهولة بالسكان أو أهداف مدنية، تنتهك هذه الهجمات قوانين الحرب، وقد ترقى إلى جرائم الحرب.
الهجوم على مطار الرياض الدولي هو الأحدث في سلسلة غارات عشوائية بالصواريخ الباليستية شنتها قوات الحوثي-صالح على المملكة، وإن كانت أول مرة تصل العاصمة. في أكتوبر/تشرين الأول 2016، اتهمت السعودية قوات الحوثي-صالح باستهداف مكة المكرمة بصاروخ، إذ زعمت أن الدفاعات السعودية اعترضته على مسافة 65 كيلومتر جنوبيّ المدينة. أقرت القوات الحوثية بأنها أطلقت صاروخا باليستيا على المملكة، وصفته بأنه من طراز "بركان 1"، لكن زعمت أن الهدف كان مطار الملك عبد العزيز الدولي في جدة. في هجوم آخر، وقع في 22 يوليو/تموز 2017، ضربت قوات الحوثي-صالح مصفاة نفط قرب مدينة ينبع الساحلية، 300 كيلومتر شمال غربيّ جدة، بصاروخ باليستي من طراز بركان H2.
وثقت هيومن رايتس ووتش إطلاق قوات الحوثي-صالح عشوائيا صواريخ مدفعية غير موجهة قصيرة المدى من شمال اليمن على مناطق مأهولة بالسكان جنوبي المملكة، منذ مايو/أيار 2015. قتلت بعض الهجمات مدنيين.
بعد الهجوم في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، نشرت السلطات السعودية قائمة مطلوبين للعدالة فيها 40 مسؤولا حوثيا، وعرضت مكافآت مالية بين 5 و30 مليون دولارا أمريكيا لمن يقدم معلومات تؤدي إلى القبض عليهم. في اليوم التالي أعلن التحالف أنه سيغلق جميع المنافذ البحرية والبرية والجوية لليمن مؤقتا، مع إعلان استمرار المساعدات الإنسانية لليمن، لكن بعد المرور بتدابير مراقبة حازمة. بينما يحق لأطراف القتال فرض حصار أثناء النزاع المسلح، يصبح الحصار غير قانوني إذا كان غرضه الوحيد هو تجويع السكان المدنيين أو حرمان السكان من سلع لا غنى عنها للبقاء على قيد الحياة. كما ينتهك الحصار قوانين الحرب إذا كان له أثر غير متناسب على السكان المدنيين، عندما يكون الضرر اللاحق بالمدنيين – أو المتوقع أن يلحق بهم – أكبر من المزايا العسكرية المباشرة والملموسة المتوقعة من الحصار.
أدت قيود التحالف بقيادة السعودية على الواردات قبل الإعلان الأخير إلى تدهور الأزمة الإنسانية الحرجة التي يواجهها المدنيون اليمنيون. يعاني اليمن من أسوأ أزمة إنسانية في العالم، حيث هناك أكثر من 7 ملايين نسمة على شفا المجاعة ومئات الآلاف مصابون بالكوليرا.
قالت هيومن رايتس ووتش إن ادعاءات التحالف السابقة بأنه سيلتزم بالقانون الدولي لدى فرض حصار تبين أنها غير صحيحة. أرجأ التحالف وصول حاويات وقود وأبعد أخرى، وأغلق ميناء هاما، ومنع وصول سلع ضرورية للحياة إلى السكان. كما أغلق التحالف مطار اليمن الرئيسي لأكثر من عام، ومنع المنظمات الحقوقية من دخول اليمن، وتكرر تدخله في رحلات "الأمم المتحدة" الجوية التي تنقل عاملين بالمساعدات الإنسانية إلى اليمن. كما انتهكت قوات الحوثي-صالح، المسيطرة على العاصمة صنعاء وأغلب مناطق اليمن، التزاماتها بموجب القانون الدولي بتيسير وصول المساعدات الإنسانية للمدنيين، وأضرت كثيرا بالسكان المدنيين.
منذ مارس/آذار 2015، نفذ التحالف بقيادة السعودية عمليات عسكرية ضد قوات الحوثي-صالح، منها عشرات الغارات الجوية غير القانونية التي أصابت بيوتا وأسواقا ومستشفيات ومدارس ومساجد. وثقت هيومن رايتس ووتش، بين يونيو/حزيران وأغسطس/آب، 6 غارات جوية للتحالف قتلت أكثر من 50 مدنيا في اليمن. في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، قال المنسق الإنساني بالأمم المتحدة لليمن أنه "يروعه" استمرار العنف من جميع أطراف النزاع، خاصة غارة للتحالف وقعت بتاريخ 1 نوفمبر/تشرين الثاني على سوق مزدحم بمحافظة صعدة قتلت 31 شخصا، بينهم 6 أطفال، فضلا عن القصف العشوائي مؤخرا لمدينة تعز، الذي قتل 5 أطفال.
تحظر قوانين الحرب الهجمات المتعمدة والعشوائية وغير المتناسبة على المدنيين. تعتبر الهجمات غير الموجهة إلى هدف عسكري بعينه، أو التي لا يمكنها التمييز بين الأهداف المدنية والعسكرية، عشوائية. يصبح الهجوم غير متناسب بصفة غير قانونية إذا كانت الخسائر المتوقعة في الأرواح وممتلكات المدنيين، أكبر من الميزة العسكرية المتوقعة من الهجوم. على أطراف القتال بذل كل إمكانياتهم للتحقق من أن الأهداف عسكرية، ولتقليص الخسائر في صفوف المدنيين.
يمكن محاكمة الأفراد الذين يرتكبون انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب بقصد إجرامي – أي عمدا أو عن إهمال – بتهمة ارتكاب جرائم حرب. يمكن أيضا محاسبة الأفراد جنائيا جراء المساعدة في أو تيسير أو المعاونة في جريمة حرب أو التحريض عليها.
قالت ويتسن: "الخسائر الكبرى التي تكبدها المدنيون اليمنيون لا تبرر لقوات الحوثي-صالح الهجمات العشوائية على المدن السعودية. قوانين الحرب تسري على جميع الأطراف. وعلى جميع الأطراف تقليص الضرر اللاحق بالمدنيين بغض النظر عن جنسياتهم".