عانى مئات آلاف المدنيين في العراق بشكل فظيع على يد تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ "داعش"). والآن تدفع عائلات المشتبه في انضمامهم إلى الجماعة المتطرفة الثمن، بينما تستعيد القوات العراقية السيطرة على أراضيها.
تحتجز قوات الأمن في جميع أنحاء العراق وإقليم كردستان أسر عناصر تابعة لتنظيم داعش، غالبا ما يشار إليها من قبل السلطات والمجتمعات المحلية بأنها "عوائل الدواعش"، التي شردها القتال، وتقيد تحركاتها بشدة.
ليكن الأمر واضحا: لأي شخص نازح بسبب القتال وغير متهم بجريمة، الحق في العودة إلى دياره إذا توقفت العمليات العسكرية هناك. وبموجب القانون العراقي، يتم تعويضه عن الممتلكات التي دمرت خلال النزاع. ولهم أيضا الحق في التنقل بحرية في جميع أنحاء البلاد والاستقرار في أماكن أخرى، إن كانوا يُفضّلون ذلك. لا يمكن للسلطات أن تستخدم مخيمات النازحين كسجون في الهواء الطلق.
لكن يبدو أن ذلك بالضبط ما تفعله قوات الأمن العراقية، حيث تدفع عمال الإغاثة إلى التواطؤ في هذه الأعمال غير القانونية. في منتصف أيلول/سبتمبر، طلب مسؤولون أمنيون من عدد من المنظمات الدولية والمحلية، المسؤولة عن إدارة المخيمات على بعد 60 كيلومترا جنوب الموصل، وضع قوائم بما يسمى بـ "عوائل الدواعش" حتى يتمكنوا من "إبقائهم تحت المراقبة". أخبرتني عدة فرق لإدارة المخيمات أنها قدمت هذه القوائم بالفعل، وهي تشمل مئات الأسر في مخيمات تأوي ما لا يقل عن 15 ألف أسرة، نزحت بسبب القتال الأخير.
قد لا تتعرض هذه الأسر للاعتقال أو المحاكمة، ولكن السيناريو الأكثر احتمالا هو ما شهدناه في محافظة الأنبار غرب بغداد خلال العامين الماضيين. فقد فر المدنيون إلى مخيمات النازحين أثناء القتال في مدن مثل الرمادي والفلوجة، وعندما انتهى القتال، طالبتهم قوات الأمن بالحصول على تصاريح أمنية للعودة إلى ديارهم. وحرمت قوات الأمن من تعتبرهم عوائل الدواعش من التصاريح، وهم الآن عالقون إلى أجل غير مسمى في المخيمات. إلى متى؟ لا أحد يعلم.
من المقلق أن نرى قوات الأمن تعاقب أسرا على أفعال أقاربها، ولكن من المقلق بشكل خاص، أن نرى عمال الإغاثة يساعدونهم على انتهاك حقوق هذه الأسر. مع أن عمال الإغاثة واجهوا مرارا تحديات في الامتثال لطلبات قوات الأمن وحماية المستضعفين، عليهم أن يقفوا بعزم وأن يصروا على مبادئ الحياد والاستقلالية، وأن يتجنبوا التواطؤ في الجهود الرامية إلى فرض عقوبات جماعية على النساء والأطفال.