(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن مراقبين دوليين اكتشفوا موقعا للإعدام في غرب الموصل. يمثل هذا التقرير دعوة عاجلة للحكومة العراقية للتحرك. يقترن هذا التقرير بشهادات جديدة حول إعدامات في مدينة الموصل القديمة وما حولها، وعمليات التوثيق المستمرة لقتل القوات العراقية رجالا يفرون من الموصل في المرحلة الأخيرة من المعركة ضد تنظيم "الدولة الإسلامية" (المعروف أيضا بـ "داعش").
رغم الوعود المتكررة بالتحقيق في مخالفات قوات الأمن، لم يُثبت رئيس الوزراء حيدر العبادي قيام السلطات العراقية باحتجاز أي جندي مسؤول عن قتل وتعذيب وإساءة معاملة العراقيين في هذا النزاع.
قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "في الوقت الذي يحتفل فيه رئيس الوزراء العبادي بالانتصار في الموصل، يتجاهل طوفان الأدلة التي تثبت ارتكاب جنوده جرائم حرب في المدينة التي وعد بتحريرها. سينهار انتصار العبادي ما لم يتخذ خطوات ملموسة لإنهاء الانتهاكات البشعة على يد قواته".
مراقبون دوليون، سبق وأن قدموا أدلة موثقة سابقا، أخبروا هيومن رايتس ووتش أنه في 17 يوليو/تموز 2017، حوالي 3:30 بعد الظهر، أخذهم أحد أصحاب المحلات، في حي متاخم للبلدة القديمة غربها استعيد من داعش في أبريل/نيسان، إلى مبنى فارغ وأراهم صفا لـ17 جثة لذكور حفاة الأقدام وبزي مدني وسط بركة دماء. قال المراقبون إن كثيرين بدوا وكأن أعينهم كانت معصوبة وأيديهم مقيدة خلف ظهورهم.
قالوا إن صاحب المتجر أخبرهم أنه شاهد "الفرقة 16" التابعة لقوات الأمن العراقية في الحي قبل 4 ليال. تعرف على الفرقة من شاراتها ومركباتها. سمع تلك الليلة طلقات نارية متعددة قادمة من منطقة المبنى الفارغ. في صباح اليوم التالي، عندما غادرت الفرقة المنطقة، أخبرهم أنه توجه إلى المبنى ليرى جثثا ممددة في وضعيات تشير إلى إطلاق النار عليها في المكان. أضاف أنه لم يتعرف على القتلى.
شاهد المراقبون الدوليون أيضا جنودا من قوات النخبة "جهاز مكافحة الإرهاب" في المنطقة. اتصلوا بـ هيومن رايتس ووتش من الموقع عبر الهاتف وزودوها بخمس صور التقطوها للجثث.
في 17 يوليو/تموز، قال مراقب دولي آخر لـ هيومن رايتس ووتش إنه تحدث إلى مسؤول حكومي كبير في الموصل عبّر له عن ارتياحه لإعدام من يُشتبه بتبعيتهم لتنظيم داعش "طالما أنه لا يوجد تعذيب". قال المراقب إن قائدا عسكريا أراه مقطع فيديو ملتقط قبل بضعة أيام لمجموعة من جنود جهاز مكافحة الإرهاب يحتجزون 2 من المعتقلين في البلدة القديمة. قال إن القائد أخبره بأن القوات أعدمت الرجلين مباشرة بعد تصوير الفيديو.
نشر صلاح الإمارة، مواطن عراقي ينشر بانتظام معلومات عن الأنشطة الأمنية والعسكرية في الموصل وما حولها، 4 أشرطة فيديو على "فيسبوك" يزعم أنها صُورت في غرب الموصل يومي 11 و12 يوليو/تموز. يُظهر أحد مقاطع الفيديو المنشورة يوم 11 يوليو/تموز على ما يبدو قيام جنود عراقيين بضرب أحد المحتجزين، ثم رميه من جرف وإطلاق النار عليه وعلى جثة رجل آخر كان قد ألقي أسفل المنحدر. تحققت هيومن رايتس ووتش من موقع أول فيديو استنادا إلى صور الأقمار الصناعية. أظهرت أشرطة فيديو أخرى جنودا عراقيين يركلون رجلا ينزف ويضربونه، عناصر من الشرطة الاتحادية يضربون 3 رجال على الأقل، وجنودا عراقيين يركلون رجلا محتجزا وهو على الأرض.
قال مراقب دولي ثالث لـ هيومن رايتس ووتش إنه شاهد في 18 يوليو/تموز جنود جهاز مكافحة الإرهاب يحضرون مشتبها بانتمائه إلى داعش إلى قاعدتهم في حي جنوب غرب المدينة القديمة يوم 11 يوليو/تموز. لم ير المراقب ما حدث للمشتبه به بعد ذلك، لكن قال إن جنديا عرض أمامه لاحقا مقطع فيديو له ولمجموعة جنود يضربون الرجل بوحشية، وفيديو ثانٍ للرجل قتيلا بعيار ناري في رأسه.
قالت ويتسن: "يبدو أن بعض الجنود العراقيين لا يخافون مواجهة عواقب قتل المشتبه بهم وتعذيبهم في الموصل، بدليل أنهم يرتاحون لمشاركة أدلة لما يبدو أنها صور وفيديوهات صادمة للغاية. التساهل مع أعمال القتل الانتقامية والاحتفالية هذه سترتد آثاره على العراق لأجيال قادمة".
قال مراقب دولي رابع لـ هيومن رايتس ووتش في 11 يوليو/تموز إنه في اليوم السابق، شاهد مجموعة من جنود جهاز مكافحة الإرهاب يدفعون رجلا يديه مقيدة خلف ظهره إلى متجر مدمر بالقرب من الطريق الرئيسي غرب البلدة القديمة. قال إنه سمع عدة طلقات نارية. ذهب إلى المكان بعد مغادرة الجنود ليعثر على جثة الرجل مع ثقوب رصاصات في مؤخرة رأسه. زودنا المراقب بصورة للجثة.
في 10 يوليو/تموز، قال المراقب نفسه إنه شاهد قوات الأمن العراقية خارج البلدة القديمة تحتجز حوالي 12 رجلا أيديهم مقيدة خلف ظهورهم. قال إن ضابطا أخبره أن الفرقة 9 التابعة للجيش احتجزت هؤلاء الرجال داخل البلدة القديمة للاشتباه في انتمائهم إلى داعش. قال إنه رأى الجنود يقودون الرجال المحتجزين بعيدا عن الأنظار، ثم سمع طلقات تخرج من مكانهم. لم يتمكن المراقب من التحقق مما حدث.
في 7 يوليو/تموز، قال مراقبان دوليان إضافيان لـ هيومن رايتس ووتش إنهما شهدا في مناسبات مختلفة أواخر يونيو/حزيران قيام جنود بنقل 5 أشخاص الأقل يُشتبه في انتمائهم إلى داعش من البلدة القديمة إلى الغرب مقيدين إلى سيارات "همفي" عسكرية، بينما كانت الحرارة في المدينة تصل غالبا إلى 48 درجة مئوية.
وثقت منظمة "عين الموصل" غير الحكومية انتهاكات جميع الجهات في الموصل منذ عام 2014، ونشرت مقاطع فيديو وشهادات شهود حول الإعدامات على حسابها على "تويتر" منذ 14 يوليو/تموز. قالت إحدى التغريدات: "إعدام جماعي "بأسلوب سبايكر" [إشارة إلى مجزرة داعش عام 2014] لآخر الناجين من المدينة القديمة. قوات الأمن العراقية تقتل وترمي جثث كل من تجده في النهر".
اعتبارا من 10 يوليو/تموز، منع الجيش العراقي وصول معظم الصحفيين إلى غرب الموصل، مما حد من تغطية الأحداث الأخيرة داخل المدينة القديمة. قالت هيومن رايتس ووتش إن على القوات العراقية السماح للصحفيين بالوصول إلى غرب الموصل للإبلاغ عن النزاع وأي انتهاكات مزعومة.
خلال عملية إعادة السيطرة على الموصل، وثقت هيومن رايتس ووتش احتجاز واعتقال القوات العراقية ما لا يقل عن 1200 رجل وصبي في ظروف لا إنسانية ومن دون تهمة، وفي بعض الحالات تعذيبهم وإعدامهم، بذريعة انتمائهم إلى داعش بعد فحصهم. في الأسابيع الأخيرة من عملية الموصل، أبلغت هيومن رايتس ووتش عن تنفيذ عمليات إعدام من يُشتبه في انتمائهم إلى داعش في مدينة الموصل القديمة وما حولها.
قال ممثل عن وزارة الخارجية العراقية لـ هيومن رايتس ووتش في 19 يوليو/تموز إنه سيطلب إجراء تحقيق حكومي في هذه الادعاءات. أثارت هيومن رايتس ووتش مرارا مخاوف بشأن ادعاءات سوء المعاملة والتعذيب والإعدام خلال اجتماعاتها مع مسؤولين عراقيين في بغداد، وكذلك مع ممثلي الدول الأعضاء في التحالف بقيادة الولايات المتحدة. هيومن رايتس ووتش ليست على علم بأي تحقيق شفاف في الانتهاكات التي ترتكبها القوات المسلحة العراقية، أو حالات محاسبة قادة على إساءة معاملة، أو تلقي أي ضحية عانت من سوء المعاملة التعويض.
على سلطات العدالة الجنائية العراقية التحقيق في جميع الجرائم المزعومة، بما فيها القتل غير القانوني وتشويه الجثث، من جانب أي طرف في النزاع، بطريقة سريعة وشفافة وفعالة، وصولا إلى أعلى مستويات المسؤولية. ينبغي محاكمة أولئك الذين وُجدوا مسؤولين جنائيا على النحو الملائم. الإعدامات خارج نطاق القضاء والتعذيب أثناء النزاع المسلح هي جرائم حرب.
قالت ويتسن: "التقارير ومقاطع الفيديو والصور، التي يستمر ظهورها، عن الإعدامات غير المشروعة والضرب من قبل الجنود العراقيين يجب أن تكون كافية لإثارة مخاوف خطيرة على أعلى المستويات في بغداد والتحالف الدولي الذي يقاتل داعش. كما نعرف جيدا في العراق، إن لم تحاسب الحكومة مرتكبي عمليات القتل هذه، قد يتولى المهمة الشعب العراقي بنفسه".