Skip to main content

العراق يحتجز المئات في ظروف مهينة

أكثر من 1200 مشتبه بانتمائهم إلى "داعش" في سجون قذرة ومكتظة

(أربيل) –  قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن وزارة الداخلية العراقية تحتجز 1269 معتقلا على الأقل، بينهم صبية لا تتجاوز أعمار بعضهم 13 عاما، في 3 سجون مؤقتة دون تهم، في ظروف رهيبة وتحت رعاية طبية محدودة. توفي 4 سجناء على الأقل في حالات بدا أنها مرتبطة بغياب العلاج الطبي والظروف السيئة، وبترت أرجل سجينين على ما يبدو لعدم توافر العناية بجروحهما القابلة للعلاج.

فجوة في سقف السجن الثاني ناجمة عن قذيفة ضربت المبنى حين كانت المنطقة تحت سيطرة داعش. قال الموظفون إن السجن الذي يحوي 270 معتقلا أساسه مختل ويمكن أن ينهار في أي لحظة.  © 2016 بلقيس واللي/ هيومن رايتس ووتش


يقع مركزا احتجاز في بلدة القيارة، 60 كم جنوب الموصل، والثالث في مركز للشرطة المحلية في حمّام العليل، 30 كم جنوب الموصل. يُحتجز أحد المعتقلين على الأقل في القيارة منذ 6 أشهر، وكثيرون منذ نوفمبر/تشرين الثاني 2016. هناك على الأقل 80 معتقلا من الأطفال دون سن 18 عاما، وأصغرهم أعمارهم 13 عاما، وفقا لموظفي سجن القيارة. هناك أطفال أيضا في حمّام العليل.

قالت سارة ليا ويتسن، مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تُظهر أحوال السجون المزرية في القيارة وحمّام العليل أن الحكومة العراقية لا توفر معظم معايير الاحتجاز الأساسية أو الإجراءات القانونية. يفترض أن يفهم العراقيون أكثر من غيرهم العواقب الخطيرة لإساءة معاملة المعتقلين في ظروف الاحتجاز القاسية."

زارت هيومن رايتس ووتش في 3 مارس/آذار 2017 منزلين من 3 منازل في القيارة تستخدمها الحكومة العراقية منذ استعادة السيطرة على المنطقة في أغسطس/آب لاحتجاز الرجال والفتيان المشتبه بارتباطهم بتنظيم "الدولة الإسلامية"، المعروف أيضا بـ "داعش". زار باحثون في 12 مارس/آذار مركز الشرطة المحلية بحمّام العليل، التي تحتجز 225 شخصا في 4 غرف، متهمين بارتكاب جرائم مختلفة، بما فيها الانتماء إلى داعش. لم تتمكن هيومن رايتس ووتش من مقابلة المعتقلين، ولكنها تحدثت إلى موظفي السجون.

تخضع السجون لسلطة "جهاز المخابرات الوطني" في وزارة الداخلية، الذي يقدم خدمات هناك مع وزارة العدل. قال الموظفون إن الأجهزة الأمنية العراقية والعسكرية التي تحارب داعش تسلّم الأشخاص الذين تحتجزهم إلى جهاز المخابرات، الذي يحتجز المعتقلين في مرافق أثناء استجوابهم بشكل فردي.

يأخذ جهاز المخابرات المعتقلين بعد ذلك إلى قاضي تحقيق لتقييم ما إذا كانت هناك أدلة كافية لتوجيه اتهامات بدعمهم داعش بموجب المادة 4 من "قانون مكافحة الإرهاب" العراقي الاتحادي (رقم 13/2005). ثم يأمر القاضي إما بالإفراج عنهم أو إحالتهم إلى بغداد لمواجهة الاتهامات.

قال موظفو سجن القيارة إن قاضي التحقيق أفرج عن 80 معتقلا وأحال 775 إلى بغداد بحلول أوائل مارس/آذار 2017. يفرض "قانون أصول المحاكمات الجزائية" (رقم 23/1971) على سلطات الاحتجاز عرض المعتقلين أمام قاضي التحقيق خلال 24 ساعة. لكن موظفي سجن القيارة قالوا إنهم احتجزوا بعض المعتقلين طوال 4 أشهر، في حين علمت هيومن رايتس ووتش بحالة رجل احتجز دون تهمة 6 أشهر.

قال موظفو سجن القيارة إن قاضي التحقيق برّأ على الأقل 300 رجل لإطلاق سراحهم ولايزالون الآن محتجزين بصورة غير قانونية بعد تدخّل "جهاز الأمن الوطني"، وهو هيئة أمنية تابعة لرئيس الوزراء ومفوضة بالتحقق من الذين يفرون من المناطق الخاضعة لسيطرة داعش. عدم امتثال قوات الأمن لأمر قضائي بالإفراج هو جريمة بمقتضى القانون العراقي. عدم امتثال قوات الأمن للأوامر القضائية بطريقة منتظمة، كجزء من سياسة الدولة لتجاهل هذه الأوامر واحتجاز الأشخاص بشكل تعسفي، يمكن أن يرقى إلى جريمة ضد الإنسانية.

قال موظفو السجن في حمّام العليل إنهم أطلقوا سراح 115 معتقلا وأحالوا 135 إلى بغداد. قالوا إنهم يحتجزون 60 رجلا على الأقل منذ افتتاح مركز الاحتجاز في نوفمبر/تشرين الثاني 2016.

قال موظفو السجن ووزير العدل حيدر الزاملي، الذي التقى هيومن رايتس ووتش في 2 فبراير/شباط 2017، إن المعتقلين بتهم الإرهاب ليس لهم الحق بموجب قانون مكافحة الإرهاب (رقم 13/2005) بالتواصل مع عائلاتهم خلال فترة التحقيق، وإنه لم يُسمح للمعتقلين في القيارة بالتواصل مع عائلاتهم. قال قاض محلي يشرف على الحالات لـ هيومن رايتس ووتش إنه بمجرد أن يمثل المعتقل أمام قاضي التحقيق، له الحق في الاتصال بعائلته، ولكن يتم تأجيل الزيارات العائلية بسبب التأخير في عرض المعتقلين أمام القاضي.

قالوا أيضا إنه رغم أن الدستور العراقي وقانون أصول المحاكمات الجزائية (رقم 23/1971) يضمنان للمحتجزين حق الاستعانة بمحام أثناء الاستجواب وجلسات الاستماع، لم يحضر محام عن أي منهم أثناء الاستجواب، ولم يكن لدى كثير منهم محامون أثناء جلسات الاستماع أمام قاضي التحقيق.

لاحظت هيومن رايتس ووتش أن المرافق كلها مكتظة للغاية، بحيث لا يمكن للمحتجزين الاستلقاء للنوم. ترتفع درجة الحرارة في زنزانات السجون المؤقتة بسبب الاكتظاظ وغياب التهوية المناسبة، ولها رائحة لا تُطاق. صرخ المعتقلين في سجن حمّام العليل للباحثين الزائرين من هيومن رايتس ووتش، وتوسلوا إليهم لفتح الباب وقالوا إنهم لا يستطيعون التنفس. لا يحصل المعتقلون على أي وقت أو حتى الحد الأدنى من الوقت خارج زنزاناتهم، ويتناولون الطعام داخلها، كما لا يتاح لهم الاستحمام على الإطلاق ولديهم إمكانية محدودة لدخول المراحيض. قال موظفو السجن إنه لا يوجد دعم طبي في مراكز الاحتجاز، ما يسهم في الوفاة وبتر الأطراف.

قال الموظفون إنهم يحاولون تحسين الظروف، لكنهم لم يستطيعوا التخفيف من الازدحام. قال مسؤول قضائي في القيارة لـ هيومن رايتس ووتش في 11 مارس/آذار 2017 إن تفاقم الاكتظاظ قد يكون بسبب التجميد المؤقت في أوائل 2015 في إحالة السجناء إلى بغداد، بسبب تكلفة هذه الإحالات. أضاف أن عمليات الإحالة استُأنفت منتصف يناير/كانون الثاني. قال موظفو السجن في حمّام العليل إنه طُلب منهم في 11 مارس/آذار قبول 11 سجينا آخرا لكنهم رفضوا، قائلين إنه لم تعد هناك أي مساحة إضافية.

قال محقق في حمّام العليل إنه أحيانا يضرب المشتبه بانتمائهم إلى داعش، وقال مراقب زار السجن في فبراير/شباط 2017 إنه شهد سوء معاملة 3 معتقلين.

قال الموظفون إنه يمكن إطلاق سراح المحتجزين المتهمين والمدانين بموجب "قانون العفو العام" (رقم 27/2016) الذي صدر في أغسطس/آب 2016. قدم القانون العفو لمن انضم إلى داعش أو مجموعة متطرفة أخرى ضد إرادته، ولم يرتكب أي جريمة خطيرة، مثل التعذيب أو القتل. قال رئيس اللجنة القانونية في البرلمان العراقي محسن الكركري لـ هيومن رايتس ووتش، خلال اجتماع في 7 فبراير/شباط 2017، إن العفو كان وسيلة لتفادي نطاق القانون العراقي الفضفاض لمكافحة الإرهاب، وإطلاق سراح آلاف المشتبه بأنهم إرهابيون. أطلقت السلطات سراح 756 سجينا منذ صدور القانون، وفقا لوزارة العدل.

علمت هيومن رايتس ووتش من مصدر موثوق أن الحكومة العراقية أرسلت لجنة لمراجعة الأوضاع في المركز قبل بضعة أسابيع من زيارة هيومن رايتس ووتش. وعدت اللجنة بإرسال نحو 20 محققا إضافيا من بغداد، لتسريع التحقيقات. وصل 10 محققين سجن القيارة في 2 مارس/آذار 2017.

تشير الأدلة التي وثقتها هيومن رايتس ووتش بقوة إلى أن الظروف في مرافق القيارة وحمّام العليل خطرة، وغير صالحة لاحتجاز المعتقلين لفترات طويلة، ولا تفي بالمعايير الدولية الأساسية. نتيجة لذلك، قد يرقى احتجاز المعتقلين هناك إلى سوء المعاملة. تشكّل حالة المرافق والنقص الشديد في الكوادر خطرا شديدا على المحتجزين وإدارة السجون والمجتمع المحلي.

على السلطات إحالة جميع المعتقلين من هذه المرافق إلى السجون الرسمية التي بنيت لاستيعاب المعتقلين، والمجهزة لتلبية المعايير الدولية الأساسية. إلى أن يحدث ذلك، على وزارتي العدل والداخلية تحسين الأوضاع وتسريع عملية التحقيق باعتبارها أولوية ملحة، بحيث يمكن إحالة السجناء خارج المنشأة في أسرع وقت ممكن. على الوزارتين توفير الفحص الطبي لجميع المعتقلين لدى وصولهم، وضمان حصولهم على الرعاية الطبية.

على السلطات أيضا ضمان وجود أساس قانوني واضح للاحتجاز، وحصول جميع المعتقلين على المشورة القانونية، بما فيها أثناء الاستجواب، وضمان نقل المعتقلين إلى مرافق تصل إليها الحكومة للتفتيش، والمراقبون المستقلون والأقارب والمحامون، بشكل منتظم ودون عوائق. يجب إخطار عائلات المحتجزين فورا باحتجاز ذويهم وبالجهة التي تحتجزهم، وإرسال المعتقلين أمام قاض للبت في قانونية اعتقالهم، والامتثال الفوري لأي أمر قضائي بالإفراج.

على القضاة إصدار أوامر بالإفراج عن المعتقلين أو السجناء المحتجزين في ظروف لا إنسانية أو مهينة.

عند محاكمة الأطفال الذين يُزعم أنهم ارتكبوا أعمالا غير قانونية، ينبغي أن يعاملوا وفقا للمعايير الدولية لمقاضاة الأحداث. يسمح القانون الدولي للسلطات باحتجاز الأطفال قبل المحاكمة في حالات محدودة، ولكن فقط إذا اتهموا رسميا بارتكاب جريمة، وليس كمجرد مشتبه بهم. على السلطات إطلاق سراح جميع الأطفال الذين لم تُوجه إليهم تهما بشكل رسمي بعد.

قالت ويتسن: "على السلطات العراقية الإفراج الفوري عن الأطفال الذين تحتجزهم في هذا الجحيم، ما لم توجه إليهم تهما بارتكاب جريمة. على العراق تحديد الأطفال المتهمين بالانتماء إلى داعش ومعاملتهم كضحايا للتجنيد غير القانوني والذي لا يقبله العقل ولا الضمير، والاستغلال من قبل التنظيم".

القانون الدولي المعني بالاحتجاز

يحظر القانون الدولي الذي ينظم معاملة السجناء المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. تحدد "قواعد الأمم المتحدة النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء" (قواعد مانديلا) المعايير الدولية الخاصة بأوضاع السجناء. تتطلب هذه القواعد أن "توفر لجميع الغرف المعدة لاستخدام المسجونين، ولا سيما حجرات النوم ليلا، جميع المتطلبات الصحية، مع الحرص على مراعاة الظروف المناخية، وخصوصا من حيث حجم الهواء والمساحة الدنيا المخصصة لكل سجين والإضاءة والتدفئة والتهوية".

كما تنص أيضا على أنه "يجب أن تكون المراحيض كافية لتمكين كل سجين من تلبية احتياجاته الطبيعية في حين ضرورتها وبصورة نظيفة ولائقة"؛ و"يجب أن تتوفر منشآت الاستحمام والاغتسال بالدش" و"تتولى الدولـة مسـؤولية تـوفير الرعايـة الصـحية للسـجناء. وينبغـي أن يحصـل السـجناء على نفس مستوى الرعاية الصحية المتاح في المجتمع". كما تحمي القاعدة 58 حق السجين في تلقي زيارات "على فترات منتظمة" من الأهل والأصدقاء.

بموجب القانون العراقي، يعتبر مجلس القضاء الأعلى المسؤول عن رصد أحوال السجون، بينما يتوجب على الوزارات المسؤولة عن المرافق صيانتها. على مجلس القضاء الأعلى ممارسة صلاحياته في مراقبة هذه المرافق. على العراق التصديق على البروتوكول الاختياري لـ "اتفاقية مناهضة التعذيب" والسماح بقيام خبراء دوليين مستقلين بزيارات منتظمة إلى أماكن الاحتجاز في العراق، وإنشاء هيئة تفتيش مستقلة.

أحكام خاصة تتعلق بالمحتجزين الأطفال

على وجه الخصوص، يجب أن يتمتع الأطفال بضمانات المحاكمة العادلة الكاملة، بما في ذلك الحصول على محام، والحق في الطعن في احتجازهم، والاتصال بعائلاتهم، وفصلهم عن المحتجزين البالغين. ينبغي أن تكون عقوبة الجرائم الجنائية مناسبة لسنهم، وتهدف إلى إعادة تأهيلهم وإدماجهم في المجتمع.

من المهم ملاحظة ارتكاب بعض الأطفال أعمال العنف مع كونهم في الوقت نفسه ضحايا لداعش. قال مكتب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة المعني بالأطفال والنزاعات المسلحة العام 2011 إنه لدى التعامل مع الأطفال الذين شاركوا مع جماعات مسلحة، يجب "تشجيع طرق أكثر فعالية وكفاءة بخلاف الاعتقال والملاحقة، وتمكين الأطفال من التصالح مع ماضيهم والأفعال التي ارتكبوها".

على الحكومة أيضا النظر في كيفية التعامل مع الأطفال المتهمين بالانتماء إلى جماعات مثل داعش من دون القيام بأي تصرف عنيف. العام 2016، انتقد الأمين العام للأمم المتحدة الدول التي تستجيب للتطرف العنيف بالاعتقال الإداري ومحاكمة الأطفال لعلاقاتهم المزعومة مع هذه الجماعات. أشار إلى أن الحرمان من الحرية مخالف لمصلحة الطفل الفضلى، ويمكن أن يؤدي إلى تفاقم الظلم في المجتمع.

ذكرت الممثلة الخاصة للأمين العام المعنية بالأطفال والنزاعات المسلحة، ليلى زروقي، أيضا أن الجنود الأطفال لا ينبغي محاكمتهم "لمجرد تعاونهم مع جماعة مسلحة أو مشاركتهم في أعمال عدائية". تشعر العديد من البلدان بالقلق من تشكيل الأطفال الأعضاء في داعش تهديدا مستقبليا. لكن ينبغي أن تكون ملاحقة الطفل قضائيا واحتجازه الملاذ الأخير دائما، والغرض من أي حكم يجب أن يكون إعادة تأهيل وإدماج الطفل في المجتمع.

سجون القيارة

في أحد مراكز الاحتجاز في القيارة، غرفة مساحتها 4 بـ 6 أمتار تضم 114 رجلا، وأخرى مساحتها 3 بـ 4 أمتار تضم 38 رجلا. ليس لديهم أثاثا أو فرشات، ومساحة بالكاد تكفيهم للاستلقاء. يضم السجن 374 معتقلا ضمن 6 غرف. أما المرافق الأخرى فأصغر. في إحدى الغرف 114 معتقلا ومرحاض واحد ولا نوافذ. لم تكن تحوي أي نظام تهوية حتى بدايات مارس/آذار 2017، حين قرر مدير السجن حفر ثقوب صغيرة في الجدران وتركيب مراوح تهوية. رغم التحسينات، لا تزال الرائحة الكريهة منتشرة. يتشارك معتقلو 5 غرف مرحاضا وحيدا.

كومة من الزجاجات الملأى بالبول خارج فتحة في جدار زنزانة مساحتها 3 بـ 4 أمتار وتحوي 38 معتقلا.  © 2016 بلقيس واللي/هيومن رايتس ووتش

يضم السجن الثاني 270 معتقلا في مبنى أصابته قذيفة بينما كانت المنطقة تحت سيطرة داعش، وتوجد فجوة في سقف الردهة. قال الموظفون إن البناء مختل وقد ينهار في أي لحظة. الغرفة التي رأتها هيومن رايتس ووتش فيها نافذة صغيرة يلقي منها المعتقلون عشرات قناني الماء الملأى بالبول. الحرارة والرائحة خانقتان. يبني الموظفون بناء آخر متصلا بالحالي لاحتجاز بعض المعتقلين.

في السجنين اللذين يحويان 374 و400 معتقلا حارس واحد لكل منهما، ولدى السجن ذي 270 سجينا حارسان لأن المرحاض هو حفرة في الفناء المؤدي إلى الطريق الرئيسي؛ بالتالي يرافق أحد الحارسين السجناء إلى المرحاض. قال عاملون إن الأسرى يؤخذون إلى الساحة لمدة 10 إلى 20 دقيقة يوميا، ولكن يُسمح لهم فقط بالجلوس، لا التجول.

لا تحوي أي من السجون الثلاثة دوش للاستحمام، ويتناول الأسرى الطعام في الغرف.

قال موظفو السجن إنهم قرروا مؤخرا احتجاز المعتقلين الأطفال بشكل منفصل. لكن لم يُسمح لـ هيومن رايتس ووتش بزيارة المبنى الثالث، مكان اعتقال الأطفال بحسب العاملين.

قال موظفو السجن إنه رغم أن الأوضاع في المبنى الثالث أفضل قليلا، وأقل اكتظاظا، لا يُسمح للأطفال بمغادرة زنزاناتهم. لا يملكون فرص ممارسة الأنشطة أو التمارين أو اللهو أو التعلم أو الاتصال بعائلاتهم. الاستثناء الوحيد هو لعدد صغير ممن يعملون دون مقابل لصالح موظفي السجن في توزيع الطعام والمياه للسجناء الأطفال والبالغين.

قال عاملون إنه حتى يناير/كانون الثاني 2017، كان الطعام المقدم للمعتقلين غير صالح للأكل، ورفض مدير السجن أخيرا تقديمه، فقال لمسؤولين في وزارتي العدل والداخلية إنه سيشتري المواد الغذائية من حسابه للمعتقلين. أدى هذا في النهاية لإرسال الوزارات دعما غذائيا أفضل. قال موظفو السجون إن المعتقلين الآن يحصلون على 3 وجبات متنوعة يوميا.

أخبر عاملون هيومن رايتس ووتش أن السلطات في بغداد لم تقدم أي دعم طبي للسجون لعدة أشهر رغم الطلب المتكرر. زار أطباء الفرع المحلي من وزارة الصحة المكان مرتين أوائل مارس/آذار 2017. قالت المصادر إن الأطباء أوقفوا زياراتهم لاحقا دون معرفة السبب. قالوا إن معتقلين أصيبا بما يُعتقد أنها جروح قابلة للعلاج، لكن نظرا لعدم حصولهما على الرعاية الطبية في الوقت المناسب، انتهى بهما المطاف ببتر أرجلهما.

عائلة أحد السجناء، علي محمد عطية (41 عاما)، بقّال سابق، أخبرت هيومن رايتس ووتش أنه عندما استعادت القوات العراقية القيارة في أغسطس/آب 2016، جاء عناصر جهاز مكافحة الإرهاب إلى منزلهم واحتجزوا عطية لعدة ساعات. بعد 4 أيام، عاد عناصر المخابرات واحتجزوه، وقالوا لابنه إنه كان منخرطا مع داعش. قالت العائلة إن الموظفين لم يسمحوا لهم بزيارته، لكن أخبرهم ضابط مخابرات أنه رغم أمر قاضي التحقيق بالإفراج عنه، لا يزال محتجزا. في أوائل فبراير/شباط، أخبرهم أحد الجيران أن عطية كان في مستشفى في القيارة بعدما رآه هناك يتلقى العلاج. ذهبت والدة عطية إلى المشفى، وقال لها الطاقم الطبي إنه موجود هناك يعاني من إسهال شديد بسبب الجفاف. أمضت 5 أيام معه، وقالت إنه كان مريضا جدا وضعيفا، وتوفي في نهاية المطاف. عندما قابلت هيومن رايتس ووتش أفراد الأسرة، لم يكونوا قد تلقوا بعد نتائج الفحص الطبي الشرعي.

قال موظفون لـ هيومن رايتس ووتش إن هناك جهودا حثيثة لتركيب مبردات هواء وأنظمة تهوية. خلال الأسبوع الممتد من 12 مارس/آذار 2017، نُظفت جميع الغرف لأول مرة لمعالجة تفشي الجرب، وسُمح لجميع السجناء بالاستحمام في مرافق مؤقتة أقيمت في ذلك اليوم. كما أُنشأت مرافق الصرف الصحي لكل مبنى.

سجن حماّم العليل

زارت هيومن رايتس ووتش 2 من غرف السجن الأربع في مركز شرطة، واحدة بمساحة 6 بـ 4 أمتار، وتحوي 72 رجلا، وثانية بمساحة 7 بـ 4 أمتار، وتحوي 103 سجناء. ليس لديهم أثاثا أو فرشات، مع مساحة بالكاد تكفيهم للنوم. يضم السجن 225 معتقلا، بينهم 3 نساء في زنزانة منفصلة، وحوالي 50 من الـ 255 متهمون بالانتماء إلى داعش.

1 من 6 مراحيض غير صحية متاحة للمعتقلين في سجن حمّام العليل.  © 2016 بلقيس واللي/هيومن رايتس ووتش

يتشارك المعتقلون الذكور 6 مراحيض في ظروف غير صحية، مع مصارف مسدودة بالمياه القذرة، ولا دوش للاستحمام. النوافذ في الغرفتين اللتين تمت زيارتهما موصدة، مع وجود ثقب صغير معد لمروحة تهوية في كل منهما. الرائحة خانقة. قال موظفو السجن إن الوزارات لا توفر المياه للحمام، وإن المدير يقايض الوقود وأغراض أخرى في مقابل الماء من السلطات المحلية.

قال موظفو السجن إن الوزارات لم تقدم أي طعام للسجناء بعد أول بضعة أسابيع من فتح المرفق، وإن الموظفين كانوا يطالبون أسر المحتجزين بجلب الطعام الذي كان يتم بعدها مشاركته بين جميع المحتجزين.

قال عاملون إنه لا علم لهم بعدد المعتقلين دون سن 18 عاما، لكنهم قالوا إن العدد كبير وهم في زنزانات الكبار. قالوا إن أصغرهم عمره 13 عاما. لا يملك الأطفال المحتجزون فرص ممارسة الأنشطة أو التمارين أو اللهو أو التعلم أو الاتصال مع عائلاتهم.

قال عاملون إن حكومة بغداد لم تقدم أي دعم طبي، رغم الطلبات المتكررة إلى وزارة العدل. قالوا إن معتقلا مصابا بالسكري جاء إلى السجن في نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بعد احتجازه وعدم تغذيته بشكل صحيح لمدة 11 يوما في سجن القيارة. نُقل إلى العيادة المحلية لكنه توفي في غضون أيام. وصل سجين آخر في نوفمبر/تشرين الثاني مع غرغرينا في كلا ساقيه. في ديسمبر/كانون الأول، نقله الموظفون إلى المستشفى المحلي لكي تُبتر ساقاه، وبعد ذلك عاد إلى ظروف غير صحية في الزنزانة، ليتوفى بعد 3 أشهر، في أواخر فبراير/شباط 2017. توفي معتقل يعاني من زيادة الوزن في أوائل 2017 بعد أن شكا لعدة أيام أنه غير قادر على التنفس بسبب الرائحة والحرارة.

قال عاملون إنهم سمحوا لسجين عجوز بقضاء لياليه في غرفة حارس منفصلة، لأن الحرارة ورائحة الزنزانة تسببت له في مشاكل خطيرة في التنفس. عندما زارت هيومن رايتس ووتش الزنزانات، صاح السجناء أنهم بالكاد يتنفسون وتوسلوا الموظفين فتح الأبواب.

تراكم المياه القذرة في مصارف حمام سجن حمّام العليل.  © 2016 بلقيس واللي/هيومن رايتس ووتش

قال موظفو السجن إن عددهم الإجمالي يبلغ 10 أشخاص بينهم الحراس والمحققون، وإنه لا أحد ينظف الحمامات أو الزنزانات. وقالوا إنهم يسمحون للسجناء في غرفتين من غرف السجن بالتنقل بين الغرف والحمام المتصل عدة ساعات من النهار، لكنهم غير قادرين على السماح لهم بالتواجد خارج المبنى لأنه ليس له بوابات أو جدران أو سياج.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة