(شيكاغو) - قالت "هيومن رايتس ووتش" و "إنتراكت" (interACT) في تقرير أصدراه اليوم إن أطباء في الولايات المتحدة يواصلون إجراء عمليات جراحية لا لزوم لها طبيا، وقد تلحق أذى دائما بالأطفال.
رغم الجدل القائم منذ عقود حول الإجراءات، يواصل الأطباء إجراء عمليات جراحية للغدد التناسلية، والأعضاء الجنسية الداخلية، والأعضاء التناسلية للأطفال وهم في سن صغير جدا لا يسمح لهم بالمشاركة في القرار، رغم أنه يمكن تأجيل العمليات الجراحية بأمان.
يدرس تقرير "أريد أن أكون كما خلقتني الطبيعة: عمليات جراحية لا لزوم لها للأطفال مزدوجي الجنس في الولايات المتحدة"، المكون من 160 صفحة، الأضرار الجسدية والنفسية للجراحة غير الضرورية طبيا لمزدوجي الجنس، الذين يولدون بكروموزومات وغدد وأعضاء تناسلية مختلفة عن تلك التي يُنظر إليها على أنها مُعتادة لدى الأولاد والبنات. يتناول التقرير الجدل حول العمليات داخل المجتمع الطبي، والضغط على الأولياء لاختيار إجراء العملية الجراحية.
لا يُعتبر مزدوجو الجنس نادري الوجود، ولكن يُساء فهمهم على نطاق واسع. كان يطلق عليهم "خُناثى" (وهو مصطلح يعتبر الآن ازدرائي وعفا عنه الزمن). يجري الأطباء عملية جراحية للأطفال مزدوجي الجنس- في كثير من الأحيان في سن الرضاعة - بقصد ما يعتبرونه تسهيلا لنموهم "الطبيعي"، استنادا إلى نظرية طبية شاعت في الستينيات. كثيرا ما تكون النتائج كارثية، والفوائد المفترضة غير مؤكدة إلى حد كبير، ونادرا ما تكون هناك اعتبارات صحية عاجلة تتطلب تدخلا عاجلا لا رجعة عنه.
قالت كيمبرلي زيسلمان، امرأة مزدوجة الجنس، والمديرة التنفيذية لإنتراكت: "إجراء عملية جراحية لا لزوم لها على رضيع مزدوج الجنس دائما لها عواقب جسدية ونفسية وخيمة. رغم تنبيه المدافعين عن المرضى للمجتمع الطبي حول الضرر الناجم عن هذه الإجراءات منذ عقود، إلا أن عديدا من الأطباء يواصلون تقديم هذه العمليات الجراحية للآباء كخيارات جيدة".
هناك ما يصل إلى 1.7 بالمئة من الأطفال يختلفون عما يسمى عادة صبي أو فتاة. تختلف الكروموزومات والغدد التناسلية والأعضاء الجنسية الداخلية أو الخارجية لهؤلاء الأطفال عن التوقعات الاجتماعية. تظهر بعض الصفات - مثل الأعضاء التناسلية الخارجية غير النمطية - عند الولادة. قد يظهر البعض الآخر - مثل الغدد التناسلية أو الكروموزومات التي لا تتطابق مع توقعات جنس معين - في وقت لاحق من الحياة، وفي بعض الحالات عند سن البلوغ. يمكن تربية الطفل على أنه ينتمي لأي جنس دون جراحة. من ناحية أخرى، تحمل الجراحات التناسلية أو جراحات الغدد التناسلية لدى الأطفال الصغار في وقت مبكر عن تحديد هوياتهم الجنسية خطورة تعيين جنس خاطئ جراحيا.
يمكن أن تصل الجراحة لإزالة الغدد التناسلية إلى التسبب بالعقم دون موافقة المريض، ومن ثم تتطلب العلاج مدى الحياة بالهرمونات البديلة. تحمل عمليات تغيير حجم أو ظهور الأعضاء التناسلية للأطفال خطر الإصابة بسلس البول والتندب وعدم الإحساس والصدمات النفسية. الإجراءات لا رجعة فيها، والأعصاب التي قطعت لا يمكن أن تنمو، ويمكن أن تحد الندب التي تلحق بالأنسجة من الخيارات لعملية جراحية في المستقبل.
تطورت القواعد الطبية - وخاصة مع الاستخدام المتزايد للفرق متعددة التخصصات التي تعمل على حالات "الاختلافات في النمو الجنسي". يقرّ معظم الأطباء الآن أن الآباء قد يفضلون ترك أجسام أطفالهم سليمة. قال طبيب يعمل في إحدى هذه الفرق لـ هيومن رايتس ووتش: "نستمع إلى المرضى البالغين الذين يقولون لنا إنهم يشعرون بأنهم تعرضوا لسوء المعاملة والتشويه، وهذا أمر مؤثر جدا".
مع ذلك، لا يزال الميدان محفوفا بمعايير الرعاية غير المتكافئة وغير الكافية والمجزأة - وخلافات واسعة بين الممارسين بشأن أفضل السبل لاحترام وحماية حقوق مراجعيهم مزدوجي الجنس. رغم أن بعض التدخلات الجراحية على الأطفال مزدوجي الجنس ليست ضرورية من الناحية الطبية بلا جدل، يجري بعض الجراحين في الولايات المتحدة عمليات تجميلية غير ضرورية طبيا للأطفال مزدوجي الجنس، قبل أن يبدؤوا الكلام في كثير من الأحيان.
قال كايل نايت، باحث في هيومن رايتس ووتش ومؤلف التقرير: "أحرز المجتمع الطبي تقدما في الرعاية الخاصة بمزدوجي الجنس في العقود الأخيرة، ولكن العمليات الجراحية غير الضرورية طبيا على الأطفال والرضع لا تزال شائعة. هناك ضغط حقيقي من أجل التكيف مع الحياة بشكل طبيعي، ولكن ليس هناك دليل على أن الجراحة تفي بتسهيل هذا الغرض، وهناك أدلة كثيرة على أنها قد تسبب ضررا لا يُمكن إصلاحه مدى الحياة".
أدانت هيئات الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بصورة متزايدة دولا في جميع أنحاء العالم في السنوات الأخيرة بسبب عدم حظر الجراحة الطبية التي لا داعي لها فيما يتعلق بالأطفال مزدوجي الجنس. قال المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب في تقرير صدر عام 2013: "يتعرّض الأطفال الحاملون إلى صفات الجنسين إلى تحديد نوع جنسهم بشكل لا رجعة فيه، وللتعقيم غير الطوعي، ولجراحات غير طوعية لتطبيع الأعضاء الجنسية... مع تركهم في حالة انعدام خصوبة دائم وغير قابل للعلاج، وتكبيدهم معاناة عقلية شديدة".
كتَب 3 جراحون أمريكيون سابقون في يوليو/تموز 2017 أنهم يعتقدون أنه "لا يوجد دليل كاف على أن النمو مع صفات جنسية غير نمطية قد يقود إلى أضرار نفسية" و"رغم وجود بعض الأدلة على أن الجراحة التناسلية التجميلية للرضيع ضرورية للحد من الأضرار النفسية، إلا أن الأدلة تبين أن الجراحة نفسها يمكن أن تسبب ضررا جسديا شديدا لا رجعة فيه وضررا عاطفيا".
يستند التقرير إلى مقابلات معمقة أجراها الباحث كايل نايت والدكتورة سوغيه تامار-ماتيس، وهي طبيبة واستشارية أبحاث في هيومن رايتس ووتش، مع 30 بالغا وطفلين مزدوجي الجنس، و17 من آباء وأمهات أطفال مزدوجي الجنس، و21 ممارسا في مجال الرعاية الصحية من بينهم أطباء أمراض النساء، والغدد الصماء، والمسالك البولية، وعلماء نفس، ومقدمي الصحة النفسية الأخرى الذين يعملون مع مزدوجي الجنس. يضمّ التقرير أيضا مراجعة أكاديمية واسعة، ويقدم البيانات المتاحة عن العمليات الجراحية.
قال أطباء عديدون لـ هيومن رايتس ووتش إنه في حين أنهم يشعرون بعدم الارتياح بشكل متزايد من تقديم المشورة للوالدين لاختيار هذه العمليات الجراحية، فإن العمليات لا تزال تجرى في عياداتهم. قال الآباء والأمهات إنهم لا يزالون يشعرون بضغط من الأطباء لاعتماد هذه العمليات الجراحية.
قال طبيب غدد صماء وبروفسور لـ هيومن رايتس ووتش إن "أطباء الأطفال في وضع قوة. إذا كانت القضية هي خوف الآباء، فهي المشكلة التي يجب حلها، ولا يتعلق الأمر حقا بإجراء عملية جراحية لا معنى لها، ولا تحل أي شيء". قال طبيي مختص في أمراض النساء في فريق يعمل على "الاختلافات في النمو الجنسي": "عندما نحاول إجبار الناس على المعايير الثقافية وثقافة الجنسين فقط، هناك احتمال كبير بأن نرتكب بعض الأخطاء الكبيرة ونؤذي الناس بشكل لا يمكن إصلاحه".
قال والدا طفل يبلغ من العمر 8 أعوام ولد بأعضاء تناسلية غير نمطية: "أخبرنا الأطباء أنه من الهام إجراء الجراحة على الفور لأن نمو طفلنا مختلفا سيسبب له صدمة. ما هي الصدمة الأكبر؟ هذا النوع من العمليات أو أن يكبر مختلفا قليلا؟"
قال هذان الوالدان وغيرهم لـ هيومن رايتس ووتش إن أكثر الموارد المفيدة في تربية أطفالهم مزدوجي الجنس كان لقاء آباء وأمهات آخرين ومزدوجي جنس بالغين في مجموعات دعم.
قالت هيومن رايتس ووتش وإنتراكت إن تجربة أولئك الذين خضعوا لعملية جراحية، ومبادئ أخلاقيات مهنة الطب يشيران إلى أنه لا ينبغي استخدام إجراءات جراحية محددة للرضع والأطفال الصغار ما لم تظهر بيانات تثبت أن الفوائد الطبية لهذه الإجراءات تفوق الضرر المحتمل. لا وجود لأدلة ببساطة في الوقت الحاضر، رغم مرور عقود على إجراء هذه العمليات الجراحية.
قالت هيومن رايتس ووتش وإنتراكت إن على الحكومة الأمريكية والهيئات الطبية وضع حد لجميع الإجراءات الجراحية التي تسعى إلى تغيير الغدد التناسلية والأعضاء التناسلية أو الأعضاء الجنسية الداخلية للأطفال الذين يحملون خصائص جنسية غير نمطية وصغارا جدا على أن يشاركوا في القرار، عندما تنطوي هذه الإجراءات على مخاطر جدية، ويمكن تأجيلها بأمان.
قالت كيمبرلي زيسلمان: "غالبا ما يكون آباء وأمهات الأطفال خائفين ومرتبكين حول أفضل السبل لحماية أطفالهم من الوصم. يمنحهم لقاؤهم بآخرين لديهم صفات مزدوجي الجنس مثل أطفالهم الطمأنينة، ويرونهم كيف كبروا في حياة صحية وسعيدة".