(بيروت) – قالت منظمات إغاثة ومنظمات حقوقية دولية اليوم إن المعركة المرتقبة التي ستشارك فيها القوات العراقية وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة ضدّ تنظيم "الدولة الإسلامية" ("داعش") في المدينة القديمة غربي الموصل تشكل خطرا كبيرا على المدنيين وممتلكاتهم. على أطراف النزاع جميعا وقف استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة والأسلحة العشوائية بطبيعتها في غرب الموصل ذي الكثافة السكانية العالية. يزيد استخدام داعش غير القانوني للمدنيين كـ "دروع بشرية" وصعوبة تمييز المدنيين في البنايات من خطر وقوع خسائر بين المدنيين.
بحسب تقديرات الأمم المتحدة، ما زال هناك 200 ألف مدني في منطقة مساحتها 2 كم مربع في المدينة القديمة غرب الموصل، والتي تحاصرها القوات العراقية وقوات التحالف بقيادة الولايات المتحدة استعدادا للمعركة هناك.
قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "آلاف الأسر عالقة لدى داعش في غرب الموصل، حيث يمنع مسلحوه المدنيين من الهروب إلى مكان آمن. على القوات العراقية وقوات التحالف أن تقر بأن استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة في المدينة القديمة المزدحمة يضع المدنيين في خطر مفرط".
المنظمات التي عبرت عن قلقها هي "آيروارز"؛ "منظمة العفو الدولية"؛ مركز المدنيين في النزاعات (CIVIC)؛ حقوق الانسان أولاً؛ هيومن رايتس ووتش؛ "الشبكة العالمية للأسلحة المتفجرة؛ ومنظمة "أطفال الحرب".
في 25 مايو/أيار 2017، ألقت القوات التي تحارب داعش منشورات تدعو المدنيين إلى مغادرة المناطق الخاضعة لسيطرة داعش. على القوات المحاربة لداعش اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة لتقليل الأضرار عند تنفيذ هجماتها والتأكد من قدرة المدنيين على إخلاء المدينة القديمة بأمان، وتلقي الإغاثة داخل المنطقة المحاصرة وخارجها. مع دخول الحملة العسكرية لاسترجاع غرب الموصل يومها الـ 109، يزيد وضع المدنيين العالقين هناك خطورة. قال فارون من الموصل لمنظمات الإغاثة ومنظمات حقوق الإنسان إن الأسواق خالية من المواد الغذائية، حيث يعيش المدنيون على القمح ومياه الأمطار فقط تقريبا.
في منتصف فبراير/شباط، بدأت قوات الأمن العراقية، مدعومة بالتحالف الذي تقوده الولايات المتحدة والذي يطلق عليه اسم "قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب" حملتها لاسترجاع غرب الموصل، وهي مجموعة من الأحياء ذات الكثافة السكانية العالية.
ارتفاع عدد الضحايا المدنيين جراء الضربات الجوية زاد من القلق بشأن الغارات الجوية التي تنفذها قوات التحالف والقوات العراقية. قد يكون استخدام الأسلحة المتفجرة ذات الآثار الواسعة كالقنابل التي تُطلق جوا ووزنها 500 رطل فما فوق، والتي استخدمت في إطار هذه العملية، السبب في خسائر مدنية وأضرار للممتلكات بشكل يفوق النتائج المتوقعة عسكريا. هذه الهجمات العسكرية غير المتناسبة محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي.
أطلقت القوات العراقية أيضا قذائف محلية الصنع على غرب الموصل. تُظهر الصور التي نشرتها وسائل الإعلام والجيش الأمريكي أيضا قوات أمريكية وعراقية تطلق قذائف هاون وقذائف مدفعية غير موجهة على غرب الموصل. كلا هذين السلاحين غير دقيق وقد يكون عشوائيا، أي غير قانوني، إذا استُخدم في مناطق ذات كثافة سكانية عالية.
تجعل صعوبة التعرف على مدنيين في مدينة مزدحمة، حتى باستخدام أنظمة استهداف متطورة ومراقبة مستمرة، من الصعب تحديد عدد المدنيين في المنطقة المستهدفة قبل الموافقة على الهجمات، ويزيد من هذا الخطر استخدام داعش مدنيين "كدروع بشرية"، وهي جريمة حرب.
قال عشرات النازحين من غرب الموصل، بما في ذلك المدينة القديمة، والذين نزحوا مؤخرا، لمنظمات الإغاثة ومنظمات حقوق الإنسان إن مقاتلي داعش أجبروهم وأسرهم على الانتقال من ديارهم 3 مراث في بعض الأحيان، حيث جمّعوا عددا كبيرا من الأسر في أحياء صغيرة مازالت تحت سيطرتهم. رأوا مقاتلين يقتلون عشرات الرجال بإجراءات موجزة عقابا على محاولتهم الفرار مع أسرهم من سيطرة داعش. كما رأوا مقاتلين يطلقون النار على مجموعات من المدنيين كانوا يحاولون الهرب، ورأى بعضهم مدنيين فارين يقتلون رميا بالرصاص.
مع احتدام الصراع واستخدام داعش للمدنيين كدروع بشرية بشكل متزايد، على القوات التي تقاتل داعش فعل كل ما بوسعها للتأكد من وجود مدنيين في المواقع القريبة من المقاتلين أو الأهداف العسكرية المرصودة. في ديسمبر/كانون الأول 2016، أدخلت القوات الأمريكية تغييرات إجرائية في عمليات الاستهداف من شأنها زيادة احتمال وقوع ضحايا مدنيين.
تمنع قوانين الحرب كل أطراف النزاع من شن هجمات مقصودة ضد مدنيين أو ممتلكات مدنية، أو شن هجمات عشوائية أو غير متناسبة. الهجمات العشوائية هي التي تضرب أهدافا عسكرية ومدنيين وممتلكات مدنية دون تمييز. والهجوم غير المتناسب هو الذي يُتوقع أن يتسبب في خسائر عرضية في أرواح المدنيين أو أضرار بالممتلكات المدنية قد تكون مفرطة مقارنة بالامتيازات العسكرية الملموسة والمباشرة المتوقعة منه.
الأشخاص الذين يرتكبون انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب بنية إجرامية، أي عمدا أو بتهور، هم مسؤولون عن جرائم حرب. كما قد يكون الأشخاص مسؤولين جنائيا عن نية ارتكاب جرائم حرب، أو المساعدة فيها أو تسهيلها أو دعمها أو التحريض عليها.
تطالب قوانين الحرب أطراف النزاع باتخاذ الحذر بشكل مستمر خلال العمليات العسكرية لتفادي إلحاق الأذى بالمدنيين، واتخاذ كل الاحتياطات الممكنة لتفادي أو التقليل من الخسائر العرضية في الأرواح أو الممتلكات المدنية. عندما تستخدم الذخائر المحملة بكميات كبيرة من المتفجرات في المناطق المدنية، قد يكون لها أثر مدمر واسع، ولا يمكن لدى استخدامها التمييز بشكل مناسب بين المدنيين والمسلحين، مما يؤدي إلى خسائر مدنية لا محالة.
الأسلحة الشبيهة بالهاون وقاذفات الصواريخ متعددة البراميل التي تطلق ذخائر غير موجهة والقذائف محلية الصنع كلها غير دقيقة بطبيعتها، مما قد يجعل التمييز بين المدنيين والمقاتلين خلال هجوم على منطقة ذات كثافة سكانية عالية أمرا مستحيلا. وثقت منظمات الإغاثة ومنظمات حقوق الإنسان وصحفيون استخدام القوات العراقية قذائف محلية الصنع لا يمكن توجيهها إلا توجيها تقريبيا نحو الهدف، وهي عشوائية بطبيعتها.
الأسلحة الشبيهة بالهاون وراجمات الصواريخ المتعددة التي تطلق ذخائر غير موجهة، والتي تستخدمها القوات التي تقاتل داعش، يمكن إطلاقها على هدف ثم تعديل التصويب بمساعدة ملاحظ، لكن الأسلحة ذات الآثار واسعة النطاق عندما تُستخدم في مناطق ذات كثافة سكانية عالية، فهي معرضة للاستخدام غير القانوني والعشوائي. على قوات التحالف بقيادة العراق والولايات المتحدة تفادي أي استخدام لتلك الأسلحة في المدينة القديمة غربي الموصل ذات الكثافة السكانية العالية.
الموقّعون:
- آيروارز
- منظمة العفو الدولية
- مركز المدنيين في النزاعات (CIVIC)
- حقوق الانسان أولاً
- هيومن رايتس ووتش
- الشبكة العالمية للأسلحة المتفجرة
- الشبكة العالمية للأسلحة المتفجرة (INEW)
- منظمة أطفال الحرب
تحقيقات هيومن رايتس ووتش بشأن الأسلحة المستخدمة وخطرها على المدنيين
تقليص تعريض المدنيين للخطر
على القادة اتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتقليل الضرر الذي يلحق بالمدنيين والمباني المدنية أثناء شن عمليات في مناطق مكتظة بالسكان حيث يختلط المدنيون بالمقاتلين. يجب على القادة حيثما أمكن، أن يطلبوا من الذين يتخذون قرار إطلاق الأسلحة (مراكز التحكم في الهجوم) الحفاظ على أعلى مستوى من السيطرة المباشرة على كل ضربة، بما في ذلك رؤية الهدف والطائرة المهاجمة. على القادة أيضا الحد من استخدام الأسلحة النارية غير المباشرة (قذائف الهاون والمدفعية والصواريخ) التي تستخدم الذخائر غير الموجهة – أي أن وحدة إطلاق النار لا ترى الهدف، ولكن تعتمد على محددي المواقع لتوفير معلومات الاستهداف. في جميع الحالات، على القادة وعناصر الاستهداف اختيار أسلحة وذخائر محددة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين إلى أقصى حد ممكن.
استخدام الضربات الجوية
نشرت قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب في 2 يونيو/حزيران تقريرها الشهري للضحايا المدنيين. خلص التقرير إلى أنه: "تقدر قوة المهام المشتركة – عملية العزم الصلب حتى الآن، استنادا إلى المعلومات المتاحة، أن 484 مدنيا على الأقل قد قتلوا في ضربات التحالف منذ بدء عملية العزم الصلب". تقدر آيروارز، وهي منظمة غير حكومية مقرها المملكة المتحدة تراقب الغارات الجوية، أن الحد الأدنى من الضحايا المدنيين من ضربات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة كان أكثر من 3800، أي ما يقرب 8 أضعاف العدد الذي أبلغ عنه التحالف. اعترفت الولايات المتحدة عقب تحقيق في اعتداء 17 آذار/مارس، بأن قواتها قتلت ما لا يقل عن 105 مدنيا على الأقل في ضربة واحدة عندما استهدفت مقاتلين من داعش. قال مسؤولون عسكريون أميركيون إن أعضاء التحالف غير الاميركيين مسؤولون عن 80 قتيلا على الأقل من القتلى الـ 484، إلا أن أيا من أعضاء التحالف لم يعترف علنا بالمسؤولية.
قال العاملون في المجال الطبي في الخطوط الأمامية إنهم شهدوا في غرب الموصل عددا أكبر من الإصابات البالغة بين المدنيين، بما في ذلك إصابات الجرحى المدنيين العالقين تحت الأنقاض بعد الهجمات، مما رأوه في شرق الموصل والعمليات السابقة في العراق. قدر أحد الأطباء أنه منذ بداية عملية الموصل في أكتوبر/تشرين الأول، استقبلت المرافق الطبية ما لا يقل عن 12,000 جريح من المدنيين، أكثر من 50 بالمئة منهم من غرب الموصل. قال عامل في مجال الاغاثة يراقب حصيلة الجثث التي تخرج من غرب الموصل إنه منذ منتصف آذار/مارس تم سحب 650 جثة من تحت أنقاض المباني المدمرة في أعقاب الهجمات التي شنها الجانبان.
حدد تحليل هيومن رايتس ووتش لصور بالأقمار الاصطناعية في غرب الموصل أكثر من 380 موقع ارتطام مختلف في حي التنك، غرب المدينة القديمة، بما يتسق مع تفجير ذخائر كبيرة مسقطة جوا حصل بين 8 مارس/آذار و26 أبريل/نيسان 2017.
أظهر استعراض للمواقع المتضررة أن أغلبية هذه الغارات استهدفت على الأرجح المباني السكنية والتجارية المختلطة، مع وجود قلة من الضرابات التي استهدفت الطرق الرئيسية وتقاطعات الطرق عبر الحي. ليس لدى هيومن رايتس ووتش أية معلومات عما إذا كانت هناك أية أهداف عسكرية في المباني أو الطرق أو بالقرب منها.
رغم أن هذا النمط الواضح من الاستهداف الدقيق لشبكة الطرق يتسق مع استخدام الذخائر الموجهة، وجدت هيومن رايتس ووتش أن معظم الحفر الناتجة عن القصف في حي التنك يبلغ قطرها 10 أمتار أو أكثر، بما يتسق مع استخدام قنابل تقليدية تُلقى جوا وتزن بين 500 و1000 رطل.
أسفرت الغارات الجوية المستمرة على الطرقات عن حدوث حفر تعرقل حركة المركبات، فضلا عن أضرار ثانوية لمئات المباني السكنية والتجارية داخل منطقة الانفجار.
يؤدي استخدام الأسلحة المتفجرة ذات التأثير الواسع، مثل قنابل بهذا الحجم مسقطة جوا على الأهداف العسكرية المحتملة في مناطق مدنية مكتظة بالسكان في غرب الموصل، إلى وقوع إصابات بين المدنيين وإلحاق أضرار بالممتلكات، وذلك يتجاوز الأهداف العسكرية المتوقعة من الضربات. هذه الهجمات العسكرية غير المتناسبة محظورة بموجب القانون الإنساني الدولي.
استخدام الذخائر المرتجلة الموجهة بصواريخ
قال مراقبان دوليان لـ هيومن رايتس ووتش إنهما شهدا وجود وإطلاق قاذفات ذخائر مرتجلة موجهة بصواريخ، في مناسبات عديدة من 5 إلى 14 مايو/أيار. شاهدا قاذفات تحمل علامات الشرطة الاتحادية وقسم الطوارئ مثبتة على مركبات في مناطق الشمال الغربي لغرب الموصل، وفي أحياء في غرب وفي جنوب غرب الموصل. لوحظت الصواريخ الموجهة وقاذفاتها في ورشة عمل عسكرية لقسم الاستجابة لحالات الطوارئ في قرية بادوش، على بعد 10 كم شمال غرب المدينة.
أكد 3 مراقبين آخرين ووسيلة إعلامية واحدة على الأقل أنه كان يتم إطلاق هذا النوع من الذخائر. قال أحد المراقبين إن قسم الاستجابة للطوارئ أطلق عدة ذخائر من حي الهرامات غربا في اتجاه المدينة القديمة في أوائل أيار/مايو، في حين قال آخر إنه رأى الشرطة الاتحادية تطلق 13 صاروخا من الجنوب نحو المدينة القديمة على مدى يومين في منتصف أبريل/نيسان. قالوا إن القوات المسلحة لا تسمح بتصوير إطلاق الذخائر. قال الثالث إنه رأى في منتصف مايو/أيار قسم الاستجابة للطوارئ يطلق من بادوش 6 صواريخ على الأقل على المدينة القديمة.
قال مراقبان تمكنا من فحص الذخائر عن كثب إنهما رأيا برميلا معدنيا صغيرا يحتوي على نوع غير معروف من حشوة الدفع، معلق على طرف قذيفة مدفعية 105 ملم، ومزوّد بصمام تفجير. كانت الرؤوس الحربية ملحومة بعمود، بما في ذلك الصاروخ. تم تثبيت زعانف صغيرة محلية الصنع وملحومة إلى العمود بالقرب من قاعدته. تم رفع قاذفات الإطلاق باستخدام نظام هيدروليكي على السطح الخلفي للمركبات. لاحظ أحدهم أن الصواريخ لا تتناسب مع أنابيب القاذفة، مما قد يؤدي إلى توزيع غير متكافئ لانفجار محرك الصاروخ عند انطلاقه، وبالتالي إلى إطلاق غير مستقر وانحراف في المسار. قال المراقبون إنه لا يوجد نظام رؤية أو تحديد موقع على المركبات أو قاذفات الاطلاق للسماح بتغيير موضع السلاح لضرب هدف محدد، مما يجعل محاولة توجيه الصواريخ بدقة أمرا مستحيلا.
استخدام قذائف الهاون
تثير الصور الأخيرة والفيديو الذي نشره الجيش الأمريكي و"رويترز"، والتي تصوّر إطلاق قذائف الهاون خارج الموصل، مخاوف بشأن إطلاق أسلحة غير موجهة وغير دقيقة في المدينة القديمة المكتظة بالسكان. يعود تاريخ نشر هذه الصور على موقع عسكري أمريكي إلى 18 و19 مارس/آذار. يصوّر استخدام 3 أنظمة هاون مختلفة: M224، التي تطلق قذيفة 60 ملم؛ وM252، التي تطلق قذيفة 81 ملم؛ وM120، التي تطلق قذيفة 120 ملم. تبدو في الصور القذائف المستعملة قياسية ذات ذخائر شديدة الانفجار.
لوحظت قذائف هاون M252 وM120 في الفيديو الذي نشره الجيش الأمريكي في 19 مايو/أيار. تبدو القذائف المستعملة في الصور والفيديو المتوفرين قياسية ذات ذخائر شديدة الانفجار. تُظهر صور نشرتها رويترز بتاريخ 27 مايو/أيار قوات الاستجابة للطوارئ العراقية تُحمّل وتطلق نظام هاون من طراز الجليل 82 ملم على مشارف الموصل. يظهر نظام أكبر، هاون الجليل 120 ملم، إلى جانب ذلك. لم تكن أي من قذائف الهاون التي تم تصويرها في الصور أو في الفيديو ذخائر موجهة.
أنظمة الهاون التي تستخدم القذائف غير الموجهة هي أسلحة غير دقيقة في الأساس، ويمكن أن تصل فقط إلى منطقة بالقرب من الهدف المحدد. لا يمكن تحديد موقع كل الضربات بدرجة عالية من الدقة على هذا النحو، قبل استخدام السلاح. يتم إطلاق الذخائر من قبل فرق الهاون ويتم استخدام "محدد الهدف" لمراقبة كل تأثير واقتراح التعديلات في التوجيه إلى الطاقم لضبط الإطلاق وتحقيق النتيجة المرجوة في نهاية المطاف على الهدف المقصود، سواء كان ذلك بهدف الردع أو التدمير. تسمى القذيفة الأولى قذيفة تسجيلية بعد ضبط أنبوب هاون واللوحة القاعدية، والذي يسمح للسلاح بالانطلاق ولمحدد الهدف بتحديد مدى دقة الحساب الأولي.
إذا لم تصب القذيفة الأولى الهدف، يتم إطلاق قذائف إضافية وتلاحظ آثارها حتى يتم إجراء الحساب الصحيح. تشمل الأساليب الشائعة لضمان جولة الضربات الهدف المقصود "مسار" القذيفة نحو الهدف أو "بين قوسين". ينطوي الأسلوب الأول على إطلاق قذيفة واحدة ومن ثم إجراء تعديلات جانبية أو عمودية إضافية على السلاح حتى تصيب القذيفة الهدف. ينطوي الأسلوب الثاني على إجراء تعديلات جانبية أو عمودية أوسع بحيث تضرب القذيفة جانبي الهدف حتى يمكن إجراء حساب دقيق وإصابته.
استخدام قاذفات الصواريخ متعددة الفوهات
الصور الأخيرة التي نشرتها رويترز تظهر ان قوات "الحشد الشعبي" العراقية استخدمت راجمات صواريخ متعددة من طراز غراد BM-21 على مشارف الموصل. استخدام هذه الأسلحة يخلق مخاوف حول استخدام الأسلحة المتفجرة في المناطق المكتظة بالسكان بالمدينة القديمة. تطلق أسلحة غراد قذائف مدفعية من عيار 122 ملم مما يصل إلى 40 أنبوب إطلاق. معظم صواريخ غراد يصل مداها من 1.5 إلى 20 كم. تتراوح الصواريخ من 1.9 إلى 3.3 متر وتزن من 45 إلى 75 كلغ. معظم أنواع صواريخ غراد هي غير موجهة ولا يمكن إلا أن تستهدف منطقة واحدة، وغالبا ما يتم اطلاقها دفعة واحدة لتُمطر منطقة ما.
يمكن تجهيز صواريخ غراد بأنواع مختلفة من الرؤوس الحربية. الأكثر شيوعا هو نوع من المتفجرات/الشظايا التي تحتوي على حوالي 6،4 كلغ من المتفجرات القوية، وهي مصممة لإنتاج 3,150 شظية يمكن أن تقتل أو تجرح داخل دائرة يصل قطرها إلى 28 مترا من نقطة تأثيرها. في أقصى مدى لتلك الصواريخ، وهو حوالي الـ 20 كم، فإن الصاروخ الأكثر شيوعا (9M22U) المجهز برأس تفجير (M-21-OF) يكون دقيقا فقط داخل مستطيل طوله حوالي 336 مترا وعرضه 160 مترا. بعبارة أخرى، من نقطة الهدف، يمكن أن يقع الصاروخ في أي مكان في مستطيل مساحته حوالي 54،000 متر مربع.