(جنيف) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن جابر زين، ناشط مقيم في طرابلس، لا يزال مفقودا منذ اختطافه في 25 سبتمبر/أيلول 2016 من قبل مجموعة مسلحة مرتبطة بوزارة داخلية حكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة.
منذ بداية الصراع عام 2014 في طرابلس، ارتكبت ميليشيات متحالفة مع جهات حكومية مختلفة وعصابات إجرامية أعمال اختطاف أو إخفاء قسري لعشرات الأشخاص في العاصمة، دون محاسبة، لتحقيق مكاسب سياسية أو الحصول على فدية أو الابتزاز. سجلت وحدة التحقيقات التابعة لوزارة الداخلية 189 حالة اختطاف في مارس/آذار 2017، و68 حالة في أبريل/نيسان، لرجال ونساء وأطفال في العاصمة وحدها.
قال إريك غولدستين، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "عائلة جابر زين لها الحق في معرفة من يحتجز ابنها، وأين؟ ولماذا؟"
زين، مواطن سوداني من مواليد 1987، عاش في طرابلس مع عائلته منذ أن كان عمره 6 سنوات، وهو مدون جريء ومشارك في مؤتمرات ولقاءات تتعلق بحقوق الإنسان والقضايا الاجتماعية. ناقش زين في كثير من الأحيان مواضيع في وسائل التواصل الاجتماعي تعتبر مثيرة للجدل في ليبيا، وخاصة حقوق المرأة والدين.
قال أقارب زين لـ هيومن رايتس ووتش في أبريل/نيسان 2017، نقلا عن مصادرهم، إنه اختُطف من قبل عناصر ملثمين من "فرقة الإسناد الخاصة الثانية"، ومقرها حي الفرناج بطرابلس. تُعرف المجموعة أيضا باسم "كتيبة الشهيد عدنان الشيباني"، وهي تابعة اسميا على الأقل لوزارة الداخلية في حكومة الوفاق الوطني. قالت المصادر إن الرجال اختطفوا زين و3 من أصدقائه من مقهى في طريق قرقارش في طرابلس، مساء 25 سبتمبر/أيلول 2016، بعد تظاهرة حول حقوق المرأة. قالت العائلة إن المجموعة المسلحة أفرجت عن الرجال الثلاثة الآخرين بعد 4 ساعات.
حاول أفراد العائلة يوم 10 أكتوبر/تشرين الأول زيارة زين في مقرّ الفرناج. قالت العائلة لـ هيومن رايتس ووتش إنهم مُنعوا من رؤيته، ولكن عنصرا من فرقة الإسناد الثانية أبلغهم إنهم اتهموه بالعلمانية والإلحاد والتعدّي على الأخلاق ومواقف أخرى يعارضونها، وأنه سيُرحّل إلى السودان بمجرد انتهاء التحقيقات. تركوا له حقيبة وبعض مواد النظافة الشخصية.
في 12 أكتوبر/تشرين الأول، استدعيت العائلة إلى القاعدة. لكن عندما وصلوا، قال لهم عناصر المجموعة إنهم يجهلون مكان وجود زين، وادّعوا أنهم أخطأوا في الشخص. وطلبوا من أفراد الأسرة استعادة الأغراض الشخصية.
تلقت عائلة زين معلومات متضاربة من معارفهم الشخصية ومن وسطاء ومن السلطات حول مكانه. ويعتقد أقاربه أنه نُقل من مقر الفرناج إلى مرفق أو مكان اعتقال آخر لـ "حفظ السلامة" بعد 6 أو 8 أسابيع من اعتقاله. وقالوا ربما نُقل زين عدة مرات.
وكّلت العائلة محاميا، قال لهم إن المدعي العام المسؤول عن القضية بعث برسائل إلى فرقة الإسناد الخاصة الثانية لطلب معلومات عن مكان احتجاز زين، وإلى "قوة الردع الخاصة"، وهي جماعة مسلحة أخرى تخضع اسميا لسلطة وزارة الداخلية، وتشتبه الأسرة في أنها احتجزت زين في مرحلة ما. جاء ردّ واحد من قوة الردع الخاصة قالت فيه إنها لا تحتجز زين، وفقا للمحامي. تعتقد عائلة زين الآن، استنادا إلى معلومات قدمها لها مسؤول حكومي بشكل غير رسمي، أن جهاز المخابرات قد يكون هو الذي يحتجزه ويسعى إلى ترحيله.
رفضت الشرطة فتح تحقيق. قال أحد أقاربه:
"ذهبنا إلى مركز الشرطة في حي الأندلس، حيث وقع الحادث، لتوثيق اختفاء جابر، لكن الشرطة رفضت فتح تحقيق دون أي شهود. لا يمكن أن نطلب من أي شاهد الحضور لأننا نخشى على سلامتهم".
ينص القانون الدولي على أن الدولة تنتهك الحظر المفروض على الاخفاء القسري عندما يحتجز منتسبوها شخصا، ثم تنفي احتجازها له أو لا تكشف عن مكانه. رفضت الشرطة فتح تحقيق في قضية زين، وترفض الجماعة المسلحة التي خطفته الاعتراف باعتقاله أو الكشف عن مكانه.
الأشخاص المختفون قسرا أكثر عرضة للتعذيب لأنهم تحت رحمة خاطفيهم خارج حماية القانون، ولا توجد اي ضمانات رسمية تشترط التقاء الشخص بطرف ثالث بشكل دوري، مثل القاضي على سبيل المثال.
أعربت والدة زين عن قلقها بشأن صحة ابنها، والمعاملة التي يلقاها بسبب طبيعته الجريئة.
لا يزال الوضع الأمني والسياسي في طرابلس غير مستقر بعد أن دفعت الجماعات المسلحة التابعة لحكومة الوفاق الوطني المدعومة من الأمم المتحدة الميليشيات المنافسة لها، ومعظمها من مصراتة، إلى ضواحي طرابلس الجنوبية في مارس/آذار. تصارع حكومة الوفاق الوطني، برئاسة المجلس الرئاسي في طرابلس، من أجل فرض سيطرتها على جميع المؤسسات في طرابلس لأنها تتنافس على السيطرة والشرعية مع سلطة أخرى، مُعلنة من طرف واحد، هي حكومة الإنقاذ الوطني. يوجد البرلمان الليبي - مجلس النواب – في مدينة طبرق شرق البلاد، ويساند سلطة ثالثة، هي الحكومة المؤقتة ومقرها مدينة البيضاء في الشرق. لم يوافق البرلمان على حكومة الوفاق الوطني.
تتلقى الجماعات المسلحة التي تعمل في إطار وزارة الداخلية رواتبها من مصرف ليبيا المركزي من خلال الوزارة. وينطبق ذلك على أهم الجماعات المسلحة في ليبيا، بما فيها تلك التي تدعم حكومات ليبيا الأخرى.
قالت هيومن رايتس ووتش إن بسبب انعدام الأمن والصراعات المسلحة في العاصمة، باتت العديد من المؤسسات معطّلة أو غير قادرة على ممارسة صلاحياتها، بما في ذلك القضاء وأجهزة إنفاذ القانون.
في حالة جديدة في طرابلس، لم تبلغ الأسرة الشرطة عن عملية اختطاف لأنها لا تثق في كونها ستتحرّك. تم الإفراج عن الضحية بعد 5 أسابيع، بعد أن دفعت العائلة فدية ضخمة. في قضيتين أخريين، قالت عائلات لـ هيومن رايتس ووتش إنها أبلغت عن عمليات اختطاف، لكن الشرطة لم تبذل أي جهد للتحقيق في الأمر.
اختفى صلاح البكوش، وهو محلل سياسي ومشارك في الحوار الليبي المدعوم من قبل الأمم المتحدة، يوم 26 يناير/كانون الثاني 2017، مع صديقه هيثم قناو ورجل آخر، بعد أن توقفت سيارتهم عند نقطة تفتيش قرب قصور الضيافة ريكسوس، وهو مجمع كانت تستخدمه حكومة الإنقاذ الوطني كمقر لها آنذاك. حاولت أسرهم تحديد مكانهم، ولكن أقارب قالوا لـ هيومن رايتس ووتش إن الخاطفين لم يعلنوا عن أي مطالب ولم يحددوا مكانهم. تم الافراج يوم 28 مارس/آذار عن الاثنين خلال اشتباكات بين ميليشيات في العاصمة.
لا توجد إحصاءات متاحة عن عدد المختطفين الذين تم الافراج عنهم.
مازال عبد المعز بانون، وهو ناشط بارز ومنتقد لانتهاكات الميليشيات والحكومة على وسائل التواصل الاجتماعي وفي المناسبات العامة، مفقودا منذ اختطافه من قبل مجموعة مسلحة مجهولة في 25 يوليو/تموز 2014 في طرابلس.
يعاقب "القانون الليبي رقم 10 [2013] بشأن تجريم التعذيب والاختفاء القسري والتمييز" على الاخفاء القسري بما يصل إلى 8 سنوات في السجن.
قال "فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاختفاء القسري أو غير الطوعي"، و"لجنة الأمم المتحدة المعنية بالاختفاء القسري"، والتي تستعرض امتثال الحكومة لـ "الاتفاقية الدولية لحماية جميع الأشخاص من الاختفاء القسري"، في بيان في 30 أغسطس/آب 2012، إن "الاختفاء القسري ليس فقط جريمة بشعة، بل هو فعل ينفي جوهر الإنسانية ويتعارض مع أعمق القيم في أي مجتمع".