(بيروت) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن على سلطات الإمارات العربية المتحدة الإفراج فورا عن الناشط الحقوقي البارز أحمد منصور. أوقف منصور في الساعات الأولى من صباح 20 مارس/آذار 2017 واتُهم بجرائم يبدو أنها تنتهك حرية التعبير.
لم تكشف السلطات الإماراتية عن مكان احتجاز منصور أو هي سمحت له بمقابلة أسرته أو محامٍ. منصور هو الناشط الفائز بجائزة "مارتن إينلز" المرموقة لعام 2015، المخصصة للمدافعين عن حقوق الإنسان، وهو عضو اللجنة الاستشارية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش.
قال جو ستورك، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "يظهر بوضوح أن الاتهامات المنسوبة إلى أحمد منصور مخالفة لحقه في حرية التعبير، وإذا كانت الإمارات قلقة على سمعتها فعليها الإفراج عنه فورا. اعتقال حقوقي بارز بهذه الاتهامات هو مثال آخر على انعدام التسامح مع المعارضة السلمية في الإمارات".
ورد في بيان صدر في 20 مارس/آذار على "وام"، وكالة الأنباء الإماراتية الرسمية، أن السلطات احتجزت منصور للاشتباه في استخدامه مواقع التواصل الاجتماعي في نشر "معلومات مغلوطة" و"أخبار كاذبة" من أجل "إثارة الفتنة الطائفية والكراهية" و"الإضرار بسمعة الدولة".
قال مصدر قريب من الأحداث لـ هيومن رايتس ووتش إن حوالي منتصف ليلة 20 مارس/آذار ذهبت مجموعة من نحو 10 عناصر شرطة في ثياب رسمية إلى بيت منصور بمدينة عجمان ونفذت عملية تفتيش موسعة بحثا عن أجهزة إلكترونية. حوالي 3 صباحا أخذ عناصر الشرطة منصور معهم، بالإضافة إلى هواتف الأسرة الخلوية وأجهزة اللابتوب، ومنها تلك الخاصة بأطفال منصور، على حد قول المصدر.
لم يكن واضحا إذا كان مع المسؤولين المذكورين أمر بتفتيش بيت منصور أو باحتجازه، ولم يتضح أيضا النشاط على وسائل التواصل الاجتماعي التي أدت إلى هذه الاتهامات. في 20 مارس/آذار نقلت "غلف نيوز" تصريحات رسمية بأن منصور استعمل وسائل التواصل الاجتماعي في نشر أخبار كاذبة وشائعات وأكاذيب حول الإمارات، وأثار الفتنة الطائفية والكراهية، ما من شأنه الإضرار بالتناغم الاجتماعي في الإمارات ووحدة البلاد. اتهمته هذه التصريحات أيضا بنشر أخبار كاذبة للإضرار بسمعة الإمارات في الخارج وتشجيع أتباعه على وسائط التواصل الاجتماعي على عدم اتباع قوانين الإمارات، وتصوير الإمارات على أنها بلد لا يعرف القانون.
صنّف التقرير تلك الاتهامات بصفتها "جرائم إلكترونية"، ما يشير إلى أن الاتهامات المنسوبة إليه ستكون مرجعيتها مخالفة مرسوم جرائم تقنية المعلومات الإماراتي لعام 2012، الذي ينص على أحكام بالسجن لفترات مطولة وغرامات مالية باهظة على من ينتقدون حُكام البلاد.
في الأيام السابقة على احتجازه، نشر منصور عدة روابط تغطي جملة من القضايا على حسابه على "تويتر". من بينها مقالات تنتقد عدم إفراج الإمارات عن أسامة النجار، الإماراتي الذي يقضي عقوبة سجن 3 سنوات بسبب اتهامات منها "التواصل مع منظمات أجنبية لتقديم معلومات مضللة"، ومقالات تنتقد استعمال التحالف بقيادة السعودية للقوة في اليمن، وتتناول أثر ذلك على الشعب اليمني، ومقال يتهكم على الحكومة المصرية.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الإماراتية أن تكشف فورا عن مكان منصور وأن تسمح له بتلقي زيارات عائلية ومقابلة محامي.
ضايقت السلطات الإماراتية منصور على مدار 6 سنوات. في أبريل/نيسان 2011، احتجزته السلطات بسبب مطالباته السلمية بالإصلاح. قبل توقيفه، كان منصور من بين 133 موقعا على التماس بإجراء انتخابات عامة ومباشرة في الإمارات وبأن يُتاح للمجلس الوطني الاتحادي – وهو هيئة استشارية للحكومة – سلطات تشريعية. كما أدار منصور منتدى "الحوار الإماراتي" على الإنترنت الذي كان ينتقد السياسات الإماراتية وقادة الإمارات.
في نوفمبر/تشرين الثاني 2011 حكمت عليه المحكمة الاتحادية في أبو ظبي بالسجن 3 سنوات بتهمة إهانة كبار مسؤولي الدولة في محاكمة اعتُبرت غير عادلة، إذ شابتها ثغرات قانونية وإجرائية. كما اتهمت السلطات منصور باستعمال الحوار الإماراتي في "التآمر على سلامة وأمن الدولة" وتحريض الغير على مخالفة القانون والدعوة لمقاطعة انتخابية ومظاهرات معارضة للحكومة.
رغم أن رئيس الإمارات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان عفا عن منصور في 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2011، لم تعد إليه السلطات جواز سفره قط، وأخضعته لمنع سفر فعلي. تعرض لاعتداءات بدنية وتلقى تهديدات بالقتل، وخضع للمراقبة الحكومية وللاستهداف ببرمجيات خبيثة متطورة.
في أغسطس/آب 2016 أفادت منظمة "سيتزن لاب" ومقرها تورنتو بأن منصور تلقى رسائل نصية مشبوهة على هاتفه الآيفون تعده بمعلومات عن المحتجزين المُعرضين للتعذيب في سجون الإمارات وتدعوه للنقر على رابط في الرسالة. اكتشفت مجموعة سيتزن لاب أن الضغط على الرابط يؤدي إلى تنصيب برمجية خبيثة متطورة من إنتاج شركة برمجيات تجسس خبيثة إسرائيلية تسمح للغير بالسيطرة على الهاتف عن بُعد وعلى كاميرا الهاتف، وبمراقبة تطبيقات التراسل على الهاتف، وبتعقب تحركاته. السُبل المشابهة لاقتحام هواتف الآيفون تُقدر تكلفتها بمليون دولار، ما أدى بسيتزن لاب لتلقيب منصور بـ "مُعارض المليون دولار". منصور هو الحائز على جائزة مارتن إينلز المرموقة عام 2015، التي تُقدم للمدافعين عن حقوق الإنسان، لكن لم تسمح له السلطات بالسفر إلى جنيف لاستلام جائزته.
المادة 14 من "الميثاق العربي لحقوق الإنسان"، والإمارات دولة طرف فيه، تحظر الاحتجاز التعسفي. طبقا لولاية فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي، فإن الاحتجاز يعد متعسفا إذا لم يكن له أساس قانوني واضح، أو إذا كان الشخص المُعتقل قد أوقف جراء ممارسته لحقوق الإنسان الخاصة بحرية التعبير والتجمع السلمي، من بين جملة حقوق أخرى.
كما تكفل المادة 32 من الميثاق الحق في حرية الرأي والتعبير وفي نقل الأنباء إلى الآخرين بأي وسيلة. القيود الوحيدة المسموح بها على هذا الحق هي تلك التي تُفرض من أجل "احترام حقوق الآخرين أو سمعتهم أو حماية الأمن الوطني أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة". كما تنص المادة 13 (2) من الميثاق على أن تكون جلسات المحاكمة "علنية إلا في حالات استثنائية تقتضيها مصلحة العدالة في مجتمع يحترم الحريات وحقوق الإنسان".
في 16 يناير/كانون الثاني احتجزت السلطات عبد الخالق عبد الله لعشرة أيام، وهو أكاديمي إماراتي بارز ومؤيد للحكومة بشكل واضح، بعد نشره تغريدة أشاد فيها بالإمارات بوصفها "إمارات التسامح" ثم انتقد عدم احترام السلطات لحرية التعبير والحريات السياسية.
قال ستورك: "تشن الإمارات حملة شعواء لخنق أي شكل من أشكال المُعارضة. ما عدد الإماراتيين الذين تعتزم الحكومة سجنهم لتعبيرهم عن آراء سياسية سلمية؟"