Skip to main content
تبرعوا الآن

يجب التحقيق في الاعتداءات على الناشط الحقوقي الإماراتي

الاعتداءات جاءت إثر تهديدات على الإنترنت وبعد حملة تشويه للسمعة

(بيروت) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على سلطات الإمارات العربية المتحدة أن تفتح على وجه السرعة تحقيقاً في الاعتداءات البدنية على أحد نشطاء حقوق الإنسان البارزين.

كان قد تم الاعتداء على أحمد منصور مرتين في الشارع على مدار الأسابيع الأخيرة، وهو معارض بارز للحكومة الإماراتية وعضو في اللجنة الاستشارية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش. يبدو أن من ارتكبوا الهجمات هم أشخاص يعرفون تحركاته. أمضى أحمد منصور سبعة أشهر في الحبس في عام 2011 قبل صدور الحكم في قضيته المتعلقة بإهانة بعض كبار المسؤولين بالدولة في نوفمبر/تشرين الثاني 2011. خفف رئيس الإمارات حُكمه بعد أيام من صدور الحكم، لكن منذ ذلك الحين وهو يعتقد أنه تحت المراقبة، وتم اختراق حساب بريده الإلكتروني عدّة مرات.

وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "الحكومة لا تدّخر أي جهد في حبس المعارضين السياسيين بناء على اتهامات أمنية مزيفة، لكنها تتبوأ موقف المتفرج أثناء تهديد مواطن إماراتي وضربه والاعتداء عليه في وضح النهار، رغم عشرات الشكاوى المقدمة للشرطة. من الصعب الفصل بين الاعتداءات الشفهية والبدنية على أحمد منصور على جانب، وحملة الترهيب الحكومية الموسعة، وحالة التخويف والاعتقالات بحق النشطاء المطالبين بالإصلاح في الإمارات على الجانب الآخر".

كان أحمد منصور المُعارض الإماراتي الأجهر صوتاً لعملية الاحتجاز التعسفي والمعاملة اللاإنسانية لـ 61 معارضاً سلمياً تربطهم صلات بجماعة الإصلاح الإسلامية الإماراتية. اشتمل سياق هذه الاعتداءات على تهديدات ورسائل ترهيب موجهة إلى منصور على شبكات التواصل الاجتماعي، وحملة منظمة ضده بشكل متزايد على الإنترنت لنشر اتهامات كاذبة يمكن أن تكون تحريضية. شمل ذلك بيانات علنية أطلقتها جماعة على صلة بأمن الدولة، زعموا فيها أن لمنصور صلات بإيران، الدولة التي تربطها بالإمارات علاقات عدائية. فتحت الشرطة في إمارة عجمان ملفات قضايا في الاعتداءين، لكن لا توجد مؤشرات على أنها تعتزم التحقيق في التهديدات التي تتهدد حياته.

قال أحمد منصور لـ هيومن رايتس ووتش، إنه في 11 سبتمبر/أيلول 2012 اقترب منه رجل داخل حرم جامعة عجمان، وهو طالب حقوق فيها. بعد أن تبين أنه أحمد منصور، بصق الرجل في وجهه ودفعه ليسقط على الأرض. تمكن منصور من منع مهاجمه عنه وطارده إلى ساحة انتظار السيارات، حيث كان هناك رجل آخر في انتظاره ليأخذه بالسيارة ويبتعدان. قام المعتدي بخلع لوحة الأرقام الخلفية الخاصة بالسيارة قبل أن يستقل السيارة. في 17 سبتمبر/أيلول اقترب رجل أطول قامة وأقوى بنية من أحمد منصور في الجامعة، ودون أن يبادله أية كلمة، أمسك بمنصور من عنقه ولكمه عدة مرات على رأسه. قاوم منصور، وهرب مهاجمه فيما راح يتجمع أشخاص آخرون. ركض المعتدي إلى سيارة متوقفة بالقرب من مكان السيارة التي هرب فيها المعتدي في الحادث الأول، وقاد السيارة رجل آخر. قام رجل ثالث بمنع منصور من رؤية لوحة أرقام السيارة. كان المعتدون يرتدون دشداشة إماراتية.

وفي 26 سبتمبر/أيلول، قامت مجموعة تُسمى "حملة المحامون ولاء ووفاء" – تربطها صلات وثيقة بأمن الدولة – بعقد مؤتمر تحت عنوان "دور المنظمات الدولية في الربيع العربي" بفندق حياة بدبي، وفيه زعمت الحملة أن منصور شارك بنفسه في مؤتمر بتمويل إيراني في جنيف، وحضره الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد.

كان أحمد منصور قد شارك في واقع الأمر بطريق اجتماع الفيديو عن بُعد "فيديو كونفرنس" في فعالية جانبية للجلسة الحادية والعشرين لمجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المنعقدة في جنيف. لم يتمكن من مغادرة الإمارات لأن السلطات تتحفظ على جواز سفره ومنعته بشكل تعسفي من السفر. نظم مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان ذلك الاجتماع، وكان يتناول الاعتداءات على المدافعين عن حقوق الإنسان في منطقة الخليج. وكان الاجتماع متاحاً لوفود الدول، لكن لم يحضره ممثلون عن إيران.

وفي سبتمبر/أيلول واعترافاً بالاضطهاد الذي عانى منه والذي جذب الانتباه إلى قمع حرية التعبير في الإمارات، حصل أحمد منصور على منحة "هلمان-هاموت". هناك لجنة مستقلة تعينها هيومن رايتس ووتش تمنح الجوائز للكتاب الذين يعبرون عن آراء تعارضها حكوماتهم، أو ينتقدون مسؤولين أو تصرفات حكومية.

وقالت سارة ليا ويتسن: "بينما تسجن السلطات النشطاء المنتقدين للحكومة وتعتدي عليهم، وتفصلهم من أعمالهم وتقوم بترحيلهم، أو تمنعهم من السفر، يبدو أنها لا تبذل أي جهد لمناوئة الاعتداءات البدنية على أحد المُصلحين". وتابعت: "إذا كانت الحكومة تريد دحض الاعتقاد بأن هؤلاء المجرمين يؤدون أعمالاً تريدها الحكومة، فعليها أن تحقق بحزم في هذه الحوادث وأن تلاحقهم قضائياً".

تمت متابعة أعمال اضطهاد أحمد منصور على نطاق واسع على مواقع التواصل الاجتماعي لأكثر من سنة. في 5 أبريل/نيسان 2011 تم إرسال تهديد علني بالقتل إلى منصور على موقع "فيس بوك"، وكان مفاده: "أحمد منصور، أنت ميت. أقسم أنني سأبحث عنك في كل بيت. أقسم بالله أنني سأقطعك إرباً... إن لم أذبحك، فسوف يقطع أولاد عمي رأسك يا كلب".

وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2011، جمع تحالف من المنظمات غير الحكومية – ومنه هيومن رايتس ووتش – أدلة تُظهر أن السلطات أخفقت في التحقيق في حملة تهديدات بالقتل وتشويه السمعة والترهيب استهدفت أحمد منصور وأربعة آخرين من النشطاء الإماراتيين المحبوسين. وثق التقرير تهديدات القتل التي أرسلها إليهم موالون للحكومة وأجواء الإفلات من العقاب التي حدث فيها ذلك.

تقدمت أسر الرجال الخمسة وأحد محاميهم بأكثر من 12 شكوى محددة، كل منها مدعومة بالأدلة الموثقة، وفي بعض الحالات شملت أسماء أولئك الذين تقدموا بالتهديدات. تجاهلت النيابة العامة والشرطة الشكاوى رغم واجب التحقيق والملاحقة القضائية للمشتبهين بارتكاب مخالفات جنائية.

ظهر نمط مشابه في الهجمات الأخيرة. في 17 سبتمبر/أيلول، في الساعات التالية على الاعتداء على منصور، كان من بين مجموعة رسائل مسيئة نُشرت علناً على موقع تويتر: "يجب شنق أحمد منصور في الشارع". تقدم أحمد منصور بشكاوى منفصلة إلى شرطة عجمان على كل من هذه الاعتداءات. في 30 سبتمبر/أيلول تقدم بشكوى إلى النيابة ضد شخص ذكره بالاسم كان قد هدده مؤخراً على الإنترنت، وشكوى أخرى لشرطة عجمان تتصل باتهامات كاذبة وتشويه لشخصه من حملة "المحامون ولاء ووفاء". هذه الاعتداءات والتهديدات تخرق القانون الإماراتي، وصمت الدولة نحوها يخرق المعايير الدولية لحقوق الإنسان. نصت المادة 351 من قانون العقوبات الإماراتي على عقوبة بالحبس لمن يهدد بارتكاب جريمة تتعرض لحياة أو ممتلكات شخص آخر. وورد في إعلان الأمم المتحدة للمدافعين عن حقوق الإنسان أن على الدول: "اتخاذ كل الإجراءات الضرورية لضمان حماية كل الأشخاص من العنف والتهديدات والأعمال الانتقامية والتمييز والضغوط أو أية إجراءات تعسفية أخرى" كنتيجة لمشاركتهم في نشاط حقوق الإنسان.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات الإماراتية أن تتخذ خطوات لضمان استفاضة وحياد التحقيق في الاعتداءين على أحمد منصور، مع فتح تحقيق منفصل في التهديدات لحياته ولأمنه. كما يجب أن تمكنه السلطات من إعادة بناء سمعته بتبرئته من الإدانة، التي تنتهك حقه في حرية التعبير، وإسقاط الإدانة من السجلات الرسمية وإعادة جواز سفره إليه لكفالة حقه في حرية التنقل. نصت المادة 27 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان على أن: "لا يجوز بشكل تعسفي أو غير قانوني منع أي شخص من مغادرة أي بلد بما في ذلك بلده".

وقالت سارة ليا ويتسن: "أصبح من الواضح أن أي شخص يمارس حقه في حرية التعبير وينتقد الوضع القائم يواجه مستقبل غير معلوم في الإمارات". وأضافت: "على السلطات الإماراتية أن تلاحق المعتدين على أحمد منصور، وعليها قبل ذلك أن تتخذ خطوات لضمان سلامته وسلامة أسرته الصغيرة".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة