(تونس)--قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن مدنيين محاصرين منذ أشهر في أحد أحياء مدينة بنغازي شرق ليبيا بسبب القتال الدائر بين "الجيش الوطني الليبي" وميليشيات إسلامية منضوية تحت "مجلس شورى ثوار بنغازي". على جميع أطراف النزاع في بنغازي السماح لجميع المدنيين بمغادرة حي قنفودة، وبالمرور الآمن للمساعدات الإنسانية إلى المنطقة .
قنفودة هي واحدة من المعاقل القليلة المتبقية للجماعات الإسلامية المتشددة في بنغازي. قال الجيش الوطني الليبي، الذي يحاصر قنفودة، إنه لن يسمح بإجلاء أي ذكور تتراوح أعمارهم بين 15 و65، كما وضع مجموعة من الشروط الأخرى. وضع التحالف الإسلامي المسيطر على المنطقة شروطا لإجلاء المدنيين أيضا.
قالت حنان صلاح، باحثة أولى في شؤون ليبيا: "على الجيش الوطني الليبي السماح لأي مدني يريد ترك منطقة المعركة بالمغادرة، أيا كان عمره أو جنسه. وجود مقاتلين قرب المدنيين لا يمنح الجيش الوطني الليبي الحق في محاصرتهم في منطقة قتال ليواجهوا الجوع."
يسيطر الجيش الوطني الليبي، بقيادة الجنرال المتقاعد من حكومة القذافي المخلوع خليفة حفتر منذ أوائل 2014، على أراض داخل بنغازي وحولها منذ اندلاع القتال في مايو/أيار 2014. قال سكان لـ هيومن رايتس ووتش إن الجيش نفّذ ضربات جوية وأطلق قذائف هاون على قنفودة، قتلت وأصابت عددا غير معروف من المدنيين، وأضرّت بالبنية التحتية لبنغازي.
قصفت الجماعات الإسلامية المنضوية تحت مجلس شورى ثوار بنغازي مناطق مجاورة لبنغازي، ما أسفر عن مقتل وجرح عدد من المدنيين وتدمير الممتلكات. كما أنها تعتقل تعسفيا نحو 100 من مؤيدي حكومة القذافي السابقة الذين قُبض عليهم خلال ثورة 2011، واحتُجِزوا في سجن بوهديمة العسكري ببنغازي، إلى أن سيطر عليه مسلحون في أكتوبر/تشرين الأول 2014.
يقاتل الجيش الوطني الليبي في قنفودة أيضا منتمين لتنظيم "الدولة الإسلامية"، المعروف أيضا بـ "داعش".
تحدثت هيومن رايتس ووتش هاتفيا مع 6 من سكان قنفودة وأقارب في الخارج ونشطاء وقادة وممثلين عن الجيش الوطني الليبي ومجلس شورى ثوار بنغازي. قال السكان إنهم يعيشون في خوف دائم من الضربات الجوية وليس لديهم إمكانية الوصول إلى المواد الغذائية الطازجة منذ عدة أشهر، ولا يحصلون على الرعاية الطبية باستثناء طبيب واحد مع إمكانيات محدودة، ومياه شرب محدودة. انقطعت الكهرباء منذ عدة أشهر، ولا يستطيع الحصول على الكهرباء إلا من لديه مولد كهربائي ووقود. قالوا إن القتال العنيف جعلهم يخافون من محاولة مغادرة منطقتهم للحصول على الغذاء والضروريات الأخرى. قالوا إنهم لا يستطيعون استخدام الطريق البحري في المدينة الساحلية، بسبب توسيع الجيش الوطني الليبي للحصار ليشمل المناطق الساحلية.
قال السكان الذين تحدثنا إليهم إنهم يريدون أن يغادروا ولكن رفض الجيش الوطني الليبي السماح للذكور بالمغادرة منعهم من ذلك، فضلا عن القتال. قال السكان أيضا إنهم يخشون الاعتقال أو الإهانة إذا كان عليهم المرور عبر نقاط تفتيش الجيش الوطني الليبي. رفض تحالف مجلس شورى ثوار بنغازي الذي يضم أعضاء سابقين من "أنصار الشريعة" شروط الجيش الوطني الليبي، وطالب بمغادرة المدنيين عبر البحر إلى مكان ما غرب ليبيا، مثل مصراتة أو طرابلس.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على جميع أطراف النزاع السماح بممر آمن للمدنيين الذين يرغبون في مغادرة منطقة الصراع. على الجيش الوطني الليبي الكف عن رفض مرور أي صبي أو رجل تتراوح أعمارهم بين 15 و65. وإن كان يتحقق ممن يغادر، عليه افتراض أنهم مدنيون ما لم يكن هناك دليل على عكس ذلك. ينبغي أن تستغرق عملية التحقق ساعات بدلا من أيام أو أسابيع، وعلى الجيش الوطني الليبي منح أي شخص في عهدته كل الحماية للمعتقلين المنصوص عليها في القانون الليبي والدولي. لا ينبغي افتراض الانتماء إلى "داعش" أو غيرها من الجماعات المتطرفة استنادا إلى الجنس أو العمر أو الانتماء القبلي.
تنصّ "مبادئ باريس بشأن الأطفال المرتبطين بالقوات المسلحة أو الجماعات المسلحة" (2007) على أنه "يجب اعتبار الأطفال المتهمين بجرائم بموجب القانون الدولي والتي يدعى بأنها ارتكبت حين كانوا مرتبطين بقوات مسلحة أو جماعات مسلحة، أولا وقبل كل شيء، كضحايا خرق القانون الدولي وليس فقط كجناة. وينبغي التعامل معهم وفق القانون الدولي في إطار عدالة إصلاحية وتأهيل اجتماعي".
تطالب قوانين الحرب جميع أطراف النزاع بتوخي الحذر الدائم أثناء العمليات العسكرية، لتجنيب السكان المدنيين المخاطر و"اتخاذ جميع الاحتياطات الممكنة" لتجنب أو تقليص الخسائر في أرواح المدنيين والأضرار بالأعيان المدنية.
على جميع أطراف النزاع السماح وتسهيل المرور السريع دون عوائق للإغاثة الإنسانية للمدنيين المحتاجين. على الجيش الوطني الليبي وخصومه من الجماعات الإسلامية منح موظفي الإغاثة الإنسانية حرية التنقل، وحمايتهم من الهجمات والمضايقات والترهيب والاعتقال التعسفي. لا تحظر قوانين الحرب حصار قوات العدو، ولكنها تحظر تجويع المدنيين كأسلوب حرب وهو ما يُعتبر جريمة حرب. على جميع أطراف النزاع تسهيل حركة آمنة للمدنيين، ولا سيما لتمكينهم من الفرار من منطقة القتال أو الحصار.
قالت صلاح: "رغم المخاوف الأمنية المشروعة للجيش الوطني الليبي، لا يوجد عذر لسياسة معاملة جميع الرجال وحتى الأطفال كمقاتلين، بمنعهم من الهروب من منطقة الحرب المحاصرة. يحاول الجيش الوطني الليبي إجبار الأمهات على ترك أبناء بعمر 15 عاما لتبقين على قيد الحياة."
حصار قنفودة
يحاصر الجيش الوطني الليبي منطقة قنفودة الساحلية في بنغازي، منذ يوليو/تموز 2014، بعد إعلان الجنرال حفتر بداية تدخل عسكري يدعى "عملية الكرامة" لاستئصال "الإرهابيين". بعد التقدم المستمر للجيش الليبي بين يوليو/تموز وأكتوبر/تشرين الأول، بقيت قنفودة ووسط الصابري وسوق الحوت، المناطق الأخيرة التي يواجه فيها الجيش الوطني الليبي مقاومة مسلحة، من قبل مسلحي مجلس شورى ثوار بنغازي ومنتمين لـ داعش.
هناك 120 أسرة على الأقل يعيشون في قنفودة، من بينهم مئات الأطفال، وفقا لتميم الغرياني، الوسيط نيابة عن مجلس شورى ثوار بنغازي. قال الغرياني، وهو رئيس "لجنة أزمة بنغازي" في طرابلس، التابعة لحكومة الإنقاذ الوطني، إن مجلس شورى ثوار بنغازي غير قادر على تحديد العدد الدقيق للعائلات بسبب صعوبات القتال والاتصالات. يضم المدنيون سكان محليين وأجانب في قنفودة، وكذلك نازحين من أحياء أخرى من بنغازي، وعدد غير معروف من العمال الأجانب.
أكدت وزارة الخارجية السودانية في بيان في 15 أغسطس/آب وفاة 5 من رعاياها خلال العمليات العسكرية في قنفودة، وقالت إن 200 من رعاياها، أغلبهم من العمال الوافدين، في عداد المفقودين بسبب الحصار المستمر على المنطقة.
اتهم الجيش الوطني الليبي في بيان صدر يوم 3 سبتمبر/أيلول الجماعات المسلحة بإعاقة مغادرة المدنيين لقنفودة واستخدامهم "دروعا" لمنع الجيش الوطني من التقدم في معقل المتشددين. لا تستطيع هيومن رايتس ووتش تأكيد ادعاء الجيش الوطني الليبي.
يحتجز مجلس شورى ثوار بنغازي أيضا عددا غير معروف من المعتقلين، بمن فيهم نحو 150 معتقلا أسرتهم المليشيات في أكتوبر/تشرين الأول 2014 من سجن بوهديمة العسكري في بنغازي. معتقلو بوهديمة من المؤيدين لحكومة القذافي السابقة، واحتجزوا هناك منذ الحرب الأهلية عام 2011. قال مجلس شورى ثوار بنغازي في بيان في 4 سبتمبر/أيلول إن 22 من هؤلاء المعتقلين قُتلوا أو فُقدوا بعد غارة جوية على سجنهم في قنفودة في 17 أغسطس/آب. قال قائد متحالف مع مجلس شورى ثوار بنغازي تواصلت معه هيومن رايتس ووتش في 13 أكتوبر/تشرين الأول، إن نحو 80 معتقلا لا يزالون على قيد الحياة. لم تستطع هيومن رايتس ووتش التحقق من هذا الرقم.
قُتل أفراد من 6 عائلات على الأقل في قنفودة بغارات جوية وقصف من المناطق المجاورة عام 2016، وفقا للسكان. سقط مدنيون في أجزاء أخرى من بنغازي ضحايا لهجمات المسلحين، بما فيه قصف من المناطق الخاضعة لسيطرة مجلس شورى ثوار بنغازي ومسلحين آخرين في 17 أكتوبر/تشرين الأول تسبب في مقتل طفل وإصابة 6 من أفراد عائلته في شارع سوريا بمنطقة الوحيشي، وفقا لتقارير إخبارية. جاء الهجوم بعد ساعات فقط من صدور بيان لـ مجلس شورى ثوار ليبيا قال فيه إن المجموعة ستستهدف المناطق التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي.
قال سكان قنفودة إنه كان بإمكانهم مغادرة المنطقة بالقوارب حتى يوليو/تموز عندما وسّع الجيش الوطني الليبي حصاره ليشمل الجانب الساحلي من المنطقة. مع احتدام القتال في أماكن أخرى، فر أعضاء من مجلس شورى ثوار بنغازي وداعش بالإضافة لمدنيين إلى أحياء في أجزاء أخرى من بنغازي، مثل القوارشي ومنطقة وسط المدينة.
الأوضاع في قنفودة
قال سكان قنفودة إنه حتى وقت قريب كان مجلس شورى ثوار بنغازي يوزع المواد الغذائية مثل المعكرونة والأرز وزيت الطهي ومعجون الطماطم، والتي كانت تصل عن طريق البحر في وقت سابق من هذا العام. قال السكان إن الطحين غير متوفر وإن مخزون المواد الغذائية الجافة المتبقية انتهت صلاحيته. رغم وجود بعض الماشية لديهم، ليس لديهم فواكه طازجة أو خضار منذ فبراير/شباط. قال أحد السكان: "سألتني ابنتي ذات الثلاث سنوات ما هو الخيار؟ تؤلمني عيناي بسبب إزالة الديدان من الأرز قبل طهيه".
قال السكان إن الأطفال في قنفودة كانوا يتلقون التعليم بشكل متقطع منذ بداية 2015، عندما تعرضت مدارسهم لغارة جوية. نُقلت الصفوف إلى مسجد قريب، ولكن الغارات الجوية أضرت به بعد فترة قصيرة. قال السكان إن الأطفال لم يحصلوا على أي تعليم حكومي منذ ذلك الحين.
قال عمر جعوده، الأمين العام لـ "جمعية الهلال الأحمر الليبي"، التي يقع مقرها في بنغازي، إن الجمعية لم تتمكن من دخول الحي لتقديم المساعدات الإنسانية والإغاثة منذ اندلاع الأعمال العدائية في يوليو/تموز 2014، بسبب شدة القتال وفشل جميع أطراف النزاع في ضمان سلامة موظفيها.
شروط المغادرة
قال ناشط لـ هيومن رايتس ووتش، وكان قد قام بدور الوسيط بين طرفي النزاع لرفضهما الاجتماع وجها لوجه، إن الجيش الوطني الليبي ومجلس شورى ثوار بنغازي وافقا على العمل لترتيب ممر آمن للمدنيين لمغادرة قنفودة، وشكلا لجنة للتفاوض على الشروط. التقى ممثلو مجلس شورى ثوار بنغازي مع وسطاء ومنظمات غير حكومية و"بعثة الأمم المتحدة في ليبيا" في إسطنبول، إلا أن اللجنة فشلت في جمع كل الأعضاء.
قال العقيد أحمد العريبي، الذي عُين حاكما عسكريا لمدينة بنغازي في شهر أغسطس/آب، والذي يمثل الجيش الوطني الليبي في لجنة قنفودة، لـ هيومن رايتس ووتش هاتفيا في 13 أكتوبر/تشرين الأول، إن الجيش الوطني الليبي وضع شروطا لخروج المدنيين من قنفودة. قال العريبي إنه سيسمح بالخروج الآمن للنساء والأطفال دون سن 15 والرجال فوق سن 65 فقط، بالإضافة إلى المقاتلين المصابين بجروح خطيرة من مجلس شورى ثوار بنغازي وداعش ليتمكنوا من تلقي العلاج الطبي. لا يسمح الجيش الوطني الليبي للنساء بارتداء النقاب الذي يغطي وجوههن بالكامل، لمنع تسلل الرجال. قال العريبي إنه لن يسمح للذكور الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و65 عاما بمغادرة الحي في أي وقت، فالجيش الليبي يعتبرهم جميعا مقاتلين محتملين.
طالب الجيش الوطني الليبي أيضا بالإفراج عن أعضائه الأسرى لدى جماعات مسلحة في قنفودة، ورفات جثث مقاتلين قتلوا في المعارك، وإطلاق سراح المعتقلين من سجن بوهديمة المحتجزين لدى مجلس شورى ثوار بنغازي.
قال تميم الغرياني، رئيس "لجنة أزمة بنغازي"، ومقرها طرابلس، والوسيط عن مجلس شورى ثوار بنغازي لـ هيومن رايتس ووتش في 14 أكتوبر/تشرين الأول، إن مجلس شورى ثوار بنغازي وضع أيضا شروطا لمغادرة الناس قنفودة. قال إن التحالف يريد اعتبار أي شخص غير مسلح مدنيا. يجب أن يغادر السكان عبر البحر وأن يُنقلوا تحت حماية منظمة دولية في الميناء، مع تفتيش الناس المغادرين للحي على متن السفن التابعة لأي هيئة دولية، وتسليم قوائم الركاب بعد وصولهم إلى المكان المقصود، وأنه يجب الاتفاق على المكان المقصود بين مجلس شورى ثوار بنغازي والمدنيين الراغبين في المغادرة.
بالنسبة لمجموعة معتقلي بوهديمة، فهم أحرار في اختيار مكانهم المقصود وفقا للغرياني. قال الغرياني إن البعض لم يرغب بإجلائه إلى مصراتة، حيث لديهم مخاوف على سلامتهم هناك، وأضاف أن تبادل الأسرى ورفات أعضاء الجيش الوطني الليبي والقوات التابعة له يجب أن يحكمه اتفاق آخر.
قال العريبي إن الجيش الوطني الليبي قد يوافق على مغادرة العائلات برا أو بحرا، ولكنه يصرّ على الإشراف مباشرة على خروجهم، في وجود مراقبين دوليين، وأنه لن يحتجز النساء والأطفال دون سن 15 سنة وكبار السن الذين يغادرون، وسيُسلم المدنيين غير الليبيين، كالعمال الوافدين، إلى سفارات بلادهم.
شهادات السكان
حجبت هيومن رايتس ووتش هويات سكان بنغازي الذين تحدثوا مع المنظمة، نظرا لخطر الانتقام والهجمات الانتقامية ضد أفراد العائلات.
قالت إحدى سكان قنفودة، أم لأربعة أطفال، لـ هيومن رايتس ووتش هاتفيا في 10 أكتوبر/تشرين الأول إنها بالكاد تستطيع تقديم وجبة واحدة يوميا لأطفالها، معظمها من الأرز أو المعكرونة. قالت إنه رغم وجود طبيب واحد في المنطقة، جعلت الطلعات الجوية المتكررة والقصف الجوي نقل المرضى والجرحى للحصول على الرعاية الطبية مستحيل تقريبا. قالت:
عندما يكون هناك طائرة في السماء، ذلك يعني أنه سيكون هناك قصف. يريد معظم الناس في المنطقة المغادرة بسبب الضربات المستمرة. يريد الناس هنا الخروج بأمان لجميع أفراد الأسرة. سمعنا أنه لن يسمح للأطفال أكبر من 14 أو 15 عاما بمغادرة البلاد. قل لي، أي امرأة ستوافق على هذا؟ لن تترك أي أم طفلها أو زوجها.
قالت إنه قبل 4 أشهر، ولدت امرأة بعملية قيصرية أجريت في المنزل واستغرقت 5 ساعات.
قالت ساكنة أخرى عبر الهاتف إن الدواء المتوفر في منطقتها منتهي الصلاحية. قالت إن تحليق الطائرات منع الناس من مغادرة منازلهم لفترات طويلة، حتى عندما كانت هناك خسائر بشرية:
رفض الحاج سالم الكبير في السن تناول الطعام 10 أيام، ثم توفي. لم يكن أحد قادرا على الخروج من المنزل لعدة أيام بعد وفاته. كنا نسمع بناته يبكين بعد وفاة والدهم، ولكن لا يمكن عمل شيء. اتصلت العائلة بالهلال الأحمر لأخذ جثته، ولكن الجمعية الخيرية لم تأت، فاضطرت العائلة لدفنه بنفسها. نحن عالقون في الداخل ولا يمكن أن نغادر بسبب كل هذه الضربات الجوية.
قال أحد السكان عبر الهاتف إن ما يقرب من 120 أسرة لا تزال تعيش في الحي، وأن أفرادا من 6 عائلات قتلوا في الغارات الجوية منذ بداية الأعمال العدائية. وصف الساكن هجمات على منزل في 4 أكتوبر/تشرين الأول، قتلت امرأتين وطفلين:
قُتلت أم وطفليها من عائلة الزوبي بعد غارة جوية على منزلهم. قصفت الطائرة حوالي الساعة 9 مساء، عندما كانت الأم في المنزل مع أطفالها والأب كان يشرب الشاي عند جاره المصري. بعد الضربة ركض الأب فوجد زوجته، التي كانت حاملا، وأحد أبنائه مصابين بجروح لكن لم يموتا. ركض طلبا للمساعدة، وفي هذه الأثناء، جاءت زوجة الرجل المصري مع طفليها في محاولة للمساعدة. ضربت الطائرة مرة أخرى وقتلت المرأتين وأطفالهن. الطفلان المصابان من عائلة الزوبي في حالة سيئة. فقدت الفتاة التي تبلغ 12 عاما ذاكرتها.
قال ساكن آخر إن غارة جوية قتلت أم و3 أطفال من عائلة العبدلي، وامرأة عجوز من القوارشة، ورجل مسن يعيشان هناك أيضا.
قال الساكن إن ضربة جوية ثالثة في 12 أغسطس/آب قتلت أم وأب وابنتين من عائلة دوما السودانية. وقع الهجوم في الليل، بعد أن تركت العائلة التلفزيون يعمل:"أخطؤوا بعدم تغطية النافذة ببطانية. ذهبت لرؤية الأضرار، وكانت تقشعر لها الأبدان".
قال أحد السكان عبر الهاتف إن النساء يخفن من الاعتقال والمضايقة والإذلال من قبل الجيش الوطني الليبي إن غادرن الحي إلى الجزء الذي يقع تحت سيطرته:
قال الجيش الوطني الليبي مرة للسكان إنه يمكننا المغادرة، فغادرت امرأة عجوز (80 عاما) منزلها. اتصلت بنا عندما وصلت مصراتة، وقالت إن الجيش ألقى القبض عليها لفترة قصيرة وإنها تعرضت للضرب على ظهرها. طلبت منا الحذر وعدم المغادرة.