(بيروت) قالت منظمة "العفو الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" اليوم، على إثر منع محام مصري بارز من السفر، إن على السلطات المصرية التوقف عن حظر سفر المدافعين عن حقوق الإنسان لمنعهم من مغادرة البلاد والتحدث علنا عن سجل حقوق الإنسان المروع في مصر. يأتي الحظر ضمن حملة أوسع لقمع الاصوات المستقلة الناقدة داخل البلاد.
قال المحامي والمدافع عن حقوق الإنسان مالك عدلي في مكالمة هاتفية إن مسؤولي الهجرة في المطار منعوه في وقت مبكر صباح اليوم من صعود الطائرة المتجهة إلى فرنسا دون إبداء أي أسباب، رغم أن القانون ينصّ على ذلك. منذ إطاحة القوات المسلحة بالرئيس محمد مرسي في يوليو/تموز 2013، حظرت السلطات تعسفيا ما لا يقل عن 12 مدير ومؤسس وموظف في منظمات مصرية غير حكومية من السفر خارج مصر. مُنع أيضا عشرات من أعضاء الأحزاب السياسية والشباب النشطاء والمدونين والصحفيين والأكاديميين من السفر خارج البلاد.
قال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "تريد السلطات المصرية قطع الاتصال بين حركة حقوق الإنسان المصرية والعالم الخارجي. على داعمي الحكومة المصرية الدوليين التأكيد على ضرورة السماح للمدافعين عن حقوق الإنسان المصريين بإيصال أصواتهم".
فرضت السلطات حظر سفر مرات عديدة تعسفيا في إطار تحقيقات جنائية مسيئة حول تسجيل وتمويل المنظمات غير الحكومية. تخالف قرارات الحظر هذه القانون الدولي لحقوق الإنسان والدستور المصري، اللذان يحميان حق المصريين في مغادرة بلدهم ودخوله، وهي انتهاك صارخ للحق في حرية التنقل وتكوين الجمعيات، وخنق للحق في حرية التعبير.
بموجب "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" و "الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب"، ومصر طرف في كليهما، لكل فرد الحق في مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده. تسمح المعاهدتان للدول بفرض قيود على هذا الحق، على أن تكون هذه القيود محددة بالقانون، وضرورية ومتناسبة، وتهدف لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحرياتهم.
يضمن الدستور المصري كذلك الحق في حرية التنقل في المادة 62، التي تنصّ على أن هناك حاجة إلى أمر قضائي معلل لفرض مثل هذه القيود، ورغم ذلك يجب أن يكون الفرض لفترة زمنية محددة فقط.
لم تقدّم سلطات المطار أسباب منع الأشخاص من الصعود الى طائرات متجهة خارج البلاد، ورفضت تقديم أي وثائق رسمية لحظر السفر، في كثير من الحالات التي وثقتها العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش. استجوب ضباط من "جهاز الأمن الوطني" التابع لوزارة الداخلية المسافرين في بعض الحالات، وفتشوا أمتعتهم وهواتفهم، واحتجزوا جوازات سفرهم دون مبرر. أمر مكتب النيابة العامة بفرض قرارات الحظر على خلفية تحقيقات جنائية، ودون إبلاغ الأفراد بالقضايا المتعلقة بهم أو التهم الموجهة إليهم في حالات أخرى. وفي معظم الحالات لم يُخطر الممنوعون من السفر بموعد انتهاء الحظر، أو إن كان سينتهي.
في 3 حالات معروفة لدى العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش، رفضت المحكمة طعون عدد من النشطاء السياسيين والحقوقيين في حظر السفر التعسفي المفروض عليهم فيما يتعلق بتحقيقات جنائية مسيئة في تمويل وتسجيل المنظمات غير الحكومية.
قالت نجية بونعيم ، نائبة المدير الإقليمي لقسم شمال أفريقيا المعنيّة بالحملات في العفو الدولية: " تعتمد السلطات المصرية بشكل سافر على حظر السفر التعسفي المفتوح كتكتيك لترهيب المدافعين عن حقوق الإنسان وإعاقة عملهم وخنق حقوقهم في حرية التعبير والتنقل. يجب رفع حظر السفر المفروض على المدافعين عن حقوق الإنسان أو النشطاء السياسيين لمجرد ممارستهم السلمية لحقوقهم، فورا ودون شروط".
بدأت السلطات المصرية في اتخاذ إجراءات صارمة ضد المنظمات غير الحكومية الدولية والمحلية عام 2011، عندما فتحت تحقيقا في تسجيل هذه الجماعات وتمويلها. انتهى التحقيق المعروف بـ "القضية 173" في يونيو/حزيران 2013 بحكم محكمة القاهرة الجنائية على 43 موظفا أجنبيا ومصريا من منظمات دولية بعقوبات بالسجن تتراوح بين 1 و5 سنوات.
أمرت المحكمة أيضا بإغلاق المنظمات الدولية المعنية التالية: "المعهد الجمهوري الدولي" و "المعهد الديمقراطي الوطني" و"فريدوم هاوس" و "المركز الدولي للصحفيين" و"مؤسسة كونراد أديناور". أدانت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش الحكم حينها وحثّتا السلطات على احترام الحق في حرية تكوين الجمعيات، وتمكين المنظمات غير الحكومية من الاستمرار في العمل في البلاد دون عوائق.
استهدفت مجموعة جديدة من قضاة التحقيق بشكل متزايد منظمات حقوق الإنسان المحلية كجزء من "القضية 173" منذ أواخر 2014.
المتضررون من حظر السفر المتعلق بـ "القضية 173" هم: جمال عيد، مدير "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان" وحسام بهجت، مؤسس "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" ومحمد زارع، مدير مكتب القاهرة في "مؤسسة القاهرة لدراسات حقوق الإنسان" وهدى عبد الوهاب، المديرة التنفيذية لـ "المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة"، ومزن حسن، المديرة التنفيذية لـ "نظرة للدراسات النسوية"، وناصر أمين، مؤسس "المركز العربي لاستقلال القضاء والمحاماة"، ورضا الدنبوقي المدير التنفيذي لـ "مركز المرأة للإرشاد والتوعية القانونية" وإسراء عبد الفتاح، مديرة "المعهد المصري الديمقراطي"، وحسام الدين علي وأحمد غنيم وباسم سمير، من "المعهد المصري الديمقراطي".
حظرت السلطات محمد لطفي، المدير التنفيذي لـ "اللجنة المصرية للحقوق والحريات"، من مغادرة البلاد أيضا. من غير الواضح ما إذا كان هذا الحظر يرتبط بـ "القضية 173" أو بتحقيق جنائي آخر. مُنع لطفي من ركوب طائرة متجهة إلى ألمانيا في يونيو/حزيران 2015، حيث كان من المقرر أن يتحدث في البرلمان عن تدهور حالة حقوق الإنسان في مصر. شرع الرئيس عبد الفتاح السيسي في زيارة رسمية إلى ألمانيا والتقى مع المستشارة الالمانية أنجيلا ميركل في اليوم التالي.