Skip to main content

جهود ضعيفة للقضاء على التعذيب في البحرين

تقرير جديد يفتقر للشفافية

(بيروت) – التقرير الأخير الذي أصدرته الهيئة البحرينية المُكلّفة بمكافحة التعذيب وسوء معاملة المحتجزين يُبرز أن السلطات لم تحقق تقدما كبيرا في محاسبة الشرطة وقوات الأمن.

أكد التقرير السنوي الثالث الصادر عن "الأمانة العامة للتظلمات"، الذي نُشر في 1 يونيو/حزيران 2016، أنه لم تحصل أي إدانات في حالات التعذيب المزعومة المتصلة بالاضطرابات السياسية التي أدت إلى انشاء الأمانة العامة لاستلام الشكاوى في فبراير/شباط 2012. قدم التقرير أدلة إضافية على أن الأمانة العامة للتظلمات أحالت بشكل روتيني شكاوى التعذيب على وحدة التحقيق الخاصة التابعة لوزارة الداخلية، ولكنها لم تحدد ما إذا اتخذت هذه الهيئة أي خطوات للتحقيق فيها.

قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط: "يُبرز التقرير الثالث للأمانة العامة للتظلمات التقصير الخطير في جهود البحرين للقضاء على التعذيب الذي ترتكبه قواتها الأمنية. رغم الدعاية الواسعة التي تحظى به هذه الجهود، التعذيب في البحرين لم يتوقف، والمؤسسات المكلفة بمعالجة هذه المشكلة لم تحاسب أي شخص".

لم يتضمن التقرير أي معلومات حول 15 شكوى متعلقة بأعمال تعذيب مزعومة ارتكبها مسؤولون في حق سجناء في سجن جو في مارس/آذار 2015. في ذات الوقت، حُكم على 57 سجينا ممن تورطوا في الاضطرابات بالسجن لمدة 15 سنة.

يُبرز التقرير الثالث للأمانة العامة للتظلمات التقصير الخطير في جهود البحرين للقضاء على التعذيب الذي ترتكبه قواتها الأمنية. رغم الدعاية الواسعة التي تحظى به هذه الجهود، التعذيب في البحرين لم يتوقف، والمؤسسات المكلفة بمعالجة هذه المشكلة لم تحاسب أي شخص.
جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط

الأمانة العامة للتظلمات، التابعة لوزارة الداخلية، مهمتها استلام شكاوى المعتقلين وعائلاتهم ومنظمات حقوق الإنسان، وإحالتها إلى جهات التحقيق المناسبة. تسلمت الأمانة العامة في الفترة التي يغطيها التقرير – من 1 مايو/أيار 2015 إلى 30 أبريل/نيسان 2016 – 992 "تظلّم"، اعتبر 305 منها "شكاوى". تمت إحالة 55 من الشكاوى المتعلقة بمزاعم تعذيب أو معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة، إلى وحدة التحقيقات الخاصة. كما ذكر تقرير الأمانة العامة للتظلمات أن 53 من أصل 55 شكوى تعذيب هي الآن "قيد التحقيق"، وتوجد شكوى واحدة "متداولة في المحاكم"، وأخرى "محفوظة" أي تم رفضها.

أنشئت وحدة التحقيقات الخاصة في النيابة العامة التابعة لوزارة الداخلية، كما الأمانة العامة للتظلمات، عقب القمع الوحشي للمظاهرات المناوئة للحكومة في 2011، والتي كانت معظمها سلمية. هذه الوحدة مسؤولة عن التحقيق وتحديد المسؤولية الجنائية للمسؤولين الأمنيين والحكوميين الذين يُزعم تورطهم في تعذيب معتقلين أو معاملتهم معاملة قاسية أو لاإنسانية أو مهينة.

وفقا للتقارير السنوية الثلاثة، أحالت الأمانة العامة للتظلمات 138 قضية إلى وحدة التحقيقات الخاصة منذ يوليو/تموز 2013. ومن جميع هذه القضايا، نجحت وحدة التحقيق الخاصة في عرض قضية واحدة فقط على المحاكمة، اعتبرها التقرير الثاني للأمانة العامة "اعتداء" على معتقل "لإجباره على الاعتراف بارتكاب جريمة الاتجار في المواد المخدرة".   

في أغسطس/آب 2015، قال نواف المعاودة، الأمين العام للتظلمات، لـ هيومن رايتس ووتش إن "التقرير الكامل" للحالات قيد التحقيق سوف تُدرج في التقرير السنوي الثالث، ولكن التقرير الأخير لم يتضمن أي معطيات حول 73 حالة تعذيب مزعومة اعتبرها التقريران الأولان "قيد التحقيق".

على إثر اضطرابات عارمة شهدها سجن جو في مارس/آذار 2015، قال 4 معتقلين سابقين في سجن جو لـ هيومن رايتس ووتش إن قوات الأمن ارتكبت انتهاكات ضد السجناء قد ترقى إلى التعذيب أو المعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة. في ردّ أرسله لـ هيومن رايتس ووتش في أغسطس/آب 2015، قال الأمين العام للتظلمات إن مكتبه قابل 156 سجينا، وإن 15 منهم رفعوا شكاوى رسمية أحيلت إلى وحدة التحقيق الخاصة لإجراء "تحقيقات جنائية".

ذكر التقرير الأخير للأمانة العامة للتظلمات أنها أحالت 24 شكوى متعلقة بأحداث سجن جو إلى البحث الجنائي والتأديبي، ولكن ليس من الواضح إن شملت هذه الشكاوى 15 حالة تعذيب مزعومة جدت أثناء أحداث مارس/آذار 2015، ولا توجد معلومات تؤكد حصول أي محاكمات لموظفي السجن على خلفية تلك الأحداث.

تأسست الأمانة العامة للتظلمات ووحدة التحقيق الخاصة استجابةً لتوصيات "اللجنة البحرينية المستقلة لتقصي الحقائق" (اللجنة)، التي عينها الملك حمد للتحقيق في انتهاكات حقوقية مزعومة شابت المظاهرات المناوئة للحكومة في 2011. في نوفمبر/تشرين الثاني 2011، أصدرت اللجنة تقريرا من 500 صفحة تقريبا عرضت فيه نتائجها، وخلصت إلى نتائج من بينها أن جهاز الأمن الوطني ووزارة الداخلية اتبعتا "ممارسات ممنهجة من سوء المعاملة البدنية والنفسية، والتي وصلت إلى التعذيب في عدة حالات، قِبل عدد كبير من الأشخاص المحتجزين في مراكز التوقيف".

في أبريل/نيسان 2015، قدم "معهد البحرين للحقوق والديمقراطية" التماسا بموجب قانون حرية المعلومات، فصرحت وزارة الخارجية البريطانية أن المملكة المتحدة وفّرت للحكومة البحرينية حزمة مساعدات وتمويل وتدريب "بهدف تعزيز آليات الرقابة المسؤولة عن التحقيق في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة، ومساندة إصلاح إجراءات الإيقاف في البحرين".

في نوفمبر/تشرين الثاني 2015، في ظل استمرار مزاعم تعذيب خطيرة – أغلبها لدى الاحتجاز لدى سجن إدارة المباحث الجنائية – أوصت هيومن رايتس ووتش الحكومة البريطانية بتعليق دعمها لإصلاح قطاع الأمن إلى أن تستجيب البحرين لطلب المقرر الخاص للأمم المتحدة المعني بالتعذيب خوان منديز بزيارة البحرين. في أبريل/نيسان 2013، ألغت السلطات زيارة مقررة لـ منديز، بعد أن أجّلت زيارة سابقة له كانت مقررة في 2012. في يونيو/حزيران 2016، قال منديز لصحفي إن البحرين تعتبر نفسها "محصّنة" من التدقيق بسبب علاقاتها الوطيدة بالمملكة المتحدة والولايات المتحدة.

توجد أدلة أيضا على أن الأمانة العامة للتظلمات أرسلت معلومات خاطئة للحكومة البريطانية. قال طوبياس إلوود، وهو سكرتير برلماني للشؤون الخارجية، للنائب بالبرلمان البريطاني طوم برايك، في رسالة مكتوبة له ردا على سؤال يتعلق بمزاعم تعرض محمد رمضان (32 سنة) للتعذيب في سجون البحرين، إن موظفين في السفارة البريطانية اتصلوا بالأمانة العامة للتظلمات حول هذا الموضوع. كما قال إلوود في رده إن الأمانة العامة للتظلمات قالت لهم إنه "رغم وصول عدد من الشكاوى إلى مكتبه تتعلق بالسيد رمضان، إلا أنه لا توجد أي مزاعم تتعلق بسوء المعاملة أو التعذيب".

لكن هيومن رايتس ووتش اطلعت على نسخة من الشكوى التي أرسلتها منظمة "أمريكيون من أجل حقوق الإنسان والديمقراطية في البحرين" بالبريد الالكتروني إلى أمين التظلمات في 17 يوليو/تموز 2014. تضمنت الشكوى مزاعم خطيرة بخضوع رمضان للتعذيب، بشكل يتفق مع أشكال التعذيب التي وثقتها اللجنة البحرينية لتقصي الحقائق في 2011، وتقرير هيومن رايتس ووتش حول التعذيب أثناء الاحتجاز في نوفمبر/تشرين الثاني 2015.

في 29 ديسمبر/كانون الأول 2014، قضت محكمة بحرينية بإعدام رمضان وحسين الموسى لدورهما المزعوم في تفجير تسبب في مقتل شرطي في فبراير/شباط 2014. تراجع الرجلان عن اعترافات قالا إنها انتزعت منهما تحت التعذيب لما كانا محتجزين لدى إدارة المباحث الجنائية. رغم ذلك، أيّدت محكمة التمييز البحرينية حكم الإعدام عليهما في 16 نوفمبر/تشرين الثاني 2015، والرجلان الآن ينتظران تاريخ التنفيذ.

قال محمد التاجر، محامي الرجلين، لـ هيومن رايتس ووتش إن السلطات لم تحقق أبدا في مزاعم التعذيب، ولا يوجد أي ذكر لذلك في تقارير الأمانة العامة للتظلمات.

قال ستورك: "يبدو أن وزيرا بريطانيا كرر معلومات خاطئة صادرة عن الأمانة العامة للتظلمات في البحرين، وتتعلق بمزاعم تعذيب في قضية قد تؤدي إلى إعدام رجلين. ولذلك يتعين على بريطانيا إعادة تقييم سياستها تجاه البحرين فورا".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.