Skip to main content

نريد معرفة المزيد عن دور الولايات المتحدة في اليمن

نُشر في: Just Security

تجمّع حشد من الناس فور وصولي الشهر الماضي إلى ما تبقّى من سوق في بلدة مستباء الصغيرة على الطرق السريع شمال اليمن. ألقت طائرات حربية من قوات التحالف بقيادة السعودية قنبلتين هناك قبل ذلك بأسبوع – في 15 مارس/آذار – ما أسفر عن مقتل نحو 10 من المقاتلين الحوثيين و97 مدنيا على الأقل، بينهم 25 طفلا. بعد سنة من التحقيق في مواقع التفجيرات وغيرها من الفظائع المزعومة من قبل الطرفين في اليمن، صارت أسئلتي روتينية: أين سقطت القنابل؟ ما الذي تضرر ودُمر؟ عندما سألت عما إذا عُثِر على أي بقايا من القنابل، تقدم 3 رجال حاملين قطعا من المعدن. بينما كنت أخرِج شريط قياس، سألني أحدهم، "هل تعرفين ما هي"؟

تَبيّن أنّها قنابل أمريكية الصنع. أظهر التحليل أن البقايا كانت لقنبلة موجهة بالأقمار الصناعية من نوع "جي بي يو-31" (GBU-31)، ومكونة من قنبلة عادية من نوع "إم كي-84" (MK-84) تزن 2000 رطلا، وجهاز توجيه بالأقمار الصناعية من نوع "جي دي أي أم" (JDAM). زار فريق من قناة "آي تي في" الإخبارية البريطانية السوق المدَّمر ووجدوا بقايا قنبلة أخرى من نوع إم كي-84 مع جهاز توجيه ليزري من نوع "بايفوي". لا يُعرف متى ولمن سلمت الولايات المتحدة هذه القنابل.

كان الحشد قد حدد بنفسه مصدر القنابل. سألني رجل فقد 17 من أفراد أسرته في الضربة: "لماذا قتلت أميركا أقاربي"؟ أراد آخر أن يعرف: "هل ستعطينا الحكومة الأمريكية المال لإصلاح المباني المتبقية وإعادة بناء السوق"؟ لم يكن لدي إجابات، بل أسئلة فقط.

وفرت الولايات المتحدة أسلحة استخدمت في الغارات الجوية في اليمن، وقدمت قوات أمريكية للتحالف بقيادة السعودية دعما استخباراتيا، وزودت طائرات بالوقود جوا. لا نعرف أكثر من هذه الحقائق الأساسية حول مشاركة الولايات المتحدة في الضربات الجوية التي تنفذها قوات التحالف في اليمن والتي ربما تكون قد انتهكت قانون النزاعات المسلحة. لماذا نريد أن نعرف أكثر؟ لأن طبيعة مشاركة الولايات المتحدة تحدد ما إذا كانت طرفا في الصراع، ما يُلزِمها بالتحقيق في جرائم الحرب المزعومة التي شاركت قواتها فيها. تعتبر المشاركة العامة، مثل المساعدة المالية والأسلحة أو الدعم المعنوي، غير كافية. ومع ذلك، فالدولة التي تلعب دورا مباشرا، حتى لو كان مساندا في العمليات العسكرية، بما في ذلك توفير معلومات استخدمت لضرب أهداف، أو توقير طائرات التزود بالوقود في مهمات القصف، تصبح طرفا في الصراع.

بحسب الأمم المتحدة، منذ أن بدأ التحالف العمليات العسكرية في 26 مارس/آذار 2015، قُتِل أكثر من 3200 مدني، حوالي 60 بالمئة منهم في هجمات جوية لقوات التحالف. الغارات الجوية ضد الحوثيين، وهي جماعة مسلحة من شمال اليمن استولت على أكثر من ثلث أفقر دولة في الشرق الأوسط أواخر 2014، استهدفت بشكل متكرر الأسواق والمرافق الطبية والمباني التجارية والمناطق السكنية. حتى مدينة صنعاء القديمة في العاصمة، والمسجلة ضمن مواقع التراث العالمي لليونسكو، لم تنجو من القصف. استخدمت قنابل عنقودية محظورة دوليا في مناطق مأهولة بالسكان في 15 هجوما على الأقل. لم تبذل قوات التحالف أي جهود جدية للتحقيق في الغارات الجوية غير القانونية المزعومة، ناهيك عن معاقبة المسؤولين عنها أو تعويض الضحايا.

التزمت إدارة أوباما الصمت حيال الصراع المسلح الأقل تغطية إعلاميا في المنطقة. عندما سُئل متحدث باسم القيادة المركزية الأمريكية، الكولونيل باتريك رايدر، عن بقايا قنبلة أمريكية في مستباء، قال إن السعوديين هم من يقررون "التحقق النهائي من الأهداف"، وأعرب عن ثقته في أن معلومات ودعم الولايات المتحدة كانت "الخيار الأفضل للنجاح العسكري المتوافق مع المعايير الدولية والتخفيف من الخسائر في صفوف المدنيين."

هذه الادعاءات زادت من غموض دور الولايات المتحدة في القتال بدلا من توضيحه. قال الجيش الأمريكي في بداية الحرب إنه قدم المشورة في قرارات الاستهداف المحددة والتزود بالوقود جوا خلال الغارات الجوية، وهي إجراءات يمكن أن تجعل الولايات المتحدة طرفا في النزاع المسلح وفقا للقانون الدولي. يعني هذا أنه من واجب الولايات المتحدة التحقيق في الهجمات التي يمكن أن تكون غير مشروعة وشاركت فيها، وأن العسكريين الأميركيين المعنيين يمكن أن يخضعوا للمحاكمة الجنائية بتهمة ارتكاب جرائم حرب.

لا يُعرف الكثير عن مشاركة الولايات المتحدة في هجمات غير قانونية مزعومة محددة، مثل الضربات الجوية على مجمع سكني لمحطة توليد كهرباء في يوليو/تموز قُتِل فيها 65 مدنيا، بينهم 13 امرأة و10 أطفال، أو على مستشفى تدعمه منظمة "أطباء بلا حدود" في أكتوبر/تشرين الأول.

على الإدارة الأمريكية الإفصاح بدقة عن الدور الذي تلعبه الولايات المتحدة في الصراع في اليمن، فضلا عن خطط توفير أسلحة جديدة للتحالف السعودي، سواء استمرت المحادثات الأخيرة لوقف إطلاق النار أم لا. وقّعت الولايات المتحدة في نوفمبر/تشرين الثاني صفقة أسلحة مع السعودية بقيمة 1,29 مليار دولار أمريكي مقابل أكثر من 10 آلاف من ذخائر جو-أرض متطورة بما فيها قنابل إم كي-84 موجهة بالليزر، وقنابل "خارقة للتحصينات" استخدمها السعوديون في اليمن. يجب وقف جميع المبيعات حتى ينهي السعوديون بشكل جدي انتهاكات قانون النزاع المسلح.

ليست الولايات المتحدة البلد الوحيد الذي زوّد السعودية وغيرها من أعضاء التحالف بقنابل وأسلحة أخرى، على مر السنين، بل هناك أيضا المملكة المتحدة وفرنسا، من بين دول أخرى. لكن ما توقفت عنده في رحلتي الرابعة إلى اليمن خلال الحرب، هو كيف يلقي كثير من الناس العاديين اللوم على "التحالف الأمريكي" و "الاعتداء الأمريكي" في الضربات الجوية القاتلة.

ينبغي أن يكون هذا تذكير لحكومة الولايات المتحدة بضرورة توضيح سلوكها في الحرب ليس للشعب الأمريكي فحسب، بل أيضا للمدنيين الذين يتعرضون للقتل والتشويه، والذين تدمر القنابل التي تقدمها الولايات المتحدة منازلهم وأسواقهم.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة