Skip to main content

الأردن: مزاعم بالتعذيب تنتظر التحقيق

سجن 56 يوما بمعزل عن العالم

أصدرت "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية" البيان التالي اليوم حول ضرورة فتح الحكومة الأردنية تحقيقا محايدا ومستقلا على الفور في مزاعم أردني فلسطيني الأصل يقضي حكما بالسجن لمدة 10 أعوام نتيجة "اعتراف" يدعي الإدلاء به تحت التعذيب وسوء المعاملة.

بينما ينتظر عامر جبران، أردني فلسطيني الأصل يقضي حكما بالسجن لمدة 10 سنوات، حُكم المحكمة العليا في الأردن في قضيته، تدعو منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش الحكومة الأردنية لإجراء تحقيق سريع ونزيه ومستقل في مزاعم "اعتراف" أسهم بإدانته، يقول إنه أدلى به تحت وطأة التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة.

قالت المنظمتان إن تحقيقا كهذا له أن يحدد إذا ما حدث تعذيب أو جرائم أخرى، وإذا ما كان هناك ما يكفي من أدلة مقبولة تقود لتقديم أفراد أمروا ونفّذوا وشاركوا بهذه الأعمال إلى العدالة. إن ثبتت الادعاءات، فعلى السلطات المختصة ضمان منح عامر جبران إعادة عادلة وسريعة للمحاكمة وفقا للمعايير الدولية، حيث لا تُقبل الاعترافات المنتزعة تحت التعذيب أو غيره من ضروب سوء المعاملة.

كتبت منظمة العفو الدولية إلى الحكومة الأردنية بتاريخ 7 أكتوبر/تشرين الأول، 2015 مطالبة بإيضاحات تتعلق بمزاعم التعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة، مثيرة القلق حول استباحة ضمانات المحاكمة العادلة في المحاكمة التي أدانت عامر جبران. لم تتلق المنظمة الرد لغاية وقت نشر هذا البيان.

أدان 3 قضاة عسكريين يترأسون محكمة أمن الدولة الأردنية عامر جبران بتاريخ 29 يوليو/تموز، بتهم منها التخطيط لشن هجمات ضد جنود أمريكيين في الأردن، والعضوية في "حزب الله" وحيازة الأسلحة النارية والمتفجرات، وبرّأته من الإضرار بالعلاقات مع دولة أجنبية. هذه المحكمة خاصة ولا تفي إجراءاتها بالمعايير الدولية للمحاكمة العادلة حكموا عليه بالسجن 15 عاما وخفضوا العقوبة مباشرة إلى 10 سنوات مع الأشغال الشاقة. لكن أخفق القضاة في الرد على مزاعم قدمها جبران ومحاميه خلال المحاكمة بتعرضه للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة إبان احتجازه في دائرة المخابرات العامة لقرابة 56 يوما بمعزل عن العالم، حيث أُجبر على "الاعتراف" خلال هذه الفترة.

دائرة المخابرات العامة هي وكالة الأمن التابعة لسيطرة رئيس الوزراء والمعروفة باحتجازها المشتبه بهم بمعزل عن العالم لفترات طوال. يحظى مدعي عام محكمة أمن الدولة، الذي "اعترف" عامر لديه، بمكتب داخل مقر دائرة المخابرات العامة في عمّان الغربية. الحالات السابقة التي وثقتها منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش تكشف الاجراءات المكوكية بحق المعتقلين في دائرة المخابرات العامة بين المحققين ومدعي عام محكمة أمن الدولة حتى انتزاع "الاعتراف". يقول محامي عامر جبران إنه أُجبر على التوقيع على أكثر من 100 "بيان" دون قراءتها. استُند لمجموعة مختارة من هذه البيانات كدليل ضده في المحاكمة.

ينتظر حكم محكمة أمن الدولة الطعن أمام محكمة النقض على أساس أن الإدانة باطلة إذ تستند إلى "اعتراف" قسري. يُحتجز عامر جبران في هذه الأثناء، في سجن البلقاء-السلط. يقول محاميه إنه و6 رجال آخرين حوكموا في القضية نفسها محتجزون بمعزل عن بقية السجناء في زنزانة مساحتها متران بثلاثة أمتار. في ما يبدو إجراء عقابيا وغير ضروري، يقول إنه ممنوع من الحصول على الكتب.

يُساور منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش عدد من المخاوف بشأن محكمة أمن الدولة، بما فيها إجراءات هذه القضية. الاستعانة بالقضاة العسكريين التابعين لسلسلة القيادة العسكرية تثير مخاوف جدية حول استقلالية ونزاهة محكمة أمن الدولة - الأشخاص الثلاثة مترئسو القضية في هذه المحاكمة بالتحديد كانوا قضاة عسكريين. لا تقيّد المحكمة نفسها بمحاكمة مرتكبي الجرائم المتعلقة بالإرهاب، إذ حاكمت لسنوات عدة نشطاء في المعارضة وآخرين بتهم منها إهانة الملك أو الحكومة أو الإضرار بالعلاقات مع الدول الأجنبية بينما يبدو أنهم لم يفعلوا أكثر من المشاركة السلمية في الاحتجاجات أو ممارسة حقهم في حرية التعبير. أهم ما في القضية أنها ليست المرة الأولى التي تقبل فيها المحكمة "الاعترافات" المزعوم انتزاعها تحت الإكراه كأدلة ضد المتهمين، دون التحقيق في مزاعم التعذيب.

تؤكد منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش على دعوتهما الحكومة الأردنية لضمان ممارسة الولاية القضائية الجنائية عبر محاكم مدنية عادية، امتثالا للمعايير الدولية للمحاكمة العادلة.

خلفية

عامر جبران أحد 8 رجال أدينوا في هذه القضية. حُكم المتهمون الآخرون بالسجن لفترات تتراوح بين سنتين و3 سنوات. منهم من يقول أيضا إنه تعرض للتعذيب للإدلاء "بالاعترافات".

حوكم الثمانية بموجب تشريعات منها القانون الأردني لمكافحة الإرهاب بصيغته المعدلة في 2014، والتي انتقدتها المنظمات غير الحكومية والناشطون المحليون والدوليون لكونها غامضة وفضفاضة ولتجريمها انتقاد الزعماء الأجانب أو الدول، حيث يُعتبر إضرارا بعلاقات الأردن مع الدول الأجنبية.

اعتُقل عامر جبران بتاريخ 5 مايو/أيار 2014. وقالت عائلته إن اكثر من 30 فردا من قوات الأمن، بعضهم ملثم، داهموا منزله في ناعور، غرب عمان، عصبوا عينيه وألقوا به في قفص داخل الشاحنة، دون تقديم أمر قضائي. أخذوه إلى مقر دائرة المخابرات العامة في عمان حيث تعرض، وفقا لمحاميه، للتعذيب وغيره من ضروب سوء المعاملة لقرابة 56 يوما: كان معصوب العينين وهُددت حياته، قيل له إنه سيُجرّد من جنسيته الأردنية وسيُغلق عمله. وفقا لعائلة عامر، هدد ضباط الأمن بالاعتداء على زوجته وإلقاء القبض على والده (80 عاما) إذا لم يتعاون معهم. قال له أحد الضباط إنه "سيخفيه خلف الشمس"، وإن جميع الفلسطينيين "خونة لأنهم يريدون تحرير بلادهم". قال إن التحقيق كان يستمر لـ 72 ساعة بينما يتغير المحقق كل 8 ساعات، ووصلت المدة لـ 120 ساعة في أكثر من مناسبة. كانوا يرشقونه بالماء البارد أو يصفعون وجهه كلما غاب عن الوعي. أُرغم على البقاء في وضعيات مؤلمة لفترات طويلة، إضافة لمشاهدة تعذيب متهمين آخرين في القضية عينها. قال المحامي إن جبران رفض من قبل طلبا في 2012 من دائرة المخابرات العامة "للعمل معها".

يدعي دفاع عامر جبران بأن الاتهامات الموجهة إليه لا أساس لها. فالحكم المغلظ بحقه يشير، مثلا، إلى العثور على كلاشنيكوف في منزله والذي تقول عائلته إنه لا يعمل ولم يُستخدم أبدا ولا يعرف حتى كيفية استخدامه. رفضت المحكمة طلب المحامي بالاستعانة بشاهد خبير لتوضيح أن السلاح لم يعمل منذ مدة.

وفقا لصحيفة "جوردان تايمز" في 16 أغسطس/آب 2015، أعرب الملك عبدالله عن اعتزازه بامتثال الأردن بالتزاماته في مجال حقوق الإنسان ردا على تقرير صادر عن "المركز الوطني لحقوق الإنسان" الرسمي. بيد أن التقرير لم يُشر لأي تحسُّن في أوضاع مركز الاحتجاز التابع لدائرة المخابرات العامة في عمان، حيث قال إنه يحتجز المعتقلين في الحبس الانفرادي لفترات طويلة ويحرمهم من الزيارات لمدة تصل إلى سنة، وإن السلطات أخفقت في 2014 بإبلاغ عائلات المعتقلين أو المركز عن مكان احتجازهم.

يتمتع ضباط دائرة المخابرات العامة بسلطات واسعة ويحظون بإفلات شبه تام من العقاب، ويتصرفون كأنهم القانون. وقد وثقت منظمة العفو الدولية وهيومن رايتس ووتش عدم إفصاح دائرة المخابرات العامة على الفور عن أسماء المعتقلين وأماكن وجودهم أو تفاصيل أخرى، حيث يُحتجزون غالبا في الحبس الانفرادي. يمكن أن تطيل دائرة المخابرات العامة هذه الاعتقالات لعدة أسابيع أو أشهر في كل مرة. كثيرا ما يُحاكم المعتقلون بدائرة المخابرات العامة في محكمة أمن الدولة.

عام 2015 أعلنت الحكومة الأردنية عن خطط لإجراء تغييرات شاملة لقانون العقوبات، لكنها أخفقت في تعديل المادة 208 لضمان معاقبة مرتكب جريمة التعذيب بعقوبات مناسبة تأخذ في الاعتبار طبيعتها الخطيرة، وفقا للمعايير الدولية.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة