Skip to main content
تبرعوا الآن

ضرب واختطاف متظاهرين في العراق

النيابة العامة تخفق في التحقيق

(بيروت، 23 أكتوبر/تشرين الأول 2015) ـ  قوات الأمن العراقية ضربت مرارا متظاهرين وفرّقتهم بالقوة أثناء مظاهرات مناهضة للفساد منذ أغسطس/آب 2015، بدون أي مبرر واضح. في بعض الحالات خطف رجال مجهولو الهوية بثياب مدنية المتظاهرين وضربوهم. أخفقت النيابة في الاستجابة للشكاوى القضائية التي قدمها ضحايا تلك الاعتداءات.

قال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط: "هناك رجال يزعمون أنهم من عناصر المخابرات يعتدون بالضرب على المتظاهرين السلميين ويختطفونهم، والادعاء لا يحقق. يبدو أن تأييد رئيس الوزراء العبادي لمطالب المتظاهرين المعارضة للفساد لم تصل إلى قوات الأمن".

إصابات ظاهرة تلقاها متظاهر في بغداد يوم 18 سبتمبر/أيلول 2015 بعد اعتقاله وضربه بالأسلاك الكهربائية من قبل مهاجمين مجهولين يرتدون ملابس مدنية. 20 سبتمبر/أيلول 2015  © 2015 علي هاشم

في 18 سبتمبر/أيلول قامت 3 مجموعات مكونة من رجال بثياب مدنية بتوقيف وضرب واقتياد 3 نشطاء بعد مغادرة مظاهرة في ساحة التحرير ببغداد، كما قال النشطاء الثلاثة جميعاً لـ هيومن رايتس ووتش. جرت الوقائع نحو الساعة 7:30 مساء بين شارعي سعدون وأبو نواس، على مرأى من جنود عراقيين بأزيائهم الرسمية كانوا يتولون نقطتي تفتيش قريبتين.

بدأ الرجال بخطف علي هاشم، وهو ناشط محلي عمره 37 عاما. اعتدت مجموعة ثانية بالضرب على عماد طه، 50 عاما، وجرته بعيدا بعد مسارعته نحو صرخات استنجاد هشام. وتوقفت المجموعة الثالثة لإلقاء القبض على ضرغام محسن، 28 عاما، فيما كان يسير نحو المكان الذي سمع فيه طه يتعرض للضرب. أرغم الرجال الثلاثة جميعا على دخول شاحنة بيك-أب من طراز فورد وهم معصوبي الأعين وأيديهم مقيدة من خلف، ثم اقتيدوا إلى بناية على بعد دقائق، كما قال الثلاثة لـ هيومن رايتس ووتش.

هناك تم تفتيشهم وأخذهم إلى غرفة منفصلة. قال هاشم إن رجلا لم يعرّفه بنفسه استجوبه وهو معصوب العينين وقيده، وسأله إن كان هو وزملاءه من المتظاهرين أعضاء في تنظيم "الدولة الإسلامية" المتطرف، المعروف أيضا باسم "داعش"، كما سأله عن مخطط مزعوم للتسلل إلى المنطقة الدولية ببغداد.

بعد هذا قام المحقق مع شريكين له بركل هشام وضربه مرارا على الظهر بأسلاك بلاستيكية، بحسب قوله، وهم يأمرونه بإبلاغهم بهوية ممول المظاهرة. استجوب المحققون طه ومحسن على حدة بشأن الموضوعات نفسها، أثناء ركلهما وضربهما.

بعد حوالي ساعة، أُرغم المحقق الرجال الثلاثة على التوقيع على تعهد بعدم العودة للتظاهر، وهددهم بالخطف والتعذيب والقتل إذا تحدثوا مع وسائل الإعلام. في 19 سبتمبر/أيلول حصل هاشم على تقرير طبي من مستشفى الشيخ زايد للطوارئ، يوثق وجود كدمات على ظهره ووجهه.

قال هاشم لـ هيومن رايتس ووتش إنه تقدم بشكوى بعد يومين في حق 3 مسؤولين أمنيين، منهم العبادي بصفته القائد العام، في مخفر سعدون ولدى وكيل النيابة المحلي. كما شهد هو وطه أمام القاضي أنور البياتي في محكمة الكرادة يوم 11 أكتوبر/تشرين الأول، فأرسلهما القاضي عائدين إلى المخفر لإحضار شهود. لم يتدخل وكيل النيابة في القضية، رغم التزامه بموجب قانون أصول المحاكمات الجزائية العراقي بالتحقيق في الشكاوى الجنائية ومتابعتها، كما قال طه لـ هيومن رايتس ووتش، وقال أيضا إنه لا يعلم بأية نتيجة لتدخل النيابة.

في 21 سبتمبر/أيلول، في الناصرية عاصمة محافظة ذي قار الجنوبية، قال صحفي يدعى حقي كريم هادي لـ هيومن رايتس ووتش إنه كان يقوم بالتغطية في ساحة عامة لصالح برنامج تلفزيوني عن عيد الأضحى المقبل، حين أمره رجلان بثياب مدنية بالتوقف عن التصوير. سألهما الصحفي عن هويتهما فكان ردهما: "مخابرات"، لكنهما رفضا إطلاعه على شارتيهما.

ثم خطفاه مع نجله أحمد، 23 عاما، الذي كان يصوّر، وحاولا اقتيادهما بعيدا لكن أحد عناصر الشرطة تدخل. اقتادت الشرطة حقي وأحمد هادي والرجلين مجهولي الهوية إلى مخفر الشرطة، حيث حاول عنصرا المخابرات المزعومان نقل حقي وأحمد إلى عهدتهما. قال هادي لـ هيومن رايتس ووتش إنه وافق على إسقاط شكواه بحقهما، بعد تهديد عنصرا المخابرات المزعومين باستبقائه ونجله رهن الاحتجاز حتى ما بعد العيد، أي قرابة أسبوع. أمره عناصر الشرطة بالتوقيع ببصمته على إقرار بأنه لن يلاحق عنصريّ المخابرات، ثم أفرجوا عنه.

سجاد صادق، وهو ناشط وصحفي في العشرينات من عمره، قال لـ هيومن رايتس ووتش إن الشرطة لجأت إلى العنف في تفريق مظاهرة في 11 سبتمبر/أيلول في الحلة، عاصمة محافظة بابل، كانت تطالب بإنهاء الفساد الحكومي واستقالة محافظ بابل صادق مدلول السلطاني. فرّقت الشرطة المتظاهرين بالقوة قائلة: "ليست لكم مطالب مشروعة"، كما قال صادق لـ هيومن رايتس ووتش. احتجزت الشرطة 2 من أصدقائه، لكن دعوات المؤيدين أدت إلى الإفراج عنهما في اليوم نفسه. قال صادق إنه ذهب إلى المستشفى للحصول على تقرير طبي بإصاباته، لكن إدارة المستشفى رفضت إصدار تقرير بدون إذن من الشرطة.

في 12 سبتمبر/أيلول تقدم صادق و25 آخرون بشكوى في حق الشرطة لدى النائب العام، لكن شيئا لم يحدث بحسب صادق. قال صادق إنه اعتقد أن النيابة بحاجة إلى المزيد من الوقت كي تقرر ما إذا كانت ستبدأ الإجراءات. وقال إن المحافظ ومدير الشرطة أنكرا في اجتماعات مع المتظاهرين أنهما أصدرا الأوامر باستخدام القوة لتفريق المظاهرة.

في واقعة حصلت في الحلة يوم 23 أغسطس/آب، الساعة 4 فجرا، قال المتظاهر أحمد الخيقاني لـ هيومن رايتس ووتش إن شرطة مكافحة الشغب داهمت الساحة المقابلة لمكتب المحافظ حيث كان المتظاهرون يطالبون بتحسين الخدمات وإنهاء الفساد. كانت شرطة مكافحة الشغب مصحوبة بمعتدين ملثمين يرتدون أزياء عسكرية ضربوا المتظاهرين، بحسب الخيقاني. كان المتظاهرون يقتسمون الطعام والماء مع أفراد الشرطة، ويدعونهم "إخوتنا"، بحسب الخيقاني.

قال حسين كريم عبد الكاظم، وهو محام شاب شهد الواقعة بدوره، إن أعدادا كبيرة من قوات الأمن داهمت الساحة بدون إنذار وقطعت طريقين للإحاطة بالمتظاهرين الفارين. ضربت قوات الأمن المتظاهرين بالهراوات وصعقتهم بالصواعق الكهربية، كما قال الكاظم الذي تعرض هو نفسه لصدمة كهربية.

في اليوم التالي تقدم 60 متظاهرا مصابا بشكوى لدى النائب العام بحق المحافظ ورؤساء الأفرع الأمنية، التي شملت قوات مكافحة الشغب، والشرطة المحلية، وقوات الأمن الوطني بحسب الكاظم. أصدر القاضي عباس الدليمي من محكمة التحقيقات في الحلة أمرا بتوقيف المحافظ صادق مدلول السلطاني، لكنه أفرج عنه بعد ذلك بكفالة بلغت عدة آلاف دولارات أمريكية بحسب الكاظم. على حد علم مقدمي الشكوى، لم تتخذ النيابة أية إجراءات أخرى للتحقيق أو توجيه الاتهام إلى من وردت أسماؤهم في الشكوى.

بدلا من هذا، أمر وكيل النيابة بفتح تحقيق جنائي مع المتظاهرين لمقاومة التوقيف وإتلاف ممتلكات عامة ومركبات تقدر قيمتها بما يزيد على مليون دولار أمريكي، بحسب الكاظم. قال الكاظم والخيقاني إن المتظاهرين لم يتلفوا ممتلكات بل دافعوا عن أنفسهم فقط عند الاعتداء عليهم. قال الكاظم إن مصدرا قضائيا أبلغه بأن قضية المتظاهرين بحق المحافظ ورؤساء الأمن لم تؤد إلى تحقيق جنائي بسبب "ضغوط سياسية".

قال ستورك: "التمسك بالقانون وملاحقة من ينتهكونه من الواجبات الأساسية لوكيل النيابة. ومع ذلك فإن المدعين العامين في العراق لم يستجيبوا لشكاوى متكررة من عنف قوات الأمن، أو أشخاص يتصرفون بتلك الصفة، عند تفريق المظاهرات وخطف المتظاهرين بدون أي مبرر واضح".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة