(بيروت) ـ على سلطات البحرين أن تفرج فوراً عن زعيمي المعارضة السياسية المسجونين ظلماً، إبراهيم شريف والشيخ علي سلمان.
ويواجه شريف، الأمين العام لجمعية العمل الوطني الديمقراطي، ذات السمة العلمانية، المحاكمة يوم 14 أكتوبر/تشرين الأول 2015 بتهم تنتهك حقه في حرية التعبير وما كان ينبغي توجيهها. وفي 15 أكتوبر/تشرين الأول ستنظر إحدى المحاكم في استئناف الشيخ علي سلمان، الأمين العام لكبرى جمعيات المعارضة السياسية في البلاد، جمعية الوفاق، وذلك في حكم قضى بسجنه لمدة 4 سنوات لتهم تتعلق بحرية التعبير.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "لقد دأب سلمان وشريف على تأييد الإصلاح السياسي السلمي، والمفروض أن يكونا على مائدة التفاوض مع حكومة البحرين لا أن يقبعا خلف القضبان. وعلى البلدان التي تقول إنها تدعم عملية الإصلاح في البحرين أن تدلي بهذه النقطة علنا".
وكانت السلطات قد اعتقلت شريف في 11 يوليو/تموز، في اليوم التالي لإلقائه خطبة انتقد فيها الحكومة ودعا إلى الإصلاح السياسي. وقال بيان صادر عن وزارة الداخلية إن خطبة شريف كانت تشجع على قلب نظام الحكم و"تحرض على الكراهية"، في انتهاك مزعوم للمادتين 160 و165 من قانون العقوبات البحريني. وتنص التهمة الأولى على السجن لمدة لا تتجاوز 10 سنوات.
وقد أدان شريف الحكومة في خطبته ودعا إلى التظاهر ضد تصرفاتها، لكنه نبذ العنف دون مواربة، كما يبين مقتطف من الخطبة:
طبيعة الحراك السياسي في هذا البلد كان، منذ اليوم الأول، سلمي، أخلاقي. والمعارضة تدرك أن العنف هو ملعب السلطة. العنف هو الملعب الذي تتفوق فيه الحكومة على المعارضة. والأخلاق هي الملعب الذي نتفوق فيه، كمعارضة، على النظام. أما العنف فهو ملعب الحكومة، ليس ملعبنا.
واختتم شريف خطبته قائلاً إنه "لا مخرج لهذا البلد سوى الإصلاح".
وقالت هيومن رايتس ووتش إن التهم الموجهة إليه لا تقوم على أي أساس وتنتهك المعايير الدولية لحرية التعبير.
وفي يونيو/حزيران 2011، حكمت إحدى المحاكم العسكرية على شريف بالسجن لمدة 5 سنوات بتهم متعلقة بالإرهاب وظاهرة التلفيق، رغم مزاعم بتعذيبه أثناء الحبس الاحتياطي. وقد تم الإفراج عنه في 19 يونيو/حزيران، قبل أسابيع قليلة من إعادة اعتقاله.
أما في الجلسة الأولى لاستئناف الشيخ علي سلمان، في 15 سبتمبر/أيلول، فقد رفض القاضي أن يأذن لمحامي سلمان بتقديم أدلة تبرئة محتملة، كما فعل في جلسات سابقة وبدون أي تفسير. وكان في المحكمة آنذاك ممثلون من سفارتي المملكة المتحدة والولايات المتحدة للشهادة على رفض القاضي.
ظل سلمان رهن الاحتجاز منذ اعتقاله في 29 ديسمبر/كانون الأول 2014. وفي 16 يونيو/حزيران أدانته المحكمة الكبرى الجنائية الرابعة في البحرين بثلاث تهم تتعلق بحرية التعبير، وحكمت عليه بالسجن لمدة 4 سنوات.
وقد راجعت هيومن رايتس ووتش وثائق المحاكمة ووجدت أن القاضي الرئيس رفض السماح لمحامي الدفاع عن الشيخ سلمان بتقديم أدلة تبرئة محتملة، بما في ذلك تسجيلات للخطب التي لوحق بسببها، بدعوى أن "القصد منها هو إثارة الشكوك في أدلة الإدانة التي اطمأنت إليها المحكمة".
وقد بدا أن المحكمة، بدلاً من مراجعة المحتوى الفعلي لخطب سلمان، قد اعتمدت في حكمها على أدلة سماعية من خالد السعيدي، وهو ضابط بوزارة الداخلية قال إنه "استمع بنفسه إلى تسجيلات لتلك الخطب والعظات"، بحسب منطوق الحكم. وربما يكون وصف السعيدي المكتوب لخطب سلمان، في تقرير إدارة الاحتجاز الجنائي الذي شكل أساس قضية الادعاء بحق سلمان، قد أساء تقديم محتواها.
وقد ادعى السعيدي في ذلك التقرير، الذي اطلعت عليه هيومن رايتس ووتش، أن سلمان قال في خطبة له بتاريخ 10 أكتوبر/تشرين الثاني 2014: "ويستبطن الشعب قوة أكبر وأكبر، وكل ما عليك هو أن تستنهض هذه القوة. أنا أتكلم عن قوة عسكرية". أما تسجيل الخطبة الفعلية، الذي تمكن مشاهدته على الإنترنت، فيبين أن سلمان قال: "أنا لا أتكلم عن قوة عسكرية". ويستند الحكم على سلمان بالسجن لمدة 4 سنوات إلى ثلاثة أحكام بالسجن لمدة عامين، على أن يتم تنفيذ اثنين منهما بالتزامن. وقد حصل سلمان على العقوبة القصوى، المتمثلة في السجن لمدة عامين، لإهانة وزارة الداخلية، بموجب المادة 216 من قانون العقوبات. وتتعلق إدانة منفصلة بخطبة قام فيها سلمان بدعوة البحرينيين إلى ممارسة حقهم في التجمع السلمي، لمعارضة قانون يقيد هذا الحق تعسفياً. ووجدت المحكمة أن سلمان مذنب بتهمة "التحريض العلني على عصيان القانون" في مخالفة للمادة 173 من قانون العقوبات. كما أدانت المحكمة سلمان بتهمة "التحريض على كراهية" البحرينيين المجنسين، في مخالفة للمادة 172 من قانون العقوبات.
وتقرر المادة 13 من الميثاق العربي لحقوق الإنسان أن لكل شخص الحق في محاكمة عادلة "تجريها محكمة مختصة ومستقلة ونزيهة".
وقال جو ستورك: "إن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة على دراية تامة بانعدام العدالة الواضح في محاكمة سلمان، وبمحتوى خطب شريف السلمية، وينبغي لهذا أن يوفر لهما سبباً وجيهاً للمطالبة العلنية بإنهاء ملاحقة الرجلين والإفراج الفوري عنهما".