(بيروت) ـ إن على السلطات الكردية الإفراج فورا عن عيسى برزاني الذي يبدو أنه محتجز فقط بسبب توجيه انتقادات سلمية إلى "الحزب الديمقراطي الكردستاني" الحاكم ورئيس حكومة إقليم كردستان مسعود برزاني. قامت عناصر من فرع المخابرات التابعة للحزب الديمقراطي الكردستاني، بارستن، باعتقال عيسى برزاني في 4 أغسطس/آب 2015 بعد أن نشر صورا مؤيدة للقياديين الكرديين المنافسين عبد الله أوجلان وجلال طالباني. قالت عناصر المخابرات لأحد أفراد عائلة برزاني إنه محتجز بسبب انتقاده للحزب الحاكم وعائلة الرئيس.
قال جو ستورك، نائب مدير قسم الشرق الأوسط : "لطالما ادعت السلطات الكردية احترام الانتقاد، ولكن جهاز المخابرات التابع للحزب الحاكم يُمارس تضييقا على المعارضة السلمية".
يقضي عبد الله أوجلان، زعيم حزب العمال الكردستاني، عقوبة بالسجن المؤبد في أحد سجون تركيا، بينما جلال طالباني، رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني والرئيس السابق للعراق، يتعافى من جلطة خطيرة منذ ديسمبر/كانون الأول 2012.
قال شروان شرواني، صديق عيسى برزاني ورئيس تحرير مجلة "باشور" السياسية المعارضة، إن عيسى أخبره في يوليو/تموز 2015 أن مسؤولين في المخابرات حذروه من توجيه انتقادات للحزب الحاكم، وقال له إنه إذا وجد هواتفه مغلقة، فإن ذلك دليل على أن المخابرات اعتقتلته.
في 5 أغسطس/آب، لم يتمكن شرواني من الاتصال بـ عيسى برزاني، فاتصل بعائلته التي أخبرته أن عناصر المخابرات قدموا إلى المنزل وقاموا بتفتيشه، وصادروا وثائق وجهاز كمبيوتر محمول تعود له. كما قال أحد أفراد العائلة لـ هيومن رايتس ووتش إن عناصر المخابرات أكدوا أنهم قاموا باعتقال برزاني في وقت سابق، وإن السبب وراء احتجازه هو الانتقادات التي وجهها للحزب الديمقراطي الكردستاني والعائلة الحاكمة.
قال أحد أقاربه إن الأشخاص الذين فتشوا المنزل قالوا إنهم من جهاز باراستن، الذي يقوده منصور برزاني نجل الرئيس. في 9 سبتمبر/أيلول، قال أحد أقارب عيسى برزاني لـ هيومن رايتس ووتش إن جهاز باراستن يحتجز عيسى في بلدة المصيف القريبة من إقامة الرئيس في سري بلند.
لم توجه سلطات إقليم كردستان تهما رسمية إلى عيسى برزاني، ولم تسمح لعائلته بزيارته، بحسب أحد أقاربه. وكان عيسى برزاني، الذي ينحدر من نفس قرية الرئيس برزاني، وهو من أقاربه، قد نشر عدّة صور لـ عبد الله أوجلان على فيسبوك في يونيو/حزيران ويوليو/تموز.
في 9 مايو/أيار، نشر عيسى برزاني صورة لـ عبد الله أوجلان وجلال طالباني مرفوقة بالتعليق: "كردستان تنزف، كردستان في حاجة إليكما... هذان القائدان هما القادران على تحريك الشوارع في أجزاء كردستان الأربعة". وفي 12 يونيو/حزيران، نشر صورة مركّبة فيها مسعود برزاني وعبد الله أوجلان وجلال طالباني فوق خريطة تحمل اسم "كردستان"، وأرفقها بتعليق "كل المساندة لكردستان الحقيقية"، ويعني بذلك دولة موحدة تشمل المناطق التي يسكنها الأكراد في سوريا وتركيا والعراق وإيران. وفي 26 يوليو/تموز، نشر عيسى برزاني صورة لثلاثة رجال يحملون أعلام حزب العمال الكردستاني، ويظهر في الخلفية تعليق يقول: "أنحني لصمود الشهداء وشجاعتهم".
جاءت مساندة عيسى برزاني لـ عبد الله أوجلان وحزب العمال الكردستاني في وقت حساس، فقد بدأ الجيش التركي في 24 يوليو/تموز بشن غارات جوية على مواقع حزب العمال الكردستاني في جبال قنديل في إقليم كردستان العراق، ومازالت هذه الغارات مستمرة إلى اليوم، ما دعا الرئيس برزاني إلى دعوة مقاتلي حزب العمال إلى مغادرة الإقليم.
كان شروان شرواني قد تعرض إلى الاحتجاز والاتهام أيضا بسبب بعمله الصحفي. ففي أبريل/نيسان 2012، قامت الشرطة باعتقاله، ثم وجهت له النيابة تهمة التشهير بسبب مقالين تحدث فيهما عن مزاعم تتعلق بفساد إحدى الإدارات البلدية. وفي 9 سبتمبر/أيلول 2015، أدانت محكمة في دهوك شرواني بالتشهير، وفرضت عليه غرامة مالية قدرها 6 آلاف دولار أمريكي.
في 2 فبراير/شباط 2015، وجهت السلطات الكردية في دهوك إلى صباح الأتروشي، الصحفي في قناة "إن أر تي" الفضائية، تهما بموجب قانون مكافحة الإرهاب بسبب تعليقات في لقاء تلفزيوني يوم 29 يناير/كانون الثاني. وقال الأتروشي لـ هيومن رايتس ووتش إنه طالب باستقالة أحد قادة البشمرغا، وهو ابن مسؤول رفيع، بعد أن قام مقاتلو تنظيم "الدولة الإسلامية"، المعروف بـ "داعش"، بقتل عشرات الجنود الذين يعملون تحت إمرته. في أبريل/نيسان، أفرجت السلطات عن الأتروشي بعد تعرض ابنه الصغير إلى حادث قاتل، وإلى حد كتابة هذا البيان لم تنظر السلطات في القضية مجددا.
قال جو ستورك: "افتخار السلطات الكردية بانجازاتها الديمقراطية يفقد الكثير من مصداقيته عندما تعتقل الحكومة أو الحزب الحاكم معارضين بسبب انتقادات سلمية. على أصدقاء كردستان العراق أن ينظروا بقلق إلى مثل هذه الحوادث، ويضغطوا من أجل مزيد من حرية التعبير".