Skip to main content

رسالة إلى وزير العدل والحريات و وزير منتدب لدى رئيس الحكومة، مكلف بإدارة الدفاع الوطني

ترحب هيومن رايتس ووتش باعتماد المغرب تعديلات أُدخلت على قانون القضاء العسكري التي تُنهي اختصاص المحاكم العسكرية بمحاكمة المتهمين المدنيين. ونعتبر ذلك خطوة مهمة، وإن تأخرت، والتي تعالج اختلافا منذ أمد طويل مع المعايير الدولية المتعلقة بالحق في محاكمة عادلة، ومن شأنها أن تعزز بشكل كبير الإدارة المستقبلية للعدالة في المغرب.

إني أكاتبكم الآن لطلب توضيحات بخصوص اثنين من المعتقلين المدنيين اللذان ما زالت قضاياهما تُعالج، حتى الآن، ضمن المحكمة العسكرية الدائمة للقوات المسلحة الملكية. هما الناشط الصحراوي أمبارك الداودي، الذي كنّا قد أصدرنا بيان قلِق بشأن حالته في 22 ديسمبر/كانون الأول 2014، و مامادو تراوري (المشار إليه في ملف قضيته بـ مامادو ديارا) والذي سأركز أولا على قضيته في هذه الرسالة.

إننا نطلب منكم أن تخبرونا إن كانت هاتين القضيتين قد أحيلتا، أو ستحالان قريبا، على محكمة مدنية على ضوء القانون الجديد، قانون 13-108 المتعلق بالقضاء العسكري، ظهير رقم 187-14-1 بتاريخ 10 ديسمبر/كانون الأول 2014. إن قراءتنا للفصل 218 من القانون 13- 108 أن  جميع قضايا المدنيين الذين لم تنتهي محاكمتهم أمام المحاكم العسكرية وقت دخول القانون 13-108  حيّز التنفيذ في 1 يوليو/تموز 2015، ستة أشهر بعد نشره في الجريدة الرسمية، أستُحال على محاكم مدنية.

ونود أن نسجل أن أحد الحقوق المتوفرة للمتهمين أمام المحاكم المدنية هو الحق في الاستئناف ثم النقض، في حين أن أحكام المحاكم العسكرية لا تخضع للاستئناف بل فقط للنقض.

إننا قلقون من أن تراوري، وهو مهاجر مالي شاب، قد اعتقلته السلطات المغربية  لمدة 32 شهرا في انتظار محاكمته أمام المحكمة العسكرية، وأنه لم يتم بعد تحديد أي تاريخ لمحاكمته.

وتعود قضية تراوري إلى الساعات الأولى من صباح 10 يوليو/تموز 2012، حين حاول هو ومهاجرين آخرين من دول أفريقيا جنوب الصحراء، دخول الجيب الأسباني، مليلية، عبر القفز على الأسوار التي تفصلها عن الأراضي المغربية

وضُرب أحد أعضاء دورية القوات المساعدة المغربية، الرقيب في صفوف القوات المساعدة الحسن ماجدي البالغ من العمر 52 عاما، في صدره، يُزعم بحجر رماه أحد المهاجرين، وتوفي في نفس اليوم.

لقد توصلت هيومن رايتس ووتش بملف قضية تراوري، والذي يشير إلى أن حوالي 40 مهاجرا كانوا في مكان قريب وقت وقوع الحادث، وفقا لعنصر من القوات المساعدة الذي كان موجودا. اعتقلت قوات الأمن 26 شخصا على الأقل، بما في ذلك تراوري، واقتادتهم إلى الناظور لتُحقق معهم الشرطة.

في محضر الشرطة المنسوب إلى تراوري، اعترف أنه رمى الحجارة باتجاه قوات الأمن لمنعهم من ملاحقة المهاجرين، ولكنه نفى أن يكون قد ألقى الحجر الذي ضرب ماجدي. كُتب المحضر المنسوب إلى تراوري، والذي بصم تراوري عليه، باللغة العربية (محضر بحث تمهيدي رقم 1204 بتاريخ 10/07/2012)؛ ومع ذلك، نفهم أن تراوري لا يتحدث ولا يقرأ العربية.

اتهمت السلطات تراوري في اتصال مع وفاة الرقيب ماجدي. (وورد أن تراوري أعطى للشرطة اسم مامادو ديارا، لحظة اعتقاله، ويتواصل استعمال الاسم في وثائق القضية).

أحال قاضي التحقيق المدني في مدينة الناظور على وجه السرعة القضية على المحكمة العسكرية، لأن الفصل 3 من قانون القضاء العسكري المغربي، قبل تعديله في عام 2015، أعطى اختصاص المحاكم العسكرية على المدنيين المتهمين بارتكاب إيذاء في حق أفراد قوات الجيش.

نفى تراوري، خلال مثوله أمام قاضي التحقيق العسكري العقيد عبد الكريم حكيمي، هذه الاتهامات.

وفقا للملف، تراجع كثيرا شاهد العيان الوحيد الذي تعرف على تراوري على أنه هو الجاني، وهو عنصر من القوات المساعدة، في وقت لاحق، عن تصريحاته. في البداية وصف العنصر إلقاء القبض على قاذف الحجارة في مسرح الجريمة. ومع ذلك، في 7 ديسمبر/كانون الأول 2012، قال لقاضي في جلسة استماع مع المشتبه به إنه لم يعد يعتقد أن تراوري هو قاذف الحجارة التي ضُرب بها الرقيب ماجدي. وقال إنه اعتمد في البداية للتعرف على تراوري بناء على طوله، وبناء جسمه، وملابسه، ولكنه اكتشف الآن أن وجه تراوري لا يتطابق مع قاذف الحجارة، والذي كان (العنصر) قد لاحظ عليه علامات مميزة. (شهادة أمام قاضي التحقيق، قضية رقم: 1994/1781/2012 ع.ع).

في 11 يوليو/تموز 2013 - سنة واحدة بعد تلقيه القضية – أحال القاضي حكيمي تراوري على المحاكمة بتهمة العصيان والعنف في حق رجل القوة العمومية أثناء مزاولته مهامه المؤدي إلى الموت دون نية إحداثه، الأفعال المنصوص عليها وعلى عقوبتها في الفصول 300 و 302 فقرة 4 من القانون الجنائي (قرار الإحالة، قضية رقم: 1994/1781/2012 ع.ع). والعقوبة المحددة للجريمة الأولى هي من سنة إلى ثلاث سنوات في السجن وغرامة. وللجريمة الثانية، من 20 إلى 30 عاما في السجن.

على الرغم من أن المحكمة اتهمت تراوري بالتسبب في وفاة عنصر القوات المساعدة، فإن تقرير تشريح الجثة في ملف القضية خلص إلى أن "سبب الوفاة ليس محددا" (تقرير التشريح الطبي، الجثة رقم: 168، بتاريخ 10/07/2012).

وتم رفض منح تراوري السراح المؤقت بناءاً على أنه لا يتوفر على وثائق أو عنوان ثابت وأنه يتواجد في المغرب بطريقة غير مشروعة.

ظل تراوري رهن الاحتجاز منذ القبض عليه بما أن 12 شهرا كحد أقصى للاعتقال الاحتياطي بموجب القانون المغربي تنطبق فقط على فترة التحقيق القضائي، وليس للمعتقلين الذين أحيلت قضاياهم على المحاكمة.

كانت ستبدأ محاكمة تراوري أمام المحكمة العسكرية الدائمة في الرباط يوم 3 فبراير/شباط 2014، ثمانية أشهر بعد إحالته على المحكمة، ولكنه في ذلك التاريخ أجّلت المحكمة بسرعة المحاكمة إلى أجل غير مسمى عندما فشلت السلطات في نقل تراوري من سجن سلا إلى قاعة المحكمة. ولما حددت أخيرا جلسة أخرى - 21 يناير/كانون الثاني 2015 - حدث نفس الشيء مرة أخرى.

وقالت لنا محاميته إن السلطات المغربية لم تقدم أي سبب لفشلها مرتين في نقل تراوري إلى المحكمة. وإلى حدود كتابة هذه الرسالة، لا يزال تراوري في سجن سلا دون تحديد موعد لمثوله المقبل أمام المحكمة.

ينص العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، الذي صدق عليه المغرب، في المادة 9 (3)، على أنه " يقدم الموقوف أو المعتقل بتهمة جزائية، سريعا، إلى أحد القضاة أو أحد الموظفين المخولين قانونا مباشرة وظائف قضائية، ويكون من حقه أن يحاكم خلال مهلة معقولة أو أن يفرج عنه ".

علّقت اللجنة المعنية بحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، والتي توفر تفسيرات رسمية للعهد الدولي الخاص بالحقوق السياسية والمدنية، على حق الموقوف المكفول في المادة 9 بمحاكمته خلال مهلة معقولة أو الإفراج عنه:

ويتمثل الشرط الثاني المذكور في الجملة الأولى من الفقرة 3 في أن الشخص المحتجز يملك الحق في أن يُقدَم إلى المحاكمة في غضون فترة زمنية معقولة أو يُفرج عنه. وينطبق ذلك الشرط على وجه التحديد على فترة الاحتجاز السابق للمحاكمة، أي الاحتجاز في الفترة ما بين وقت القبض على الشخص وموعد بدء نظر قضيته في محكمة ابتدائية. وقد يضير الاحتجاز لفترة مطولة قبل المحاكمة بافتراض البراءة بموجب الفقرة 3 من المادة 14 أيضا. ويجب أن تبدأ في أسرع وقت ممكن محاكمة الأشخاص الذين لا يُفرج عنهم إلى حين تقديمهم للمحاكمة، بما يتوافق وكفالة حقهم في الدفاع عن أنفسهم.

ويجب تقييم معقولية أي تأخير في تقديم القضية إلى المحاكمة بناء على ظروف كل حالة على حدة، على أن تُراعى في ذلك ملابسات القضية وسلوك المتهم أثناء الإجراءات وطريقة معالجة السلطتين التنفيذية والقضائية للمسألة. وقد تُبرَر العوائق التي تحول دون استكمال التحقيق منح وقت إضافي، لكن لا تُشكّل الظروف العامة المتعلقة بقلة عدد الموظفين أو نقص الميزانية مبررا لذلك. وفي حالة ضرورة التأخير، يجب على القاضي أن يعيد النظر في مسألة إيجاد بدائل للاحتجاز السابق للمحاكمة.

وارتباطا بالفترة الطويلة من الاعتقال الاحتياطي التي قضاها تراوري في السجن منذ اعتقاله، فإن هيومن رايتس ووتش تحث السلطات المغربية على طلب منحه السراح المؤقت. وإن كان لا يزال سيحاكم، فإننا نسعى إلى تأكيدكم الصريح بأنه سيحاكم أمام  محكمة مدنية بدلا من محكمة عسكرية، أن محاكمته الآن يجب أن تحدث في أسرع وقت.

وبالرجوع إلى قضية أمبارك الداودي، فإننا نطلب توضيح وضعه القانوني الحالي، وعلى وجه التحديد أسباب والأساس القانوني لاستمرار اعتقاله. وعلى وجه الخصوص، نود أن نعرف ما إذا كان لا يزال يواجه اتهامات أمام محكمة عسكرية، وإذا كان الأمر كذلك، فإننا نسعى إلى تأكيدكم بأن قضيته ستحال الآن على محكمة مدنية وفقا للقانون 108-13.

وفقا لمعلوماتنا، فقد أعلنت المحكمة العسكرية الدائمة، في الآونة الأخيرة، نفسها غير مختصة في قضية الداودي، على الأقل في بعض التهم، وأحالته على محكمة مدنية. في 9 مارس/آذار 2015، أدانته المحكمة الابتدائية في مدينة كلميم بجنحة تنطوي على التزيي بزي نظامي أو حيازة زي عسكري، وحكمت عليه بثلاثة أشهر سجنا نافذا. ومع ذلك، لم تفرج السلطات عن الداودي على الرغم من أنه قد قضى بالفعل 18 شهرا رهن الاعتقال الاحتياطي.

إننا نحث السلطات المغربية بأن تطلب الإفراج عن الداودي على أساس أنه قد أمضى مدة عقوبته، إلا إذا كان سيحاكم فورا بناء على أي اتهامات ذات مصداقية لازالت عالقة أمام محكمة مدنية.

إننا نتطلع إلى تلقي ردكم في أقرب وقت ممكن.

تفضلوا بقبول فائق الاحترام،

سارة ليا ويتسن

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة