(جنيف) – قالت "الجامعة البهائية الدولية" و"هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الإيرانية تُصعد قمعها بحق البهائيين عبر سلسلة من الأحكام القاسية بالسَّجن ومصادرة الممتلكات. يقود القضاء الإيراني اضطهاد البهائيين، وسط تحريض متزايد من قبل مسؤولي الدولة على التمييز، والتحريض على الكراهية والتضليل الذي يستهدف هذه الأقلية الدينية.
قالت بهار صبا، باحثة أولى في شؤون إيران في هيومن رايتس ووتش: "تضطهد السلطات الإيرانية البهائيين بلا هوادة، وتحرمهم من أبسط حقوق الإنسان فيما يرقى إلى جرائم مستمرة ضد الإنسانية – فقط بسبب عقيدتهم. يكاد لا يوجد تقريبا أي جانب من جوانب حياة البهائيين في إيران لم يتأثر بهذه الانتهاكات والجرائم الشنيعة بموجب القانون الدولي".
شملت حملة القمع الحكومية الأخيرة، التي اشتدت بعد النزاع بين إسرائيل وإيران في يونيو/حزيران، اعتقالات تعسفية، واستجوابات، وإدانات جائرة، والسَّجن، فضلا عن مصادرة الممتلكات.
بين يونيو/حزيران ونوفمبر/تشرين الثاني 2025، وثقت الجماعة البهائية الدولية أكثر من 750 عملا اضطهاديا في أنحاء إيران – أي ثلاثة أضعاف العدد المسجل خلال الفترة نفسها من 2024. شملت هذه الحوادث أكثر من 200 مداهمة لمنازل وشركات، أعقبتها استجوابات، أسفرت عن احتجاز واعتقال ما لا يقل عن 110 بهائيين. عقدت المحاكم الثورية جلسات استماع لأكثر من 100 شخص وأصدرت أحكاما جديدة ضد البهائيين، تراوحت كل منها بين سنتين وعشر سنوات في السجن. تم استدعاء ما لا يقل عن 45 شخصا لبدء قضاء عقوباتهم السجنية خلال هذه الفترة. ومن بين المسجونين أمهات فُصلن عن أطفالهن الصغار.
قالت سیمین فهندج، ممثلة الجامعة البهائية الدولية لدى "الأمم المتحدة" في جنيف: "نظام العدالة الذي ينبغي أن يوفر الإنصاف والحياد ويكون ملاذا من الاضطهاد، هو بدلا من ذلك سلاح اضطهاد ضد البهائيين والمعارضين والأقليات الدينية والعرقية الأخرى في إيران".
للقضاة في إيران سجل حافل بالتجاهل المروع للإجراءات القانونية الواجبة والتحيز الديني الشديد ضد البهائيين، أكبر أقلية دينية غير مسلمة في إيران. على مدى السنوات الـ 45 الماضية، كشف عدد من وثائق السياسات العامة – التي وُضعت وفقا لمذكرة عام 1991 الموقّعة من قبل المرشد الأعلى الإيراني – عن سياسة الحكومة المتعمدة والمنهجية لاضطهاد البهائيين، بسبل تشمل نظام العدالة في البلاد.
في أبريل/نيسان 2025، فرض "الاتحاد الأوروبي" عقوبات على أقسام من القضاء الإيراني وكذلك على العديد من القضاة والمدعين العامين لانتهاكاتهم حقوق الإنسان، بما يشمل اضطهاد البهائيين.
قالت فهندج: "في قضية تلو الأخرى، أظهر القضاء الإيراني عدم رغبته في القيام بواجبه المقدس كمدافع عن العدالة. بدلا من ذلك، لطخ يديه وسجله بأحكام تنمّ عن الاضطهاد والتحيز الديني. صدرت هذه الأحكام عن قضاة سعوا مرارا ليس إلى تحقيق العدالة، بل إلى القضاء على المجتمع البهائي، وهم متواطئون بشدة في آلة القمع الحكومية".
اتسمت الموجة الأخيرة من الاضطهاد ضد البهائيين باعتقالات في ظروف قد ترقى إلى مستوى الاختفاء القسري وتصعيد في أحكام السجن الطويلة عقب محاكمات جائرة للغاية. في بعض الحالات، أصرت المحاكم على إصدار أحكام قاسية بعد أن ألغت المحكمة العليا الأحكام وأمرت بإعادة المحاكمة، أو أعاد المسؤولون فتح الإجراءات الجنائية ضد البهائيين بعد تبرئتهم.
وفقا للمعلومات التي حصلت عليها الجامعة البهائية الدولية، في 12 نوفمبر/تشرين الثاني، اعتقلت قوات الأمن في غرغان، بمحافظة غلستان، فرهاد فهندج بعد تفتيش منزله ومصادرة متعلقاته الشخصية. ظل مكانه وسبب اعتقاله وأي تهم موجهة إليه مجهولة لأسابيع بعد اعتقاله. كان فهندج قد قضى 15 عاما في السجن على خلفية معتقداته الدينية.
في أواخر أكتوبر/تشرين الأول 2025، في سمنان، أدانت الدائرة العاشرة لمحكمة الاستئناف في سمنان أنيسا فنانيان، وهي امرأة بهائية سُجنت في الماضي بسبب عقيدتها، بتهم غامضة وحكمت عليها بالسَّجن ثماني سنوات. صدر الحكم بعد أن ألغت المحكمة العليا حكم محكمة أدنى درجة ضدها، عقب طلب مراجعة قضائية، وأحالت القضية لإعادة المحاكمة.
وفي قضية أخرى مقلقة للغاية تحمل جميع سمات استخدام الدولة السلطة القضائية أداةً للقمع، أعادت السلطات فتح قضايا جنائية ضد 26 بهائيا في شيراز. وفقا للمعلومات التي حصلت عليها الجامعة البهائية الدولية، تمت تبرئة الـ 26 بعد قرار المحكمة العليا الذي ألغى إداناتهم وأحكامهم في عام 2022 وأمر بإعادة المحاكمة. بحسب تقارير، تأتي إعادة فتح الإجراءات الجنائية في القضية بناء على طلب من رئيس سابق رئيس للسلطة القضائية في المحافظة وفقا لإجراءات القانون المحلي التي تشير بقوة إلى ضلوع رئيس السلطة القضائية بشكل مباشر. وتشير المعلومات التي حصلت عليها الجامعة البهائية الدولية إلى أن العديد من الـ 26 بهائيا تعرضوا للتعذيب وسوء المعاملة عند اعتقالهم لأول مرة في 2016. وفي حادثة تجسد انتهاكات المسؤولين القضائيين لأبسط ضمانات الإجراءات القانونية الواجبة، أهان كبير رئيس السلطة القضائية السابق المذكور محامي الدفاع في القضية خلال اجتماع متابعة روتيني، وطرده من مكتبه قائلا: "هم ليسوا مشتبها بهم، بل مجرمون".
في قضية في كرمان في 29 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، أفادت "وكالة أنباء نشطاء حقوق الإنسان" أن الفرع الأول من المحكمة الثورية حكم على شهرام فلاح (64 عاما) بالسجن لأكثر من 13 عاما والمنفى الداخلي لمدة عام بتهمة "القيام بأنشطة تعليمية ودعوية منحرفة مخالفة للشريعة" و"تشكيل جماعة لتقويض الأمن القومي". تعكس هذه التهم تلك المستخدمة في قضايا أخرى لتجريم المعتقد البهائي السلمي.
في همدان، اعتُقلت ست نساء بهائيات – ندا محبي، وعاطفة زاهدي، وفريدة أيوبي، ونورا أيوبي، وزریندخت أحدزاده، وجاله رضایي – في 26 أكتوبر/تشرين الأول. حكمت السلطات على خمس منهن بالسجن ست سنوات، وعلى السادسة بالسجن سبع سنوات. واجهت النساء، وبعضهن أمهات لأطفال صغار، تهم "القيام بأنشطة تعليمية ودعوية منحرفة مخالفة للشريعة" و"الانتماء إلى الطائفة البهائية".
في كرج، حُكم على ناهيد بهروزي في 6 أكتوبر/تشرين الأول بعقوبة قاسية، شملت السجن خمس سنوات ومصادرة ممتلكاتها الشخصية بتهمة "القيام بأنشطة تعليمية ودعوية منحرفة مخالفة للشريعة المقدسة". وفقا للمعلومات التي حصلت عليها الجماعة البهائية الدولية، اعتقلها عدة عملاء بعنف دون أمر قضائي في 29 أغسطس/آب 2025. أصيبت بكدمات ونزيف في الأنف نتيجة لذلك. ثم احتُجزت 65 يوما دون أن تتمكن من الاتصال بمحامٍ أو الحصول على رعاية طبية مناسبة. أثناء المحاكمة، مُنع محاميها من الاطلاع الكامل على ملف قضيتها ولم تُقدم أي أدلة لدعم التهم الموجهة إليها.
في شيراز، اعتقلت رويا ثابت، وهي مقيمة في الإمارات كانت قد أتت إلى إيران لرعاية والديها المسنين، في 26 أكتوبر/تشرين الأول 2025 من قبل عناصر من "الحرس الثوري الإسلامي" ونقلت إلى سجن عبدل آباد لتنفيذ حكم بالسَّجن 10 سنوات صدر بحقها سابقا. أظهرت المعلومات التي راجعتها الجامعة البهائية الدولية أنها أدينت في مايو/أيار 2025 بتهم باطلة وهي "التعاون مع مواطنين من الحكومة الإسرائيلية" و"تشكيل جماعة ضد الأمن القومي". كما تواجه حظر سفر لمدة عامين وحظر الأنشطة عبر الإنترنت لمدة خمس سنوات.
وفي قضية أخرى تعكس تصعيد الدولة لقمع النساء البهائيات، أيدت السلطات في 28 سبتمبر/أيلول 2025 أحكاما بالسَّجن بين خمس و10 سنوات ضد 10 نساء بهائيات في أصفهان، بتهمة "الدعاية ضد الجمهورية الإسلامية" و"المشاركة في أنشطة دعوية وتعليمية منحرفة مخالفة للشريعة المقدسة".
كما استمرت سياسة السلطات في نزع القدرة الاقتصادية من البهائيين دون هوادة. في قضية حديثة في أصفهان، وجدت الجامعة البهائية الدولية أن السلطات استندت إلى المادة 49 من الدستور، وهي بند يمكّن الدولة من مصادرة الأصول "غير القانونية"، للاستيلاء على الممتلكات المشروعة لـ 20 بهائيا في المحافظة، بما يشمل منازلهم ومركباتهم وحساباتهم المصرفية، دون اتباع الإجراءات القانونية الواجبة.
قالت صبا: "ينبغي محاسبة جميع الأفراد المتورطين في الجرائم بموجب القانون الدولي التي ارتُكبت ضد البهائيين في إيران، بما يشمل المسؤولين القضائيين والمدعين العامين".