Skip to main content

رسالة إلى وزير الداخلية السعودية حول قضية الاحتجاز التعسفي

سيادة الوزير،

أكتب إلى سيادتكم اليوم لإبداء القلق بشأن ممارسات الاحتجاز السعودية الحالية، التي أدت في حالات عديدة إلى عمليات احتجاز تعسفي في السعودية، وكذلك لالتماس رد سيادتكم على عدد من الأسئلة المتعلقة بهذه القضية والناشئة عن تحليل أجرته هيومن رايتس ووتش مؤخراً لبيانات سعودية رسمية.

في أوائل عام 2013 أطلقت وزارة الداخلية السعودية موقع "نافذة تواصل" الإلكتروني، وهو قاعدة بيانات إلكترونية متاحة على الإنترنت يجري تحديثها بانتظام، وترمي إلى توثيق المحتجزين في السجون السعودية، دون تعريفهم بالاسم، وتوثيق أوضاع قضاياهم. كما يتولى الموقع الإلكتروني تسهيل المقابلات الإلكترونية بين المحتجزين وأفراد أسرهم، وكذلك الزيارات الشخصية، والتقدم بطلبات الإفراج قصير الأجل. وبحسب خطاب أرسلته السفارة السعودية في لندن إلى هيومن رايتس ووتش في يوليو/تموز 2013 "فإن حكومة السعودية برهنت بإنشائها لهذا الموقع الإلكتروني على نيتها التحلي بالشفافية في معاملة المحتجزين. وهذه المعاملة تتفق مع الأحكام والقوانين، وتضمن العدالة والإنصاف للجميع".

وقد قامت هيومن رايتس ووتش بتحليل بيانات مستمدة من موقع "نافذة تواصل" حسبما كان في 15 مايو/أيار 2014، حين أظهر وجود 2766 شخصاً قيد الاحتجاز. واشتمل هؤلاء على 293 شخصاً بدا أن مسؤولي العدالة الجنائية احتجزوهم احتياطياً قبل المحاكمات لمدة تجاوزت ستة أشهر دون إحالة قضاياهم إلى القضاء. ويبدو أن 16 من هؤلاء المحتجزين الـ293 قد احتجزوا لمدد تزيد على العامين دون إحالة قضاياهم إلى القضاء، وبينهم مواطن سعودي واحد احتجزته السلطات قبل المحاكمة لأكثر من 10 أعوام. كما أظهرت قاعدة البيانات ما يقرب من 700 شخص آخر ظلت قضاياهم متداولة أمام نظام المحاكم السعودي لمدد زمنية غير معقولة، وبينهم 177 على الأقل بدا أنهم ينتظرون صدور أحكام في قضاياهم منذ أكثر من 10 أعوام.

أشارت قاعدة البيانات إلى ثمانية "أوضاع قانونية" محتملة، منها ستة تشير إلى الاحتجاز قبل المحاكمة (وهي "رهن التحقيق" و"سلمت القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام" و"سلمت القضية إلى المحكمة الجزائية المتخصصة" و"أوراق قضيته لدى هيئة التحقيق والادعاء العام" و"جاري استكمال إجراءات إحالته للادعاء وانفاذ ماصدر بحقه من توجيه" و"أوراق قضيته منظوره لدى القضاء"). أما الوضعان الآخران فهما "محكوم" و"محكوم خاضع للاستئناف".

ولم تذكر قاعدة البيانات شيئاً عن مسألة حصول المحتجزين على فرصة إطلاق سراحهم من الاحتجاز قبل المحاكمة من خلال تقديم تعهدات، كما أخفقت في الإشارة إلى توجيه اتهامات رسمية أو العرض على قاض من عدمه بالنسبة للمحتجزين الذين أحيلت قضاياهم إلى النيابة.

وأظهرت قاعدة البيانات أن 31 من المحتجزين ـ 28 سعوديا وسوري واحد ويمني واحد وآخر لم يتم الكشف عن جنسيته ـ ظلوا "رهن التحقيق" رغم أن السلطات احتجزتهم لمدة تفوق الستة أشهر.

كما وصفت قاعدة البيانات الوضع القانوني لمواطن سعودي واحد محتجز دون محاكمة منذ 2003، ويمني محتجز دون محاكمة منذ 2010، بأنه "سلمت القضية إلى هيئة التحقيق والادعاء العام". وقال محام سعودي استشارته هيومن رايتس ووتش إنه فهم من هذا الوصف أن المحققين أحالوا أوراق القضيتين إلى النيابة، لكن النيابة لم تحركها حتى الآن.

أشارت قاعدة البيانات أيضاً إلى أن هيئة التحقيق والادعاء ما زالت تجهز القضايا بحق 117 محتجزاً لم تحل ملفات قضاياهم إلى القضاء حتى الآن، رغم احتجاز المحتجزين لمدد تتجاوز الستة أشهر. ومعظم هؤلاء الأشخاص الـ117 مواطنون سعوديون، كانت السلطات قد احتجزت بعضهم لسنوات، منذ 2006 في حالة واحدة، ومنذ 2007 في 5 حالات، ومنذ 2008 و2011 في حالات أخرى. وهناك يمني واحد من سبعة يمنيين ضمن هذه الفئة محتجز منذ 2008، وعراقي واحد محتجز منذ 2011، كما يوجد محتجزون آخرون من جنسيات فلسطينية وباكستانية وتشادية وسودانية.

وقد أدرجت قاعدة البيانات قضايا 143 محتجزاً تجاوز احتجازهم الأشهر الستة على أنها " جاري استكمال إجراءات إحالته للادعاء وانفاذ ماصدر بحقه من توجيه". وكان توقيف معظم هؤلاء المحتجزين قد تم في 2013، لكن أربعة منهم على الأقل ـ وهم مصري احتجز في 2008، وسعودي احتجز في 2009، ويمنيان احتجزا في 2009 و2010 ـ احتجزوا دون محاكمة لأكثر من 4 سنوات. قال المحامي السعودي الذي استشارته هيومن رايتس ووتش إن تحديد موعد المحاكمة يستغرق 4-5 أشهر في المعتاد منذ إحالة القضية إلى النيابة.

وكما تعلمون سيادتكم فإن المادة 114 من نظام الإجراءات الجزائية السعودي تنص على أنه لا يجوز احتجاز الشخص دون توجيه اتهام أكثر من 5 أيام، يمكن تمديدها حتى ما مجموعه ستة أشهر بأمر من هيئة التحقيق والادعاء. وبعد ستة أشهر، تشترط المادة 114 "إحالته إلى المحكمة المختصة أو الإفراج عنه". ومع ذلك فإن البيانات الموجودة بقاعدة بيانات موقع "نافذة تواصل"، عندما راجعتها هيومن رايتس ووتش في 15 مايو/أيار 2014، أظهرت وجود ما لا يقل عن 31 من المحتجزين آنذاك وقد احتجزتهم السلطات السعودية دون اتهام لمدد تتجاوز الحد الأقصى المنصوص عليه في نظام الإجراءات الجزائية وهو ستة أشهر. بالإضافة إلى هذا فإن قاعدة البيانات أظهرت وجود ما لا يقل عن 293 شخصاً تم احتجازهم قبل المحاكمة لمدد أطول ـ وأطول كثيراً في بعض الحالات ـ من ستة أشهر.

وقد قرر فريق الأمم المتحدة العامل المعني بالاحتجاز التعسفي أن الاحتجاز يصبح تعسفياً إذا أخفقت سلطة الاحتجاز، كليا أو جزئياً، في الالتزام بالمعايير المتعلقة بالحق في المحاكمة العادلة، بما في ذلك سرعة العرض على القضاء. كما يقرر المبدأ رقم 11 من مجموعة مبادئ الأمم المتحدة المتعلقة بحماية جميع الأشخاص الذين يتعرضون لأي شكل من أشكال الاحتجاز أو السجن أن المحتجز يجب "أن يعطى فرصة حقيقية للإدلاء بأقواله في أقرب وقت أمام سلطة قضائية أو سلطة أخرى"، وأنه يجب أن تكون لسلطة قضائية أو سلطة أخرى صلاحية إعادة النظر حسب الاقتضاء في استمرار الاحتجاز. وكذلك يضمن الميثاق العربي لحقوق الإنسان، الذي صدقت عليه السعودية في 2009، حق أي شخص موقوف أو محتجز بتهمة جنائية في سرعة العرض على قاض أو مسؤول قانوني آخر، والحصول على محاكمة خلال مهلة معقولة أو الإفراج عنه. وبحسب الميثاق العربي فإنه "لا يجوز أن يكون الحبس الاحتياطي هو القاعدة العامة".

ومن ثم فإن الاحتجاز دون محاكمة أو المثول أمام قاض لمدد مطولة هو احتجاز تعسفي، وينتهك القانون السعودي والمعايير الدولية لحقوق الإنسان على السواء.

في 15 مايو/أيار 2014 أظهرت قاعدة بيانات "نافذة تواصل" أن مئات المحتجزين الذين بدأت محاكماتهم قد ظلت قضاياهم منظورة أمام المحاكم السعودية لسنوات طويلة، ويشمل هؤلاء 699 محتجزاً احتجزتهم السلطات لمدد تفوق السنتين ونصف رغم عدم صدور إدانة لهم من المحاكم على ما يبدو، وكان 177 من هؤلاء قد قضوا أكثر من 10 سنوات قيد الاحتجاز. وفي المقابل فإن المحاكمة الجنائية المتوسطة، من فتح التحقيقات وحتى النطق بالحكم النهائي، تستغرق نحو عام واحد، بحسب المحامي السعودي الذي استشارته هيومن رايتس ووتش.

وقد قال نشطاء حقوقيون سعوديون لـ هيومن رايتس ووتش إن قائمة المحتجزين الظاهرة بموقع "نافذة تواصل" تشمل المحتجزين الموجودين بسجون المباحث فقط، وتستبعد المحتجزين في السجون العادية الخاضعة لولاية وزارة الداخلية ممثلة في الإدارة العامة للسجون. والموقع الإلكتروني نفسه لا يوضح هذه المسألة، كما أن الخطاب الموجه من السفارة السعودية في لندن إلى هيومن رايتس ووتش في يوليو/تموز 2013 لم يحدد نطاق قاعدة البيانات. وبالتالي فقد قامت هيومن رايتس ووتش بالبحث في أرقام الهويات الشخصية لـ20 مواطناً سعودياً كانت تعرف باحتجاز السلطات السعودية لهم في الأول من سبتمبر/أيلول 2014، وتبين أن 13 منهم فقط مدرجون بموقع "نافذة تواصل" الإلكتروني، لكن آخرين، مثل النشطاء الحقوقيين البارزين المسجونين وليد أبو الخير ومحمد القحطاني وعبد الله الحامد، لم يظهروا في قاعدة البيانات. وهم محتجزون حالياً في سجون عادية تديرها الإدارة العامة للسجون.

وفي ضوء ما توصل إليه تحليلنا هذا لبيانات موقع "نافذة تواصل"، فإن هيومن رايتس ووتش تلتمس ردكم على الأسئلة التالية:

  1. هل يقوم موقع "نافذة تواصل" بتسجيل تفاصيل جميع المحتجزين في السعودية، أم يقتصر على المحتجزين في سجون المباحث؟ وإذا كانت الحالة الأخيرة هي الصحيحة فهل تنوي الحكومة إنشاء موقع إلكتروني مماثل للمحتجزين في سجون تديرها الإدارة العامة للسجون، أو توسعة موقع "نافذة تواصل" بحيث يصبح قاعدة بيانات شاملة لجميع المحتجزين في المملكة العربية السعودية؟
  2. ما القوانين أو الأحكام أو الظروف التي تحدد احتجاز الشخص في سجون المباحث أو في السجون العادية؟
  3. ما النصوص، إن كان ثمة، التي تسمح لمحتجز دون اتهام أن يتقدم بطلب الإفراج عنه في مقابل تقديم ضمانات، أو التي تسمح لمحتجز تم اتهامه وينتظر المحاكمة بالتقدم بطلب الإفراج عنه في مقابل تقديم ضمانات؟
  4. عند أية مرحلة خلال العملية القانونية يتم توجيه الاتهام إلى المحتجز رسمياً من جانب النيابة؟ وما الوضع القانوني، المندرج ضمن الأوضاع القانونية الثمانية الواردة في موقع "نافذة تواصل"، الذي يشير إلى اتهام المحتجز رسميا بإحدى الجرائم؟
  5. عند توجيه الاتهام الرسمي إلى المحتجزين، هل يتم عرضهم على قاض فوراً؟ وإذا كانت الإجابة بلا فما السبب؟ وكم يمتد احتجاز المحتجزين قبل العرض على قاض؟
  6. ما هي المدة المعتادة للمحاكمة الجنائية في السعودية؟ وما العوامل التي قد تتدخل لإطالة محاكمة جنائية لأكثر من عامين؟
  7. ما المبادرات أو الإصلاحات القانونية التي تقوم بها الوزارة لإنهاء ممارسة الاحتجاز التعسفي في المملكة العربية السعودية؟

إننا نتطلع لتلقي ردود سيادتكم، مع فائق الاحترام والتحية من،

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية

قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

هيومن رايتس ووتش

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة