Skip to main content
تبرعوا الآن

Human Rights Watch Letter to US State Secretary

يجب تعليق إمداد إسرائيل بالأسلحة التي تم توثيق استخدامها في ارتكاب جرائم حرب، ومساعدة بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في غزة

سعادة وزير الخارجية،

أبعث إلى سيادتكم بهذه الرسالة لأعبر لكم عن مخاوف هيومن رايتس ووتش بشأن وقوع انتهاكات خطيرة لقوانين الحرب علي يد القوات الإسرائيلية وحماس وغيرها من المجموعات الفلسطينية أثناء القتال الذي اندلع في يوليو/تموز، وهي انتهاكات قد ترقى في بعض الحالات إلى جرائم حرب. واعتمدت نتائجنا على أبحاث وتحاليل أجراها باحثو هيومن رايتس ووتش في إسرائيل وغزة.

استخدمت إسرائيل في غاراتها على غزة، وفي الأسبوعين الأولين من القتال فقط، أكثر من ثلاثة آلاف طن من المتفجرات. وبحسب الأمم المتحدة، تسببت هذه الهجمات والهجوم البرّي الذي انطلق في 17 يوليو/تموز، إلى مطلع 5 أغسطس/آب، بمقتل أكثر من 1800 فلسطيني، أغلبهم من المدنيين، ومن بينهم ما لا يقل على 408 أطفال.

ويبدو أن إسرائيل لم توجه هجماتها، وفي العديد من الحالات التي تسببت في وقوع خسائر بأرواح المدنيين والتي تمكنت هيومن رايتس ووتش من التحقيق فيها، لأهداف عسكرية مشروعة، أو أنها شنت هذه الهجمات رغم احتمال وقوع خسائر في صفوف المدنيين وبما لا يتناسب مع الهدف العسكري المرجو منها. وقامت هيومن رايتس ووتش ومنظمات مستقلة أخرى بتوثيق هجمات إسرائيلية غير مشروعة تسببت في خسائر مدنية فادحة. وحين تتسم هذه الهجمات  بالاستهتار أو أنها شُنت عن قصد ، فهي تُعتبر جرائم حرب.

كما استهدفت إسرائيل بطريقة غير مشروعة أعضاء غير مقاتلين من حماس، ومنازلهم، والبنية التحتية الحكومية دون تقديم معلومات تثبت أنها كانت أهداف عسكرية. كما قامت باستهداف منازل عائلات، بطريقة غير مشروعة بدت أنها ترمي إلى معاقبتهم بشكل جماعي، فقط لأنه يوجد بين سكانها عناصر مزعومة تنتمي إلى مجموعات فلسطينية مسلحة، بغض النظر عما إذا كان هؤلاء الأشخاص موجودون في هذه المنازل أم لا. وأكدت إسرائيل من خلال السياسة التي تنتهجها، وخلافاً لما تنص عليه قوانين الحرب، أن الأشخاص المدنيين المنتمين لـ حماس وغيرها من المجموعات، والذين ليس لهم أي دور عسكري، هم أيضًا "إرهابيون"، وبالتالي فهم أهداف عسكرية مشروعة. وكانت إسرائيل قد شنت، في عمليات عسكرية على غزة في السابق، مئات من الهجمات غير المشروعة[i] استناداً الى هذا الأساس. كما استهدفت إسرائيل منازل عائلات[ii] لعناصر مزعومة في مجموعات مسلحة، دون إثبات استخدام هذه المباني لأهداف عسكرية. وتوجد حاجة لإجراء بحوث إضافية للتأكد مما إذا كانت الهجمات الجوية والبرية التي شنتها إسرائيل، والتي تسببت في تدمير منازل ومدارس ومنشآت للأمم المتحدة وبنية تحتية مدنية ومستشفيات، وفي سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين، تنسجم مع قوانين الحرب.

وأطلقت حماس ومجموعات فلسطينية مسلحة أخرى من 8 يوليو/تموز إلى الآن أكثر من 2900 صاروخًا، وعديد قذائف الهاون، على تجمعات سكنية إسرائيلية، وتسببت في مقتل ثلاثة مدنيين، وألحقت إصابات وأضراراً بالممتلكات. وتُعتبر الهجمات المتعمدة والعشوائية ضدّ المدنيين جرائم حرب. وقمتم سعادتكم بإدانة هذه الهجمات بشكل متكرر.

وقد اندلع النزاع الأخير في خضم حصار خانق فرضته إسرائيل على غزة منذ سنوات، وعززه في أغلب الفترات حصار مصري على الحدود مع غزة. وباستثناء منع توريد التجهيزات العسكرية، تسبب هذا الحصار في منع تصدير (واستيراد) البضائع التجارية والزراعية، مما تسبب في شل الاقتصاد، إضافة إلى منع سفر الأشخاص لغايات تعليمية أو صحية. وكان لهذا الحصار تأثير كارثي على صحة السكان المدنيين ورفاههم، كما ومنع عنهم الغذاء والدواء والوقود وغير ذلك من الضروريات، وحرم مئات آلاف الأشخاص من الحصول على مياه نظيفة. وكانت المستشفيات، قبل الحرب الأخيرة، تعاني من نقص حاد. وفي هذا الصدد، اطلعنا على تعليقات سعادتكم الصادرة في 26 يوليو/تموز والتي اعترفتم فيها بـ "حاجة الفلسطينيين للعيش بكرامة، وبعض الحرية، وإدخال البضائع وإخراجها، وحاجتهم إلى حياة خالية من القيود الحالية". ويُعتبر هذا الحصار عقابًا جماعيًا غير قانوني بحق السكان المدنيين لأنه يتجاوز المبررات العسكرية الضرورية.

في ضوء هذه الظروف، تعبر هيومن رايتس ووتش عن قلقها العميق إزاء تقديم مساعدات عسكرية لجميع أطراف النزاع، دون النظر إلى الطريقة غير القانونية التي يتم بها استخدامها. وتقدم الولايات المتحدة حاليًا مساعدة عسكرية لـ إسرائيل تصل قيمتها إلى 3.1 مليار دولار أمريكي في السنة، إضافة إلى 500 مليون دولار سنويا لبرامج الدفاع الصاروخي. وتشمل هذه المساعدات طائرات عسكرية بأجنحة متحركة وثابتة، وصواريخ هيلفاير، وغيرها من الذخائر التي استخدمتها إسرائيل في غاراتها الجوية غير القانونية في الحرب الأخيرة على غزة، وهو انتهاك محتمل لـ "قانون ليهي". ولكننا لم نعلم بوجود أي آلية لتحديد أي وحدات إسرائيلية تتلقى المساعدات العسكرية الأمريكية، فضلاً عن معاقبة الوحدات التي ثبت استخدامها لهذه المساعدات بطريقة تنتهك القوانين الأمريكية.

كما نعبر عن قلقنا من اخفاق الولايات المتحدة في دعم أي إجراءات جادة لمُساءلة إسرائيل عن انتهاك القانون الدولي، ومن ذلك معارضة قرار مجلس الأمن في الأمم المتحدة بإنشاء لجنة تقصي حقائق للتحقيق في انتهاكات قوانين الحرب، ومعارضة انضمام فلسطين للمحكمة الجنائية الدولية. ونعتقد أن هذين الإجراءين ربما يوفران فرصة هامة لتحقيق العدالة لضحايا الهجمات غير المشروعة التي شنتها كل من إسرائيل وحماس وغيرها من المجموعات الفلسطينية المسلحة الأخرى، ومنع حصول انتهاكات أخرى في المستقبل.

وللمساعدة على وضع حدّ لهذه الانتهاكات، ندعو الحكومة الأمريكية إلى اتخاذ الإجراءات التالية وتغيير سياستها من خلال:

  • تعليق تقديم الأسلحة التي ثبت، أو أُثير بشأنها مزاعم ذات مصداقية، أن إسرائيل استخدمتها في ارتكاب جرائم حرب أو غيرها من الانتهاكات الخطيرة لقوانين الحرب، وكذلك تمويل هذه الأسلحة ودعمها.
  • التدقيق في مجال حقوق الإنسان، كما تنص على ذلك أحكام قانون ليهي، ليشمل تفحص المعدات العسكرية الممنوحة لـ إسرائيل من حساب التمويل العسكري الأجنبي، وضمان عدم وصول أي مساعدات إلى الوحدات العسكرية الإسرائيلية التي توجد مزاعم ذات مصداقية بأنها ارتكبت انتهاكات خطيرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الإنساني، ومعاقبة الوحدات التي ثبت ارتكابها لهذه الانتهاكات.
  • المساهمة في إنجاح لجنة تقصي الحقائق التي أنشأها مجلس حقوق الإنسان في 23 يوليو/تموز، وبالرغم من أن الولايات المتحدة هي الوحيدة التي صوتت بـ "لا"؛ وذلك من خلال حث جميع الأطراف على التعاون مع اللجنة وتسهيل عملها، ودعوة اللجنة إلى إعداد تقارير حول انتهاكات قوانين الحرب التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع، ودعم اللجنة بصفتها خطوة نحو محاسبة جميع هذه الأطراف.
  • الكف عن معارضة المبادرات الفلسطينية الرامية إلى تمكين المحكمة الجنائية الدولية من فرض ولايتها على الجرائم الدولية الخطيرة التي ارتكبتها جميع أطراف النزاع على الأراضي الفلسطينية، وتشجيع الحكومات الأخرى على القيام بنفس الشيء.
  • دعوة إسرائيل ومصر إلى رفع الحصار غير القانوني المفروض على غزة، والسماح بمرور البضائع المدنية والأشخاص، وفرض قيود فقط على استيراد المعدات العسكرية التي استخدمت لانتهاك قوانين الحرب.

نتج عن وقف إطلاق النار الحالي تراجع في انتهاكات قوانين الحرب، ولكن ذلك لا يغير من حاجة الولايات المتحدة إلى اعتماد التدابير المذكورة أعلاه. وقد أظهرت حروب سابقة بين إسرائيل والمجموعات المسلحة في غزة أن الطرفين يقومان بانتهاك قوانين الحرب كلما تم استئناف أعمال العنف، والمدنيون هم من يدفعون الثمن. لقد حان الوقت لكي تلعب الولايات المتحدة دورًا أكثر فاعلية في منع انتهاكات القانون الدولي، والمساعدة على تحقيق العدالة للضحايا، وإلا فسيبقى السلام الدائم أمرًا بعيد المنال.

مع فائق الاحترام والتقدير

سارة ليا ويتسن

المديرة التنفيذية

قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا

هيومن رايتس ووتش

 

[i]  "إسرائيل ـ الغارات الجوية على غزة انتهكت قوانين الحرب"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 12 فبراير/شباط 2013، https://www.hrw.org/ar/news/2013/02/12-1

[ii]  "الغارة الإسرائيلية على بيت في غزة غير مشروعة"، بيان صحفي لـ هيومن رايتس ووتش، 7 ديسمبر/كانون الأول 2012، https://www.hrw.org/ar/news/2012/12/07

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة