(نيويورك) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن الرجلين الفلسطينيين المحتجزين في مطار القاهرة، بعد رفض دخولهما إلى مصر على ما يبدو، معرضان لخطر الترحيل إلى سوريا. من شأن الرجل وابنه أن يواجها العنف العشوائي والاضطهاد إذا أعيدا إلى سوريا. وقالت هيومن رايتس ووتش إنه يجب على السلطات المصرية ألا تعيد أي شخص إلى سوريا في الوقت الحاليّ.
قالت هيومن رايتس ووتش إن بعض طالبي اللجوء القادمين من سوريا إلى مصر معرضون على ما يبدو لخطر الرد أو الإعادة القسرية إلى سوريا. قامت سلطات مطار القاهرة بترحيل رجلين سوريين إلى سوريا يوم 13 يناير/كانون الثاني 2013، في انتهاك واضح لالتزام مصر بعدم الإعادة القسرية. في منتصف ديسمبر/كانون الأول أوقفت سلطات الهجرة ترحيل 13 سورياً في أخر لحظة.
قال بيل فريليك، مدير برنامج اللاجئين في هيومن رايتس ووتش: "قد يكون لمصر الحق في احتجاز أشخاص بشكل مؤقت أو التحقيق معهم بسبب وثائق مزورة، لكن لا يجوز لها بأي حال من الأحوال أن تعيدهم إلى سوريا، فمصر ملزمة بموجب القانون الدولي بعدم إعادة أحد، أياً كان وضعه، إلى مكان يتعرض فيه للاضطهاد".
وقالت هيومن رايتس ووتش إن على السلطات أن تسمح لمندوب مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بزيارة الرجلين. قال الفلسطينيان لمصادر ذات مصداقية إنهما دخلا مصر من سوريا باستخدام وثائق السفر الرسمية الخاصة باللاجئين الفلسطينيين مع بقية أفراد عائلتهما.
بعد هذا سافر الرجل إلى تركياباستخدام وثيقة سفره وحاول من هناك السفر إلى إحدى دول الاتحاد الأوروبي باستخدام وثائق غير سليمة، كما قال مسؤولون أتراك. قام المسؤولون الأتراك بترحيلهما إلى مصر حيث احتجزهما مسؤولو المطار بدعوى محاولة السفر باستخدام وثائق مزورة، وقالوا لهما إنه سيتم ترحيلهما.
يدعو أحدث توجيهات مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، كافة البلدان إلى "الاستمرار في فرض حظر تام على إعادة الأشخاص إلى سوريا في الوقت الحاضر، إلى حين إجراء تقييم عن أنسب توقيت يسمح [لهم] فيه وضع البلاد المتغير بالعودة بأمان وكرامة".
تمنع اتفاقية مناهضة التعذيب، والاتفاقية المتعلقة باللاجئين الأفريقيين، تمنع كلاهما مصر من إرسال الأشخاص إلى بلدان يواجهون فيها خطر الاضطهاد أو التعذيب. وتدعو الاتفاقية المتعلقة باللاجئين الأفريقيين الدول الأطراف إلى استخدام "قصارى جهدها" لاستقبال اللاجئين وتوفير اللجوء لهم.
كما أن مصر أيضاً دولة طرف في العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية الذي يحظر الإبعاد التعسفي، بموجب المادة 13 منه، ويمنح الأجانب حق اتخاذ القرار الفردي المتعلق بإبعادهم. وقد فسرت لجنة الأمم المتحدة لحقوق الإنسان المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أنها تمنع الإعادة القسرية للأشخاص إلى الأماكن التي يتعرضون فيها لخطر التعذيب أو المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة. ومصر ملزمة بتطبيق العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية على أي شخص على أراضيها.
في 13 يناير/كانون الثاني قام مسؤولو مطار القاهرة بترحيل رجلين سوريين آخرين، عمرهما 20 و22 سنة، إلى دمشق. كان الرجلان قد هبطت بهما الطائرة في مصر يوم 12 ديسمبر/كانون الأول قادمين من سوريا بجوازي سفر ساريي المفعول. حين حاول الرجلان السفر إلى فرنسابعد 13 يوماً، احتجزهما مسؤولو الهجرة في المطار على أساس أن تأشيرة دخولهما إلى فرنسا مزورة، كما قالت مصادر ذات مصداقية في الجالية لـ هيومن رايتس ووتش.
وفي أسبوع 13 ديسمبر/كانون الأول، قام مسؤولو الهجرة بنقل 13 سورياً، كانوا محتجزين بسجن القناطر بعد اعتقالهم في السلوم، إلى مطار القاهرة تمهيداً لترحيلهم. أفرج مسؤولو أمن المطار عن 6 منهم يوم 16 يناير/كانون الثاني بعد تدخل محاميهم، وظل الـ7 الباقون في المطار لمدة يوم آخر، ثم تم الإفراج عنهم بعد تدخل مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. لم يتضح حتى الآن ما الذي دفع السلطات إلى محاولة الترحيل، وما الذي أوقفها.
وفرت مصر الحماية لأكثر من 13 ألف لاجئ سوري، وهو تطور إيجابي كما قالت هيومن رايتس ووتش. وتمكن معظم اللاجئين من دخول البلاد من مطار القاهرة دون صعوبات. لكن حالتي الإعادة القسرية تثيران المخاوف، حسب هيومن رايتس ووتش، من لجوء مسؤولي المطار في المستقبل لاستخدام الوثائق غير السليمة كذريعة للترحيل إلى سوريا.
مصر دولة طرف في اتفاقية اللاجئين لسنة 1951، إلا أنها أحالت مسؤولية تحديد وضع اللاجئين إلى مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين. وقد أمر مسؤولو الهجرة بوزارة الداخلية في الماضي بترحيلات تبلغ حد الإعادة القسرية، أشهرها في 2008 حين تم ترحيل 1200 إريتري. لكن مصر لم تحاول إعادة السوريين قسرياً قبل الشهرين الأخيرين.
يمكن الطعن على قرارات الترحيل الصادرة من وزارة الداخلية أمام المحاكم الإدارية المصرية. في 2010 أمرت محكمة إدارية مصرية مسؤولي الهجرة بوقف ترحيل اثنين من اللاجئين السودانيين المعترف بهم على أساس أن ترحيلهما من شأنه مخالفة التزامات مصر بموجب اتفاقية اللاجئين والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية.
قال بيل فريليك: "في الوقت الذي تشهد فيه سوريا صراعاً دامياً ومأساوياً، ندعو مصر وكافة البلدان ألاّ تعيد أي مقيم في سوريا إليها، بمن فيهم الفلسطينيين".