(نيويورك) – على الحكومة التايلاندية أن توقف فوراً خطتها بترحيل 73 شخصاً من الروهينغيا المسلمين بطريق إعادتهم إلى بورما. يجب أن تسمح السلطات التايلاندية للمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بالوصول بدون أي إعاقة إلى هؤلاء الأشخاص وغيرهم من مهاجري القوارب القادمين من ولاية أراكان في بورما، لتحدد ما إن كانوا يسعون للجوء وإن كانوا مستحقين للحصول على وضع اللاجئ.
في 1 يناير/كانون الثاني 2013 بالقرب من جزيرة بون في مقاطعة فوكيت، اعترضت السلطات التايلاندية حمولة قارب من 73 شخصاً من مهاجري الروهينغيا – بينهم نحو 20 طفلاً تبلغ أعمار بعضهم 3 سنوات – يُرجح أن بينهم طالبي لجوء. بعد إمدادهم بالغذاء والمياه وغيرها من الإمدادات وتعبئة القارب بالوقود، خططت السلطات التايلاندية في البداية لإعادة القارب إلى البحر باتجاه جزيرة لانغكواي الماليزية. عندما وجدوا أن القارب المزدحم بالركاب رث الحال فيه شقوق وأن العديد من الركاب ضعفاء لدرجة لا تحتمل رحلة في البحر العاصف، نقلت السلطات المجموعة إلى الشاطئ، وأخذتهم إلى مكتب فوكيت للمهاجرين. بحلول الرابعة عصر يوم 2 يناير/كانون الثاني، كانت هناك شاحنتين فيها المجموعة كاملة – 73 شخصاً من الروهينغيا – في طريقها إلى مقاطعة رانونغ لترحيلهم إلى بورما.
قال براد آدامز، مدير قسم آسيا في هيومن رايتس ووتش: "يجب على الحكومة التايلاندية أن تلغي سياستها اللاإنسانية المتمثلة في ترحيل الروهينغيا دون مراعاة إجراءات الفحص اللازمة، ممن يتعرضون للاضطهاد الغاشم في بورما، وأن تفي بحقهم في طلب اللجوء. يجب أن يُسمح للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين بفحص جميع الروهينغيا الذين يفدون على تايلاند للتعرف على طالبي اللجوء منهم ومساعدتهم".
سياسة "المساعدة السريعة" التايلاندية تخفق في إمداد طالبي اللجوء الروهينغيا بتدابير الحماية المكفولة بموجب القانون الدولي، وفي بعض الحالات تزيد هذه المعاملة من المخاطر التي يتعرضون لها، على حد قول هيومن رايتس ووتش. بموجب هذه السياسة، تخضع البحرية التايلاندية لأوامر باعتراض قوارب الروهينغيا التي تقترب من السواحل التايلاندية. لدى اعتراض قارب، يوفر المسؤولون للقارب الوقود والطعام والمياه وغيرها من الإمدادات شريطة أن يمضي القارب في طريقه إلى ماليزيا أو أندونيسيا. يجب على جميع الركاب البقاء على متن قواربهم أثناء إمدادهم بالمؤن.
إذا رسى قارب على الأراضي التايلاندية أو تبين أنه في وضع غير آمن، تتدخل سلطات الهجرة لتطبيق أوامر الترحيل براً. عملية "الترحيل الناعم" هذه أسفرت عن إعادة الروهينغيا إلى الحدود التايلاندية البورمية بمقاطعة رانونغ، حيث ينتظر مهربو الأفراد الروهينغيا المُرحلين لأخذ رسوم باهظة منهم لنقلهم إلى ماليزيا. من لا يقدرون على دفع رسوم التهريب يُجبرون على العمل حتى يسددوا الرسوم، مما يعني تعرضهم لأوضاع ترقى لمستوى الإتجار بالبشر.
وقال براد آدامز: "تكرر تصريح تايلاند بالتزامها بمكافحة الإتجار بالبشر، لكن ترحيلها للروهينغيا إلى أيادي المهربين، يعني إخضاعهم للإتجار".
في يناير/كانون الثاني 2009 صرّح مجلس الأمن الوطني التايلاندي – بقيادة رئيس الوزراء في ذلك الحين أبيسيت فيجاجيفا – للبحرية باعتراض قوارب الروهينغيا القادمة واحتجاز الركاب قبل إعادتهم إلى البحر. في وقت لاحق من ذلك العام تم تصوير قوات الأمن التايلاندية بالفيديو وهي تسحب قارب ممتلئ بالروهينغيا إلى البحر، وهو ما أنكرته الحكومة في البداية، ثم أقر بحدوثه فيجاجيفا، قائلاً: "عندي بعض الأسباب للاعتقاد بأن بعض المذكور قد حدث". بينما تعني خطة "المساعدة السريعة" المُطبقة مؤخراً تعني أن القوارب المعترضة يُعاد تعبئتها بالمؤن، فما زالت البحرية التايلاندية تعيد إلى البحر القوارب الممتلئة بالروهينغيا، مما يؤدي إلى وفيات في بعض الحالات.
يتناقض رد فعل تايلاند إزاء طالبي اللجوء من الروهينغيا تناقضاً صارخاً مع سياسة ماليزيا، حيث تسمح السلطات بشكل روتيني لوكالة الأمم المتحدة للاجئين بالوصول إلى الروهينغيا الوافدين إلى أراضي ماليزيا. أولئك الذين تعترف بهم الوكالة كلاجئين يُفرج عنهم من مراكز احتجاز المهاجرين.
لطالما اضطهدت السلطات البورمية مسلمي الروهينغيا، وهم أعضاء أقلية مسلمة يعيشون في بورما منذ أجيال. لجأت الحكومة والجيش في ولاية أراكان بشكل منتظم إلى فرض قيود مشددة على حرية تنقل الروهينغيا، وحرية التجمع وتكوين الجمعيات، مع فرض طلبات بالعمل الجبري والانخراط في الاضطهاد الديني ومصادرة الأراضي والموارد. قانون الجنسية البورمي لسنة 1982 يحرم فعلياً الروهينغيا من الجنسية البورمية، فيصبحون بدون جنسية.
يفر كل عام مئات الآلاف من الروهينغيا من ولاية أراكان في بورما للابتعاد عن قمع الحكومة البورمية العسكرية ومن الفقر المدقع. تدهور الوضع كثيراً في أواخر عام 2012 إثر عنف مجتمعي في يونيو/حزيران وأكتوبر/تشرين الأول شهد استهداف الروهينغيا وغيرهم من الجماعات السكانية المسلمة. كان توافد 73 من الروهينغيا على مقاطعة فوكيت في 1 يناير/كانون الثاني أول اعتراض معترف به لقارب يضم نساء وأطفال. من المتوقع خروج قوارب أخرى عديدة من بورما على مدار الشهور القادمة.
بموجب الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، فإن للجميع الحق في طلب اللجوء من الاضطهاد. بينما ليست تايلاند طرفاً في اتفاقية 1951 للاجئين، فإن على تايلاند بموجب القانون الدولي العرفي التزام بالامتناع عن "الإعادة القسرية" للأفراد إلى حيث تكون حياتهم أو حرياتهم مهددة.
قالت هيومن رايتس ووتش إن على الحكومة التايلاندية ضمان اتساق قوانينها وإجراءاتها القانونية مع تدابير الحماية المطلوبة للروهينغيا. لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين الخبرة الفنية الكافية لفحص طلبات اللجوء ولديها الولاية اللازمة لحماية اللاجئين والأشخاص بدون جنسية. من شأن فحص المفوضية لجميع قوارب المهاجرين الوافدة أن يساعد حكومة تايلاند على تحديد من يستحق وضع اللاجئ.
وقال براد آدامز: "فحص اللاجئين عملية مهمة لحماية طالبي اللجوء الروهينغيا، وعلى الحكومة التايلاندية أن تسمح بهذه العملية المهمة". وتابع: "إلى أن يُسمح لمفوضية اللاجئين بإجراء فحوصات اللجوء، فعلى الحكومة التايلاندية الامتناع عن الإعادات القسرية لمهاجري القوارب الروهينغيا".