Skip to main content

 

في 5 نوفمبر/تشرين الثاني، أكد أمير الكويت، الشيخ صباح الأحمد الصباح أنه سيمضي قُدماً في التغييرات التي أجراها على قانون الانتخابات يوم 19 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، موضحاً أن معاييره سوف "تحمي الوحدة الوطنية". إن هذا التعديل على قانون الانتخابات قبل الانتخابات البرلمانية المُزمع عقدها في1ديسمبر/كانون الأول، من المُرجح أن يصعد الأزمة السياسية في الكويت؛ حيث هددت قوى المعارضة بمقاطعة الانتخابات كرد فعل على هذا التعديل. كما أن عدم الاستقرار السياسي الناجم عن ذلك يهدد بتجريد البلاد من تاريخها من المُشاركة السياسية القوية.

ويُقلص التعديل من عدد النُواب الذين يختارهم من له حق التصويت إلى واحد فقط؛ وهو تغيير لما ورد في قانون الانتخابات السابق، الذي كان يُتيح لمن له حق التصويت اختيار حتى 4 نُواب في الدائرة الانتخابية. ويدعي من ينتقدون النظام الانتخابي الجديد أنه يصب في صالح المُرشحين المُوالين للحكومة، وسوف تكون النتيجة برلماناً مُستأنساً، لن يستطيع مواجهة الحكومة، أومُحاسبتها. ولقد ركزت القوانين السابقة لقانون الانتخابات على إعادة تحديد الدوائر الانتخابية، فعددها في الكويت في الوقت الراهن 5 دوائر فقط، يُمثل كل دائرة 10 نواب. قبل العام 2006، كان عدد الدوائر الانتخابية 25، ومارست الحكومة ضغوطاً من أجل 10 دوائر، بينما كانت المعارضة تريدها خمس دوائر فقط، لأن كثرة عدد الدوائر يفسح الطريق للفساد وعمليات شراء الأصوات على حد قول المُعارضة. ولقد صدر المرسوم الأميري مُؤخراً، بعد أن رفضتالمحكمة الدستورية طلب الحكومة إعادة تحديد الدوائر الانتخابية.

أثار الإعلان فورة غضب في أوساط المُعارضة، التي تختلف مع الحكومة بالفعل، كما كان الحال على مدار 5 أعوام سابقة. وتعهدت المُعارضة الإسلامية والليبرالية والقومية بمقاطعة الانتخابات، كما نظمت 4 مسيرات ضمت آلاف المحتجين، وكانت أحد هذه المُظاهرات هي "مسيرة الكرامة" يوم 20 أكتوبر/تشرين الأول، وهي أكبر مسيرة سياسية في تاريخ البلاد، حيث قدّر البعض عدد المشاركين ب 150 ألف مشارك.

لكن قوات الأمن تعاملت بقوةمع المسيرة الاحتجاجية، وأطلقت قنابل الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق المتظاهرين، مما أدى إلى جرح العديد منهم. وتُحاول المعارضة مُمارسة الضغط على الأمير حتى يسحب المرسوم، وأن يترك أمر تعديل القانون للبرلمان القادم بعد انتخابه. وتُرجح المعارضة أن البرلمان الجديد إذا جاء موالياً للنظام الملكي، سوف يصوت بالموافقة على التعديل، وهو ما يُضعف موقف المعارضة بالتأكيد. تتمتع العائلة المالكة الكويتية بسلطات مُطلقة وفقاً للدستور الكويتي، فالأمير هو رأس الدولة و"ذاته مصونة لا تمس".

ولقد استطاع البرلمان، إلى حد ما، أن يُحاسب الحكومة من خلال سلطته في استجواب رئيس الوزراء والوزراء. كما أن السلطة التشريعية في الكويت لها الحق في سحب الثقة من الوزراء ومن رئيس مجلس الوزراء، ولقد استخدمت هذا الحق من قبل في بعض الأمور.

ومع هذا يرى مُحللون سياسيون أن حظر الأحزاب السياسية قد أضر بالتطور الديمقراطي في الكويت، وأنه لملء الفراغ، قام الأمير بدور الوسيط بين الحكومة والبرلمان. تصاعدت حدة التوتر في الأعوام السابقة بين الحكومة والمُعارضة حول سلطات البرلمان المحدودة، والمُطالبات بزيادة سلطاته في مُحاسبة الحكومة. حل الأمير كل البرلمانات الأربعة التي تم انتخابها منذ عام 2006.  

بدأت أحدث فصول تلك الأزمات في يونيو/حزيران، عندما قامت المحكمة الدستورية بحل البرلمان صاحب الأغلبية الإسلامية، والذي تم انتخابه في فبراير/شباط. كما قام الأمير بحلالبرلمان مرة أُخرى في أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وتقول قوى المعارضة إن هناك مشاكل جدية تحتاج إلى المُعالجة لتحقيق الاستقرار السياسي،  من بينها السلطات المحدودة للبرلمان، والقلق المُتزايد بشأن الفساد. في أغسطس/آب2011، تحدثت تقارير إعلامية محلية عن ملايين الدولارات التي تم إيداعها في الحسابات البنكية للعديد من نُواب البرلمان، من أجل التأثير على تصويتهم على القرارات. وكرد فعل لذلك، قام محتجون تقودهم المُعارضة باقتحام البرلمان والدعوة إلى حله. كما طالبوا بإسقاط الوزراة، وفي بعض الحالات ذهبوا إلى أبعد من ذلك، وطالبوا بنظام ملكي دستوري، وحكومة مُنتخبة.

تسبب حجم الفضيحة، مع ظهور عدد من التقارير الإعلامية  التي تقدم تقديرات للمبالغ التي تم إنفاقها من أجل شراء الأصوات بمئات الملايين من الدولارات، تسبب في إثارة غضب جماهيري، وأدت في النهاية إلى استقالة الحكومة، وصدور قرار الأمير بحل البرلمان في ديسمبر/كانون الأول. وفي شهر فبراير/شباط التالي، فازت المعارضة ب34 مقعداً من أصل 50 مقعداً برلمانياً، كان نصيب الإسلاميين 23 منها.

ويعتقد نُقاد ليبراليون أن البرلمان الذي تقوده القوى الإسلامية ركز منذ انتخابه على أجندة دينية، بدلاً من التركيز على القضايا ذاتها التي مكنت المُعارضة من تحقيق الأغلبية. فعلى سبيل المثال، وافق البرلمان على مشروع قانونيفرض عقوبة الإعدام على المتهمين بالتجديف (ازدراء الأديان) – عارضه الأمير بعد ذلك- بينما طالب بعض النُواب بإصدار تشريع لمراقبة الأخلاق العامة. 

إن قرار المُعارضة بمقاطعة الانتخابات، قد يؤدي إلى زيادة تقليص فرصها في ممارسة دور قوي يُمكنها من مُحاسبة الحكومة. وفي نفس الوقت، فإن من شأن برلمان قادم من دون معارضة أن يكون نذيرا، بأن النسخة الكويتية من الديمقراطية ليست على ما يُرام. 

مريوان حمه، باحث في هيومن رايتس ووتش يُغطي شئون البحرين والكويت.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.