(تونس) ـ قالت هيومن رايتس ووتش اليوم في رسالة إلى أعضاء المجلس الوطني التأسيسي إن المجلس الوطني التأسيسي التونسي مطالب بتعديل مواد في مسودة الدستور من شأنها تقويض حقوق الإنسان بما فيها حرية التعبير، وحقوق المرأة، ومبدأ عدم التمييز، وحرية الفكر والضمير.
تم عرض الدستور، كما وضعته ست من لجان المجلس ووزعته في 8 أغسطس/آب 2012، تم عرضه على لجنة تنسيقية تابعة للمجلس تقوم بإعداده للعرض على المجلس بالكامل بغرض النقاش والتصويت. تتعلق أوجه القصور في حماية حقوق الإنسان إلى حد بعيد بوضع اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية التي صدقت عليها تونس، وحرية التعبير، وحرية الفكر والاعتقاد، والمساواة بين الرجل والمرأة، وعدم التمييز، كما اكتشفت هيومن رايتس ووتش عند تحليل المواد المقترحة.
قال إريك غولدستين، نائب المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "إذا تم تمرير الدستور وبه هذه المواد فسوف يقوض حرية التعبير باسم حماية "المقدسات"، ويضع أساساً لتآكل مكتسبات البلاد في مجال حقوق المرأة، ويضعف بطرق أخرى التزام تونس باحترام اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية التي وقعت عليها".
تتمثل المهمة الرئيسية للمجلس الوطني التأسيسي، المنتخب في 23 أكتوبر/تشرين الأول 2011، في صياغة وتبني دستور جديد، تعقبه الانتخابات التشريعية والرئاسية.
اللجنة التنسيقية المكونة من رئيس المجلس ورؤساء لجان الصياغة الست مكلفة بالتوفيق بين أبواب المسودة المقدمة من قِبل تلك اللجان، والخروج منها بنسخة متكاملة تُعرض على المجلس بالكامل.
تشترط القواعد التي وضعها المجلس لتبني الدستور أن يقوم المجلس في جلسة عامة بمناقشة المسودة، ويعقب هذا تصويت منفصل على كل مادة من مواد الدستور مع اشتراط الأغلبية المطلقة ـ 109 صوتاً من أصل 217 عضواً ـ لتبني المادة. بعد هذا ينبغي أن يوافق المجلس على المسودة بالكامل في تصويت منفصل، بأغلبية الثلثين.
إذا فشل المجلس في تبني مسودة فإن لجنة التنسيق التأسيسية ملزمة بمراجعة النص وإعادة عرضه على المجلس بالكامل. وإذا فشل المجلس مرة أخرى في الموافقة على النص بأغلبية الثلثين، تحال المسودة للاستفتاء العام، مع اشتراط الأغلبية من أصوات المشاركين في التصويت لتبني الدستور.
اكتشفت هيومن رايتس ووتش في تحليلها لمسودة الدستور أن المادة 17، التي تنص على أن "احترام المعاهدات الدولية واجب في ما لا يتعارض مع أحكام هذا الدستور"، تخلق تذبذبا قانونيا فيما يتعلق بانطباق اتفاقيات حقوق الإنسان الدولية التي صدقت عليها تونس. وربما يغري النص القضاة والمشرعين بتجاهل تلك المعاهدات بذريعة أنها تناقض الدستور الجديد، كما قالت هيومن رايتس ووتش.
تهدد المادة 3 حرية التعبير بالنص على أن "الدولة تضمن حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية وتجرم كل اعتداء على المقدسات الدينية". يفتح هذا النص، الذي لا يعرّف ما هو "مقدس" ولا ما يمثل "اعتداءً" عليه، يفتح الباب لقوانين تجرم التعبير عن الرأي، على حد قول هيومن رايتس ووتش. علاوة على هذا فإن مسودة الدستور تحتوي على مادة أخرى تجرم أي "تطبيع" مع "الصهيونية والدولة الصهيونية"، مما قد يؤدي إلى قمع أشكال متباينة من التعبير السلمي عن الرأي، والتعامل مع المواطنين الإسرائيليين.
من النصوص الأخرى التي تبعث على القلق:
- المادة 3، التي تقول إن الدولة "تضمن حرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية" لكنها تُغفل الصياغة التي من شأنها توكيد حرية الفكر والضمير، بما فيها الحق في استبدال المرء ديناً آخر بدينه أو اعتناق الإلحاد. إن خير حماية لحقوق الإنسان هي ضمانة صريحة في الدستور للحق في تغيير المرء لدينه أو عدم اعتناق أي دين، كما قالت هيومن رايتس ووتش.
- المادة 28 عن حقوق المرأة تستدعي مفهوم التكامل بين دور المرأة والرجل داخل الأسرة، مع إغفال مبدأ المساواة بين الجنسين.
- المادة 22، التي تقرر أن "المواطنين متساوون أمام القانون في الحقوق والواجبات دون تمييز بأي شكل من الأشكال"، تناقضها مادة أخرى تنص على أن المسلم وحده يمكن أن يصبح رئيساً للجمهورية.
وقال إريك غولدستين: "تحتوي مسودة الدستور على الكثير من الثغرات التي ستسمح للسلطات بمصادرة الحقوق المؤكدة في الدستور حسب أهوائها. وعلى المجلس الوطني التأسيسي معالجة هذه الثغرات قبل التصويت على الدستور".