(نيويورك) ـ في 12 يونيو/حزيران ذكرت وكالة أنباء الجهمهورية الإيرانية الإسلامية، التابعة للدولة، أن مسئولي وزارة الخارجية في طهران استدعوا دبلوماسيا سعوديا للاحتجاج على إعدام عدة إيرانيين بتهمة حيازة المخدرات والإتجار فيها. وندد مسئول إيراني بالإعدام باعتباره "ضد الإنسانية" ويتعارض مع "مبادئ حقوق الإنسان" في المملكة العربية السعودية وضد "مبادئ الإسلام"، وفقا لوكالة الأنباء الإيرانية.
كما قال إن رفض السعودية السماح للمتهمين بالاتصال بمسئولي القنصلية يعد انتهاكا لالتزامات الرياض الدولية.
في 26 يونيو/حزيران، صعدت إيران من موقفها. وذكرت وكالة أنباء فارس شبه الرسمية أن وفدا دبلوماسيا سيتوجه للمملكة العربية السعودية ليطرح القضية.
المسئول الإيراني عنده حق؛ فالمملكة العربية السعودية لديها سجل حقوقي بشع عندما يتعلق الأمر بالتعامل مع جرائم المخدرات، في خرق للقانون الدولي. ينص القانون السعودي على عقوبة الإعدام لتجارة المخدرات غير الشرعية، وطريقة تنفيذ الإعدام عادة ما تكون بقطع الرؤوس.
كما تنتهك السلطات السعودية بشكل صارخ حقوق المحاكمة العادلة للمتهمين بارتكاب جرائم المخدرات، بما في ذلك مزاعم التعذيب. رغم أن الحكومة الإيرانية لم تنشر إحصاءات رسمية، فإن التقارير تقدر عدد الرعايا الإيرانيين الذين أعدمتهم السلطات السعودية بما يزيد عن 18 إيرانيا بتهمة حيازة المخدرات في سجن الدمام خلال الأشهر القليلة الماضية.
الآن علينا أن نتساءل عما كان يدور بذهن المسئول الإيراني عندما قدم احتجاجا ضد السعوديين. في 2011، أعدمت إيران ما لا يقل عن 600 شخص، لتحل في المرتبة التالية للصين من حيث عدد الذين تم إعدامهم. وتعتقد منظمات حقوق الإنسان أن نحو 400 أو أكثر منهم أعدموا في جرائم متعلقة بالمخدرات، بما في ذلك التعاطي. قال المتحدث باسم وزارة الخارجية في بداية عام 2011 أنه يعتقد أن "أكثر من 80 في المائة" من جميع عمليات الإعدام في إيران هي بسبب جرائم متعلقة بالمخدرات.
وهذا يعني أنه في 2011، أعدمت إيران أكثر من أربعة أضعاف إجمالي عدد الأشخاص الذين أعدمتهم المملكة العربية السعودية في ذلك العام بسبب جرائم المخدرات: 82 على الأقل، وفقا لمنظمة العفو الدولية.
عشرات، وربما المئات ممن أعدمتهم إيران لجرائم متصلة بالمخدرات في 2011 والأعوام السابقة كانوا من المواطنين الأفغان الذين أدينوا بدون السماح لهم بالاتصال بمحامين أو المسئولين القنصليين. الأرقام المحددة غير متاحة، لكن في 2010 اعترفت السلطات الإيرانية بأن 4000 أفغاني على الأقل كانوا في السجون الإيرانية، وأن الغالبية العظمى منهم أودعوا السجن بسبب المخدرات. في أبريل/نيسان من ذلك العام تظاهر المئات من الأفغانيين الغاضبين أمام السفارة الإيرانية في كابول، بعد ظهور تقارير تفيد بأن مسئولي السجون الإيرانية أعدموا عشرات من الأفغان، غالبا في الخفاء.
في 2010 أيضا، أكدت جماعات حقوق الإنسان أن السلطات الإيرانية أعدمت ما لا يقل عن اثنين آخرين من الأجانب، بول شيندو من نيجيريا وأكواسي أكوب من غانا، في سجن وكيل أباد في مدينة مشهد بشمال شرق إيران دون إبلاغ المسئولين القنصليين. هناك معلومات موثقة تفيد بأن شيندو وأكوب هما من بين مئات الأشخاص الذين شنقوا سرا في وكيل أباد منذ 2010.
ينص قانون مكافحة المخدرات الإيراني الصارم على فرض عقوبة الإعدام على تصنيع وتهريب وحيازة أو الإتجار في 5 كجم من الأفيون وغيرها من المواد المخدرة المحددة، وفي 30 جراما من الهيروين والمورفين، أو غيرها من الأدوية المحددة الاصطناعية وعقاقير العلاج النفسي المخدرة. تفتقر إجراءات الملاحقة القضائية للشفافية بخصوص جرائم المخدرات، باعتبار أن المحاكمات تتم خلف أبواب مغلقة في المحاكم الثورية.
فضلا عن ذلك، فالقانون الإيراني لمكافحة المخدرات يتجاهل قانونا إجرائيا صدر منذ فترة طويلة يقضي بأن جميع أحكام الإعدام تكون قابلة للاستئناف في المحكمة العليا بإيران، ويقضي قانون مكافحة المخدرات فقط بأن يقوم رئيس المحكمة العليا أو مكتب المدعي العام بتأكيد تنفيذ أحكام الإعدام في المحاكم الابتدائية. في أكتوبر/تشرين الأول 2010، أعلن المدعي العام الإيراني أن مكتبه سيستعرض بعض الحالات المتصلة بالمخدرات لتصب في مصلحة سرعة البت في قضايا المتهمين رغم النظام القضائي، ما أثار مخاوف حقيقية بشأن حق المتهمين في الاستئناف والحصول على محاكمة عادلة.
منذ ذلك الحين وثقت جماعات حقوقية للحالات التي تمنع فيها السلطات ببساطة الحق في قدرة الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام في جرائم المخدرات على الاستئناف، وقد تم إعدام العديد منهم. ويواجه الرعايا الأجانب، خاصة من فقراء اللاجئين والمهاجرين غير الشرعيين من أفغانستان، مخاطر حقيقية من حرمانهم من حقهم في محاكمة عادلة وينفذ فيهم الإعدام في النهاية.
يحدث هذا رغم أن القوانين الدولية الموقعة من قبل إيران والمملكة العربية السعودية تقضي بالوصول إلى المسئوليين القنصليين والتمثيل القانوني للمواطنين الأجانب المتهمين بارتكاب جرائم. وقد أعربت هيئات الأمم المتحدة، بما فيها مكتب الأمين العام، عن قلقها مرارا وتكرارا إزاء ارتفاع معدلات عمليات الإعدام لجرائم المخدرات، وحثت السلطات الإيرانية على إلغاء عقوبة الإعدام أو حتى إعادة النظر في قانون العقوبات، لقصر عقوبة الإعدام على "أشد الجرائم خطورة" فقط.
على الأقل بإمكان المسئولين الإيرانيين إعطاء المواطنين الأجانب المتهمين في جرائم المخدرات بإيران، ناهيك عن مواطنيها، نفس الحقوق التي تطالب بها بالنسبة للإيرانيين في الخارج.
* فراز صانعي باحث بقسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش