(نيويورك، 17 يونيو/حزيران 2010) - قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على الادعاء الأردني أن يُسقط فوراً الاتهامات المنسوبة إلى قياديين لمجموعة من العمال الحكوميين احتجا علناً على فصلهما من العمل. وقالت هيومن رايتس ووتش إن الملاحقة القضائية على هذه الأنشطة تنتهك الحق في حرية إبداء الآراء والحق في التجمع السلمي.
الرجلان - محمد السنيد وأحمد اللوانسة - القياديان بلجنة العمال المياومة لدى الدوائر الحكومية، تجمهرا برفقة 30 عامل مياومة آخرين في 10 مايو/أيار 2010 أمام مقر مركز "شراكة من أجل الديمقراطية" في مدينة مادبا، حيث كان من المقرر أن يلقي وزير الزراعة محاضرة. عقدوا احتجاجاً سلمياً على فصلهم مؤخراً من وزارة الزراعة، ثم حضروا المحاضرة، حيث شككوا في صحة الفصل وطالبوا أثناء فترة الأسئلة والأجوبة من المحاضرة بفصل الوزير. تم القبض على الرجلين ونُسب إليهما الاتهام بالتجمهر غير القانوني ذم وتحقير مسؤول عام و"التسبب... في الضوضاء واللغط" و"مقاومة... أوقفت عملاً مشروعاً" من قبل مسؤول عام. وعُقدت الجلسة الأولى للقضية في 14 يونيو/حزيران.
وقالت سارة ليا ويتسن، المديرة التنفيذية لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في هيومن رايتس ووتش: "مقاضاة العمال الذين يعبرون عن مظالمهم ويعرضون الشكاوى على ممثلي الحكومة تُظهر نقصاً مقلقاً لاحترام المواطنين الأردنيين". وتابعت: "يحق للمواطنين الاحتجاج على حكومتهم، لا سيما إذا كانت الحكومة هي الطرف صاحب العمل".
ومع سؤاله عن أعمال الفصل من العمل بعد كلمته، أشاد وزير الزراعة سعيد المصري بجهود السنيد الخاصة بحقوق العمال، لكنه قال إنه تعرض للفصل لأسباب أخرى. بعض عمال المياومة بدأوا في تلك اللحظة في ترديد شعارات وطالبوا الوزير بالاستقالة، لكنهم ظلوا سلميين، على حد قول مصطفى الحمارنة مدير مركز الديمقراطية، الذي كان حاضراً، لـ هيومن رايتس ووتش. إلا أن محافظ مادبا، سامح المجالي، الذي كان حاضراً، أمر رجال الشرطة بالقبض على السنيد واللوانسة.
السنيد كان يعمل عامل مياومة في الوزارة منذ أكثر من 15 عاماً. وتعين المؤسسات الحكومية عمال المياومة في وظائف محددة برواتب يومية محددة. وإذا استمرت علاقة العمل بين الطرفين لأكثر من ثلاثة أشهر، تسري أحكام قانون العمل على العامل. وتم فصل عمال مياومة مع تدهور الوضع الاقتصادي في الأردن، رغم ما ذكره السنيد، عن وعود صدرت بجعل جميع العمال موظفين حكوميين دائمين بمزايا توظيف وتدابير حماية كاملة.
تم احتجاز الرجلين مدة يوم في مديرية الأمن العام بمادبا، ثم نُقلا إلى محكمة أمن الدولة، وهي محكمة خاصة ثلثي القضاة فيها من ضباط الجيش. واتهم الادعاء العسكري بالمحكمة العاملين الاثنين بـ "التجمهر غير المشروع" وعقوبته أقصاها السجن لمدة عام بموجب المادة 164 من قانون العقوبات. وظل السنيد رهن الاحتجاز على ذمة التحقيق، فيما تم الإفراج عن اللوانسة. وتنص المادة 164 على أن التجمهر غير المشروع يعني تجمهر سبعة أشخاص أو أكثر "بقصد ارتكاب جرم"، أو إذا كانوا مجتمعين بقصد "الإخلال بالأمن العام".
وبدأ السنيد في إضراب عن الطعام، وانتهى عندما قبل الادعاء العسكري الإفراج عنه بكفالة بعد 10 أيام من الاحتجاز في سجن البلقاء.
وفي جلسة 14 يونيو/حزيران، رفضت المحكمة طلب الدفاع الاتصال بوزير الزراعة كشاهد، لكنها سمحت بضم مصطفى الحمارنة، رئيس مركز الديمقراطية، إلى قائمة الشهود.
ويواجه السنيد واللونسة أيضاً اتهامات جنائية منفصلة في محكمة صلح جزائية في مادبا، وهي "ذم... مسؤول [عام] أثناء قيامه بوظيفته"، بموجب المادة 191 من قانون العقوبات، وعقوبتها أقصاها السجن لمدة عامين، وتهمة "تحقير... مسؤول [عام] كان موجهاً إلى موظف أثناء قيامه بوظيفته" بموجب المادة 196 من قانون العقوبات، وعقوبتها الحبس ستة أشهر، و"إحداث ضوضاء ولغط بلا داع سلبت راحة الأهلين"، بموجب المادة 467 من قانون العقوبات، والحد الأقصى للعقوبة 15 دينار أردني (22.5 دولار)، و"مقاومة... أوقفت عملاً مشروعاً [يقوم به موظف عام]"، بموجب المادة 186 من قانون العقوبات، وعقوبتها الحبس بحد أقصى ستة أشهر. ولم تبدأ هذه المحاكمة بعد.
والمادة 21 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، والأردن دولة طرف فيه وأصبح جزءاً من القانون الأردني بعد نشره في الجريدة الرسمية في يونيو/حزيران 2006، تحمي الحق في التجمع السلمي، ولا تسمح بأي قيود على هذا الحق "إلا تلك التي تفرض طبقا للقانون وتشكل تدابير ضرورية، في مجتمع ديمقراطي، لصيانة الأمن القومي أو السلامة العامة أو النظام العام أو حماية الصحة العامة أو الآداب العامة أو حماية حقوق الآخرين وحرياتهم". والمادة 19 من العهد تحمي الحق في حرية التعبير، وأية قيود على هذا الحق يجب أن تكون ضرورية "لاحترام حقوق الآخرين أو سمعتهم [و] لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة".
التجمع السلمي لدى المركز وطرح الأسئلة على الوزير أثناء محاضرته يعتبران من التعليقات السياسية، التي تتمتع بحماية قوية بموجب قانون حقوق الإنسان، ومن ثم يُطلب مبررات قوية بشكل استثنائي لأي اعتراض أو تقييد من الحكومات لهذه التعليقات. والمقاضاة الجنائية على الانخراط سلمياً في هذه الأنشطة يُرجح أن تُعد انتهاكاً لهذه الحقوق.
ساهم السنيد في تأسيس لجنة العمال المياومة بالدوائر الحكومية في 1 مايو/أيار 2006. ويمثل أعضاء اللجنة الاثني عشرة مصالح 13 ألف عامل مياومة، على حد قول السنيد، ويضغطون على الحكومة من أجل التوظيف الكامل كموظفين عامين بدلاً من وضعهم غير الآمن حالياً كعمال مياومة. وقال السنيد إن وزارة العمل لم تعترف باللجنة كجهة نقابية بما أنهم لا يعملون في القطاع الخاص، بل هم موظفون طرف الحكومة.
السنيد - الذي كان يعمل كفني تشغيل آبار - قال لـ هيومن رايتس ووتش إنه كعامل مياومة لا يتمتع بأمن وظيفي، ويربح 230 ديناراً أردنياً (340 دولاراً) في الشهر بعد أكثر من 15 عاماً في الخدمة، وإجازته السنوية 14 يوماً بموجب قانون العمل، و14 يوماً إجازة مرضية مدفوعة الأجر بالكامل، وهناك 14 يوماً آخرين بنصف أجر، وبعدها لا مستحقات له. موظفو الخدمة العامة في نفس الوظيفة، على النقيض منه، يربحون 350 ديناراً (475 دولاراً) في الشهر عن نفس مدة الخدمة، وإجازة سنوية قوامها 40 يوماً، مع تلقي الأجور الكاملة عن أيام الإجازات المرضية، بالإضافة إلى التأمين عليهم.
وفي عام 2007 تمكن عمال المياومة من الضغط على الحكومة كي تغير وضعهم الوظيفي إلى موظفين عامين ضمن ثلاث شرائح من العمال، على أن تنال الشريحة الأخيرة منهم تغيير الوضع في عام 2010، على حد قول السنيد، بالإضافة إلى وعد بعدم شغل الوظائف الشاغرة بعمال مياومة، وتشغيل الأفراد كموظفين عامين لشغل هذه الوظائف. لكن على حد قول السنيد لـ هيومن رايتس ووتش، لم تنفذ الحكومة الحالية هذا الاتفاق، وقامت بتشغيل الأفراد كعمال مياومة، مع تدهور الوضع الاقتصادي وتراجع أرباح الحكومة هذا العام.