(القدس، 19 مارس/آذار 2010) – قالت هيومن رايتس ووتش اليوم إن على سلطات حماس في غزة أن تقدم للعدالة المسؤولين عن الهجوم الصاروخي الذي أودى بحياة مدني في إسرائيل في 18 مارس/آذار 2010. وقد أعلنت جماعة أنصار السنة – جماعة فلسطينية مسلحة لم تكن معروفة من قبل، من غزة – مسؤوليتها عن الهجوم.
الصاروخ الذي تم إطلاقه من غزة أودى بحياة ماني سينغميانغفون، العامل التايلاندي الوافد البالغ من العمر 33 عاماً، وكان يعمل في صوبة زجاجية تجارية في تجمع نتيف هعسرة السكني، 400 متر شمالي قطاع غزة. والضحية هو أول مدني يودي صاروخ بحياته في إسرائيل منذ 29 ديسمبر/كانون الأول 2008.
وقال جو ستورك، نائب المدير التنفيذي لقسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا: "بصفة حماس صاحبة السلطة الفعلية في قطاع غزة، فهي مسؤولة عن وقف الهجمات الصاروخية العشوائية على إسرائيل"، وتابع: "إن الإخفاق في تقديم خروقات قوانين الحرب للعدالة من طرفي النزاع يفاقم من معاناة المدنيين في إسرائيل وقطاع غزة على السواء".
وقالت سفارة تايلاند في تل أبيب لـ هيومن رايتس ووتش إن ماني سينغميانغفون وفد للعمل في القطاع الزراعي في إسرائيل عام 2006، ولديه زوجة وأطفال في تايلاند.
وقال مكتب الجيش الإسرائيلي الإعلامي لـ هيومن رايتس ووتش إن الصاروخ أصاب الصوبة الزجاجية في العاشرة والنصف صباحاً. وقال متحدث باسم الشرطة الإسرائيلية لـ هيومن رايتس ووتش إنه لا يمكنه تأكيد نوع الصاروخ لأسباب أمنية، لكنه قال إنه "ليس بالنوع الجديد". ماغن ديفيد آدوم (المُعادل الإسرائيلي للصليب الأحمر) قالت إن المُسعفين ذهبوا لموقع الحدث لكن لم يتمكنوا من إنقاذ الضحية.
وقد أطلقت الجماعات المسلحة في غزة نحو 147 صاروخاً على إسرائيل منذ انتهاء العمليات العسكرية الإسرائيلية الموسعة في القطاع بتاريخ 18 يناير/كانون الثاني 2009، وأغلب الصواريخ أُطلقت أثناء الشهرين التاليين على النزاع. والصواريخ عشوائية بطبيعتها عندما تُطلق على مناطق مأهولة بالسكان لأن ليس بها نُظم توجيه ولا يمكن تسديدها بدقة نحو أهداف عسكرية.
وطبقاً لتقارير إخبارية، فإن أنصار السنة قالوا إن الهجوم "رد على العدوان الصهيوني على المسجد الإبراهيمي والأقصى ورداً على استمرار العدوان الصهيوني على شعبنا في القدس" إشارة إلى أماكن إسلامية مقدسة في الخليل والقدس. وقال فوزي برهوم المتحدث باسم حماس بالأمس إن إسرائيل "تتحمل مسؤولية" الهجمات الصاروخية لأنها "شنت حرباً على الشعب الفلسطيني والأماكن المقدسة والمسجد الأقصى".
وقد سعت حماس لوضع حد لنشاط الجماعات الإسلامية التي طعنت في حُكمها.
وأعلنت الحكومة الإسرائيلية مؤخراً أنها ستضم مواقع مقدسة بالضفة الغربية تخص المسلمين واليهود، ومنها الحرم الإبراهيمي وكهف ماشبيلا في الخليل، إلى خطة "الموروث الوطني" الخاصة بتجديد هذه المواقع. كما افتتحت السلطات الإسرائيلية مؤخراً معبداً في المدينة القديمة بالقدس ومنعت بشكل مؤقت الرجال الفلسطينيين تحت 50 عاماً من الذهاب إلى مسجد الأقصى القريب من المعبد كإجراء أمني ضد الاحتجاجات المُحتملة.
والهجمات المتعمدة أو العشوائية بحق المدنيين تُعد خروقات جسيمة لقوانين الحرب. مثل هذه الهجمات إذا تم ارتكابها عن قصد – أي عمداً أو من واقع الإهمال – تعتبر جرائم حرب خاضعة للمقاضاة الجنائية. محاولة أنصار السنة تبرير هجومها العشوائي بالصاروخ كرد على الإجراءات الإسرائيلية في الضفة الغربية هو تبرير مخالف لقوانين الحرب، التي لا تسمح بتبرير مخالفات أحد الأطراف بسبب مخالفات الطرف الآخر.
وقال جو ستورك: "تذرع أنصار السنة بالإجراءات الإسرائيلية هو تضليل"، وأضاف: "قوانين الحرب لا تسمح أبداً بالهجمات العشوائية بغض النظر عن سلوك الطرف الآخر في النزاع".
وخلص تقرير بعثة الأمم المتحدة لتقصي الحقائق في نزاع غزة الصادر عام 2009، وكانت البعثة برئاسة القاضي ريتشارد غولدستون، إلى أن الجماعات الفلسطينية المسلحة – ومنها حماس – مسؤولة عن جرائم حرب وربما جرائم ضد الإنسانية جراء الهجمات الصاروخية ضد التجمعات السكانية الإسرائيلية.
وأعلنت حماس أنها ستنشئ لجنة للتحقيق في الاتهامات لكن لم تقدم معلومات إضافية عن أعضاء اللجنة أو ولايتها أو نتائجها. وتناقلت التقارير أن حماس زعمت في فبراير/شباط، أثناء إعلان نتائج تحقيقها الداخلي، إنها لم تُسدد الصواريخ إلا نحو أهداف عسكرية إسرائيلية، وأن الضرر اللاحق بالمدنيين كان عرضياً. وقالت هيومن رايتس ووتش إن تحقيقات المنظمة عن هجمات حماس الصاروخية تُظهر أن زعم حماس تعوزه المصداقية.
وقد أودت هجمات الجماعات الفلسطينية المُسلحة بحياة ثلاثة مدنيين إسرائيليين، وهجمات القوات الإسرائيلية قتلت مئات المدنيين الفلسطينيين في نزاع ديسمبر/كانون الأول 2008 – يناير/كانون الثاني 2009.
وفي عام 2004 أودت الهجمات بالصواريخ وقذائف الهاون من قبل الجماعات الفلسطينية المسلحة بحياة عاملين تايلانديين مهاجرين في مستوطنات إسرائيلية في غزة. وقُتل عامل تايلاندي ثالث في غزة في تبادل لإطلاق النار ذلك العام. وسحبت إسرائيل قواتها ومستوطناتها من غزة في عام 2005.