Skip to main content

الولايات المتحدة: سلسلة متاجر وولمارت تنكر حقوق العمال الأساسية

قوانين العمل القاصرة تسهم في وقوع الانتهاكات

قالت هيومن رايتس ووتش في تقريرٍ جديدٍ أصدرته اليوم إن اصرار سلسلة متاجر وولمارت على إساءة استخدام قوانين العمل الأميركية القاصرة يعيق تشكيل النقابات وينتهك حقوق عمال الشركة في الولايات المتحدة.

وخلصت هيومن رايتس ووتش في تقريرها، الذي جاء في 210 صفحة وحمل عنوان "حقوق مُخفضة: انتهاك سلسلة متاجر وولمارت لحق العمال في حرية التنظيم في الولايات المتحدة"، إلى أنه، رغم استغلال كثير من الشركات الأميركية ثغرات قوانين العمل لمنع العمال من تنظيم أنفسهم، فإن عملاق تجارة التجزئة وولمارت يتميز عنها جميعاً بفعل ضخامة حجم جهازه المناهض للنقابات العمالية وتوسعه في استخدام جميع الفرص والموارد المتاحة في هذا الصدد. وكثيرٌ من أساليب هذه الشركة المناهضة للنقابات قانونيةٌ في الولايات المتحدة، رغم أنها مجتمعةً تعمل على إهدار حقوق العمال. إلا أن بعض هذه الأساليب يغفل مراعاة القوانين الأميركية المتساهلة ذاتها.

وقالت كارول بير، الباحثة الرئيسية في حقوق العمال والتجارة في هيومن رايتس ووتش: "ليست لدى عمال وولمارت أية فرصةٍ للتنظيم من الناحية الفعلية؛ لأنهم يواجهون قوانين العمل الأميركية غير المنصفة ويواجهون شركةً عملاقة والتي قد تفعل أي شيءٍ لإبقاء النقابات خارجا"، وتابعت تقول بأن "هذه الضربة المزدوجة تهدر حق العمال في تشكيل النقابات والانضمام إليها".

ويثير سلوك وولمارت قلقاً خاصاً بصفتها ثاني أكبر شركة في العالم. وقد بلغ حجم أعمالها 315.65 مليار دولار، في حين بلغت أرباحها 11.2 ملياراً في السنة المالية التي انتهت في يناير/كانون الثاني 2006. وهي أكبر موظِّفٍ للعمالة في القطاع الخاص الأميركي، فلديها 1.3 مليون عامل أميركي ونحو 4000 متجر في أنحاء البلاد. وليس بين هؤلاء العمال جميعاً من يتمتع بتمثيلٍ نقابي. على أن هيومن رايتس ووتش وجدت أن هذا ليس من قبيل المصادفة على الإطلاق.

وقد كشفت تحقيقات هيومن رايتس ووتش أن وولمارت تبدأ، في معظم الحالات، بتوجيه العمال والمدراء لمعارضة التنظيم النقابي منذ لحظة توظيفهم. ويتلقى المدراء تعليماتٍ واضحة لإبقاء النقابات بعيدةً عن الشركة. وكثيرٌ من هذه التعليمات موجودٌ في كتيب "دليل المدير" الخاص بالشركة، والذي ينص على أنه دليلٌ حول "كيفية منع التدخل النقابي إذا اتخذ المنظمون النقابيون فرعك هدفاً لهم".

وإذا حاول العمال تنظيم أنفسهم، فعلى مدراء المتاجر إبلاغ إدارة الشركة عن طريق الخط الساخن المباشر والمخصص لشؤون النقابات. وسرعان ما تستجيب الشركة بإرسال "فريق العلاقات العمالية" على وجه السرعة لسحق المحاولة.

ومعظم ممارسات فريق العلاقات العمالية تتفق إلى حد ما مع قوانين العمل الأميركية القاصرة؛ إذ يعقد أفراده اجتماعات مصغرة وموسعة للتأثير في جمهور العمال الذي لا حيلة له. ويجري حث العمال بقوة على حضورها؛ وفي تلك الاجتماعات يستمع العمال إلى العواقب الوخيمة لتشكيل النقابات، ويشاهدون تسجيلاتٍ مصورة تؤيد هذه الرسالة. وتحيط وولمارت عمالها بعقيدتها المعادية للنقابات إحاطة السوار بالمعصم، وتتيح القليل من الوقت للرد عليها من جانب المنظمين النقابيين ومؤيدي النقابات؛ فقانون الولايات المتحدة لا يلزمها بذلك.

وقالت كارول بير: "يستطيع صاحب العمل المجاهرة بمناهضة النقابات في مكان العمل في حين يتم منع ممثلي النقابات من دخول مباني الشركة". وتابعت تقول: "يصعب القول إن هذا الوضع يمثل مناخاً انتخابياً حراً وديمقراطياً؛ ولن يضمن العدل في أية منافسةٍ سياسية".

ويخلق استمرار وولمارت في بث دعايتها المعادية للنقابات مناخاً من الخوف في متاجرها بالولايات المتحدة. وكثيرٌ من العمال مقتنعون بأنهم سيواجهون عواقب وخيمة إذا نظموا أنفسهم في نقابةً؛ وذلك جزئياً لأنهم لا يستمعون إلى وجهة النظر المؤيدة للتنظيم النقابي. كما يخاف كثيرون مواجهة الانتقام، بل إمكانية الطرد من العمل أيضاً، في حال عصيان صاحب العمل القوي من خلال تنظيم أنفسهم.

ووجدت هيومن رايتس ووتش أن وولمارت تُعمق مخاوف العمال باستخدام ترسانة من الأساليب غير القانونية المناهضة للنقابات. فقد أرسلت وولمارت مدراء بها لاستراق السمع على الموظفين، ويقول عمالٌ ومدراء سابقون في أحد متاجرها إن الأمر بلغ بها حد تركيب كاميرات لمراقبة مؤيدي التنظيم النقابي. وتقول الشركة للعمال إنهم سيفقدون مكاسبهم إذا نظّموا أنفسهم. كما تقوم، وعلى نحوٍ تمييزي، بمنع الحديث عن النقابات ومنع توزيع نشراتها، في حين تسمح بمناقشة أمورٍ أخرى وتداول المواد غير النقابية. وهي تتخذ تدابير تأديبية بحق مناصري التنظيم النقابي بسبب مخالفاتٍ تغض الطرف عنها عندما يرتكبها مناهضو التنظيم النقابي. كما تقوم بطرد العمال على نحوٍ غير قانوني جراء نشاطهم النقابي.

والعقوبات التي يفرضها قانون العمل الأميركي هي في الحد الأدنى؛ إلى حدٍّ يجعلها لا تشكل رادعاً يُذكر؛ فعند إدانة وولمارت بسلوكٍ غير قانوني، فإنها لا تتلقى سوى ضربةٍ بسيطةٍ على اليد. وفي معظم الحالات، يتم الاكتفاء بأن يوزع أصحاب العمل بيانٍاً في مكان العمل يعد بالتقيد بالقانون مستقبلاً، أو يعيدون الوضع إلى ما كان عليه قبل المخالفة عبر إعادة توظيف العمال المفصولين بشكل غير قانوني ودفع مستحقاتهم المالية. لكنهم لا يواجهون أية غراماتٍ أو إجراءاتٍ عقابية.

وبما أن وولمارت تنكر على عمالها حق تشكيل النقابات، فهم غير قادرين على توحيد قواهم لطرح مخاوفهم من احتمال إقدام الشركة على طرد موظفيها القدامى، أو توجيه نضالهم لكسب أجورٍ بالكاد تكفيهم للعيش، أو الدعوة إلى وضع حدٍّ لارتفاع تكاليف الرعاية الصحية.

والطريق الرئيسي إلى تحسين حماية حق العمال في التنظيم هو إقرار الكونغرس الأميركي "قانون حرية اختيار المستخدمين" وتوقيع إدارة بوش عليه حتى يدخل حيز التنفيذ. وهذا القانون الذي أقره مجلس النواب الأميركي في مارس/آذار يخضع الآن إلى الدراسة في مجلس الشيوخ. وهو يشدد العقوبات المفروضة على انتهاك حقوق العمال. ومن شأنه أن يساعد على استعادة عملية الاختيار النقابي الديمقراطي من خلال إلزام صاحب العمل بأن يعترف بالنقابة إذا وقّع أغلب العمال على بطاقاتٍ تبين تأييدهم لها. أما في الوقت الحالي، فيمكن لأصحاب العمل فرض إقامة انتخابات نقابية ثم ترهيب العمال أثناء فترة الحملة الانتخابية من خلال رسالةٍ عدوانية مناهضةٍ للنقابات.

كما دعت هيومن رايتس ووتش المجلس الوطني لعلاقات العمل، وهو مكلفٌ بإنفاذ قوانين العمل الأميركية، إلى السعي لاستصدار مزيد من الأوامر القضائية الرادعة عند وقوع مخالفات خطيرة من جانب أصحاب العمل، وأن يتم توجيه هذه الأوامر خاصةً ضد من تتكرر مخالفاتهم، مثل وولمارت.

ودعت هيومن رايتس ووتش أيضاً وولمارت إلى الكف عن استخدام جميع الأساليب، قانونيةً وغير قانونية، التي تنتقص من حق العمال في التنظيم، وإلى التقدم خطوةً إلى الأمام (بصفتها رائدةً في مجالها) واتخاذ جانب الحياد إزاء تشكيل النقابات.

وأثناء إعداد تقريرها، أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلاتٍ مع 41 عاملاً ومديراً، حالياً أو سابقاً، في متاجر وولمارت في الولايات المتحدة التي شهدت محاولاتٍ للتنظيم منذ عام 2000. وضم هؤلاء أنصاراً ومناهضين للنقابات، فيما كانت آراء البعض متضاربة. كما اتصلت هيومن رايتس ووتش بوولمارت ثلاث مرات من خلال مراسلاتٍ خطية طالبةً عقد لقاءاتٍ معها للتعرف على وجهة نظرها، إلا أن الشركة رفضت تلك اللقاءات ولم تقدم إلا ردوداً محدودة للغاية.

وقالت بير: "على وولمارت أن تغير سلوكها المناهض للتنظيم النقابي". وأضافت: "عندما تتمكن شركات مثل وولمارت من انتهاك حق العمال الأميركيين في التنظيم على نحوٍ متكرر، فهي تهدد بالخطر أحد الحقوق الأساسية، وهو حقٌّ يجب على الحكومة حمايته".

للاطلاع على تقرير هيومن رايتس ووتش "حقوق مُخفضة: انتهاك سلسلة متاجر وولمارت لحق العمال في حرية التنظيم في الولايات المتحدة"، يرجى زيارة الصفحة:
https://www.hrw.org/reports/2007/us0507/

للاستماع إلى مقابلاتٍ صوتيةٍ بمواصفات البث الإذاعي مع عمال سابقين في وولمارت، يرجى زيارة الصفحة:
https://www.hrw.org/campaigns/walmart/index.htm

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.