قالت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم أنّ على حكومات كل من الأردن واليمن والجزائر أن تسقط فوراً التهم الجنائية الموجّهة إلى المحررين والصحفيين اللذين أعادوا نشر الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد في صحفهم. كما دعت المنظمة اليمن والجزائر وماليزيا إلى رفعٍ فوريٍّ للحظر المفروض على الصحف التي أُغلقت في الأيام الماضية بسبب نشر تلك الرسوم.
وتدرك هيومن رايتس ووتش أنَّ كثيراً من المسلمين يرون في هذه الرسوم، والتي نُشرت في البداية في صحيفةٍ دانمركية في سبتمبر/أيلول، خرقاً للحظر المفروض على تصوير النبي محمد، وأنهم يرون فيها إهانةً جسيمة لمعتقداتهم. لكنَّ على الحكومات ألاّ تمنع حق التعبير أو تعاقب عليه إلا حين يشكّل تهديداً مباشراً بالعنف أو الأذى أو التمييز ضد جماعةٍ أو فرد. وليس نشر هذه الرسوم، أو إعادة نشرها، مما تنطبق عليه هذه المعايير. إنّ المعايير الدولية المعنية مبيّنةٌ بالتفصيل في الورقة التي أعدتها هيومن رايتس ووتش بعنوان: "الاساءة من خلال التعبير: أسئلة وأجوبة بشأن الرسوم الكاريكاتيرية".
وأكد كينيث روث، المدير التنفيذي لـ هيومن رايتس ووتش رفض: " ما تنمُّ عنه الرسوم من تحاملٍ وقلّة احترام، لكنّ ليس من حق الحكومات أن تحبس الصحفيين لمجرد نشرهم ما يُعتبر مسيئاً إلى الدين أو مقلا من احترامه".
ففي 26 يناير/كانون الثاني و2 فبراير/شباط، قامت أسبوعيتان أردنيتان (هما المحور وشيحان) بنشر الرسوم الكاريكاتيرية للنبي محمد والتي نُشرت أول الأمر في صحيفة جيلاندز_بوسطن الدانمركية يوم 30 سبتمبر/أيلول 2005. وقد قال محررا الصحيفتين الأردنيتين أنهما أرادا إظهار سخافة هذه الرسوم، وبالتالي تهدئة الغضب الشعبي، لا إثارته. وقد أنكرا أية نيّةٍ في إثارة حقد المسلمين.
وإثر ذلك، قام مالك صحيفة شيحان بطرد المحرر جهاد المومني. ثم قامت السلطات الأردنية يوم 4 فبراير/شباط باعتقاله، إضافةً إلى محرر المحور هاشم الخالدي، واتهمتهما بمخالفة المادة 278 من قانون العقوبات. وتحظر هذه المادة نشر "أيّة مطبوعةٍ أو كتابةٍ أو صورةٍ أو رسمٍ أو رمزٍ يؤدي إلى جرح المشاعر أو المعتقدات الدينية لأشخاص آخرين".
وفي 6 فبراير/شباط، وجّهت السلطات الأردنية اتهامات جديدة إلى هذين المحررين بموجب قانون الصحافة والنشر. وتنص المادة 5 من ذلك القانون على "منع [الصحافة] من نشر كل ما... يتعارض مع قيم الأمة العربية والإسلامية"؛ أمّا المادة 7 "فتحظر نشر كل ما يمكن أن يثير النعرات الطائفية بين المواطنين بأية صورة من الصور". وقد أُفرج عن المحررين بكفالة يوم 12 فبراير/شباط، لكن عليهما المثول أمام المحكمة في وقتٍ لاحق من هذه الأسبوع.
وفي 9 فبراير/شباط، أصدر مجلس الوزراء الماليزي أمراً بتعليق صدور الجريدة اليومية المحلية "ساراواك تريبيون" إلى أجل غير مسمى بسبب قيامها بنشر الرسوم الكاريكاتيرية في الرابع من فبراير/شباط. كما أعلنت السلطات الماليزية أن قيام أي شخص بنشر أو طباعة أو استيراد أو توزيع تلك الرسوم يشكل جريمة. ورغم كون المظاهرات المحتجة على الرسوم في ماليزيا سلميةً فقد قالت السلطات أن الصحيفة تصرفت بشكل غير مسؤول ومن دون مراعاة للحساسية مما ساهم في زيادة الفوضى العامة. وقد طردت الصحيفة المحرر الذي نشر الرسوم.
أما السلطات اليمنية فقد اتخذت إجراءات عنيفة رداً على هذه الرسوم. ففي الأيام الماضية أغلقت السلطات اليمنية ثلاث صحف واحتجزت ثلاثة صحفيين على الأقل بسبب إعادة نشرها. وطبقاً لمسؤولين يمنيين فإنّ المحتجزين هم محمد الأسعدي رئيس تحرير يمن أوبزرفرالناطقة بالإنكليزية، و عبد الكريم صبرة مدير تحرير صحيفة الحرية الأسبوعية، و الصحفي في صحيفة الحرية يحيى العابد. كما أصدرت النيابة العامة مذكرة توقيف بحق كمال العلفي رئيس تحرير صحيفة الرأي العام.
وذكرت التقاريرة الواردة من اليمن أنّ هؤلاء الصحفيين اليمنيين يواجهون تهمة مخالفة المادة 103 (أ) من قانون الصحافة والمطبوعات رقم 25 لعام 1990، والتي تحظر "المنشورات التي تسيء إلى الدين الإسلامي ومبادئه السامية أو التي تهين الديانات السماوية والمعتقدات الإنسانية". وقالت تلك التقارير أنّ وزارة الإعلام اليمنية قد سحبت تراخيص هذه الصحف الثلاث.
وفي الجزائر، أفادت التقارير أنّ السلطات قد أغلقت صحيفتين واعتقلت محرريهما بسبب طباعة تلك الرسوم. وتم اعتقال كامل بوسعد مدير تحرير اسبوعية بانوراما في 8 فبراير/شباط، كما واعتقل بركان بودربالة محرر جريدة السفير الأسبوعية والتي تصدر ملحقا أسبوعيا دينيا باسم "الرسالة" باللغة العربية يوم 11 فبراير/شباط. كما أُغلقت الصحيفتان.
وبموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، يمكن تقييد حرية التعبير حمايةً للسلامة العامة وحقوق الآخرين؛ لكنّ ذلك التقييد لا يحدث في أي مجتمع ديمقراطي الا بسبب "ضرورة" قصوى. وغالباً ما تكون القوانين الخاصة بالتجديف، وما أشبهها من قوانين تضع قيودا على حرية التعبير ، غامضة الصياغة وتسمح للحكومات بتفسيرها على هواها. كما ويجب حماية حرية التعبير وان تناول ديناً بالتحقير ومهما انطوى على اساءة، وذلك بعكس الكلام الذي يحرِّض على القيام بأفعال غير قانونية ضد من يؤمنون بذلك الدين.