Skip to main content

حذرت منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم من أن المدنيين العراقيين قد يواجهون مشقة هائلة إذا ما حالت الحرب بينهم وبين سبل الحصول على الغذاء والماء، أو اضطرتهم للحاق بمئات الآلاف من النازحين الذي شردوا من ديارهم فيما مضى

جاء ذلك في تقرير يقع في 25 صفحة، أصدرته منظمة هيومن رايتس ووتش اليوم، وتصف فيه الوضع الفريد في العراق الذي يحمل في طياته كوامن كارثة إنسانية محتملة؛ فمعظم المدنيين العراقيين يعتمدون على بنية أساسية مركزية في تلبية احتياجاتهم من الطعام والماء وخدمات الصرف الصحي، وهي خدمات يمكن أن تعطلها الحرب على الفور.

وقالت هيومن رايتس ووتش إن إمكانية وقوع أزمة إنسانية تبلغ حداً خطيراً بنوع خاص في المناطق الوسطى والجنوبية من العراق، إذ من المحتمل أن عشرات الآلاف من سكان هذه المناطق يعتمدون اعتماداً كلياً على حصص التموين الحكومية، وقد يواجهون على الفور نقصاً خطيراً في المواد التموينية.
أما إذا وقع صراع طويل الأمد، فقد يلحق هؤلاء السكان بالعدد الضخم من النازحين العراقيين.
وتقول أليسن باركر، الخبيرة المختصة بحماية اللاجئين في منظمة هيومن رايتس ووتش
"إن تعطل الخدمات المركزية في العراق سوف تكون آثاره على المدنيين بالغة السرعة والشدة"
. وجدير بالذكر أن منظمة هيومن رايتس ووتش لا تتخذ موقفاً أو آخر بشأن مشروعية استخدام القوة العسكرية، بما في ذلك أي عمل عسكري محتمل تقوده الولايات المتحدة في العراق؛ وإنما يتمحور عملها بشأن العراق حول انتهاكات حقوق الإنسان المستمرة، وحول التزام كافة الأطراف، في حالة نشوب حرب، بالقانون الإنساني الدولي وضمانات حماية المدنيين العراقيين.

وتشير تقديرات الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية إلى أن هناك ما يتراوح بين 700 ألف ومليون من النازحين عن ديارهم داخل العراق، وما يتراوح بين مليون ومليونين من اللاجئين خارج البلاد. وقد أعربت وكالات الأمم المتحدة في ديسمبر/كانون الأول الماضي عن توقعها بأن يؤدي اندلاع الحرب في العراق إلى نزوح مليون ومائة شخص آخرين عن ديارهم داخل العراق، بينما يصبح 900 ألف في عداد اللاجئين خارج البلاد.

ورغم أن نذر الحرب تلوح في الأفق منذ عدة أشهر، فإن الحكومات المانحة للمعونات ووكالات الأمم المتحدة لم تقم بأي استعدادات علنية للأزمة الإنسانية؛ وقالت باركر
"إن الوكالات والحكومات تحجم عن الاستعداد بصورة علنية لشيء لا تؤيده بالضرورة؛ ولكن بدون نشر التفاصيل علناً وتنسيق الجهود، قد تكون الاستجابة للأزمة غير وافية".
وإذا ما قررت الولايات المتحدة وحلفاؤها شن الحرب على العراق وبسط سيطرتها وسلطتها العسكرية على أراضيه، فسوف تصبح مسؤولة بموجب القانون الدولي عن تلبية الاحتياجات الإنسانية للسكان، بما في ذلك النازحون؛ كما يجب على دولة الاحتلال توفير الأمن أو السماح للمدنيين بالابتعاد عن الخطر، سواء داخل العراق أم خارجه.

وثمة مسؤوليات تقع على عاتق الدول المجاورة هي الأخرى؛ فعلى النقيض من حالات الصراع الأخرى، حيث يكون بوسع اللاجئين عبور الحدود الدولية بحثاً عن ملاذ آمن، فمن الجائز أن يجد المواطنون العراقيون أنفسهم محاصرين في غمار الصراع الدائر في وطنهم، فلا تتيسر لهم سبل الفرار. وقد صدرت عن إيران، التي تؤوي حالياً أكبر تجمع من اللاجئين في العالم، إشارات مختلطة فيما يتعلق بما إذا كانت سوف تسمح للاجئين العراقيين بدخول أراضيها. أما تركيا فما برحت منذ عدة أشهر تقول بلا مواربة إنها لن تفي بالتزامها الدولي بالسماح للاجئين بدخول أراضيها، وسوف تقيم مخيمات للاجئين داخل العراق. وتقول باركر:
"يجب على تركيا فتح حدودها أمام اللاجئين الفارين من الأزمة الطارئة في وطنهم".
وخارج المنطقة المباشرة للصراع، عمدت الحكومات الغربية أيضاً إلى منع العراقيين من طلب اللجوء في أراضيها؛ فأوروبا على وجه الخصوص لديها سياسات قائمة وُضعت خصيصا لمنع العراقيين من الدخول؛ وتشمل هذه الإجراءات القيود الخاصة بالتأشيرات، والسياسات التي تقضي بإعادة اللاجئين العراقيين إلى "دولة ثالثة آمنة"، مثل تركيا، أو إلى مناطق داخل العراق يُزع أنها "آمنة"، مثل شمال العراق. وتدعو منظمة هيومن رايتس ووتش في تقريرها إلى إلغاء جميع هذه السياسات التقييدية بالنسبة للعراقيين الفارين الآن، أو من جراء الحرب.
ومما يزيد من وطأة المشكلات التي يعاني منها العراق ما يتسم به تاريخه من حوادث التهجير القسري الذي ترعاه الحكومة؛ ففي مدينة كركوك الغنية بالنفط شمالي العراق، على سبيل المثال، تم تهجير نحو 120 ألف عراقي من أبناء الأقليات العرقية في إطار حملة "التعريب" القسرية التي قامت بها الحكومة؛ وأصبحت هناك عائلات جديدة تقيم الآن في المنازل السابقة للمهجَّرين؛ وفيما بعد الصراع في العراق من المرجح أن يعود المهجرون إلى ديارهم الأصلية ليجدوا عائلات أخرى مقيمة فيها. وتقول باركر
"إن انعدام الأمن لا يترتب على القتال فحسب، وإنما ينشأ أيضاً عندما يتعذر على النازحين واللاجئين إعادة بناء حياتهم؛ وقد ينجم الصراع عن مشاكل أساسية تتعلق بنقص الغذاء أو الماء، أو نشوب نزاع بين العائلات المهجَّرة على ملكية عقار ما"
وفيما يلي بعض التوصيات الرئيسية الواردة في تقرير المنظمة:
على الحكومة العراقية، أو دولة الاحتلال في حال نشوب الحرب، تلبية الاحتياجات الإنسانية للمواطنين العراقيين وضمان أمن السكان المدنيين، أو السماح للمدنيين بحرية التنقل بمحض إرادتهم إلى حيث يصبحون في مأمن من الأخطار، سواء داخل العراق أم خارجه.
على الدول المجاورة للعراق أن تفتح حدودها أمام اللاجئين، وألا تتخذ وجود مخيمات أو مناطق آمنة عبر الحدود ذريعةً لسحب ضمانات حماية اللاجئين أو لصد أولئك الذين يحاولون عبور الحدود.
على الحكومات المانحة للمعونات والوكالات الإنسانية وضع خطط للتصدي للعواقب الإنسانية لأي حرب محتملة في العراق، مع إيلاء الاهتمام بنوع خاص للتعاون فيما بينها على نحو يكفل تقديم معونات الإغاثة الإنسانية والحماية للسكان المعرضين للخطر، على وجه السرعة وبصورة فعالة، في حالة نشوب صراع مسلح.
على الحكومات خارج المنطقة السماح لطالبي اللجوء العراقيين بتقديم طلبات لجوئهم للبت فيها من خلال إجراءات عادلة وفعالة، وتهيئة أماكن إضافية عاجلة لتوطين اللاجئين العراقيين الذين قد يكونون عرضة للخطر في المنطقة.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة