(نيويورك) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الحكومة الصينية تفرض قيودا، وشروطا، وضوابط صارمة على الأويغور الذين يسعون إلى السفر إلى الخارج، في انتهاك لحقهم المحمي دوليا بمغادرة البلاد. سمحت الحكومة للأويغور في الشتات بإجراء زيارات مقيّدة إلى شينجيانغ، ولكن بهدف تقديم صورة عامة أن الوضع طبيعي في المنطقة على ما يبدو.
منذ بدء "الحملة الضاربة" التي تنطوي على انتهاكات والتي شنتها الحكومة الصينية في "إقليم شينجيانغ الأويغوري ذاتي الحكم" عام 2016، صادرت السلطات الصينية تعسفا جوازات سفر السكان الأويغور في المنطقة، وسجنت أشخاصا أويغور لاتصالهم بأشخاص في الخارج. في حين تسمح السلطات الآن لبعض الأويغور بتقديم طلب للحصول على جوازات سفر أو تعيد الجوازات للسفر الدولي، إلا أنها تمارس سيطرة مشددة على أولئك الذين يسافرون.
قال يالكون أولويول، باحث الصين في هيومن رايتس ووتش: "سمح التراجع الطفيف في قيود السفر التي تفرضها الصين لبعض الأويغور بلقاء أحبائهم في الخارج لفترة وجيزة بعد انقطاع أخبارهم لسنوات، لكن قيود السفر التي تفرضها الحكومة الصينية لا تزال تُستخدم لقمع الأويغور في شينجيانغ وفي الشتات. تواصل الحكومة الصينية حرمان الأويغور من حقهم في مغادرة البلاد، وتقييد تعبيرهم وقدرتهم على تشكيل الجمعيات عندما يكونون في الخارج، ومعاقبتهم على إقامة علاقات مع أشخاص بالخارج".
أجرت هيومن رايتس ووتش مقابلات مع 23 من الأويغور خارج الصين، وراجعت وثائق رسمية ذات صلة.
قال الأويغور الذين غادروا شينجيانغ مؤخرا أو التقوا بأقارب من شينجيانغ إن الأويغور في الصين الذين يتقدمون بطلب لزيارة دولة أجنبية عليهم التصريح للسلطات عن غرض السفر. كما يُطلب من مقدمي الطلبات لأغراض عائلية تقديم دعوة من أحد أفراد العائلة في الخارج، إلى جانب معلوماتهم الشخصية، وعنوانهم، وحالتهم الوظيفية، ووثائق أخرى.
يأتي إذن السفر مع قواعد صارمة: على المسافرين عدم التعاطي مع النشطاء في الخارج أو التحدث بشكل منتقد مع الحكومة الصينية، ويجب أن يعودوا خلال فترة محددة، قد تتراوح من بضعة أيام إلى عدة أشهر. في حالة السفر لأغراض العمل، يُسمح للأويغور بزيارة دول معينة فقط، مثل كازاخستان، ويُحظر عليهم زيارة "الدول الحساسة" ذات النسبة الكبيرة من السكان المسلمين، مثل تركيا.
قال أحد الأويغور الذين حُرم قريبه في الصين من جواز سفر: "أظهرت لهم الشرطة صورتي وسألوني، هل تعرف هذا الشخص؟ قال [القريب] نعم. ثم قالت له الشرطة أن ينسى جوازات السفر".
قال أشخاص عدة قابلتهم هيومن رايتس ووتش إن السلطات أخبرتهم أنه "يمكن لشخص واحد فقط من كل عائلة [السفر] في الوقت نفسه"، ما يعني فعليا احتجاز أفراد أسرهم المباشرين رهائن لضمان عودتهم. قال بعضهم إن السلطات ألزمتهم أيضا بتقديم "ضامن" – غالبا مسؤول آخر يضمنهم - قبل منحهم الإذن بالسفر. عدم الامتثال لهذه القواعد يعرّض الضامن أو أفراد الأسرة لخطر العقوبات القاسية. أثناء وجود الأشخاص الذين سُمح لهم بالسفر في الخارج، كان مسؤول محدد يتفقدهم بانتظام ويطلب منهم تحديثات عن أنشطتهم اليومية، وعند عودتهم، صادرت السلطات جوازات سفرهم مرة أخرى واستجوبتهم حول بشأن رحلتهم والأويغور في الدول التي زاروها.
تمكن بعض الأويغور الذين يعيشون في الخارج من زيارة شينجيانغ بعد عمليات تدقيق صارمة. إلا أن عائلات الأشخاص الذين يحملون جوازات سفر أجنبية تؤهلهم للسفر بدون تأشيرة إلى الصين أخبرتهم أن عليهم إلى الخضوع للتدقيق عن خلفيتهم والحصول على موافقة مسبقة من "لجنة الحي"، وهي وحدة حكومية شعبية، والشرطة المحلية حيث تعيش عائلاتهم. بمجرد العودة إلى بلداتهم الأصلية في شينجيانغ، استُجوب البعض أو أُلزِموا بالإقامة في الفنادق، وليس منازل أقاربهم.
يواجه الأويغور المواطنون في دول تحتاج إلى تأشيرة لزيارة الصين إجراءات تقديم أطول بكثير. يمكن أن تستغرق العملية حتى ستة أشهر، إذ تجري البعثات الدبلوماسية الصينية في الخارج تدقيقا متعمقا في تاريخهم. حتى المشاركة في أنشطة الشتات غير السياسية، مثل إرسال أطفالهم إلى مدارس اللغة الأويغورية أو حضور حفل زفاف بحضور نشطاء أويغور، قد يؤدي إلى رفض التأشيرة.
وجّهت البعثات الدبلوماسية الصينية بعض الأويغور الذين يعيشون في الخارج للانضمام إلى جولات منظمة رسميا إلى شينجيانغ تستضيفها "دائرة عمل جبهة شينجيانغ المتحدة"، وهي هيئة تابعة لـ "الحزب الشيوعي الصيني". للمشاركة في هذه الجولات، على الأفراد تقديم نسخة من بطاقاتهم الشخصية الصينية وجوازات سفرهم وعناوين منازلهم في شينجيانغ إلى البعثة. ثم تُرسَل القائمة إلى الصين حيث تمر عبر إدارات مختلفة مثل الشرطة، بما يشمل مركز الشرطة المحلي، ومكتب الأمن العام، والوحدة المسؤولة عن مكافحة الإرهاب، وكذلك لجان الأحياء.
لا يمكن إلا للأشخاص المعتمدين الانضمام إلى الجولة الرسمية. يُطلب من الأويغور الذين يحملون جوازات سفر أجنبية أيضا التخلي عن جنسيتهم الصينية للمشاركة في هذه الجولات. قال الأويغور إنهم انضموا إلى هذه الجولات الرسمية لأنها خيار أكثر أمانا، وهي أيضا أسرع مع عملية طلب تأشيرة أسهل، مقارنة بزيارة المنطقة بمفردهم، والتي تعرّضهم لاحتمال الاستجواب من قبل الشرطة وحتى الاحتجاز.
وصف الأويغور الذين شاركوا في هذه الجولات كيف كانوا يخضعون لمراقبة دقيقة من قِبَل منظِّميهم من الجبهة المتحدة، وقالوا إنهم اضطروا إلى طلب الإذن لزيارة عائلاتهم، والتحدث باللغة الصينية الماندرينية، حتى فيما بينهم. كما أفادوا أنهم أُجبِروا على المشاركة في أنشطة دعائية، مثل تزويدهم بنص مكتوب ــ مع تدوينات بحروف لاتينية أو تسجيلات صوتية لمن لا يجيدون الماندرينية ــ يشيد بالحزب الشيوعي على سياساته في شينجيانغ.
من خلال هذه الزيارات والجولات الخاضعة للرقابة، واصلت الحكومة الصينية السيطرة على الأويغور في الشتات، الذين ظل بعضهم صامتين أو تجنبوا النشاط في القضايا وحتى الأنشطة الثقافية الأويغورية على أمل استئناف الاتصال بعائلاتهم وزيارة المنطقة. لطالما مارست السلطات الصينية القمع العابر للحدود ــ انتهاكات حقوق الإنسان المرتكبة خارج حدود الدولة للحد من المعارضة ــ ضد الأويغور الذين يعيشون في الخارج، واستهداف الناشطين ومنتقدي الحكومة الصينية، وعائلاتهم في شينجيانغ.
وفقا للالتزامات القانونية الدولية للصين، على الحكومة الصينية السماح للأويغور بالسفر بحرية، والتوقف عن معاقبة من لديه علاقات مع الخارج، وإنهاء التدابير القمعية ضد الأويغور في الشتات. على الحكومات المتضررة ضمان حماية حقوق الإنسان لجميع مواطنيها والمقيمين ضد جميع أشكال القمع العابر للحدود الوطنية من قبل الحكومة الصينية.
قال أولويول: "يواجه الأويغور شروطا ومتطلبات صارمة إذا أرادوا لم شملهم لفترة وجيزة، أو حتى مجرد التواصل مع أفراد أسرتهم في الصين. الاتصال بالأحبة في الخارج أو زيارتهم يجب ألا يكون امتيازا يُمنح لبضعة من الأويغور، بل هو حق يجب أن تلتزم الحكومة الصينية باحترامه".
قيود السفر ومضايقة الأويغور
للحكومة الصينيّة تاريخ من السياسات التميزيّة ضدّ الأويغور في ما يتعلق بجوازات سفر الأويغور، حيث ظلّوا خاضعين لشروط صارمة جدّا عند التقدّم بطلبات للحصول على جوازات سفر. منذ بدء "الحملة الضاربة" المنتهِكة في 2016، أجبرت السلطات الصينيّة أيضا سكّان شينجيانغ على تسليم جوازات سفرهم "للحفاظ عليها"، وتوقفت عن تجديد جوازات سفر الأويغور الذين يعيشون في الخارج.
الأويغور الذين يُسمح لهم بالسفر إلى الخارج هم من أورومتشي، العاصمة، ومدينتين أخريين في شمال شينجيانغ. ما يزال معظم الأويغور غير قادرين على مغادرة الإقليم، بينما ظلّ الكثير من المقيمين في الخارج بلا أخبار عن عائلاتهم، وخاصة الذين يقبعون في السجن لفترات طويلة.
روّجت الحكومة الصينية لمثل هذه الزيارات في وسائل الإعلام الرسميّة ومن خلال منشورات على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل الأويغور المرتبطين بالحكومة في محاولة على ما يبدو لتلميع انتهاكاتها الحقوقية في الإقليم. في هذه المقالات، عادة ما يتحدث المشاركون الأويغور عن "التغييرات المبهجة في شينجيانغ" ويقولون إنّهم "يشعرون بالدفء العميق ... من الوطن الأم".
المنهجيّة
بين أكتوبر/تشرين الأول 2024 وفبراير/شباط 2025، قابلت هيومن رايتس ووتش 23 أويغوريا يعيشون في تسع دول - كندا وفرنسا وألمانيا واليابان وقيرغيزستان والنرويج وهولندا وبريطانيا وتركيا - بالإضافة إلى خبيرين يعملان على شؤون الشتات الأويغوري. كان للأشخاص الذين قابلناهم بعض الأقارب الذين سُمح لهم بالسفر إلى الخارج لزيارات قصيرة، أو زاروا هُم شينجيانغ بأنفسهم في جولات ترعاها الحكومة الصينية. غادر زوجان شينجيانغ بشكل دائم في السنوات الأخيرة، بعد مسار طويل من أجل الحصول على جوازات وتصاريح سفر.
راجعت هيومن رايتس ووتش أيضا صورا ووثائق وسجلات دردشة على وسائل التواصل الاجتماعي تتعلّق بالجولات التي نظمتها الحكومة، بالإضافة إلى مصادر متاحة علنا على الإنترنت، بما في ذلك مقالات في الصحف الحكوميّة الصينيّة وتطبيق "دوين" (Douyin)، النسخة الصينيّة من "تيك توك"، وفيديوهات نشرها أشخاص زاروا شينجيانغ.
حجبنا المعلومات المتعلّقة بهويّة الأشخاص الذين قابلناهم لحمايتهم.
أطلعت هيومن رايتس ووتش الحكومة الصينيّة على نتائجها، وراسلتها لطلب تعليقات، لكنّها لم تردّ.
الأويغور المسافرون خارج شينجيانغ
قال شخص من الأويغور مقيم في الخارج إنه تمكّن من مقابلة والدته بعد ثماني سنوات من الانفصال، لكنّ ذلك تمّ في بلد ثالث، كانت الأم قد حصلت على إذن بزيارته لأغراض تجاريّة. تمكّنت من القيام بذلك بعد الخضوع لفحص صارم والموافقة على أمر بالتزام الصمت:
سُمح لها بالسفر إلى الخارج لمدة 15 يوما فقط. أمرتها لجان الأحياء والشرطة المحليّة بعدم التعامل مع "الأشخاص الخطرين"، وعدم قول أشياء سيّئة عن الحكومة، والعودة قبل الفترة المسموح بها. كنت أتمنى أن تبقى معنا بشكل دائم، لكن كان عليّ تركُها تعود لأنّه بخلاف ذلك، قد تُصادَر أصولنا، وقد يواجه أقارب آخرون عقوبات.
قال شخص آخر إنّ الشرطة عمدت فعليّا إلى أخذ أفراد أسرته كرهائن للسماح لوالدهم بالسفر:
كان والدي يحمل جواز سفر قديم، صادرته لجنة الحيّ قبل بضع سنوات. كان لديه كفيل يعمل في الحكومة. سمحت السلطات بسفره هو فقط، وقالوا: "قد تتمكّن زوجتك من السفر بمجرد عودتك". سُمح له بزيارة لمدّة شهر بعد فحص أمني صارم وتوقيع خطاب وعد [بالامتثال للقيود]. حاول تمديد إقامته، لكنّه لم يتمكّن من الحصول على إذن، لذلك عاد، على أمل أن تتمكّن والدتي من السفر بعده. لكنّ السلطات لم تُصدر جواز سفر لها، وطلبت منها الانتظار.
قال شخص آخر إنّ مسؤولين استجوبوا والده بعد عودته إلى شينجيانغ:
زار مسؤولون من لجنة الحيّ ومركز الشرطة المحلّي ومكتب الأمن العام والدي بعد عودته. سألوه عن الأشخاص الذين التقى بهم، وأين ذهب، وماذا قال للناس. قال: "لم أقابل أحدا". وهذا صحيح، فحتى مطاعم الأويغور لم نذهب إليها لتجنب الانتباه ومراقبة الصين.
الأويغور الذين يعيشون في الخارج ويسافرون إلى شينجيانغ
السفر الفردي
قال بعض الأويغور إنّه يتعيّن على حاملي جوازات السفر الأجنبية المؤهلين لدخول الصين دون تأشيرة الخضوع لفحص أمني قبل زيارة شينجيانغ. قال شخص مطّلع على الوضع:
يسافر العديد من الأويغور الحاملين لجوازات سفر أوروبية إلى الوطن للقيام بزيارات عائلية قصيرة باستخدام نظام الإعفاء من التأشيرة. يحتاج كل من ينوي السفر إلى الحصول على إذن من لجنة حيهم الأصلي والشرطة، وإظهار خطاب الموافقة عند الحدود. تم استجواب بعضهم، بينما أمرت السلطات آخرين بالبقاء في فندق بدلا من منازل أسرهم. كانت معظم هذه الرحلات إلى أورومتشي، وعدد قليل من المدن الأخرى في شمال شينجيانغ.
قال معلّم في مدرسة للأويغور في الخارج إنّ آباء وأمهات طلابه حُرموا من تأشيرات لدخول الصين فقط لأنهم أرسلوا أطفالهم إلى المدرسة الأويغوريّة:
أبلغت الشرطة الصينيّة والبعثات الدبلوماسيّة الصينية اثنين على الأقل من آباء وأمهات طلابنا أنّ الذهاب إلى مدرسة لغة أويغورية [في هذا البلد] يشكّل "عقبة" أمام سفرهم وسفر عائلاتهم [إلى شينجيانغ]. كانت هناك حالات رفض أخرى لمنح تأشيرة لهذا السبب. والآن، توقف الكثيرون عن إرسال أطفالهم إلى مدرسة اللغة. كانت مدرستنا تعمل منذ 2014، لكن منذ يناير/كانون الثاني 2025، توقفنا عن العمل لأن فصولنا الدراسية أصبحت فارغة.
قال شخص آخر:
في حفل زفاف أقيم مؤخرا، طلب المضيفون من بعض النشطاء الأويغور عدم الحضور، حيث كان هناك أقارب للعريس والعروس ينوون السفر ذهابا وإيابا [إلى شينجيانغ]. من غير المقبول أن تخضع المناسبات الاجتماعية لمراقبة من الحكومة الصينية، فهذا يزيد من انعدام الثقة بين أفراد المجتمع.
زيارات إلى شينجيانغ برعاية الحكومة
قال شخص من الأويغور كان قد شارك في جولة رسميّة في شينجيانغ مؤخرا:
لم أكن أعرف ما إذا كنت سأحظى بفرصة أخرى لرؤية عائلتي، ولهذا السبب اخترتُ المشاركة في الجولة. أدركتُ أنّ كل شيء كان مدبّرا، وكانت الجولة خاضعة لمراقبة دقيقة من قبل الشرطة، وكان عليّ أن أطلب الإذن من لجنة الحيّ والشرطة المحلية للبقاء مع عائلتي بعد الجولة.
قال شخص آخر:
رحّب بنا "قسم عمل الجبهة المتحدة في شينجيانغ"، وأخذونا على الفور في جولة. يمكن أن تستمر الجولة ما بين سبعة و 15 يوما، بحسب البرنامج. كُنّا جميعا من الأويغور، حتى المرشدون السياحيون، لكن طُلب من الجميع التحدث باللغة الصينية. زُرنا المتاجر والمتاحف والمساجد، كأيّ جولة دعائية نموذجية يمكنك مشاهدتها على "يوتيوب". في اليوم الأخير كان هناك اجتماع مع مسؤولين رفيعي المستوى. أُعطي لبعضنا نصوص كتبها المسؤولون، لنعبّر من خلالها عن امتناننا للحكومة الصينية. بعد الجولة، وبعد التسجيل والحصول على موافقة لجنة الحي المحلية وقسم الشرطة، تمكنتُ من قضاء بضعة أيام مع عائلتي.
تحدّث شخص آخر عن تجربة مماثلة:
بدا كلّ شيء مزيفا وقد أُعدّ خصّيصا لنا. لكن عندما تجوّلت في المدينة، رأيتُ المساجد فارغة، والرجال بلا لحى، والأطفال الصغار لا يستطيعون التحدّث باللغة الأويغوريّة. بالكاد تمكنتُ من التعرف على المدينة التي عرفتها ذات يوم.
التأثير على الشتات الأويغوري
الكثير من الأويغور الذين يعيشون في الشتات لا يستطيعون الاتصال بأقاربهم. قال واحد منهم:
طلب منّي بعض الأشخاص المقرّبين من البعثات الدبلوماسية الصينيّة هنا زيارة الوطن مع مجموعات ترعاها الحكومة. أنا لست ناشطا، ولديّ جواز سفر أجنبي. ربّما أستطيع العودة إذا أردت ذلك حقا. لكن، عندما أخبرتهم عن والديّ، اللذين يقضيان الآن فترات سجن طويلة دون سبب، توقفوا عن الاتصال بي. أسأل نفسي: هل لدي عائلة متبقية لأعود إليها؟
خاض شخص آخر تجربة مماثلة، وهو لا يرغب في المخاطرة بالذهاب إلى شينجيانغ:
اتصل بي شخص مقرّب من القنصلية الصينية واقترح عليّ زيارة عائلتي في الوطن. كان ينوي "غسل دماغي"، قائلا إنّه من الجيد أن أذهب، ويمكنه ضمان عودتي سالما. لكنّني أعرف أشخاصا عادوا مرعوبين من الوضع في الوطن. في العلن، لن يقولوا أي شيء سلبي عن تجاربهم، لأنّ الحكومة أمرتهم بذلك، لكن في الخفاء، أخبرني ثلاثة أشخاص على الأقل أنهم استُجوبوا عندما عادوا وأُجبِروا على التوقيع على بعض الأوراق. قالوا إنّهم لن يعودوا مرة أخرى أبدا. أنا لا أنوي الذهاب.
قال العديد من الأويغور الذين كانوا يبحثون عن أقارب محتجزين أو مختفين قسرا خلال "الحملة الضاربة" إنهم ما زالوا لا يتلقون أي أخبار من عائلاتهم، وأعربوا عن مخاوفهم من أنّ جهود الحكومة الصينية للترويج لصورة الحياة الطبيعية في شينجيانغ لها تأثير سلبي على الشتات:
الأشخاص الذين أثبتوا ولاءهم للحكومة الصينية يُمنحون هذه الزيارات "المميّزة". المشاركة السياسيّة باتت في تراجع، حيث أصبح لدى المزيد من الناس الآن خطط بالعودة، وبالتالي فهم يبقون بعيدا عن "المتاعب" ويتبعون ما تقوله الحكومة.
قال شخص كان قد التقى عائلته خلال زيارة قصيرة:
كان الأمر لا يُصدّق. لم أستطع تصديق [لم شملي مع أفراد الأسرة]. بدا الأمر مستحيلا. وفي الوقت نفسه، شعرتُ بحزن شديد عندما تذكرت أصدقائي الذين لم يعد لديهم أي اتصال بعائلاتهم. كيف يمكنني أن أتصرف وكأن شيئا لم يحدث خلال السنوات السبع الماضية؟
الجرائم ضدّ الإنسانية في شينجيانغ
ارتكبت الحكومة الصينية على مدى عدة سنوات قمعا شديدا في شينجيانغ يرقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية، يُفترض أنه لإجبار الأويغور على الاندماج في ثقافة "الهان" السائدة في الصين. تشمل الانتهاكات المرتكبة ضد الأويغور وغيرهم من المسلمين التُرك الاعتقال التعسفي الجماعي، والسجن، والتعذيب، والاختفاء القسري، والمراقبة الجماعية، والاضطهاد الثقافي والديني، وفصل الأسر، والعمل القسري، والعنف الجنسي، وانتهاكات حقوق الإنجاب. كما أخضعت السلطات الصينية الأويغور في الخارج لأشكال مختلفة من القمع العابر للحدود. منذ 2016، جعلت السلطات في شينجيانغ العلاقات الأجنبية جريمة يعاقب عليها القانون. تعرّض الأويغور الذين زاروا إحدى "الدول الحساسة الـ26"، والتي تضم في الغالب دولا ذات أغلبية مسلمة، مثل كازاخستان ومصر وتركيا وماليزيا وإندونيسيا، والذين لديهم عائلة هناك، أو يتواصلون بطريقة أخرى مع الناس هناك، إلى الاستجواب والاحتجاز، وفي العديد من الحالات إلى المحاكمة والسجن.
القانون الصيني والدولي
ينص "قانون إدارة الدخول والخروج" في الصين في المادة 12(5) بشكل عام على أنّه يُمكن منع المواطنين الذين "قد يعرّضون الأمن القومي أو المصالح الوطنية للخطر" من مغادرة البلاد. وعلى نحو مماثل، يسمح "قانون جوازات السفر" في المادة 13 للسلطات برفض منح جوازات السفر لمن يُعتبر رحيلهم "مُضرّا بالأمن القومي، أو سيتسبب في خسائر كبيرة للمصالح الوطنية".
الحق في حرية التنقل معترف به في "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، الذي يُعتبر انعكاسا للقانون الدولي العرفي، و"العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي وقعت عليه الصين. بموجب المادة 12 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، "لكل فرد حرية مغادرة أي بلد، بما في ذلك بلده".
ذكرت "لجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة"، في تعليقها العام على الحق في حريّة التنقل، أنّه "نظرا لأنّ السفر الدولي يتطلب عادة وثائق مناسبة، ويتطلب جواز سفر بالتحديد، فإنّ الحق في مغادرة بلد ما يجب أن يشمل الحق في الحصول على وثائق السفر اللازمة". لا يجوز للحكومات تقييد حرية التنقل، إلا إذا "نصّ عليها القانون"، "لحماية الأمن القومي أو النظام العام أو الصحة العامة أو الآداب العامة أو حقوق الآخرين وحريّاتهم".
يجب أن تكون هذه القيود غير تمييزية، وضرورية لتحقيق هدف أو أكثر بشكل مشروع، ومتناسبة مع الهدف المنشود، وأن تكون أقل التدابير الممكنة تقييدا لتحقيق هذه الأهداف. كما يجب أن تكون القيود التي تستدعي أهدافا مشروعة، مثلا، واضحة في تحديد كيفية تهديد الأمن القومي، إذا سُمح للأشخاص الممنوعين بالمغادرة.
الممارسات الحالية في شيغيانغ تنتهك حق الأويغور في مغادرة البلاد لأنها تعسفية وتمييزية.