في 22 سبتمبر/أيلول، أصدر الرئيس السوري بشار الأسد عفوا عاما طال انتظاره، شمل مجموعة جرائم منها الفرار من الخدمة العسكرية والجنح والمخالفات. لكن العفو لن ينهي محنة آلاف السوريين المعتقلين ظلما لمعارضتهم الأسد أو مشاركتهم في الاحتجاجات.
لا يشمل المرسوم الجديد، مثل كل المراسيم السابقة منذ العام 2011، الأفراد المدانين بجرائم تشكل "اعتداء خطيرا على المجتمع والدولة". يعني هذا أن العفو يستثني آلاف المحتجزين لمعارضتهم السياسية أو نشاطهم السلمي، ومنهم من تعرض للتعذيب وأُدين في محاكمات عسكرية صورية.
هذا المرسوم هو الأحدث في سلسلة بوادر سطحية مصممة لصرف الانتقادات الدولية بينما تواجه سوريا قضية جارية في "محكمة العدل الدولية" بتهمة التعذيب المنهجي أثناء الاحتجاز. كذلك، لم تعالج المراسيم السابقة، بما فيها تلك الصادرة في 2014 و2022 والتي انتقدتها "هيومن رايتس ووتش"، أزمة المعتقلين المستمرة في سوريا، ما أعاق أي تقدم في الطريق نحو العدالة والمساءلة.
"أبو محمود" من السوريين الذين تحطمت آمالهم بسبب مرسوم الأسد الأخير. قال إن ابنه يقضي حاليا عقوبتين بالسّجن المؤبد بعد إدانته بتهم إرهاب غامضة. اعتُقل الابن في دمشق خلال الأيام الأولى من الانتفاضة السورية، والتي شارك خلالها في الاحتجاجات المناهضة للحكومة، وحوكم وحُكم عليه في المحاكم العسكرية الميدانية، التي ألغيت الآن، والتي اشتهرت بعدم اتباعها الإجراءات القانونية الواجبة. يعرف أبو محمود مكان احتجاز ابنه وتمكن بعض أفراد الأسرة من التواصل معه. لكن آخرين كُثُرا لا يعرفون شيئا بشأن مصير أحبتهم، ويعتريهم شك مؤلم حيال ما إذا كانوا أحياء أم أموات.
بالنسبة للعائلات مثل عائلة أبي محمود، يُذكرهم كل مرسوم عفو جديد بقسوة برفض الحكومة السورية الاعتراف انتهاكات الاحتجاز طيلة سنوات. قال أبو محمود، "تسيطر مشاعر الإحباط واليأس عليّ كلما صدر عفو ولم أجد اسم ابني ضمن المشمولين به".
تهدف استراتيجية الحكومة السورية في إصدار العفو الانتقائي إلى إعطاء مظهر الإصلاح مع إبقاء السيطرة عبر الخوف والقمع. يرسل الاستبعاد المتكرر لأولئك الذين اعتُقلوا بسبب المعارضة السياسية السلمية رسالة واضحة مفادها: لا عدالة أو رحمة لأولئك الذين تجرأوا على تحدي الحكومة.