(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن الحوثيين يقولون إنهم جندوا الآلاف في قواتهم المسلحة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويفيد نشطاء أن الجماعة المسلحة تجند أطفالا لا تتجاوز أعمار بعضهم 13 عاما. تجنيد الأطفال الذين تقل أعمارهم عن 15 عاما هو جريمة حرب.
في 10 أكتوبر/تشرين الأول، ألقى زعيم حركة الحوثيين، المعروفين أيضا بـ "أنصار الله"، عبد الملك الحوثي خطابا دعا فيه الناس إلى الاستعداد للدفاع عن فلسطين، ردا على الفظائع خلال القتال بين القوات الإسرائيلية والفصائل الفلسطينية المسلحة في غزة منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول. قال نشطاء إنه، في حين يجند الحوثيون الأطفال بشكل ممنهج في اليمن منذ العام 2009 على الأقل، إلا أن إقدامهم على تجنيد ثيين للأطفال زاد بشكل ملحوظ في الأشهر القليلة الماضية وسط الأعمال القتالية في غزة.
قالت نيكو جعفرنيا، باحثة اليمن والبحرين في هيومن رايتس ووتش: "يستغل الحوثيون القضية الفلسطينية لتجنيد المزيد من الأطفال من أجل قتالهم الداخلي في اليمن. ينبغي للحوثيين استثمار الموارد في توفير الاحتياجات الأساسية للأطفال في مناطق سيطرتهم، مثل التعليم الجيد والغذاء والمياه، بدل استبدال طفولتهم بالنزاع".
تحدثت هيومن رايتس ووتش مع خمسة نشطاء حقوقيين وأفراد يعملون مع منظمات المجتمع المدني في جميع أنحاء اليمن أكدوا حصول زيادة كبيرة في تجنيد الأطفال في الأشهر الأخيرة.
قالت امرأة تدير منظمة غير حكومية تركز على حقوق الإنسان: "يجعل الحوثيون الأطفال يعتقدون أنهم سيقاتلون من أجل تحرير فلسطين، لكن الأمر انتهى بهم بإرسالهم إلى [الخطوط الأمامية في] مأرب وتعز. في الواقع، غزة التي يقصدها الحوثيون هي مأرب [مدينة يمنية ذات موارد نفطية هاجمها الحوثيون مرارا]". كما يحاصر الحوثيون بشكل غير قانوني الجزء الشمالي الشرقي من مدينة تعز منذ 2015، حيث منعوا وصول المياه والمساعدات الإنسانية إلى المدنيين.
في 16 نوفمبر/تشرين الثاني، أعلن الحوثيون خلال حفل تخريج الدفعة الأولى من المجندين منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول، أنهم سيشكلون ألوية عسكرية جديدة لتنفيذ توجيهات الحوثي في 10 أكتوبر/تشرين الأول.
وقال عضو المكتب السياسي للحوثيين، حُذام أسعد، لوسائل إعلام مختلفة إنه بخصوص التعبئة العامة المتعلقة بغزة، فقد تم افتتاح معسكرات تدريب وتطوع عشرات آلاف الشباب للحصول على التدريب العسكري، وقد تم بالفعل تخريج عدة مجموعات في مختلف محافظات اليمن.
وقالوا إنه على مدى الأشهر الثلاثة الماضية، جند الحوثيون أكثر من 70 ألف مقاتل جديد، بما يشمل محافظات ذمار، وحجة، والحديدة، وصنعاء، وصعدة، وعمران.
رغم أنه من غير الواضح كم من المجندين الجدد هم أطفال، قال العديد من النشطاء والخبراء العاملين في قضايا تتعلق بتجنيد الأطفال لـ هيومن رايتس ووتش إن الغالبية العظمى من المجندين تتراوح أعمارهم بين 13 و25 عاما، بما في ذلك مئات أو آلاف على الأقل أعمارهم تقلّ عن 18 عاما. في النشرات الإخبارية التي تتحدث عن أعمال التجنيد الأخيرة التي نشرتها وكالة الأنباء الرسمية للحوثيين، "سبأ نت"، تظهر الصور أشخاصا يبدو أنهم أطفال.
جنّد الحوثيون آلاف الأطفال منذ بدء النزاع في اليمن العام 2014. وتحققت "الأمم المتحدة" ممّا لا يقل عن 1,851 حالة فردية لتجنيد الأطفال أو استخدامهم من قبل الحوثيين منذ العام 2010. بحسب "المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان" و"منظمة سام للحقوق والحريات"، وهي منظمة مجتمع مدني يمنية، جنّد الحوثيون أكثر من 10 آلاف طفل بين 2014 و2021. كما جندت الحكومة اليمنية الأطفال طوال فترة النزاع على الرغم من خطة العمل لإنهاء تجنيد الأطفال التي وقعتها مع الأمم المتحدة العام 2014.
أدرج الأمين العام للأمم المتحدة الحوثيين في قائمته السنوية للجماعات المسؤولة عن الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال في النزاعات المسلحة في كل عام منذ 2011. وقد أدرج الحوثيين في البداية على القائمة بسبب إقدامهم على تجنيد الأطفال واستخدامهم كجنود، ومنذ العام 2016 أدرجهم أيضا على القائمة بسبب قتل الأطفال وتشويههم والهجمات على المدارس والمستشفيات.
في العام 2022، وقّع الحوثيون خطة عمل مع الأمم المتحدة ترمي إلى إنهاء الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال، بما في ذلك تجنيد الأطفال واستخدامهم في قوات الحوثيين، والالتزام بتسريح جميع الأطفال من قواتهم في غضون ستة أشهر.
قال رئيس منظمة "سام" توفيق الحميدي لـ هيومن رايتس ووتش إن الحوثيين يستخدمون مؤسساتهم الحكومية في جهودهم لتجنيد الأطفال، بما في ذلك وزارات التعليم، والداخلية، والدفاع. وقال: "جميعهم يعملون معا وينسّقون لتعبئة الأطفال وتجنيدهم".
وقال ناشط آخر، وهو باحث حقوقي، إن "أنشطة [التجنيد] في المدارس زادت بشكل كبير [منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول]، بما في ذلك من خلال الكشافة المدرسية. يأخذون الطلاب من المدارس إلى مراكزهم الثقافية حيث يلقون محاضرات على الأطفال حول الجهاد ويرسلونهم إلى معسكرات الجيش والخطوط الأمامية".
من خلال استغلال المؤسسات الرسمية، بما فيها المدارس، تمكن الحوثيون من الاستفادة من مجموعة واسعة من الأطفال. كما أفاد الأمين العام للأمم المتحدة عن استخدام الحوثيين المرافق التعليمية لأغراض عسكرية.
كما وثّقت هيومن رايتس ووتش استخدام الحوثيين المساعدات الإنسانية التي تمسّ الحاجة إليها لتجنيد الرجال والأطفال في قواتهم. يحتاج 21.6 مليون شخص على الأقل في اليمن، حوالي ثلثَي السكان، إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، ويكافح 80% من سكان البلاد لتوفير الغذاء والحصول على الخدمات الأساسية وفقا لـ "صندوق الأمم المتحدة للسكان".
قالت ناشطة حقوقية في صنعاء: "في حين أن السبب الرئيسي وراء قيام الأسر بإرسال أطفالها هو موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، فإن الحوثيين يقدمون الرواتب والسلال الغذائية إلى أسر الراغبين في الانضمام إليهم، وهي [طريقة ناجحة] في ظل تدهور الوضع الإنساني والاقتصادي".
وقالت امرأة أخرى تعمل على قضايا تجنيد الأطفال في اليمن إن الحوثيين قدموا مؤخرا سلالا غذائية إلى أسرة كل جندي في قريتها. في تقرير صادر عنهم في 2023، وثق "فريق خبراء الأمم المتحدة المعني باليمن" أيضا هذا التوزيع للسلال الغذائية.
يفرض الحوثيون قيودا وأنظمة غير ضرورية على إيصال وتوزيع المساعدات الإنسانية، وهو ما يرقى إلى مستوى عرقلة المساعدات الإنسانية. كما منعوا المساعدات من دخول مدينة تعز، التي يحاصرونها منذ العام 2015، وقيّدوا حركة النساء، ما منع العديد من عمال الإغاثة الإنسانية من القيام بعملهم.
وبحسب تقارير، فقد أدت الغارات الجوية المستمرة الأمريكية والبريطانية على اليمن إلى زيادة الدعم المحلي للحوثيين، ما عزز قدرة الحوثيين على تجنيد الأطفال. قالت الباحثة في "مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية ميساء شجاع الدين لصحيفة "واشنطن بوست" إن "الحوثيين يربطون هجماتهم في البحر الأحمر بدعم غزة، وهي ذريعة أخلاقية لمعظم الناس في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. زادت هذه الهجمات قدرتهم على التجنيد، خاصة في المناطق القبلية الشمالية".
في العام 2023، أفاد فريق الخبراء الأممي أيضا أن معظم الانتهاكات المتعلقة بتجنيد الأطفال التي حقق فيها الفريق تُعزى إلى الحوثيين الذين يواصلون تجنيد الأطفال واستخدامهم، خاصة في المعسكرات الصيفية.
وينص "البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل بشأن اشتراك الأطفال في النزاعات المسلحة"، والذي صادقت عليه اليمن في مارس/آذار 2007، على أنه لا يجوز للجماعات المسلحة غير التابعة للدولة، تحت أي ظرف من الظروف، تجنيد الأشخاص دون سن 18 عاما أو استخدامهم في الأعمال القتالية.
قالت جعفرنيا: "مستقبل اليمن يعتمد على أطفاله. يثبت الحوثيون أن المستقبل الوحيد الذي يرونه للبلاد هو أن يكون هدف الجميع القتال من أجل قضية هذه الجماعة".