Skip to main content

إشارات وشيكة تنذر بفظائع جماعية متبادلة مقبلة في إسرائيل وغزة

فرص ضئيلة لتوقّف دوامة القتل. على المجتمع الدولي العمل لمنع حدوث المزيد من الخسائر في الأرواح

نُشر في: The Guardian
فلسطينيون في سيارة تمر بجانب ركام المباني المدمرة جراء غارة جوية في رفح، جنوبي قطاع غزة، 12 أكتوبر/تشرين الأول 2023.  © 2023 سعيد خطيب/أ ف ب عبر غيتي إيمجز

صورة الأطباء المنهكين الذين يقفون وسط الجثث والأنقاض بعد الهجوم على "المستشفى الأهلي العربي" (المعمداني) في غزة أحدثت صدمة تردد صداها في أنحاء العالم، الذي كان لا يزال متأثرا بالهجمات المروعة التي قادتها "حماس"، والقصف الإسرائيلي المستمر وحصارها لغزة. في الأسبوعين الماضيين، قُتل آلاف المدنيين الإسرائيليين والفلسطينيين بسرعة ووحشية ما كان يمكن تصورها في إسرائيل وفلسطين. ليس هناك ما يشير إلى أن دوامة القتل الجماعي ستهدأ قريبا، بل هناك إشارات تحذيرية واضحة إلى أن مزيدا من الجرائم الفظيعة توشك على الحدوث.

حذر خبراء "الأمم المتحدة" أن "الجرائم الفظيعة هي عمليات وليست أحداثا فردية، وتنذر بوجود عوامل خطر وإشارات إنذار مبكر…. [تعطي] عديدا من الفرص لمنع تفاقم الأزمات. لكن بعد أن تصل مرحلة معينة، تصبح خيارات العمل أكثر محدودية وأكثر تكلفة". منذ 2021، وعدت حكومة المملكة المتحدة باعتماد نهج أكثر تكاملا لمعالجة النزاع وعدم الاستقرار، مع زيادة التركيز على منع الجرائم الفظيعة.

حتى قبل مجازر 7 أكتوبر/تشرين الأول التي قادتها حماس، كانت علامات التحذير شديدة الوضوح - سجل حافل من الهجمات غير القانونية التي تشنها القوات المسلحة الإسرائيلية والجماعات المسلحة الفلسطينية، والقمع غير المسبوق والفصل العنصري ضد الفلسطينيين، والخطاب المجرِّد من الإنسانية من قبل المسؤولين الإسرائيليين، وتمجيد الهجمات على المدنيين من قبل حماس والجماعات الفلسطينية المسلحة الأخرى. تفاقم هذا المنحى بسبب غياب الضمانات اللازمة لتقييد الأطراف التي يحتمل أن ترتكب فظائع.

يشير الخبراء في مجال منع الجرائم الفظيعة غالبا إلى حدث يكون بمثابة "شرارة البدء". وحشية ما حدث في 7 أكتوبر/تشرين الأول هزت الإسرائيليين بشدة. الصدمة المستمرة التي يعيشها عشرات الرهائن المحتجزين في غزة، والتي تفاقمت بعد نشر فيديو في 16 أكتوبر/تشرين الأول لشابة إسرائيلية فرنسية محتجزة لدى حماس، لم تؤد إلا إلى تعميق الغضب. عند الحديث مع الشركاء والأصدقاء الإسرائيليين، يعرف جميعهم تقريبا شخصا إما قُتل عندما أطلق المقاتلون بقيادة حماس النار على المدنيين بشكل جماعي، أو أخِذ رهينة إلى غزة، أو نجا بصعوبة من الهجوم بتحصين نفسه لساعات بينما كان المسلحون يقتحمون منازل المدنيين. قتل المقاتلون أكثر من 1,400 إسرائيلي، بحسب مسؤولين إسرائيليين. هذه الأفعال هي جرائم حرب بشعة، ويجب محاسبة مرتكبيها.

بارتكابهم القتل المتعمد، أثبت المهاجمون بقيادة حماس بالفعل قدرتهم واستعدادهم لارتكاب الفظائع. تواصل الجماعات المسلحة في غزة إطلاق آلاف الصواريخ عشوائيا على المناطق المدنية في إسرائيل. عندما هدد متحدث باسم الجناح العسكري لحركة حماس ببث "إعدام رهينة من رهائن العدو المدنيين"، "بالصوت والصورة"، قال إن "العدو لا يفهم لغة الإنسانية والأخلاق وسنخاطبه باللغة التي يعرفها جيدا".

يبدو أن سلوك الرد العسكري الإسرائيلي يظهر ما تصفه منظمة حقوق الإنسان الإسرائيلية "بتسيلم" بأنه "سياسة انتقام". حاولت بعض جماعات المجتمع المدني الإسرائيلي، بمن فيهم أفراد عائلات الذين قُتلوا في الهجوم أو أُخذوا كرهائن، مقاومة الجهود المبذولة لاستخدام حزنهم لتبرير تدمير غزة. يبدو أن مناشداتهم لم تلق آذانا صاغية، مع إصرار الحكومة الإسرائيلية على استخدام لغة تحريضية واقتراح فرض عقاب جماعي على كامل سكان غزة البالغ عددهم 2.2 مليون نسمة، نصفهم من الأطفال.

يستخدم الجيش الإسرائيلي وبنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء، وسائل التواصل الاجتماعي لنشر صور الغارات الجوية بتفاخر والتي حولت مباني وأحياء بأكملها في غزة إلى أنقاض دون ذكر الأهداف العسكرية. تفاخر المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هاغاري قائلا: "ستتحول غزة في النهاية إلى مدينة خيام. لن تكون هناك مباني"، مضيفا أن "التركيز" على "الضرر وليس على الدقة".

قُتل 3,785 شخصا في غزة ما بين 7 و19 أكتوبر/تشرين الأول، من بينهم أكثر من 1500 طفل، وفقا لوزارة الصحة في غزة. في الكنيست، ردت ميراف بن آري، عضوة حزب "لبيد"، على القلق بشأنهم بالقول إن "الأطفال في غزة جلبوا ذلك لأنفسهم".

في 9 أكتوبر/تشرين الأول، قال وزير الدفاع يوآف غالانت: "نحن نحارب حيوانات بشرية، ونتصرف وفقا لذلك". قال وزير الطاقة يسرائيل كاتس، الذي أمر بقطع الكهرباء والوقود والمياه عن جميع سكان غزة، إنه "لا يوجد سبب" لتقديم المساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني حتى "تقضي" القوات الإسرائيلية على حماس.

حتى الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ، بينما كان يقول إن إسرائيل تحترم "القانون الإنساني الدولي"، قال إن "الأمة بأكملها هناك هي المسؤولة".

الدعوات لارتكاب فظائع جماعية من قبل طرف قادر على القيام بذلك، والإجراءات المتخذة بما يتوافق مع تلك التعابير، تحتاج إلى استجابة جدية وفعالة من المجتمع الدولي. كتب محامون يهود بارزون في المملكة المتحدة يحثون إسرائيل على أن تكون قوانين الحرب هي التي توجّه ردها. لكن المسؤولين الحكوميين في المملكة المتحدة كانوا أكثر صراحة في احتضانهم للتكتيكات الإسرائيلية.

الزيارات رفيعة المستوى التي قام بها ريشي سوناك وجو بايدن إلى تل أبيب، واستخدام الولايات المتحدة حق النقض (الفيتو) وامتناع المملكة المتحدة عن التصويت على قرار متوازن في "مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة"، والذي تضمن إدانة واضحة لهجمات 7 أكتوبر/تشرين الأول واتخاذ إجراءات لتعزيز إيصال المساعدات، توجه رسالة خاطئة. لم يُدِن كبار السياسيين في المملكة المتحدة، بمن فيهم زير الخارجية جيمس كليفرلي وزعيم حزب العمال كير ستارمر الحصار الإسرائيلي غير القانوني. الآن، حان الوقت لاتخاذ موقف أكثر وضوحا من قبل الزعماء الغربيين: إدانة الانتهاكات عندما تقع، واتخاذ الإجراءات اللازمة ضد المسؤولين عن ارتكاب الجرائم الدولية.

نحن نشهد خسارة في أرواح المدنيين بشكل لم نشهده في التاريخ الحديث لإسرائيل وفلسطين. في ظل المأزق الذي يشلّ عمل المؤسسات الدولية، ينبغي للقادة أن يرقوا إلى مستوى اللحظة وأن يتحركوا لمنع وقوع مزيد من الفظائع الجماعية قبل فوات الأوان.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة