(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات المغربية قد تسلِّم مواطنا سعوديا إلى السعودية حيث يواجه خطر الاحتجاز التعسفي، والتعذيب، والمحاكمة الجائرة.
احتجزت السلطات المغربية حسن آل ربيع في مطار مراكش في 14 يناير/كانون الثاني 2023 بينما كان يحاول السفر إلى تركيا. يسعى المدعون السعوديون إلى محاكمة آل ربيع بتهمة التنسيق مع "إرهابيين" لمساعدته على مغادرة السعودية بطريقة غير نظامية، بناء على مذكرة توقيف راجعتها هيومن رايتس ووتش.
قالت جوي شيا، باحثة السعودية في هيومن رايتس ووتش: "نظرا إلى التعذيب المتفشي وانتهاكات الإجراءات القانونية الواجبة في النظام القضائي السعودي، ينبغي للمغرب ألا يعيد حسن آل ربيع قسرا إلى السعودية ويخاطر بالتواطؤ في الانتهاكات".
استهدفت السلطات في الماضي أفرادا آخرين من عائلة آل ربيع، منهما اثنان من أبناء عمومته أُعدما في العام 2019 بتهم مزعومة تتعلق بالاحتجاج والإرهاب، وشقيق يواجه حكما بالإعدام بتهمة مزعومة متعلقة بالإرهاب. ينتمي آل ربيع إلى الأقلية الشيعية التي تواجه تمييزا منهجيا من قبل السعودية.
قال أحد أفراد الأسرة لـ هيومن رايتس ووتش إنه بينما كان آل ربيع في مطار مراكش، بعث برسالة إلى صديق تقول إنه لا يعرف ما الذي يحدث، لكن ثمة خطب ما. لم يتمكن أصدقاء آل ربيع وعائلته من الوصول إليه بعد إرساله هذه الرسالة.
حصلت هيومن رايتس ووتش على مذكرة توقيف صادرة عن النيابة العامة السعودية ومختومة من "إدارة التعاون الدولي"، تُظهر أن النيابة العامة أمرت باعتقال آل ربيع في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2022، بتهمة التعاون مع الإرهابيين عبر التواطؤ والتعاون معهم على إخراجه من السعودية بصورة غير قانونية، في جريمة قد تصل عقوبتها إلى السَّجن 20 عاما. صدرت مذكرة توقيف مؤقتة في 22 نوفمبر/تشرين الثاني 2022 بناء على طلب السلطات السعودية.
مثُل آل ربيع أمام المحكمة الابتدائية المغربية في 14 يناير/كانون الثاني، ثم أُرسل بعدها إلى سجن "تيفلت 2" في انتظار قرار محكمة النقض بالرباط بشأن تسليمه، وفقا لوثائق المحكمة التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش.
قال قريب آل ربيع لـ هيومن رايتس ووتش إن الأخير غادر السعودية أواخر 2021 هربا من مضايقات السلطات السعودية المستمرة. قال أحد أفراد الأسرة إن آل ربيع سافر بدايةً إلى أوكرانيا، ثم إلى إندونيسيا في بداية الغزو الروسي، قبل وصوله إلى المغرب في صيف 2022.
يشكل اعتقال آل ربيع في المغرب واحتجازه أحدث استهداف من جانب الحكومة السعودية لأفراد من عائلة آل ربيع. صعّدت السلطات في السنوات الأخيرة انتقامها من أفراد عائلات المنتقدين والمعارضين في الخارج في محاولة لإكراههم على العودة إلى البلاد.
في 7 فبراير/شباط 2021، داهمت "رئاسة أمن الدولة" السعودية منزل العائلة في العوامية واعتقلت حسن آل ربيع مع شقيقيه علي وحسين. في حين أُفرج عن حسن وحسين بعد يوم من الاحتجاز، احتُجز علي لثمانية أشهر في سجن الدمام بمعزل عن العالم الخارجي.
اتهمت السلطات السعودية علي آل ربيع بارتكاب عدد كبير من الجرائم المتعلقة بالإرهاب، منها تسهيل تحركات "إرهابيين"، وفقا لوثائق المحكمة التي اطلعت عليها هيومن رايتس ووتش. في 5 نوفمبر/تشرين الثاني 2022، حكمت محكمة على علي آل ربيع بالإعدام. طعن أحد أفراد أسرة علي في إدانة الأخير، قائلا إنه لم يكن ناشطا سياسيا.
أُعدم اثنان من أبناء عمومة آل ربيع، حسين آل ربيع وأحمد آل ربيع، في 23 أبريل/نيسان 2019، في إعدام جماعي لـ 37 رجلا، منهم 33 شيعيا، أدينوا بعد محاكمات جائرة بجرائم مزعومة مختلفة، منها جرائم متصلة بالاحتجاج، والتجسس، والإرهاب.
يقضي العديد من الشيعة السعوديين أحكاما مطولة، أو ينتظرون تنفيذ حكم الإعدام فيهم، أو أُعدموا بتهم تتعلق بالاحتجاج بعد محاكمات جائرة بشدة. وثّقت هيومن رايتس ووتش أيضا استخدام "الاعترافات" التي يُزعم انتزاعها عبر التعذيب وسوء المعاملة، بما فيها الضرب والحبس الانفرادي المطول، لإدانة رجال وأطفال متهمين بجرائم تتعلق بالاحتجاج في أعقاب مظاهرات قام بها أفراد من الأقلية الشيعية في 2011 و2012 في بلدات المنطقة الشرقية أصيب خلالها عدد من عناصر الأمن والمواطنين.
في 13 مارس/آذار 2021، رحَّل المغرب المواطن السعودي-الأسترالي أسامة الحسني إلى السعودية. قالت السلطات السعودية إنه مطلوب بقضية سرقة سيارة في 2015، رغم تبرئته في 2018 من ارتكاب مخالفات في القضية.
قد ينتهك تسليم آل ربيع التزامات المغرب الدولية، بما فيها المادة 3 من "اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، التي تنص على أنه "لا يجوز لأية دولة طرف أن تطرد أي شخص، أو تعيده ("أن ترده") أو أن تسلمه إلى دولة أخرى، إذا توافرت لديها أسباب حقيقة تدعو إلى الاعتقاد بأنه سيكون في خطر التعرض للتعذيب".
قالت شيا: "إذا أُعيد حسن آل ربيع إلى السعودية، فقد يواجه مصيرا كئيبا كحال العديد من أقاربه. ينبغي للحكومة المغربية الدفاع عن الحقوق ومقاومة الجهود السعودية لإعادته قسرا".