فتحت إسرائيل، عن حق، الباب على مصراعيه ترحيبا بآلاف الأوكرانيين الفارين من الغزو الروسي منذ بدء الحرب في 24 فبراير/شباط. لكن هذا الترحيب يتناقض بشكل صارخ مع الطريقة التي تعامل بها اللاجئين لديها: اللاجئين الفلسطينيين مثل زوجي.
خلال الشهرين الماضيين، سمحت الحكومة الإسرائيلية لآلاف الأوكرانيين بموجب قانون العودة الإسرائيلي لعام 1950، الذي يضمن للأشخاص الذين لديهم جد يهودي واحد على الأقل، وأزواجِهم الحق في الاستقرار في إسرائيل وأن يصبحوا مواطنين.
بعد أن تعرضت وزيرة الداخلية الإسرائيلية لضغوط شعبية ودبلوماسية لقبول الأوكرانيين غير اليهود الذين يلتمسون اللجوء أيضا، وافقت مؤقتا على قبول 5 آلاف أوكراني ليس لديهم روابط عائلية بإسرائيل، فضلا عن عدد غير محدود من أقارب المواطنين الإسرائيليين من غير اليهود. يتوافق هذا الامتياز الأخير مع اتفاقية في العام 2010 أعفت الحكومة الإسرائيلية بموجبها الأقارب الأوكرانيين لمواطني إسرائيل من شرط الحصول على تأشيرة.
من المؤلم مقارنة كل هذا بالقانون الإسرائيلي الذي يمنع المواطنين مثلي، المتزوجين من فلسطينيين من سكان غزة والضفة الغربية، من استقدامهم إلى البلاد. في السنوات التسع التي تلت عرسنا، رفضت الحكومة الإسرائيلية أو تجاهلت طلبات لمنح زوجي ولو تصريحا مؤقتا للالتحاق بي في إسرائيل.
الحظر المفروض على لم الشمل العائلي، الذي أُقر أصلا في عام 2003، تم تجديده في مارس/آذار، في نفس الوقت الذي فتحت فيه الحكومة الإسرائيلية أبوابها لآلاف الأوكرانيين. يؤثر هذا الحظر غالبا على المواطنين الفلسطينيين والمقيمين في إسرائيل، لأن احتمال زواجهم من الفلسطينيين المقيمين في غزة أو الضفة الغربية أكبر مما هو بالنسبة لليهود الإسرائيليين. يجبر هذا القانون آلاف الأزواج على الاختيار بين البقاء داخل حدود إسرائيل المعترف بها دوليا دون أزواجهم أو المغادرة للحفاظ على عائلاتهم مجتمعة.
أقر المسؤولون الإسرائيليون بأن هذا القانون يخدم سياسة الحكومة المتمثلة في الحفاظ على تفوق اليهود الديموغرافي على الفلسطينيين، على حساب الحق الإنساني الأساسي المتمثل في وحدة الأسرة. هذه الجهود للحفاظ على هيمنة اليهود الإسرائيليين على الفلسطينيين هي أحد عناصر ما وصفته "هيومن رايتس ووتش" و"منظمة العفو الدولية" ومؤسسة "الحق" ومنظمات أخرى بأنها جرائم ضد الإنسانية ترتكبها إسرائيل، بما في ذلك الفصل العنصري والاضطهاد ضد ملايين الفلسطينيين.
وحقيقة أن الأوكرانيين يُرحَّب بهم الآن كلاجئين لا يزيد هذا النفاق إلا وضوحا، كما يزيد ألم عائلات مثل عائلتي. فر والدا زوجي كلاجئين عام 1948من قريتهم الساحلية المطلة على البحر المتوسط في ما يُعرف الآن بإسرائيل، ويحق له ولوالدته، بموجب القانون الدولي، بالعودة إلى هناك.
في حين أن العديد من الإسرائيليين، وربما ضيوفهم الأوكرانيين، سيحتفلون بتأسيس دولة إسرائيل يوم الخميس، يحتفل الفلسطينيون بهذا الحدث على أنه "النكبة".
في الحرب التي أعقبت قيام إسرائيل، فر أكثر من 700 ألف فلسطيني أو أُجبروا على ترك منازلهم فيما يعرف الآن بإسرائيل. كانت حماتي في الثامنة من عمرها عندما اقترب الجنود الإسرائيليون من قريتها. فعل والداها ما فعله العديد من الآباء عندما يقترب جيش زاحف، بما في ذلك ملايين الأوكرانيين خلال الشهرين الماضيين: حملوا أطفالهم وفروا.
لكن بعد أن وضعت الحرب أوزارها وأصبحت العودة آمنة، منعتها السلطات الإسرائيلية هي واللاجئين الفلسطينيين الآخرين من العودة.
تلك الفتاة البالغة من العمر 8 سنوات عمرها اليوم 82 سنة، وما زالت الحكومة الإسرائيلية ترفض السماح لها بالعودة إلى ديارها.
عاشت معظم حياتها في مخيم للاجئين في غزة ولم ترَ المكان الذي ولدت فيه، وهو على بعد 30 ميلا فقط، منذ 74 عاما. لا تسمح لها السلطات الإسرائيلية حتى بدخول إسرائيل في زيارة، كما أنها تحظر معظم السفر بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزة.
لم يلتق أطفالي، وعمرهما 4 و8، بجدتهما قط، رغم أنها تعيش على بعد 60 ميلا فقط من منزلنا الواقع في منطقة رام الله بالضفة الغربية. يتوق زوجي لرؤية والدته، لكن الحكومة الإسرائيلية تمنح فقط تصاريح لدخول غزة لـ"استثناءات إنسانية" محددة بدقة، مثل المرض الخطير أو وفاة قريب من الدرجة الأولى.
تقول السلطات الإسرائيلية إنها لن تسمح للاجئين الأوكرانيين الذين ليس لديهم أصول يهودية بالبقاء في إسرائيل بشكل دائم، وتتوقع منهم العودة إلى ديارهم بمجرد أن تصبح العودة آمنة. هذا يبيّن أن القادة السياسيين في إسرائيل يتوقعون أنّ من سيسيطر على أوكرانيا عندما ينجلي غبار الحرب سيحترم حقوق الإنسان الدولية التي انتهكوها هم لسنوات: حق اللاجئين في العودة إلى البلد أو المنطقة التي فروا منها، بغض النظر عمن يسيطر عليها أو التوازن الديموغرافي الذي قد يسعون للحفاظ عليه.
يُسعدني أن الحكومة الإسرائيلية تسمح لبعض اللاجئين الأوكرانيين بدخول إسرائيل وتعرض عليهم المساعدة في الحصول على الطعام، والمأوى، والخدمات الصحية.
لكن يجب عليها أن توسع هذه الحقوق والمزايا الاجتماعية وغيرها لتشمل أكثر من 30 ألف طالب لجوء ومهاجر أفريقي في إسرائيل، فر كثير منهم أيضا من النزاع المسلح، لكنهم حُرموا من المساعدة التي تقدمها الحكومة الإسرائيلية للاجئين الأوكرانيين ذوي الغالبية البيضاء الأوروبية.
كما على الحكومة الكف عن التمييز ضد الفلسطينيين في السياسات التي تتبعها في لم الشمل العائلي. يجب أن تحترم حق اللاجئين الفلسطينيين وأحفادهم الذين حافظوا على روابط كافية بأرضهم في العودة إلى ديارهم التي فروا منها، مثل اللاجئين الأوكرانيين، أو أجبروا على مغادرتها للنجاة بأنفسهم وأطفالهم.