Skip to main content

لبنان: على مجلس حقوق الإنسان الأممي التحقيق في انفجار بيروت

منظمات حقوقية، ناجون، وضحايا يطالبون بالعدالة فورا

(بيروت، 15 سبتمبر/أيلول 2021) – قال 145 من المنظمات الحقوقية اللبنانية والدولية والناجين وعائلات الضحايا في رسالة مشتركة اليوم إن على الدول الأعضاء في "مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة" إنشاء بعثة تحقيق دولية مستقلة ومحايدة، على غرار بعثة لتقصي حقائق لسنة واحدة، في انفجار مرفأ بيروت الذي وقع في 4 أغسطس/آب 2020. تأتي هذه الرسالة بعد أخرى مشابهة وجهتها 115 من المنظمات الحقوقية والناجين وعائلات الضحايا في يونيو/حزيران 2021.

بعد مرور أكثر من عام على انفجار مرفأ بيروت لم يُحاسَب أحد. دمّر الانفجار أكثر من نصف المدينة وقتل 218 شخصا على الأقل، من لبنان وسوريا ومصر وأثيوبيا وبنغلادش والفيليبين وباكستان وفلسطين وهولندا وكندا وألمانيا وفرنسا وأستراليا والولايات المتحدة.

قالت آية مجذوب، باحثة لبنان في "هيومن رايتس ووتش": "عائلات ضحايا انفجار بيروت الكارثي والناجون منه يناشدون مجددا مجلس حقوق الإنسان بأن ينشئ على الفور بعثة تحقيق في تقاعس الدولة اللبنانية عن حماية حقوقهم. بعد مرور أكثر من عام على الانفجار، يستمر المسؤولون اللبنانيون في عرقلة التحقيق المحلي وتأخيره وتقويضه".

في فبراير/شباط 2021، أمرت إحدى المحاكم بتنحية القاضي المعيّن لتولّي التحقيق في القضية بعد تقديم شكوى ضده من قبل وزيرين سابقين كان قد ادعى عليهما. عُين القاضي بيطار في اليوم التالي، فبدأ السياسيون والمسؤولون حملة مماثلة ضده بعد تقديمه طلب إذن اتهام وملاحقة لاستجواب سياسيين ومسؤولين أمنيين كبار.

رفض المسؤولون الرسميون، من ضمنهم رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب، المثول أمام القاضي للاستجواب ورفضت السلطات رفع الحصانات أو السماح بمقاضاة النواب وكبار المسؤولين الأمنيين. حاول القادة السياسيون التشكيك في حيادية القاضي بيطار، واتهموه بأنه مُسيّس. علاوة على ذلك، واجهت قوى الأمن اللبنانية أهالي ضحايا الانفجار بالعنف في مناسبتين على الأقل خلال تحركهم السلمي ضد هذه العراقيل.

قالت لين معلوف، نائبة مدير قسم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "منظمة العفو الدولية": "هذا الرد العنيف يوجّه رسالة مخيفة تُفيد بازدراء السلطات للعدالة وعدم رغبتها في السماح الضحايا وأقاربهم بالوصول الفعلي إلى عملية التحقيق واحترام حقهم بالاطلاع والمشاركة. بعد مرور عام، تتجلى بشكل صارخ الفجوة بين مسار التحقيق الدولي والمعايير التي وضعها خبراء الأمم المتحدة العام الماضي".

نتج الانفجار عن اشتعال وانفجار أطنان من نيترات الأمونيوم التي كانت مخزنة إلى جانب مواد أخرى متفجرة أو قابلة للاشتعال في مستودعات غير آمنة وسط منطقة سكنية وتجارية مزدحمة في المدينة المكتظة بالسكان، بطريقة تتعارض مع الإرشادات الدولية للتخزين الآمن والتعامل مع نيترات الأمونيوم.

وجدت هيومن رايتس ووتش أن الأدلة تشير بقوة إلى عِلم عدد من كبار المسؤولين في الجيش والقوى الأمنية والحكومة بالخطر الكبير على الحياة الذي يشكله وجود مخزون نيترات الأمونيوم في المرفأ، وقبلوا ضمنيا خطر حدوث الوفيات. يرقى ذلك إلى انتهاك للحق في الحياة بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان.

في هذه الصورة الملتقطة في 9 أغسطس/آب 2020 كتابات سياسية على الجدران أمام موقع انفجار 4 أغسطس/آب الذي حدث في مرفأ بيروت، لبنان. © 2020 "أيه بي فوتو"/حسين ملا

الحق في الحياة حق مستقل وغير قابل للتصرف مكرَّس في المادة السادسة من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، الذي صادق عليه لبنان في 1972. ذكرت "لجنة حقوق الإنسان" الأممية، التي تُفسّر العهد، أن على البلدان احترام الحق في الحياة وتحصينه من الحرمان المُمارس من الأفراد أو الكيانات، حتى لو كان سلوكهم لا يُنسب إلى الدولة.

أضافت اللجنة أن "واجب الحماية القانونية للحق في الحياة يقتضي من الدول الأطراف أيضا تنظيم جميع الأجهزة العامة والهياكل الإدارية لممارسة السلطة العامة بطريقة تتوافق وضرورة مراعاة الحق في الحياة وكفالته، ويشمل ذلك... التحقيق في الحالات المحتملة من الحرمان التعسفي من الحياة، وملاحقة المسؤولين عنها ومعاقبتهم وتوفير كامل سبل جبر الضرر".

ينبغي أن تكون التحقيقات في انتهاكات الحق في الحياة "مستقلة ومحايدة وفورية وشاملة وفعالة وذات مصداقية وشفافة"، وأن تستكشف "المسؤولية القانونية لكبار الموظفين عما يرتكبه مرؤوسوهم من انتهاكات الحق في الحياة".

تقاعُس التحقيق المحلي عن ضمان المحاسبة يُبيّن بوضوح ثقافة إفلات المسؤولين من العقاب التي طالما وُجدت في لبنان. عرقلة السلطات المخزية لمسعى الضحايا إلى معرفة الحقيقة وإحقاق العدالة تُعزز الحاجة إلى تحقيق دولي في تقاعس الدولة اللبنانية عن حماية الحق في الحياة.

قالت المنظمات إن التحقيق الدولي في تقاعس الدولة اللبنانية عن حماية الحق في الحياة لن يعرقل التحقيق المحلي، بل يدعمه. قد تكون النتائج التي يتوصل إليها تحقيق دولي يُجرى تماشيا مع أعلى المعايير وأفضل الممارسات الدولية، مفيدة للسلطات اللبنانية التي تحقق في الانفجار، ولأي مسعى محلي لمحاسبة كل مشتبه بمسؤوليته الجنائية بصورة معقولة.

علاوة على ذلك، قد يقدم التحقيق توصيات للبنان والمجتمع الدولي حول الخطوات الضرورية لمعالجة الانتهاكات وضمان عدم تكرارها في المستقبل.

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة