Skip to main content

أسئلة وأجوبة: الإطار وبيئة العمل القانونية للمنظمات الأهليّة في مصر

في ظلّ ضغوط داخلية ودولية متزايدة، سحبت حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي القانون السلطوي الصادر في 2017 المتعلّق بالمنظمات الأهلية واستبدلته بـ "القانون رقم 149 لسنة 2019". أصدرت الحكومة اللائحة التنفيذية ("قرار رئيس مجلس الوزراء رقم 104 لسنة 2021") لهذا القانون في يناير/كانون الثاني 2021. في غضون ذلك، انخرطت الحكومة في حملات داخلية  ودولية واسعة تصف قانون 2019 بالإطار القانوني التقدّمي الذي "يزيل جميع العقبات" التي تواجه المنظمات غير الحكومية.

غير أنّ الحكومة لم تقدم على أيّ تغيير في السياسات أو أدنى تحوّل في كيفيّة تعاملها وأجهزتها الأمنية مع المنظمات غير الحكومية والمجموعات المستقلة في مصر، فهي تعاملها بالأساس على أنها تهديد وليس مصدر قوة. لا يزال العشرات من المدافعين البارزين عن حقوق الإنسان في مصر محتجزين أو خاضعين لحظر سفر منذ سنوات.

القانون الجديد محاولة من الحكومة لامتصاص الضغط الدولي والتظاهر بالاستجابة للانتقادات، لكن في الواقع ليس فيه تخفيف للقيود المفروضة على حرية تكوين الجمعيات كخطوة أولى. بالإضافة إلى تقييد المنظمات الموجودة أصلا، من المرجح أنّ القانون الجديد سيردع المصريين عن إطلاق مبادرات في مجال العمل الأهلي، لعلمهم بالأعباء والمخاطر التي تنجرّ عنه. يشير القانون بوضوح إلى أنّ حكومة الرئيس السيسي عازمة على خنق أي مظاهر حقيقية للمجتمع الأهلي.

يضمن القانون ولائحته التنفيذية تدخلا حكوميا وأمنيا واسعا وروتينيا في عمل الجماعات المستقلة ومراقبتها. يجب تسجيل جميع المنظمات بموجب قانون 2019 بحلول يناير/كانون الثاني 2022. تطبيق القانون ولائحته التنفيذية قد يؤدي إلى انحسار المنظمات المستقلة القليلة المتبقية في البلاد، أو على الأقل إيقاف عملها. لن يؤثر القانون الجديد على منظمات حقوق الإنسان فحسب، بل سيؤثر على منظمات أخرى، مثل منظمات البيئة والتنمية، وكذلك الجهات الدولية المانحة.

تردّ الأسئلة والأجوبة التالية على التضليل الذي تمارسه الحكومة، وتتناول القضايا الرئيسية المتعلقة بحرية تكوين الجمعيات في قانون 2019 وعواقبه على المجموعات المستقلة في مصر.

  1.  هل يُسهّل قانون العمل الأهلي الجديد لسنة 2019 عمليّة تسجيل المنظمات؟

لا. تزعم الحكومة أنه يُمكن للناس العمل بشكل مستقل بمجرّد إخطارها بنشاطهم، لكنّ القانون يمنع في الواقع "العمل الأهلي" (الذي يُعرّفه القانون على أنه كل عمل لا يهدف إلى الربح، ويُمارس بغرض تنمية المجتمع) دون تسجيل مسبق وإذن من الحكومة. عمليّة التسجيل المعقدة والملتوية بلا مبرر لا تعتبر نهائية حتى تُصدر وزارة التضامن الاجتماعي قرارا تنشره في موقعها الإلكتروني بالموافقة على تسجيل المنظمة، متضمنا نظامها الأساسي.

تتطلب عملية التسجيل المعقدة المنصوص عليها في القانون من المنظمة تزويد الوزارة بقائمة طويلة ومعقدة على نحو غير معقول من الوثائق والتقارير، والتي تصل في معظم الحالات إلى مئات الصفحات، وتهدف بوضوح إلى إنكار جوهر الحق في حرية تكوين الجمعيات والقدرة على العمل دون إذن حكومي مسبق.

يُلزم القانون مثلا الجمعيات القائمة بتقديم تقارير تفصيلية عن جميع أنشطتها السابقة، وميادين عملها ونطاقها الجغرافي، ومصادر تمويلها، وأي عقود أو اتفاقات تعاون أبرمتها مع منظمات أخرى، إضافة إلى دفع رسوم قيمتها 5 آلاف جنيه مصري (320 دولار أمريكي) واستئجار أو امتلاك مقرّ "ملائم" يكون متعدد الغرف.

من الوثائق المطلوبة للتسجيل مستندات تتعلق بأهداف الجمعية وطبيعة نشاطها ومهمتها ووسائل هذه الأنشطة والمهام؛ والتصاريح المالية ومراجعة الحسابات والميزانية السنوية؛ وقواعد الدعوة إلى اجتماعات مجلس الإدارة وطريقة إجرائها؛ وقواعد عمل أقسام الجمعية؛ وإجراءات وقواعد تعيين الأعضاء والمتطوعين؛ وتأكيد الشرطة بأن المشاركين في التأسيس ليس لهم سجلات إجرامية (فيش وتشبيه)؛ وحصول أعضاء مجلس الإدارة من غير المصريين على تصاريح إقامة قانونية؛ وجميع اللوائح الداخلية للجمعية؛ وقائمة من الموظفين والمتطوعين. يُمكن للسلطات أن تتذرّع بغياب أي وثيقة لرفض تسجيل الجمعية في غضون 60 يوما. تستطيع الجمعية استئناف هذا الرفض لدى المحكمة الإدارية، وهو مسار قد يستغرق سنوات.

كما ذكرنا، لا يكتمل تسجيل منظمة بشكل قانوني حتى تنشر وزارة التضامن الاجتماعي قرارا بذلك في موقعها الإلكتروني. علاوة على أنه لا يمكن لأي منظمة فتح حساب بنكي لتمويل نشاطها إلا بموجب خطاب صادر من الوزارة بتوكيد إشهار الجمعية.

بالنظر إلى الممارسات الحكومية التعسفية السابقة والحالية، والقمع الشديد الذي تمارسه حكومة السيسي على المنظمات غير الحكومية، من المرجح أن تستخدم الوزارة هذه العقبات البيروقراطية لمنع تسجيل المنظمات المنتقدة أو تلك التي تصنفها الأجهزة الأمنية على أنها تشكل "تهديدا".

  1. ما هي المنظمات المُطالَبة بالتسجيل؟

التسجيل واجب على جميع المنظمات القائمة والجديدة، أجنبية كانت أو محلية. ينطبق هذا الشرط على كل المنظمات التي تقوم بعمل أهلي حتى وإن كانت مسجلة فعلا بموجب قوانين المنظمات غير الحكومية السابقة أو بموجب قوانين أخرى. على مدار العقدين الماضيين، تمّ تسجيل العديد من المنظمات كشركات محاماة أو مراكز أبحاث وشركات استشارية لتجنّب القوانين التقييدية للغاية التي تحكم عمل المنظمات. لم يعد هذا ممكنا بموجب قانون 2019.

يُعرّف قانون 2019 العمل الأهلي على أنه "كل عمل لا يهدف إلى الربح، ويُمارس بغرض تنمية المجتمع". هذا التعريف الفضفاض يهدف إلى حظر أي مشاركة أو نشاط مدني مستقل دون إذن وإشراف من الحكومة. إضافة إلى ذلك، يفرض القانون على جميع السلطات، بما في ذلك الأجهزة الأمنية، تحديد كل كيان يقوم بأنشطة وهو غير مسجل، والإبلاغ عنه. يضمن ذلك في الواقع سيطرة أجهزة الأمن على كامل المجال الأهلي في مصر.

  1.  كيف سيتم التعامل مع المنظمات غير المسجلة أو التي رُفض تسجيلها؟ هل هناك أي طريقة تستطيع من خلالها العمل أو تقديم خدمات استشارية؟

لا. قانون 2019 يفرض على كل المنظمات والجمعيات والمجموعات التي تقوم "بعمل أهلي" التسجيل بموجب القانون الجديد بحلول يناير/كانون الثاني 2022، أي بعد عام من صدور اللائحة التنفيذية في 11 يناير/كانون الثاني 2021. يحظر القانون على كل الكيانات الحكومية، باستثناء وزارة التضامن الاجتماعي، إصدار تصاريح للقيام بعمل أهلي، ويعتبر أن أيّ تصريح من هذا القبيل يكون "لاغيا وباطلا". يسمح القانون للحكومة بإغلاق أي منظمة تنشط دون تصريح وتجميد أصولها بالقوة. تستطيع المحكمة الإدارية الأمر بحلّها. قد يواجه العاملون فيها ملاحقات قضائية وغرامات باهظة وحتى السجن إذا تمت مقاضاتهم بموجب قوانين إضافية تقيّد حرية تكوين الجمعيات. (موضح بالأسفل).

  1.  ما المتوقع حدوثه من الآن حتى يناير/كانون الثاني 2022؟

ما لم يُجبِر الضغط الدولي الحكومة على مراجعة القانون وسياساتها القمعية، ستكون المنظمات غير المسجلة بحلول يناير/كانون الثاني 2022 عرضة للحلّ وتجميد الأصول، ما يعرّض موظفيها لقمع حكومي أكبر، بما في ذلك احتمال احتجازهم تعسفا إلى أجل غير مسمى ومحاكمتهم جنائيا.

  1.  ماذا يخوّل التسجيل للمنظمة القيام به؟

تستطيع القيام "بعمل أهلي" لكن فقط تحت إشراف حكومي مشدّد. الكثير من الأنشطة التي تقع ضمن العمل اليومي للمنظمات غير الحكومية تتطلب تصريحا حكوميا مسبقا، كما هو موضح أدناه.

  1.  ما هي أهم بنود قانون 2019 ولائحته التنفيذية التي تقيّد عمل المنظمات غير الحكومية؟

يتطلب قانون 2019 موافقة حكومية مسبقة للقيام بمجموعة واسعة من الأنشطة العادية، ويحظر أنشطة أخرى تماما.

الأنشطة المحظورة بدون موافقة حكومية مسبقة:

  1. يحظر القانون على المنظمات إجراء أي استطلاعات رأي أو بحوث ميدانية دون موافقة مسبقة من الحكومة. يجب أن توافق الحكومة على الدراسات والمنشورات قبل إصدارها.
  2. يحظر القانون التعاون مع أي "جهة أجنبية داخل أوخارج البلاد"، ما يعني أن المنظمات المصرية لا تستطيع توظيف أو إشراك أو استشارة متطوعين أجانب أو موظفي المنظمات الأجنبية، والتعاون معهم، دون موافقة وزارة التضامن الاجتماعي.
  3. يحظر القانون العمل في المناطق الحدودية، التي يحددها رئيس الوزراء، دون إذن مسبق من الحكومة. طبّقت الحكومة في قوانين أخرى، مثل "القرار الرئاسي رقم 444 لسنة 2014"، تعريفا فضفاضا للغاية للمناطق الحدودية يقيّد بشكل تعسّفي الوصول إلى المجتمعات المهمشة في تلك المناطق، مثل النوبة في جنوب مصر.
  4. يحظر القانون إرسال أي أموال إلى جهات أو أفراد خارج مصر إلا بموافقة وزارية، كما يحظر إنشاء فروع أو فتح مكاتب في الخارج لأي منظمة مصرية إلا بعد موافقة الوزير.
  • الأنشطة المحظورة تماما:
  1. بعض الأنشطة محظورة تماما، مثل الأنشطة "السياسية". لا يعرّف القانون ولائحته التنفيذية ما المقصود بالنشاط السياسي. يُمكن للحكومة استخدام هذا الحظر لمعاقبة المنظمات التي تعالج قضايا تتعلق بالسياسات العامة، والانتخابات، وغيرها من الأعمال المتعلقة بالحقوق السياسية والمدنية.
  2. يحظر القانون على الجمعيات القيام بأي أنشطة تعتبرها السلطات "مخالفة لأغراضها".
  3. يحظر القانون الأنشطة التي يُزعم أنها تقوّض المفاهيم الغامضة والفضفاضة، مثل الأمن القومي، والنظام العام، والآداب العامة. لا توجد تعريفات لهذه المفاهيم في القانون ولائحته التنفيذية، وقد استخدمتها السلطات المصرية بشكل روتيني لتجريم الأنشطة التي تندرج ضمن الدستور المصري والقانون الدولي، مثل الاحتجاجات السلمية، والسلوك الجنسي بالتراضي، والنشاط والتعبير الفني.
  4.  ما هي عقوبات مخالفة هذه الأحكام؟

يُخضع قانون 2019 الجمعيات لغرامات كبيرة تصل إلى مليون جنيه (64 ألف دولار)، والإيقاف لمدة عام، والإغلاق، والحل، وتجميد الأصول. بموجب قوانين أخرى، مثل بعض أحكام قانون العقوبات، قد يواجه الموظفون محاكمات جنائية. أخضعت السلطات العشرات من المدافعين الحقوقيين البارزين لمثل هذه المحاكمات، كما هو مبيّن أدناه.

  1.  هل يمكن لمنظمة ما أن تتلقى تمويلات أجنبية أو تجمع أموالا لأنشطتها بحرّية؟

يفرض القانون قيودا شديدة على التمويل الأجنبي والمحلي. تحتاج الجمعيات إلى موافقة مسبقة من الحكومة لإطلاق حملات لجمع التبرعات والتماسها، مثلا عن طريق مواقع الإنترنت أو الرسائل النصية، أو تنظيم حفلات لجمع الأموال، أو الفعاليات الخيرية. كل واحدة من تلك الطرق لجمع التبرعات محكومة بقواعد معقدة نوعا يفصلها القانون ولائحته التنفيذية.

أمّا بخصوص التمويل الأجنبي، فتفرض اللائحة التنفيذية على جميع الجمعيات إبلاغ وزارة التضامن الاجتماعي بالتفصيل بكل عقود التمويل مع كيانات خارج مصر في غضون 30 يوما من استلام الأموال. تُراجع الوزارة الوثائق المقدّمة لها وتتخذ قرارا بالموافقة على المنحة أو رفضها في غضون 60 يوما بعد "التشاور مع الجهات المعنية". عمليا، تُعتبر أجهزة الأمن والمخابرات "السلطات المعنية" الأساسية في اتخاذ هذه القرارات. إذا لم تُصدر السلطات اعتراضا خلال 60 يوما، اعتبر ذلك موافقة على المنحة.

في حال رفض التمويل، يتعيّن على الجمعية إرجاعه إلى الجهة المانحة في غضون خمسة أيام، وهو ما يُلغي عمليا حق استئناف مثل هذه القرارات حتى وإن كان ممكنا من الناحية النظرية.

يسمح القانون للجمعيات أن تتلقى التمويل من هيئات أو أشخاص مصريين أو المنظمات الأجنبية التي حصلت على تصريح بالعمل داخل البلاد، لكن حتى في هذه الحالة يتوجب على الجمعيات أن تخطر الحكومة خلال ثلاثة أشهر، وأن تقدم تقريرا نصف سنوي عن أوجه إنفاق التمويل. تعتمد المنظمات المصرية على التمويل الأجنبي بشكل كبير، وذلك جزئيا بسبب قدرة السلطات على تقويض أي تجارة، والتحرش برجال وسيدات الأعمال الذين قد يدعمون أي عمل ينتقد الحكومة ومضايقتهم.

 كيف يمكن للمنظمات الأجنبية (الدولية) أن تعمل في مصر؟

يتعين على المنظمات الأجنبية أيضا الامتثال لقانون 2019، وهي في الواقع تواجه قيودا أكبر. عليها الحصول على موافقة وزارة الخارجية، وهي موافقة صالحة لأنشطة محددة وفق التعاقد، في منطقة جغرافية معينة ولوقت محدد، ويجب تجديد الموافقة والتعاقد للقيام بأي نشاط إضافي. يمكن للمواطنين الأجانب الانضمام إلى منظمات محلية فقط إذا كانت لديهم تصاريح إقامة سارية المفعول في مصر وبعد موافقة الحكومة. هذا يمنع المواطنين الأجانب المقيمين خارج مصر فعليا من المشاركة في أنشطة أهلية داخل مصر أو دعمها.

  1. ماذا عن الحملات المستقلة التي لا ترتبط بالضرورة بمنظمة معينة؟ هل يمكن لمجموعة من الأشخاص القيام بحملة دون تسجيل؟

لا. قانون 2019 يعرّف العمل الأهلي على أنه "كل عمل لا يهدف إلى الربح، ويُمارس بغرض تنمية المجتمع". لا يُسمح بمثل هذا العمل دون تسجيل بموجب قانون 2019. تنصّ اللائحة التنفيذية على أنه خارج إطار الجمعيات، لا يستطيع الأشخاص القيام بأي مبادرات أهلية أو حملات أو عمل دون إذن مسبق من الحكومة، وهو ما يفرض من بين أمور أخرى، فتح حساب مصرفي خاص بالنشاط. يُعتبر قانون 2019 حاجزا واضحا للمصريين الراغبين في الانخراط في حملات وأنشطة أهلية.

  1. هل صحيح أنّ العاملين في المنظمات غير الحكومية لن يواجهوا بعد الآن محاكمات جنائية أو السجن بسبب أنشطتهم المدنية بعد دخول قانون 2019 حيز النفاذ؟

لا. هذه خدعة مضللة أخرى من قبل الحكومة. باستخدام قوانين أخرى (انظر أدناه)، تظلّ السلطات المصرية قادرة على ملاحقة الحقوقين بسبب عملهم، والمحاكم قادرة على إدانتهم وسجنهم، كما هو الحال سابقا. لقد سُجن بعضهم لتعاونهم مع هيئات حقوق الإنسان التابعة لـ"الأمم المتحدة".

بعض الذين سُجنوا كانوا موظفين لدى منظمات حقوقية بارزة. في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، اعتقل عناصر من "الأمن الوطني" ثلاثة من قادة "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" بزعم العمل دون ترخيص. لكن بعد ضغوط دولية، أطلقت السلطات سراحهم في مطلع ديسمبر/كانون الأول دون أن تسقط التهم الموجهة إليهم، ومنها جرائم مزعومة تتعلق بالإرهاب، وأمرت محكمة مختصة في جرائم الإرهاب بتجميد أصولهم.

تجاهلت الحكومة المصرية مرارا دعوات خبراء الأمم المتحدة والمفوض السامي للأمم المتحدة لحقوق الإنسان للإفراج عن المدافعين الحقوقيين، بمن فيهم:

إبراهيم متولي، مؤسس ورئيس "رابطة أسر المختفين قسريا"، الذي اعتُقل في مطار القاهرة في 2017 بينما كان ينتظر المغادرة إلى جنيف حيث تمت دعوته للاجتماع مع "فريق الأمم المتحدة العامل المعني بحالات الاختفاء القسري". لا يزال محتجزا بدون محاكمة.

إبراهيم عزالدين، الباحث في "المفوضية المصرية للحقوق والحريات"، ومحمد الباقر، مدير "مركز عدالة للحقوق والحريات"، المحتجزان منذ يونيو/حزيران وسبتمبر/أيلول 2019 انتقاما منهما بسبب عملهما.

عزّت غنيم، مدير "التنسيقية المصرية للحقوق والحريات"، وهدى عبدالمنعم، زميلته والعضو السابق في مجلس إدارة "المجلس القومي لحقوق الإنسان" الحكومي، المحتجزان دون محاكمة منذ 2018.

باتريك زكي، الباحث في مجال الحقوق الجندرية في "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية" المحتجز دون محاكمة منذ فبراير/شباط 2020.

هذا فقط عدد قليل من عشرات النشطاء المصريين المحتجزين تعسفا.

  1. ما هي الأساليب الأخرى التي تعتمدها السلطات المصرية في تعطيل عمل الجمعيات أو التدخل فيه؟

قانون الجمعيات لسنة 2019 يُسهّل المراقبة النشيطة. تفرض اللائحة التنفيذية على وزارة التضامن الاجتماعي الاحتفاظ بقاعدة بيانات إلكترونية تتضمّن تفاصيل عن جميع الموظفين، والمتطوعين، والممولين و"أية بيانات أخرى يصدر بها قرار من الوزير المختص" لجميع المنظمات غير الحكومية في البلاد بذريعة "الرقمنة". تنصّ اللائحة على أن ذلك يرمي إلى تسهيل "التبادل الفوري" لهذه المعلومات بين الوزارة و"الجهات المعنية"، وهذا يرقى إلى مستوى المراقبة المستمرة من قبل الوزارة وأجهزة الأمن.

يتعيّن على الجمعيات تحديث هذه المعلومات شهريا، بما في ذلك التغييرات الطفيفة التي تتعلق مثلا بمتطوعين جدد.

هناك عنصر آخر يتعلق بالمراقبة النشيطة في القانون يتمثل في أن موظفي الوزارة يمكنهم إجراء عمليات تفتيش غير معلنة لمقرات أي منظمة وفحص ملفاتها والتدقيق في  أنشطتها.

  1. بخلاف قانون 2019 ولائحته التنفيذية، هل توجد قوانين مصريّة أخرى تؤثر على المنظمات المستقلة وحريّة تكوين الجمعيات وعملها؟

نعم. في سياق جهودها "لتلميع" انتهاكاتها الحقوقية، تقدّم الحكومة المصريّة قانون 2019 على أنه "نقلة نوعية". غير أنّه لا توجد "بدايات جديدة" و"نقلات نوعية" دون الإفراج عن مئات نشطاء المجتمع المدني والنشطاء السياسيين المسجونين ظلما، والذين يمثلون المحرّك الحقيقي لأي مشاركة مدنية، ودون مراجعة حقيقية لسياسات الدولة والقوانين التي هي جزء من شبكة القيود القانونية التي تستخدمها السلطات لقمع المعارضة، والمنظمات المستقلة، وحرية تكوين الجمعيات. وهي تشمل، على سبيل المثال وليس الحصر، العديد من بنود قانون العقوبات، وقانون مكافحة الإرهاب لسنة 2015، وقانون سنة 2013 الذي يجرّم التجمع السلمي، وقوانين النقابات العمالية المسيئة التي تقيّد الحق في التنظيم والاحتجاج. قال سبعة من المكلّفين بولايات الإجراءات الخاصة للأمم المتحدة في فبراير/شباط 2020 إنهم "ينظرون إلى مجمل هذه التشريعات، وآثارها المترابطة والمتراكمة، على أنها تحمل آثارا جماعية مدمرة على تعزيز حقوق الإنسان وحمايتها".

في 2014، أصدر الرئيس السيسي مرسوما بتعديل قانون العقوبات نصّ على عقوبة السجن المؤبد لأعضاء أي كيان، أو جماعة، أو منظمة تستلم تمويلات أجنبية أو دعما عينيا للقيام بأنشطة يُزعم أنها تنتهك أحكاما فضفاضة وغامضة مثل "المساس باستقلال البلاد". اضطرت العديد من المنظمات المصرية إلى الإغلاق أو تقليص أنشطتها خوفا من المحاكمة بموجب هذا القانون إذا قبِلت دعما أجنبيا. منذ 2014، أغلقت الحكومة مئات المنظمات، وربما يصل عددها إلى عدة آلاف، أغلبها جمعيات خيرية، بموجب قوانين أخرى غامضة وقمعية. بات العديد من المدافعين الحقوقيين البارزين يعيشون في المنفى الطوعي خوفا من الاعتقال إذا عادوا إلى بلادهم، وانتقل آخرون إلى العمل السرّي.

  1. ما هي الطرق الأخرى التي استُخدمت بها هذه القوانين لتقويض عمل المنظمات الأهلية؟

استخدمت السلطات هذه القوانين لتجريم ومعاقبة العديد من جوانب الحق في حرية تكوين الجمعيات والتعبير، وخاصة العمل الحقوقي.

في القضية رقم 173 لسنة 2011، المعروفة بقضية التمويل الأجنبي، حُكم على أكثر من 40 موظفا في عدة منظمات دولية بالسجن سنة 2013، ولم تُلغِ محكمة أخرى هذه الأحكام إلا في 2018. ومما له مغزاه، لم تستند هذه التهم الجنائية إلى قانون العمل الأهلي الحالي وإنما إلى قانون العقوبات. يستند الجزء الثاني من القضية 173، التي لا تزال عشرات المنظمات المصرية البارزة والمدافعين الحقوقيين يواجهون التحقيق فيها، تحت حجة تلقيهم تمويلات أجنبية، إلى مزاعم أمنية تُنكر جوهر حرية تكوين الجمعيات. تشمل المحاكمات والهجمات على المدافعين الحقوقيين والنشطاء المستقلين حظر السفر وتجميد الأصول للعام السادس على التوالي، وإضافات إلى "قائمة الإرهاب" بإجراءات تعسفية.

من بين الأمثلة الأخرى على تكتيكات الترهيب والانتقام التي تمارسها السلطات المصرية ضدّ الجماعات والنشطاء المستقلين الملاحقة الإدارية التي استمرت من 2016 إلى 2019 ضدّ قاضيين تعاونا مع شركة المحاماة "المجموعة المتحدة" لصياغة مسودّة قانون لمناهضة التعذيب. في حادثة أخرى في أغسطس/آب 2020، قضت محكمة بسجن بهي الدين حسن غيابيا لمدة 15 عاما، وهو مؤسس ومدير "مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان"، إحدى أقدم المنظمات المصرية وأكثرها عراقة، بتهم "نشر أخبار كاذبة" و"إهانة القضاء" في تغريدة.

تستخدم السلطات هذه الشبكة من القوانين والسياسات المسيئة لخنق نشاط المجتمع الأهلي، وفرض سيطرة مخيفة على حرية تكوين الجمعيات وحرية التعبير بسبب خوف العاملين فيها من الملاحقة الجنائية. واجه بعض الحقوقيين أعمالا انتقامية خارج أي إجراءات قانونية، كما حصل للمحامي البارز جمال عيد، مدير "الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان"، الذي تعرض لاعتداءات جسدية مرتين في 2019، من قبل قوات الأمن على ما يبدو.

  1. هل ينتهك قانون 2019 القانون الدولي والدستور المصري؟

نعم وبشدّة، قانون 2019 ولائحته التنفيذية يتعارضان فعليا مع المادة 75 من الدستور التي تكفل "للمواطنين حق تكوين الجمعيات والمؤسسات الأهلية على أساس ديمقراطي، وتكون لها الشخصية الاعتبارية بمجرد الإخطار. وتمارس نشاطها بحرية، ولا يجوز للجهات الإدارية التدخل في شؤونها، أو حلها أو حل مجالس إداراتها أو مجالس أمنائها إلا بحكم قضائي".

الحق في حرية تكوين الجمعيات مكفول أيضا في المادة 22 من "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" والمادة 10 من "الميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب"، ومصر طرف في كليهما. لا يُسمح بوضع قيود على هذا الحق "إلا تلك التي ينصّ عليها القانون وتُشكل تدابير ضرورية في مجتمع ديمقراطي"، والتي يجب أن تهدف إلى الاستجابة لحاجة عامة ملحّة وتعكس القيم الديمقراطية الأساسية للتعددية والتسامح. كما يجب أن تكون القيود "الضرورية" متناسبة – أي متوازنة بعناية مع السبب الذي وُضعت من أجله وليست تمييزية، بما في ذلك على أساس الأصل القومي أو الرأي السياسي أو المعتقد. إضافة إلى ذلك، لا ينبغي لأي قيد أن يقوّض جوهر الحق في حرية تكوين الجمعيات، كما تفعل مجمل القيود الواردة في قانون العمل لأهلي المصري لسنة 2019.

لمزيد من الموارد والمعلومات عن هذا الموضوع:

بيان صحفي: مصر: قيود على المجتمع الأهلي

https://www.hrw.org/ar/news/2021/04/16/378481

بيان صحفي مطوّل: مصر: قانون الجمعيات الأهلية الجديد يُجدّد القيود الصارمة

https://www.hrw.org/ar/news/2019/07/24/332299

بيان صحفي: على الحكومة المصرية إنهاء محاولة "استئصال" المجتمع المدني المستقل

https://cihrs.org/egypt-government-must-stop-relentless-assault-on-ngos-in-violation-of-the-law-and-constitution/

مذكرة قانونية: مصر: التعليق القانوني على اللائحة التنفيذية لقانون العمل الأهلي

https://cihrs.org/legal-commentary-on-regulations-of-ngo-law-n-149-for-2019-on-civic-associations/

البوابة الإخبارية

https://www.hrw.org/ar/tag/egypt-crackdown-civil-society 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الأكثر مشاهدة