توفيت الليلة الماضية سهى جرار، مسؤولة الأبحاث والمناصرة لدى "مؤسسة الحق" لحقوق الإنسان الفسطينية، في منزلها في رام الله في الضفة الغربية المحتلة. في سنوات عمرها الـ 31، تركت سهى أثرا لا يمحى في مجال المناصرة الحقوقية في فلسطين.
أجرت سهى أبحاثا مبتكرة حول الآثار البيئية للاحتلال الإسرائيلي، منها تقرير في 2019 خلُص إلى أن السياسات والممارسات الإسرائيلية التمييزية تعرقل قدرة الفلسطينيين في الضفة الغربية المحتلة على التكيّف مع التغيّر المناخي. باعتبارها المسؤولة عن قضايا الجندر لدى مؤسسة الحق، مثّلت سهى المؤسسة خلال مناقشة وضع النساء في فلسطين أمام "اللجنة المعنية بالقضاء على التمييز ضد المرأة" الأممية. بحثت سهى، ودافعت، وضغطت بشراسة كي تعمّم في المجتمع المدني الفلسطيني المجموعة الكاملة للقضايا الحقوقية المتصلة بالنوع الاجتماعي والجنسانية، حتى حيثما كان ذلك خطيرا أو محظورا.
توفيت سهى بعيدا عن والدتها خالدة جرار لأنها تقبع في سجن إسرائيلي. خلال معظم السنوات الست الماضية، احتجزت السلطات الإسرائيلية خالدة (58 عاما)، العضوة المنتخبة في "المجلس التشريعي الفلسطيني"، بسبب نشاطها السياسي مع "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين". الجبهة الشعبية، وهي واحدة من أكثر من 400 منظمة حظرتها السلطات الإسرائيلية، تضمّ حزبا سياسيا وذراعا عسكريا. هاجم الذراع العسكري الجنود والمدنيين الإسرائيليين. لم تتهم السلطات الإسرائيلية خالدة بتاتا بالإنخراط في الأنشطة المسلحة.
قضت خالدة فترات طويلة، بما في ذلك بين يوليو/تموز 2017 وفبراير/شباط 2019، في الاحتجاز الإداري دون محاكمة أو تهم. في مارس/آذار 2021، حكمت محكمة عسكرية إسرائيلية عليها بالسجن سنتين بتهمة "الانتماء إلى جمعية غير قانونية"، بالاستناد إلى اتفاق تسوية مع السلطات العسكرية الإسرائيلية أقرت فيه بأنها "لم تتعامل مع الجوانب التنظيمية أو العسكرية للمنظمة". احتجاز خالدة بسبب نشاطها السياسي ينتهك حريتها في تكوين الجمعيات، حسبما وثقت "هيومن رايتس ووتش". تعليق الحقوق المدنية لملايين الفلسطينيين الذين يعيشون في الأراضي الفلسطينية المحتلة هو جزء محوري من جريمتَي الفصل العنصري والاضطهاد، وهما جريمتان ضد الإنسانية، اللتين ترتكبهما الحكومة الإسرائيلية.
ابتسامة سهى لم تفارقها يوما، مع أنه خلال معظم حياتها كشخص بالغ، كانت والدتها مسجونة ظلما. بحسب تقارير، رفضت السلطات الإسرائيلية طلب خالدة حضور جنازة سهى. على السلطات الإسرائيلية، التي احتجزت خالدة مرارا وتكرارا في انتهاك لحقوقها، أن تسمح لها على الأقل بتوديع ابنتها.