(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن القانون الذي أقرّته إيران مؤخرا لحماية الأطفال والمراهقين يُمثّل خطوة صغيرة إلى الأمام، لكنه لا يرقى إلى مستوى الإصلاحات الأساسية اللازمة لحماية حقوق الأطفال بشكل مجدٍ.
في 7 يونيو/حزيران 2020، أقر "مجلس صيانة الدستور"، الهيئة المسؤولة عن ضمان توافق التشريعات التي يقرها البرلمان الإيراني مع الدستور وتفسير السلطات الإيرانية للشريعة، مشروع قانون من 51 مادة "لدعم الأطفال والمراهقين"، والذي يتضمن عقوبات جديدة لبعض الأفعال التي تضرّ بسلامة الطفل ورفاهه، بما في ذلك الانتهاك الجسدي، وتمنع حصوله على التعليم. يسمح القانون أيضا للمسؤولين بنقل الأطفال إذا كانوا في أوضاع تهدد سلامتهم بشكل خطير. لكن القانون لم يتطرق لأمور هي من أخطر ما يهدد الأطفال في إيران، مثل زواج الأطفال وعقوبة الإعدام.
قالت تارا سبهري فَر، باحثة إيران في هيومن رايتس ووتش: "ينبغي للسلطات الإيرانية ألا تضيّع وقتا في تنفيذ إجراءات حماية الأطفال الجديدة. من السذاجة الاعتقاد بأن هذه الإصلاحات وحدها يمكنها ضمان سلامة الأطفال، بينما لا يزال القانون يسمح بالعقاب البدني، وزواج الأطفال، وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث، وعقوبة الإعدام بحق الأطفال".
سيرسل البرلمان القانون إلى الرئيس حسن روحاني ليوقّع عليه، ثم يُنشر في الجريدة الرسمية ويُصبح ساريا.
الغضب الشعبي الذي أعقب الجريمة الشنيعة المتمثلة بقطع رأس الطفلة رومينا أشرفي (14 عاما( والتي اتُّهم بها والدُها، دفع العديدَ من المسؤولين الحكوميين في 21 مايو/أيار إلى الدعوة إلى تسريع الموافقة على مشروع القانون. كان القانون قد طُرح أمام البرلمان في يونيو/حزيران 2012، لكن تم تعطيله، ثم أعادت تقديمه حكومة الرئيس روحاني في يونيو/حزيران 2016.
تُعرّف المادة 9 من القانون الجديد مجموعة من العقوبات، بما فيها السجن ودفع "الدية"، للإهمال من قبل أي شخص، بما في ذلك الوالدَين، الذي يؤدي إلى الوفاة أو الإعاقة أو الضرر الجسدي أو التحرش الجنسي. لكن مجلس صيانة الدستور ألغى أحكاما لمعاقبة استخدام الوالدَيْن "للعقاب البدني" بالسجن. القانون الإيراني لا يعتبر العقاب البدني من قبل الوالدَيْن أو الأوصياء من أجل "التأديب" جريمة.
تفرض المادة 7 من القانون الجديد عقوبات مالية على الوالدَيْن أو الأوصياء الذين لا يكفلون حصول أطفالهم على التعليم حتى مرحلة الدراسة الإعدادية. التعليم الابتدائي في إيران مجاني وإلزامي، والتعليم الإعدادي مجاني، لكن التعليم الثانوي ليس إلزاميا.
أقرت إيران نسخة سابقة من قانون حماية الأطفال والمراهقين في 2003. اعتبر قانون 2003 إيذاء الأطفال جريمة مدنية، وألغى شرط تقدم أفراد للمطالبة بتدخل الدولة قضائيا في حالات الاعتداء على الأطفال.
على غرار قانون 2003، ينطبق القانون الجديد على جميع من هم دون سن 18. لكن بموجب القانون الإيراني، يرتبط سن المسؤولية الجنائية بسن البلوغ، المحدد لدى الفتيات بتسع سنوات قمرية (ما يعادل 8.7 سنوات) و15 سنة قمرية (ما يعادل 14.6 سنة) لدى الفتيان. هذا الحكم ليس تمييزيا فحسب، بل يسمح للقضاة أيضا بإصدار أحكام بالإعدام بحق من ارتكبوا جرائم معينة عندما كانوا أطفالا. قالت مجموعات حقوقية إنه في عام 2019 وحده، أعدمت إيران أربعة أشخاص لجرائم زُعِم أنهم ارتكبوها وهم دون سن الـ 18.
في تطور إيجابي، تُطالب المادة 33 من القانون الجديد الاختصاصيين الاجتماعيين من "مؤسسة الرعاية الاجتماعية" الحكومية بالتحقيق الفوري في وضع الأطفال "المعرضين لخطر شديد" جراء سوء المعاملة أو الاستغلال أو التسرب المدرسي، في جملة أمور. كان قانون 2003 يخوّلهم سلطة أخذ طفل من الأسرة ووضعه تحت إشراف الدولة إلى أن يتدخل الادعاء العام في القضية.
بينما يجرّم قانون العقوبات بعض أشكال تشويه الأعضاء التناسلية للإناث التي تُمارس في مناطق من البلد، لا يحظره قانون حماية الطفل الجديد بجميع أشكاله. لا يُجرِّم كذلك زواج الأطفال.
يسمح القانون المدني الإيراني بزواج الفتيات اللواتي لا تتجاوز أعمارهن 13 عاما، بإذن من آبائهن، والفتيان الذين لا تتجاوز أعمارهم 15 عاما. يمكن للأطفال أيضا الزواج في سن أقل إذا أذِن القاضي بذلك.
وفقا للإحصاءات الرسمية، سجلت الدولة بين مارس/آذار 2017 ومارس/آذار 2018 ما مجموعه 217 زيجة لفتيات لم يبلغن العاشرة، و35 ألف زيجة لفتيات أعمارهن بين عشرة و14 سنة، و170,926 لفتيات بين 15 و19 سنة.
في سبتمبر/أيلول 2018، قدمت مجموعة من نواب البرلمان مشروع قانون لرفع الحد الأدنى لسن الزواج إلى 16 عاما واشتراط إذن من القاضي للزواج ما بين سن 13 و16. رفضت اللجنة القضائية البرلمانية مشروع القانون.
قد تترتب على زواج الأطفال عواقب وخيمة تستمر مدى الحياة، غالبا ما تمنع الفتاة من التمتع بمجموعة واسعة من حقوق الإنسان أو تعيق تحقيقها. والفتيات اللواتي يتزوجن مبكرا أكثر عرضة للتسرب المدرسي، ويتعرضن أكثر من غيرهن للاغتصاب الزوجي، والعنف الأسري، وصعوبة الوصول إلى العمل اللائق، والاستغلال، فضلا عن مجموعة من المشاكل الصحية بسبب الإنجاب في سن مبكرة.
دعت "لجنة حقوق الطفل" الأممية التي تشرف على تنفيذ "اتفاقية حقوق الطفل"، وإيران طرف فيها، الدولَ الأطراف إلى تحديد الحد الأدنى لسن الزواج بـ 18 سنة واتخاذ تدابير للقضاء على زواج الأطفال وتشويه الأعضاء التناسلية للإناث.
تحظر اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الطفل "التعذيب أو غيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة" وكذلك عقوبة الإعدام والسجن مدى الحياة دون إمكانية إطلاق سراح الأطفال. العقاب البدني محظور أيضا بموجب الاتفاقية باعتباره عنفا قاسيا أو مهينا. استنتجت عقود من الدراسات من جميع أنحاء العالم أن الإساءة البدنية يمكن أن تُسبب ضررا دائما للأطفال.
قالت سبهري فَر: "طال انتظار إلغاء الأحكام التي تنتهك حقوق الأطفال في القوانين الإيرانية. هذا القانون الجديد إيجابي، لكنه تذكير بأنّ القوانين الإيرانية الأخرى ما زالت سببا لمعاناة الأطفال وينبغي إلغاؤها".