Skip to main content

الأردن: تهديد حرية التعبير في الاستجابة لـ "كورونا"

عقوبات جديدة ضد "إثارة الهلع" بشأن الوباء

  

عناصر من شرطة السير الأردنية عند نقطة تفتيش في اليوم الثاني من حظر التجول في كامل أنحاء البلاد، وسط مخاوف من انتشار فيروس كورونا، في عمان، الأردن.   © 2020 رويترز

(عمان) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن السلطات الأردنية اعتقلت إعلاميِّين وآخرين، وأصدرت مرسوما غامضا متعلقا بحالة الطوارئ قد يتسبب في إخماد النقاش على الإنترنت حول استجابة الأردن لفيروس "كورونا".

يعاقب مرسوم 15 أبريل/نيسان 2020 تداول أي أخبار "تثير الهلع" حول الوباء في وسائل الإعلام أو على الإنترنت بعقوبة تصل إلى السَّجن ثلاث سنوات. منذ إعلان حالة الطوارئ في 17 مارس/آذار، احتجزت السلطات الأردنية إعلاميَّين بارزَيْن، وصحفيا أجنبيا، وبرلمانيا سابقا، على ما يبدو ردا على انتقاداتهم العلنية، وأيضا ثلاثة أشخاص بزعم نشرهم "أخبار كاذبة".

قال مايكل بَيْج، نائب مدير قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "عملت الحكومة الأردنية بحزم لحماية مواطنيها وسكانها من فيروس كورونا، لكن الإجراءات الأخيرة خلقت انطباعا بعدم تسامحها مع أي انتقاد حيال استجابتها للوباء. ينبغي للسلطات حماية قدرة الأردنيين على الحديث عن فيروس كورونا عبر الإنترنت ومشاركة الأخبار ومخاوفهم دون خوف من الاعتقال".

بدأت حالة الطوارئ عندما أصدر العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني مرسوما ملكيا بتفعيل "قانون الدفاع رقم 13 لعام 1992" الذي يمنح رئيس الوزراء سلطات واسعة لتقييد الحقوق الأساسية. لكن رئيس الوزراء عمر الرزاز تعهد بتطبيقه "في أضيق الحدود"، وصرّح أنه لن يمسّ الحقوق السياسية أو حرية التعبير أو الملكيات الخاصة. قالت هيومن رايتس ووتش إن أي خطوات تحد من حرية التعبير على أساس حماية الصحة العامة يجب أن تكون ضرورية ومتناسبة مع التهديد الذي يشكله الخطاب.

تحظر الفقرة 2 من المادة 2 من أمر الدفاع رقم 8 الصادر في 15 أبريل/نيسان بموجب حالة الطوارئ الأردنية "نشر أو إعادة نشر أو تداول أي أخبار عن الوباء من شأنها ترويع الناس أو إثارة الهلع بينهم عبر وسائل الإعلام أو الاتصال أو وسائل التواصل الاجتماعي"، وتصل العقوبات إلى السَّجن ثلاث سنوات وغرامة 3 آلاف دينار أردني (4,230 دولار)، أو كليهما.

قبل المرسوم الجديد، نقلت وسائل الإعلام الأردنية وقوع عدة اعتقالات، أحدها بحق "مروج إشاعات" حول فيروس كورونا في منطقة صويلح في عمان، وآخر "روج عبر تسجيلات صوتية إشاعات حول نية الحكومة إعلان حظر شامل"، وثالث لادعاء وجود حالة وفاة بالفيروس في مدينة الزرقاء. أعلنت الشرطة في 15 أبريل/نيسان ملاحقتها شخصا ادعى وجود "عصيان" للسجناء في سجن ماركا بعمان.

في 10 أبريل/نيسان، قالت قناة "رؤيا"، وهي وسيلة إعلام محلية شهيرة، اعتقال مديرها العام فارس الصايغ ومدير الأخبار محمد الخالدي. أشار بيانها إلى أن الاعتقالات جاءت "على خلفية نشر إحدى المواد الاعلامية التي بثت على منصات مواقع التواصل الاجتماعي". قالت القناة لاحقا في 12 أبريل/نيسان إن الصايغ والخالدي أطلق سراحهما بكفالة. ومن غير الواضح ما إذا كانا سيواجهان اتهامات. أشار نشطاء ومعلقون محليون إلى أن الاعتقالات يمكن أن تكون مرتبطة بمقطع فيديو انتشر على نطاق واسع في 8 أبريل/نيسان، يُعرب فيه عمال مياومون أردنيون عن مخاوفهم من فيروس كورونا.

في 14 أبريل/نيسان، اعتقلت السلطات سليم عكاش )40 عاما(، وهو صحفي بنغالي مقيم في الأردن. قال أحد أفراد أسرته لـ هيومن رايتس ووتش إن ثلاثة رجال بثياب مدنية ألقوا القبض على عكاش أمام منزله من دون التعريف عن أنفسهم. قال الشخص نفسه إن عكاش اتصل في 17 أبريل/نيسان من سجن السلط، قائلا إنه سيمثُل أمام المحكمة "لانتهاكه قانونا خطيرا" لم يحدده. في أوائل أبريل/نيسان، شارك عكاش تقريرا تلفزيونيا على حسابه في "فيسبوك" يتطرق إلى الصعوبات التي يواجهها العديد من العمال البنغاليين في الأردن أثناء الإغلاق بسبب فيروس كورونا.

كما اعتقلت السلطات الأردنية العضو السابق في البرلمان سليم البطاينة )63 عاما( في 7 أبريل/نيسان وقريبه معتصم البطاينة. قال شخصان من عائلتهما لـ هيومن رايتس ووتش إن الأسرة لم تعرف مكانها حتى 12 أبريل/نيسان، عندما أبلغهم أحد أعضاء "المركز الوطني لحقوق الإنسان" )المركز الوطني( الحكومي بأنهما في سجن السلط بشبهة "تقويض نظام الحكم"، وهي جريمة إرهاب تخضع للولاية القضائية لمحكمة أمن الدولة شبه العسكرية. وثقت هيومن رايتس ووتش إساءة استخدام السلطات الأردنية هذه التهمة للحد من النشاط والنقد السياسيَّين.

قال القريبان إنهما لا يعرفان أسباب الاعتقال. قال أحدهما: "اتصلنا بأجهزة أمنية مختلفة، بما فيها مديرية الأمن العام، وإدارة المخابرات العامة، والمحافظة... وجميعها نفت احتجازه". أضاف أن البطاينة كاتب ينتقد الحكومة الأردنية علنا ​​منذ سنوات عديدة، لكنه لم يعرف ما إذا كان اعتقاله مرتبطا بأي انتقاد محدد.

بعد اتصال المركز الوطني في 12 أبريل/نيسان، بحسب القريبين، اتصل سالم البطاينة بالعائلة بمكالمة قصيرة، قائلا فقط إنه يتناول أدويته ويشرب السوائل. قال إنه "مع ناس" لكنه لم يذكر تفاصيل أخرى. في 12 أبريل/نيسان، اتصل البطاينة بأحد أفراد أسرته من سجن السلط طالبا منه توكيل محام.

وصف أحد أقارب معتصم البطاينة، وهو عميد متقاعد من قوات الدرك عمره 48 سنة، اعتقال الأخير. قال الشاهد إنه كان برفقة معتصم الساعة 1:20 بعد الظهر عندما أحاطت بسيارتهما أربع سيارات بلا لوحات، ليخرج منها 10 رجال في ثياب مدنية ويوجهوا البنادق نحوهما ثم يعتقلون البطاينة.

قال القريب: "اتصلنا بـ 911 في نفس اليوم لكنهم قالوا لنا إن علينا الانتظار 24 ساعة. عندما اتصلنا في اليوم التالي، لم يخبرونا بمكانه وأغلقوا الخط". أضاف أنه اتصل في 12 أبريل/نيسان وتأكد من وجوده في سجن السلط، قائلا إن قضيته متصلة بقضية سليم. نُقل الاثنان إلى سجن قفقفا في 26 أبريل/نيسان.

يسمح "العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية" للدول "في حالات الطوارئ الاستثنائية التي تتهدد حياة الأمة" بتبني قيود استثنائية ومؤقتة على بعض الحقوق لا يمكن السماح بتبنيها في ظروف أخرى. إلا أن تلك الإجراءات يجب أن تُتخذ "في أضيق الحدود التي يتطلبها الوضع". قالت "لجنة حقوق الإنسان" الأممية، المعنية بتفسير العهد، إن الوضع يقتضي من الدول الأطراف "تقديم تبرير حريص لا لقرارها بإعلان حالة الطوارئ فحسب، بل أيضاً لأي إجراء محدد استند إلى هذا الإعلان".

بموجب القانون الدولي لحقوق الإنسان، الحكومات مُلزمة بحماية الحق في حرية التعبير، بما في ذلك الحق في التماس وتلقي ونشر جميع أنواع المعلومات، بغض النظر عن أيّة حدود. القيود المسموح بها على حرية التعبير لأسباب تتعلق بالصحة العامة، المذكورة أعلاه، يجب ألا تعرّض هذا الحق للخطر.

في 20 مارس/آذار، فرض رئيس الوزراء حظر تجول إجباري من الساعة 6 مساء وحتى 10 صباحا مع استثناءات لمن يحملون تصاريح سارية. وبين 17 مارس/آذار و14 أبريل/نيسان، قالت السلطات إنها ضبطت 10,874 شخصا انتهكوا حظر التجول واحتجزت 6,814 مركبة. بموجب أمر الدفاع رقم 3، يخضع الأشخاص الذين ينتهكون حظر التجول لغرامة تتراوح بين 100 دينار أردني (141 دولار) و500 دينار (705 دولارات)، بينما تتم مصادرة المركبات المحجوزة لمدة 30 يوما بالإضافة إلى غرامة.

قال بيج: "يواجه الأردن تحديات غير مسبوقة في تعامله مع فيروس كورونا، ولكن ينبغي ألا تُستخدم الأزمة كذريعة لتقييد حرية التعبير".

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

المنطقة/البلد

الأكثر مشاهدة