أجريتُ مؤخرا مقابلة مع عائلة فلسطينية في غزة بشأن معاناتها للحصول على تصريح إسرائيلي لابنهم لتلقي علاج السرطان في الخارج، بما أن العلاج غير متوفر في غزة. وبعد أن وصف العملية بالمعقدة، قال الوالد: "إنها لعبة... إما أن تربح أو تخسر حياتك".
وقد "ربحتُ" على مدى العامين الماضيين. فقبل عامين، حصلت على تصريح نادر، وغادرت غزة للمرة الأولى في حياتي بعمر الـ 31 للسفر إلى نيويورك مع "هيومن رايتس ووتش". ومنذئذ، حصلت على عدة تصاريح أخرى، منها تصريح في وقت سابق من هذا العام لحضور اجتماعات في باريس. وكانت المرة الأولى لي في أوروبا حيث خططت لأول عطلة حقيقية لي.
كنت كطائر حر خلال تنقلي في فرنسا الشهر الماضي، كسجين خرج بكفالة. حذرني الأصدقاء والزملاء من أن الوباء العالمي قد يأسرني بالإغلاق الذي تفرضه الحكومات، لكن ذلك لم يزعجني. فبعد حبسي مدى الحياة في غزة بسبب حظر السفر الشامل الذي تفرضه إسرائيل منذ 2007، والذي، باستثناءات نادرة، يسلب مليونَي فلسطيني حقهم في حرية الحركة، ومع إغلاق مصر المستمر لحدودها، هل كنت سأخاف من بعض القيود على السفر؟
في النهاية، ومع اشتداد التحذيرات، قطعتُ رحلتي. اضطررتُ إلى السفر عبر الأردن للعودة إلى غزة، حيث أن إسرائيل تمنع فلسطينيي القطاع والضفة الغربية من استخدام مطار بن غوريون بدون تصريح. ولكن بمجرد وصولي، فُرضت في الأردن إحدى أكثر عمليات الإغلاق صرامة في العالم. حُظر على الناس القيادة بدون تصريح أو حتى مغادرة المنزل سيرا على الأقدام في بعض الأيام، ومُنع السفر بين المدن، وأُغلقت فعليا المطارات والمعابر الحدودية.
أنا الآن في عمّان، لست متأكدة من تاريخ عودتي إلى دياري. صفارات الغارات الجوية التي تنطلق تقريبا كل ليلة، والتي تنذر ببدء حظر التجول في العاصمة الأردنية، حرّكت ذكرياتي المكبوتة عن أزيزطائرات الاستطلاع وطائرات "إف-16" الحربية الإسرائيلية خلال قتال 2014 في غزة، والذي بدوره جعلنا "نحتمي في أماكننا" لفترات طويلة.
سيتراجع هذا الوباء في نهاية المطاف، وينفتح العالم مجددا. إلا أن مليونَي فلسطيني في غزة سيبقون تحت حظر من صنع الإنسان، طالما أن إسرائيل تواصل فرض إغلاقها القاسي.