Skip to main content
تبرعوا الآن

في انتظار العاصفة: "فيروس كورونا" في أفريقيا

الوباء يهدد مخيمات اللاجئين والمدن المكتظّة

بينما قد يبدو أن "فيروس كورونا" يصل إلى أفريقيا بشكل أبطأ من المناطق الأخرى، إلا أن مديرة قسم أفريقيا في "هيومن رايتس ووتش"، ماوسي سيغون، تخشى أنه قد يجتاح القارة قريبا، ويرجع ذلك من جهة إلى ضعف أنظمة الصحة العامة والرعاية الصحية في البلدان الأفريقية، ومن جهة أخرى إلى صعوبة عزل الناس في المناطق الحضرية المكتظة بالسكان ومخيمات النازحين. تتحدث سيغون مع إيمي براونشفايغر حول استجابات الحكومات الأفريقية للفيروس (الاستجابات الجيدة والسيئة على حد سواء) وكيف يمكن أن تُساعد المقاربة القائمة على الحقوق لمعالجة أزمة الصحة العامة هذه على إبقاء سكان أفريقيا أكثر أمانا من خلال المساعدة في السيطرة على انتشار الفيروس.

ما هي مخاوفك الرئيسية بشأن انتقال فيروس كورونا في أنحاء أفريقيا؟

في العديد من البلدان التي نعمل فيها، تعتبر البنية التحتية في مجالَيْ الصحة العامة والرعاية الصحية شديدة الضعف. حقيقة أن الانتشار في أفريقيا كان أبطأ من المناطق الأخرى هو أمر مُريح بعض الشيء، ويُؤمَل أن يمنح الحكومات الوقت لإنشاء البنية التحتية. لسوء الحظ، لم نَرَ الكثير من هذا يحدث. هناك فرص غير كافية للاختبار والعلاج، ونحن نعلم أن عدد الحالات قد يكون على الأرجح أعلى بكثير من العدد الذي يتم الإبلاغ عنه. أضِف إلى ذلك أن الجائحة تحدث وسط تفشي أوبئة مُميتة أخرى، مثل الحصبة والكوليرا، والتي قد تجعل فيروس كورونا أكثر فتكا. هناك أيضا إمكانية محدودة للحصول على مياه نظيفة من أجل النظافة والصرف الصحي في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، بما في ذلك في العديد من المرافق الصحية.

بينما تُكافح الدول الأكثر ثراء لاحتواء انتشار العدوى، نشعر حقا بالقلق من انتقاله في أنحاء أفريقيا بمعدل متزايد.

كيف تتفاعل الحكومات مع الفيروس بطرق تمسّ بالحقوق؟

على الحكومات واجب تثقيف الناس حول الأمراض الجديدة ومحاولة الحد من انتقال العدوى. عليها أيضا أن توفّر الرعاية لكل مريض، وأن تحرص على عدم وجود تمييز، وأن تولي اهتماما خاصا للأكثر ضعفا.

كانت بعض الحكومات بطيئة في الاستجابة، واقترح البعض في البداية أن المرض ينتشر فقط بين الأجانب. في العديد من البلدان الأفريقية، يضرّ نقص الاستثمار في الصحة بقدرة الحكومات على رصد الحالات الجديدة، ونشهد نقصا في الاختبارات والعلاج. هناك أيضا عدد قليل جدا من العاملين في مجال الرعاية الصحية لعلاج جميع المرضى.

إلى أن سجلت بوروندي أول حالتين في 31 مارس/آذار، زعمت الحكومة أن البلاد محمية من الفيروس لأنها "وضعت الله أولا"، بينما حذّر خبراء من أن هناك حاجة إلى مزيد من الاختبارات وأن مواقع الحجر الصحي في البلاد كانت غير صحية ومكتظة. لم يُسجِّل جنوب السودان إصابات - لكن هذا لا يعني عدم وجود إصابات.

شهدنا استخدام القوة المفرطة لفرض العزل أو الحجر الصحي، بما في ذلك في أوغندا، حيث يُحتجَز الأشخاص العائدون من رحلات في بلدان سُجِّلت فيها إصابات فور وصولهم، ويُنقَلون قسريا إلى فنادق، ويُطلب منهم دفع تكلفة الإقامة في الفنادق لمدة تصل إلى 14 يوما. قد تصل الفاتورة إلى ألف دولار أمريكي. يُجبَر بعض الأشخاص على "حجر" أنفسهم عبر النوم في بهو الفنادق أو المطارات، لكن هذا يزيد الأمور سوءا لأن هذه الأماكن مليئة بالمسافرين "المحجورين" الآخرين.

في كينيا، ذُكر أن الشرطة قتلت صبيا عمره 13 عاما بالرصاص في نيروبي في 30 مارس/ آذار لفرض حظر التجوّل. استخدمت الشرطة أيضا القوة المفرطة في مومباسا وأماكن أخرى لفرض حظر التجوّل.

قطعت الحكومة الإثيوبية الإنترنت والخطوط الهاتفية لمدة ثلاثة أشهر في غرب أوروميا، حيث تجري عملية حكومية لمكافحة التمرد، مما يعني أن ملايين الأشخاص لم يكن لديهم إمكانية الوصول إلى معلومات حول الجائحة حتى أعادت الحكومة الوصول في 31 مارس/آذار. وقع ذلك بعد أن ضغطت جماعات بقوة على الحكومة، موضحة أن وصول الناس إلى معلومات حول فيروس كورونا أمر ضروري لحماية الأرواح.

في جنوب أفريقيا، شاهدنا الشرطة تطلق الرصاص المطاطي وخراطيم المياه لتفريق المشردين الذين يصطفون للحصول على الطعام، وتُطالبهم بـ "العودة إلى بيوتهم!". هؤلاء الناس ليس لديهم منازل، والقرار الأخير بحشرهم في المدارس، ومباني الكنائس، والملاعب، ومواقف السيارات لا يُفسِح مجالا كبيرا للتباعد الاجتماعي. يحدث هذا أيضا في مجتمعات المهاجرين حيث يتم حجر الأشخاص.

كيف يُعرّض تجاهل الفقراء الجميع للخطر؟

هذا المرض يُعرّض الجميع للخطر. مع ذلك، بعض الأشخاص أكثر قدرة على الحد من اتصالهم بالآخرين. كثير من الفقراء لديهم وظائف منخفضة الأجر ولكنها ضرورية. يحصدون المحاصيل الغذائية أو يبيعونها في الأسواق أو المتاجر، أو يقودون الحافلات، أو ينظفون المستشفيات، أو يعملون كعمال منازل. نحن جميعا مترابطون في النهاية، وإذا لم تجد الحكومات طريقة لدعم وحماية الحقوق الاقتصادية للمجتمعات الفقيرة، لن يتمكن أحد من عزل نفسه إلى الأبد من هذا الفيروس.

كيف تتفاعل الحكومات مع الفيروس بطرق تحترم الحقوق؟

تحركت العديد من الحكومات بسرعة للحد من انتشار الفيروس عبر منع السفر - بدأ السودان في فحص المسافرين الذين يدخلون البلاد في أواخر يناير/كانون الثاني. تُقدم بعض البلدان خدمات صحية مخصصة. في ولاية لاغوس في نيجيريا، تُوفّر الحكومة السلع المنزلية بما في ذلك المواد الغذائية، ومنتجات التنظيف مثل الصابون للمجتمعات والمؤسسات المنخفضة الدخل.

على الحكومات أن تُدرِك محدودية الموارد المتاحة للأشخاص ذوي الوضع الاقتصادي المنخفض أو الذين يعيشون في الأحياء الفقيرة، حيث قد يكون عدم الخروج لكسب العيش لبضعة أيام مثل الفرق بين المجاعة والحياة. تدخّل الحكومات لتقديم هذه الخدمات أمر مشجّع.

ما الذي يمكن أن يعنيه فيروس كورونا للبلدان التي تشهد نزاعات؟

في الأماكن التي تشهد نزاعات مستمرة مثل جنوب السودان، وجمهورية أفريقيا الوسطى، ومالي، وبوركينا فاسو، وشمال شرق نيجيريا، يتعرض الأشخاص للخطر بشكل خاص. ينطبق هذا أيضا على الأماكن التي تستضيف أعدادا كبيرة من اللاجئين في مخيمات مترامية الأطراف، مثل السودان، وجنوب السودان، وأثيوبيا، وكينيا. هذه البلدان التي تعتبر بنيتها التحتية وأنظمة الحماية الاجتماعية فيها ضعيفة أصلا غير قادرة على التعامل مع انتشار الفيروس. العدد الكبير من النازحين والتحديات الأمنية في توفير الخدمات الصحية لهؤلاء السكان مُقلقة للغاية.

في بوركينا فاسو، ارتفع عدد النازحين بسبب القتال بحوالي 1,000 بالمئة ليصل إلى أكثر من 765 ألف نازح في العام الماضي. في الوقت الحالي، لديها أيضا أكبر عدد من الإصابات في غرب أفريقيا. بما أن النازحين واللاجئين يعيشون في مجتمعات مضيفة أو مخيمات مكتظة بالسكان، سيكون من الصعب بشكل خاص على الحكومات وقف أو حتى إدارة انتشار العدوى. عليها أن تضمن التباعد الاجتماعي، وتوفّر مرافق الحجر الصحي والعزل لهؤلاء الناس.

الخرافات والمعلومات الخاطئة، بما في ذلك التصور الخاطئ بأن فيروس كورونا المستجد هو فيروس أجنبي، قد تؤدي إلى تهديدات ضد عمال الإغاثة، وتحد أيضا من قدرتهم على تقديم المساعدة المُنقذة للحياة وحماية المدنيين.

من هم الأكثر عُرضة للخطر في أفريقيا عندما يتعلق الأمر بالفيروس؟

الجميع عُرضة للخطر. في أماكن أخرى، يقل احتمال إصابة الأطفال بفيروس كورونا ووفاتهم. لكننا لا نعرف ما إذا كان ذلك سيكون صحيحا أيضا في أفريقيا، حيث قد يؤدي سوء التغذية أو العدوى المشتركة، مثلا من الديدان المعوية أو غيرها من أنواع العدوى، إلى جعل الأطفال أكثر عرضة للخطر.

بعبارة أخرى، يمكننا أن نتوقع أن ما رأيناه في أماكن أخرى سيكون صحيحا في إفريقيا. نحن قلقون بشأن انتشار الفيروس في السجون المكتظة - ومعظم السجون في أفريقيا، إن لم يكن جميعها، مكتظا. على الحكومات، أسوة بجنوب السودان الذي بدأ بالفعل الإفراج عن سجناء، النظر في خفض عدد الأشخاص في السجون عبر ضمان الإفراج المبكر، وإطلاق سراح المحتجزين تعسفا. هناك نسبة كبيرة من المحتجزين في أنحاء أفريقيا رهن الاحتجاز الاحتياطي ولم يُدانوا بجرائم. حان الوقت للإفراج المُبكر، خاصة بالنسبة إلى المحتجزين بسبب جرائم غير عنيفة.

نحن قلقون أيضا بشأن مواقع التهجير المكتظة والأحياء الحضرية الفقيرة حيث يعيش عدد كبير من الأشخاص، بما في ذلك كبار السن وغيرهم ممن لديهم أمراض كامنة، في أماكن ضيقة مع أسرهم، مما يجعل من المستحيل عمليا تطبيق التباعد الاجتماعي أو العزل. نحن قلقون أيضا بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة، خاصة الذين يُقيّدون أو يُحبَسون في مؤسسات. قد لا يتمكن العاملون في مجال الصحة - ومعظمهم نساء - وكذلك كبار السن، والنساء بشكل عام، والعمال المهاجرين، وكثير منهم من دون وثائق، من الحصول على الرعاية الصحية التي يحتاجونها. مع إغلاق المدارس، قد تؤدي تمضية فترات طويلة في المنزل في ظل ظروف صعبة إلى تعرّض الفتيات للاغتصاب وزواج الأطفال. الفصول الدراسية عبر الإنترنت أو حتى التعليم المنزلي للأطفال قد لا تكون متاحة أيضا في أفريقيا، بعكس الدول الأكثر ثراء. لكن الخدمات المُحسنة، بما في ذلك الكهرباء والإنترنت للمنازل، فضلا عن وسائل الاتصال الأخرى، قد تساعد في ضمان حصول العائلات على بدائل للتعليم في المدارس أثناء بقاء الأطفال في المنزل والذي لا أحد يعرف إلى متى سيستمر.

بسبب القيود المفروضة على السفر، لم يعد بإمكان الأثرياء وكبار المسؤولين الحكوميين أيضا السفر إلى الخارج للحصول على الرعاية الطبية. ربما سيؤدي ذلك إلى الضغط لتحسين البنية التحتية الصحية في البلاد.

تم اختصار وتحرير هذه المقابلة.

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع