(نيويورك) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن فيروس "كورونا" الجديد ، المسبب لمرض "كوفيد-19"، يشكل مخاطر لكثير من الأشخاص ذوي الإعاقة حول العالم. على الحكومات أن تبذل جهودا إضافية لحماية حقوقهم في الاستجابة للجائحة.
قالت جين بوكانان، نائبة مديرة قسم حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة في هيومن رايتس ووتش: "الأشخاص ذوو الإعاقة هم من الفئات الأكثر تهميشا وتعرضا للوصم في العالم، حتى في الظروف العادية. ما لم تتحرك الحكومات سريعا لإدراج ذوي الإعاقة في استجابتها لفيروس كورونا، سيتعرضون بشدة لخطر العدوى والموت مع انتشار الجائحة".
عالميا، هناك أكثر من مليار شخص – تقريبا 15% من سكان العالم – يعيشون مع أحد أشكال الإعاقة. قد يكون الأشخاص الأكبر سنا، أو الذين لديهم حالات صحية مزمنة، أو ذوو الإعاقة – التي تؤثر، مثلا، على قدرتهم التنفسية – معرضين بشكل خاص للإصابة الخطيرة بـ كوفيد-19 أو الموت جراءه.
بالنسبة للآخرين، فإن الإعاقة في حد ذاتها لا تعرضهم لخطر الإصابة، ولكنهم في خطر بسبب التمييز والعوائق التي تحول دون حصولهم على المعلومات، والخدمات الاجتماعية، والرعاية الصحية،
والإدماج الاجتماعي، والتعليم.
خلال جائحة سريعة التطور، تكون المعلومات أساسية للأشخاص لاتخاذ قرارات حول كيفية حماية أنفسهم والحصول على الضروريات والخدمات أثناء الحجر الصحي والعزل الذاتي. على الحكومات على جميع المستويات أن تقدم وفي الوقت المناسب معلومات دقيقة ومتاحة حول المرض وطرق الوقاية والخدمات.
لضمان عدم حرمان الأشخاص ذوي الإعاقة من المعلومات المنقذة للحياة، يجب أن تتضمن استراتيجيات التواصل ترجمة بلغة الإشارة للتصريحات المتلفزة، والمواقع الإلكترونية التي يسهل الاطلاع عليها من قبل الأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة، والخدمات الهاتفية ذات الخيارات النصية للأشخاص الصم أو ذوي صعوبات السمع. يجب أن يستخدم التواصل لغة واضحة لزيادة الفهم.
قابلت هيومن رايتس ووتش كارين ماكول، وهي شبه مكفوفة وتعزل نفسها في منزلها في أونتاريو بكندا بعد اتصال محتمل مع شخص ثبتت إصابته بفيروس كورونا. قالت إنها واجهت عقبات في الوصول إلى المعلومات من وزارة الصحة في أونتاريو، حيث إن المعلومات عبر الإنترنت حول الحفاظ على الصحة أثناء تفشي الفيروس لم تكن متوافقة مع تقنية قراءة الشاشة أو التكبير التي تعتمد عليها.
كما ينبغي للحكومات أن تنظر في الاحتياجات الخاصة لذوي الإعاقة عند وضع استراتيجيات الوقاية. مثلا، يجب وضع إرشادات إضافية حول غسل اليدين للأشخاص ذوي الإعاقة الذين لا يستطيعون غسل أيديهم بشكل متكرر، أو بمفردهم، أو يفتقرون إلى الماء الكافي للنظافة.
ينتشر فيروس كورونا بسرعة، ويشكل خطورة خاصة على الأشخاص الذين يعيشون قرب الآخرين في أماكن مغلقة. يعيش ملايين البالغين والأطفال ذوي الإعاقة في بيئات سكنية منفصلة عن باقي المجتمع وغالبا ما تكون مكتظة، حيث يمكن أن يواجهوا الإهمال، وسوء المعاملة، ونقص الرعاية الصحية. وثقت هيومن رايتس ووتش سوء المعاملة والظروف السيئة في المؤسسات الخاصة والحكومية في البرازيل، وروسيا، وصربيا، وكرواتيا، وكازاخستان، والهند. كُبّل عشرات الآلاف وحبسوا في مرافق دينية أو مرافق تديرها الدولة في إقليم أرض الصومال، وإندونيسيا، وغانا، ونيجيريا.
على الحكومات اتخاذ خطوات عاجلة لنقل الأشخاص ذوي الإعاقة، والذين يمكن نقلهم بأمان، خارج المؤسسات المغلقة والأماكن المماثلة، ووقف قبول الأشخاص الجدد. يجب جمع الأطفال ذوي الإعاقة في المؤسسات السكنية بأسرهم حيثما أمكن.
على الحكومات تزويد البالغين ذوي الإعاقة بالدعم والخدمات الاجتماعية للعيش في المجتمع. أما داخل مؤسسات الرعاية، فعلى السلطات اتباع النظافة الصارمة والتباعد الجسدي، ووضع سياسات للزوار توازن بين حماية المقيمين والموظفين مع احتياجات إلى التواصل مع الأسرة والآخرين.
غالبا ما يعتمد الأشخاص ذوو الإعاقة الذين يعيشون في منازلهم على الخدمات الاجتماعية التي يؤمنها المجتمع المحلي لتلبية احتياجاتهم اليومية الأساسية، بما في ذلك وجبات الطعام والنظافة. هناك مخاوف حقيقية بين مجموعات حقوق ذوي الإعاقة حول انقطاع هذه الخدمات، فمقدمو الدعم ليست لديهم معدات حماية شخصية لتقليل التعرض للعدوى أو نشرها، أو قد يصابون هم ويحتاجون إلى الحجر الصحي.
مع السياسات التي تتطلب عزلا اجتماعيا لوقف انتشار فيروس كورونا، قد يمر الأشخاص ذوو الإعاقات النفسية-الاجتماعية، مثل القلق أو الاكتئاب، بضيق كبير، وقد يستفيدون من خدمات دعم الصحة النفسية الإضافية. بالفعل، قد يكون العزل الذاتي والحجر الصحي محبطا لمعظم الناس بشكل عام. يجب أن تضمن السياسات الحكومية استمرار خدمات المجتمع المحلي وأن تكون برامج استشارات الأزمات متاحة للجميع. ينبغي ألا يؤدي تعطيل الخدمات المجتمعية إلى إيداع الأشخاص ذوي الإعاقة وكبار السن في مؤسسات الرعاية.
يواجه الأطفال ذوو الإعاقة في العديد من البلدان عوائق في الحصول على تعليم جيد وشامل. مع إغلاق الحكومات للمدارس، تطبق الكثير منها التعليم عبر الإنترنت. قد يُستبعد الأطفال ذوو الإعاقات المختلفة إذا لم يكن التعليم عبر الإنترنت متاحا لهم، بما في ذلك من خلال المواد التعليمية واستراتيجيات التواصل المكيّفة والمتاحة. على الحكومات أيضا ضمان توفير مواد وخطط دراسية بصيغة متاحة للطلاب الذين لا يستطيعون الاتصال بالإنترنت. بدون الدعم الحكومي، قد يعاني الوالدان أو مقدمو الرعاية من أجل توفير مجموعة كاملة من الخدمات التي قد يحصل عليها أطفالهم في المدارس.
في لبنان، مثلا، أُغلقت المدارس الرسمية والخاصة وأصبحت الدروس عبر الإنترنت. قال عامر مكارم، مدير "جمعية الشبيبة للمكفوفين"، لـ هيومن رايتس ووتش إن تعليم الدروس وتوزيعها عبر الإنترنت غير متاحَين بشكل عام للطلاب المكفوفين أو ضعاف البصر.
يمكن أن يكون فيروس كورونا كارثيا في بيئات مثل مخيمات اللاجئين أو غيرها من المخيمات المؤقتة، حيث يعيش الناس في تقارب شديد وغالبا ما يفتقرون إلى الخدمات الأساسية. يواجه الأشخاص ذوو الإعاقة في أماكن مثل هذه عقبات كبيرة أمام الخدمات الأساسية مثل المأوى، والمياه، والصرف الصحي، والرعاية الطبية، في دول مثل بنغلاديش، وجمهورية أفريقيا الوسطى، وسوريا، والكاميرون، واليمن، واليونان.
بموجب "العهد الدولي الخاص بالحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية" و"اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة"، على الحكومات ضمان الحق في المعلومات، والصحة، والتعليم، والمستوى المعيشي الأساسي. تتطلب اتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة من الحكومات ضمان منح ذوي الإعاقة الوصول والإيواء المعقول، وتمكينهم من العيش باستقلالية في المجتمع، مع الدعم عند الضرورة.
قالت بوكانان: "من أهم الأشياء التي يمكن للحكومات القيام بها لحماية الأشخاص ذوي الإعاقة خلال جائحة فيروس كورونا التشاور معهم بانتظام لضمان أن تلبي السياسات احتياجاتهم. تلوح كوارث أخرى في حال عدم شمول ملايين الأشخاص في الاستجابة لتفشي الفيروس".