(واشنطن) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن التهديد العلني الذي أطلقه الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بمهاجمة مواقع إيرانية ذات أهمية ثقافية سيشكل جرائم حرب إذا نُفِّذ. على الحكومة الأمريكية أن تعلن بوضوح وفورا أن الولايات المتحدة ستمتثل في جميع الأوقات لقوانين الحرب.
أطلق ترامب تهديده وسط تصاعد التوتر بين الولايات المتحدة وإيران بعد غارة جوية أمريكية بطائرة مسيَّرة في 3 يناير/كانون الثاني 2020، قتلت قائد "فيلق القدس" في "الحرس الثوري الإيراني" قاسم سليماني. إذ غرّد ترامب، في 4 يناير/كانون الثاني، محذّرا إيران من أن "الولايات المتحدة حددت 52 هدفا إيرانيا... بعضها لها أهمية كبيرة لإيران وللثقافة الإيرانية، وستُضرب تلك الأهداف، وإيران نفسها، بسرعة فائقة وقوة كبيرة".
قالت أندريا براسو، مديرة مكتب واشنطن بالإنابة في هيومن رايتس ووتش: "على الرئيس ترامب أن يتراجع علنا عن تهديداته ضد المواقع الثقافية الإيرانية، وأن يقول بوضوح إنه لن يأذن بجرائم حرب أو يأمر بها. على وزارة الدفاع الأمريكية أن تؤكد علنا التزامها بقوانين الحرب والامتثال للأوامر العسكرية المشروعة فقط".
تحظر قوانين الحرب شن هجمات متعمدة على أعيان مدنية لا تُستخدم لأغراض عسكرية. الأعيان ذات الأهمية الكبرى للتراث الثقافي لأي شعب يجب ألا تكون هدفا للهجوم. تحظر المادة 53 من "البروتوكول الأول لاتفاقيات جنيف" تحديدا أي أعمال عدائية ضد الأعيان الثقافية، بما في ذلك جعل هذه الأعيان هدفا للانتقام. "دليل قانون الحرب" الأمريكي (2016)، الذي يتضمن أحكاما شاملة تتعلق بحماية الممتلكات الثقافية، هذا الحكم القانوني في التشريعات الأمريكية. الولايات المتحدة هي أيضا طرف في "اتفاقية لاهاي لحماية الممتلكات الثقافية في حالة النزاع المسلح" (1954)، والتي تحظر أيضا مثل هذه الهجمات.
بموجب قوانين الحرب العرفية، الأفراد الذين يأمرون بهجمات متعمدة على أعيان مدنية، أو يشاركون فيها، يرتكبون جرائم حرب. تنص المادة 85 من البروتوكول الأول تحديدا على أن الهجمات على الأعيان الثقافية تشكل انتهاكات جسيمة للاتفاقية. بموجب "نظام روما الأساسي" لـ "المحكمة الجنائية الدولية" – الولايات المتحدة وإيران ليستا طرفا فيه – فإن تعمد توجيه هجمات ضد المباني المخصصة للأغراض الدينية أو التعليمية أو الفنية أو العلمية أو الخيرية، والآثار التاريخية التي ليست أهدافا عسكرية، يشكّل جريمة حرب.
بموجب قانون "جرائم الحرب" الأمريكي، يتحمل المواطنون الأمريكيون، بمن فيهم المسؤولون المدنيون والعسكريون، الذين يرتكبون جرائم حرب، مسؤولية جنائية. بموجب قوانين الحرب العرفية، على كل مقاتل واجب عصيان الأوامر غير القانونية.
قالت هيومن رايتس ووتش إن تهديدات ترامب للتراث الثقافي الإيراني تعكس تجاهل إدارته الأوسع لحقوق الإنسان في إيران وغيرها. ساهمت العقوبات الشاملة التي فرضتها الولايات المتحدة في أعقاب رفض الاتفاق النووي الإيراني، "خطة العمل الشاملة المشتركة"، في حرمان المواطنين الإيرانيين العاديين من الأدوية الأساسية. من المرجح أن يعزز التهديد الأخير باستهداف الكنوز الثقافية لإيران الرأي السائد بين الإيرانيين بأن الولايات المتحدة لا تراعي صحتهم أو رفاههم.
قالت براسو: "يدل تهديد ترامب بمهاجمة التراث الثقافي الإيراني على عدم اكتراثه لسيادة القانون في العالم. سواء برفض التنديد بالقتل الوحشي للمعارض السعودي جمال خاشقجي أو عفوه عن مجرمي الحرب المدانين، بالكاد أظهر ترامب أي احترام لحقوق الإنسان كجزء من السياسة الخارجية للولايات المتحدة".