Skip to main content

لبنان: تعيين أعضاء "لجنة الوقاية من التعذيب"

خصِّصوا ميزانية كافية لها؛ حقِّقوا في الادعاءات

الممثل اللبناني زياد عيتاني، الذي بُرِّأ من التعامل مع إسرائيل، محمول على الأكتاف بعد أن أفرجت عنه السلطات اللبنانية. اتَّهم عيتاني عناصر أمن بتعذيبه، ودعا السلطات إلى التحقيق.  © 2018 أسوشيتد برس/حسين ملا

(بيروت) - قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم إن مجلس الوزراء اللبناني عَيَّن في 7 مارس/آذار الأعضاء الخمسة في "لجنة الوقاية من التعذيب" (اللجنة) في البلاد.

في 19 أكتوبر/تشرين الأول 2016، أقرَّ البرلمان اللبناني قانونا ينص على إنشاء اللجنة، وهي تابعة لـ "الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان" (الهيئة) المكلّفة بمراقبة الوضع الحقوقي في البلاد من خلال مراجعة القوانين والمراسيم والقرارات الإدارية، وبالتحقيق في شكاوى انتهاكات حقوق الإنسان، وإصدار تقارير دورية بنتائجها.

قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "اتخذ لبنان خطوة إيجابية، وإن تكن متأخرة، نحو القضاء على استخدام التعذيب في البلاد عبر تعيين أعضاء لجنة الوقاية من التعذيب. ينبغي للحكومة الآن تخصيص ميزانية كافية ليتمكن الأعضاء من بدء العمل".

ستشرف اللجنة المكونة من 5 أعضاء على تطبيق قانون مناهضة التعذيب الذي أُقر في سبتمبر/أيلول 2017. وستكون لها سلطة إجراء زيارات مفاجئة منتظمة لجميع أماكن الاحتجاز، والتحقيق في استخدام التعذيب، وإصدار توصيات لتحسين معاملة المحتجزين. سيتمكن الأعضاء من مقابلة المحتجزين على انفراد دون وجود الحراس. السلطات اللبنانية ملزَمة قانونا بالتعاون مع هذه اللجنة وتسهيل عملها.

جاءت التعيينات بموجب القانون اللبناني الصادر في أكتوبر/تشرين الأول 2016 الذي أنشأ اللجنة وقرّب لبنان خطوة إضافية من الامتثال بالبروتوكول الاختياري الدولي لاتفاقية مناهضة التعذيب، الذي صادق عليه في 22 ديسمبر/كانون الأول 2008. يُلزِم البروتوكول لبنان بإنشاء آلية وطنية مستقلة لمنع التعذيب، تتضمن إجراء زيارات منتظمة لمراكز الاحتجاز في البلاد لمعاينة معاملة المحتجزين.

قالت هيومن رايتس ووتش إنه ينبغي لمجلس الوزراء تقديم ميزانية كافية لكل من الهيئة واللجنة، وإنه ينبغي للبرلمان التصديق على الميزانية والمراسيم المالية ذات الصلة للسماح لهما بتنفيذ مهامهما.

وثّقت هيومن رايتس ووتش باستمرار تقارير ذات مصداقية عن التعذيب في لبنان. رغم ذلك، لم تحقق السلطات كما يجب في ادعاءات التعرض للتعذيب وسوء المعاملة على يد قوى الأمن، لتظل محاسبة التعذيب خلال الاحتجاز غائبة. وصف زياد عيتاني، وهو ممثل معروف مُبرّأ من تهمة التجسس لمصلحة إسرائيل، تفاصيل اختفائه القسري وتعذيبه خلال اعتقاله على يد جهاز "أمن الدولة" في نوفمبر/تشرين الثاني 2017.

راسلت هيومن رايتس ووتش أمن الدولة والنيابة العامة التمييزية، مثيرة هذه الادعاءات لحثّهما على إجراء تحقيق شامل في القضية. لم تتلق استجابة ذات مغزى.

قال عيتاني لـ هيومن رايتس ووتش إنه رفع دعوى مدنية ضد الأفراد المتورطين في تعذيبه في نوفمبر/تشرين الثاني 2018. ومع ذلك، قال إن المدعي العام التمييزي أحال القضية إلى المدعي العام العسكري، وإنه لم يكن هناك أي تحرك في قضيته. بموجب القانون الدولي، ينبغي النظر في قضايا التعذيب أمام المحاكم القضائية العادية، وليس المحاكم العسكرية. تنص مقدمة قانون التعذيب الجديد في لبنان على أن قضايا التعذيب تتولاها المحاكم القضائية العادية، إلا أن ذلك لا ينعكس في نصها التنفيذي، ما يسمح باستمرار المحاكم العسكرية اللبنانية بتولي بعض القضايا.

في يوليو/تموز 2017، مات في عهدة الجيش 4 سوريين على الأقل خلال أيام من احتجازهم، وسط أدلة على التعذيب. رغم إعلان وسائل الإعلام المحلية انتهاء الجيش من التحقيق في وفاتهم في 24 يوليو/تموز، إلا أنه لم ينشر النتائج.

بعد مثول لبنان لأول مرة أمام "لجنة مناهضة التعذيب"، الهيئة الدولية المكلفة بالإشراف على تنفيذ الاتفاقية، أشارت اللجنة في ملاحظاتها الختامية إلى أنها لا تزال:

تشعر بالقلق إزاء مختلف التقارير المتطابقة التي تفيد بأن قوات الأمن والجيش تواصل استخدام التعذيب ضد المشتبه بهم الموجودين رهن الاحتجاز، بمن فيهم الأطفال، الذين يودعون في أغلب الأحيان في الحبس الانفرادي، وهو أسلوب تلجأ إليه أساسا لانتزاع الاعترافات لاستخدامها في الدعاوى الجنائية أو كشكل من أشكال العقاب على الأفعال التي يُعتقد أن الضحية ارتكبها.

يحظر قانون مناهضة التعذيب اللبناني لعام 2017 أي عذر أو تبرير للتعذيب ويمنع استخدام الشهادات المنتزعة تحت التعذيب كأدلة إلا ضد شخص متهم بارتكاب التعذيب. كما يوفر إجراءات خاصة للتحقيق في ادعاءات التعذيب وحماية الشهود.

تحتل الحاجة إلى مكافحة التعذيب وإساءة المعاملة موقعا أساسيا في عدد من الاتفاقيات والمعاهدات والإعلانات الدولية، ولبنان ملزم باحترامها بموجب القانون الدولي، ومقيَّد بها بموجب مقدمة دستوره. تشمل تلك "الإعلان العالمي لحقوق الإنسان"، و"العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية"، و"اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة"، و"البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية مناهضة التعذيب".

ينبغي للبنان قبول الطلب المعلق للمقرر الخاص المعني بمسألة التعذيب لزيارة لبنان، المقدم في 13 فبراير/شباط 2017. ينبغي له أيضا إتاحة التقرير الأخير والوحيد الصادر عن اللجنة الفرعية لمنع التعذيب في 2010 للعلن، وكذلك استجابة الدولة المقدمة في 2012.

قالت فقيه: "رغم التحسينات في إطار مناهضة التعذيب في لبنان، لم نشهد بعد تقدما ملموسا في محاسبة المسؤولين عن التعذيب. ينبغي للسلطات اللبنانية ضمان تمتع المؤسسات التي أنشأتها لإنهاء التعذيب بالموارد التي تحتاج إليها لإحداث تغيير حقيقي".

 

Your tax deductible gift can help stop human rights violations and save lives around the world.

الموضوع

الأكثر مشاهدة