جلستُ في حانة قريبة من بيتي في بروكلين بنيويورك نهاية الأسبوع الفائت، وشاهدت مجموعة متحمسة ومتنوعة عرقيا من مُحبّي المنتخب الإنغليزي لكرة القدم، بينما تقدمت إنغلترا إلى الدور النصف النهائي في "كأس العالم" على حساب السويد.
جعلتني لحظات الفخر الرياضي المشتركة تلك أتأمل كيف يقدم كأس العالم نظرة مختلفة تماما عن نظرة القادة السياسيين المعادين للأجانب، والذين سادوا نشرات الأخبار أكثر مما ينبغي مؤخرا.
تعكس فرنسا وبلجيكا وإنغلترا، وهي أعلى الفرق تصنيفا في المسابقة، معايير عالية في التنوع هي الأخرى، حيث العديد من نجومها من الجيلين الأول والثاني من المهاجرين. فستة لاعبين من التشكيلة التي بدأ بها المنتخب الإنغليزي ضد السويد يتحدرون من آباء وأمهات ذوي أصول غير إنغليزية. كما يتحدر أغلب لاعبي الفريق الفرنسي من جاليات مهاجرة، بما في ذلك المهاجم النجم كيليان مبابي، الذي ولد في فرنسا لأب كاميروني وأمّ جزائرية. وقد أدهش البلجيكي روميلو لوكاكو، الذي وُلد في أنتويرب لوالدين كونغوليين، الجماهير بتحركاته على خط الهجوم. وهو الآخر من اللاعبين البلجيكيين الذين ولدوا لأبوين مهاجرين.
حرص العديد من المشجعين على الإشارة إلى أن هذه الفرق الأوروبية لم تكن حتى لتقترب من الكأس نفسه لولا فوائد الهجرة. ومع ذلك، فنحن نعيش الآن في عصر سياسة فظيعة لمكافحة الهجرة. فأوروبا تفقد مبادئها وسط جهودها للتصدي لطالبي اللجوء والمهاجرين القادمين عبر البحر الأبيض المتوسط، في حين تقوم حكومة الرئيس دونالد ترامب بنزع الأطفال من والديهم الذين يلتمسون اللجوء، أو احتجاز العائلات الفارة من العنف لأجل غير مسمى.
في كل من أوروبا والولايات المتحدة، يستخدم الزعماء السياسيون خطاب كراهية الأجانب لإذكاء المخاوف من "الآخر"، أي المهاجرين واللاجئين وطالبي اللجوء والمسلمين وأصحاب البشرة الداكنة، من خلال حجج كاذبة أو مبالغ فيها متعلقة بالجريمة أو التحلل الثقافي أو التأثير الاقتصادي.
قال ترامب لصحيفة "واشنطن بوست" قبل انطلاقه إلى أوروبا هذا الأسبوع إن "الهجرة تدمر أوروبا التي نعرفها، ومن المحزن للغاية أن نكون شهودا على ما يحدث".
أتمنى لو يستمع ترامب إلى مدرب إنغلترا غاريث ساوثغيت، الذي تحدث باسم الكثيرين عندما قال: "نحن فريق يمثل إنغلترا الحديثة بتنوعنا وشبابنا". وبالنظر إلى المواقف القبيحة لبعض السياسيين الأوروبيين المناهضة للهجرة، فاعتزاز ساوثغيت الواضح بالتنوع الإثني لفريقه يثلج الصدر.
علاوة على ذلك، بالنظر إلى استعداد ساسة أوروبيين مثل أنغيلا ميركل وإيمانويل ماكرون للاحتفال بالمزايا التي يمكن أن تجلبها الهجرة، إضافة إلى أبطال محتملين في كأس العالم مثل ساوثغيت، هناك فرصة حقيقية في أن يستمر عشاق كرة القدم في جميع أنحاء أوروبا بالتفكير في الأمر بشكل أكثر إيجابية حتى بعد فترة طويلة من صافرة النهاية في موسكو.