قال الحاكم (مسؤول البلدية): "قلت حقوق الإنسان؟ عليك استصدار التصريح من مكان آخر"، بعد أن طلبنا منه عقد مؤتمر صحفي في وقت سابق هذا الشهر في فندق بعاصمة موريتانيا، نواكشوط. في العادة يفصل الحاكم في أمر هذه التصاريح، لكن بما أن فعاليتنا اشتملت عرض تقرير ينتقد القيود الحكومية على المدافعين عن حقوق الإنسان، فلم يكن مستعدا لأية مخاطرة.
قال: "إذا وافقت مفوضية حقوق الإنسان فسنوافق بدورنا"، مشيرا إلى هيئة حكومية. على مدار الساعات الـ 48 التالية، طلبنا التصريح من المفوضية ومن الوزارات وهيئات رسمية أخرى ولم تصلنا ردود. في 12 فبراير/شباط – مع اقتراب موعد إطلاق تقريرنا – أخبرنا الفندق بما كنا نخشاه: لا مؤتمر دون تصريح.
استعرض تقريرنا بالتفصيل القوانين والممارسات التي تستعين بها موريتانيا في تقييد النشاط بمجال حقوق الإنسان. أعطتنا العقبات التي واجهناها أثناء محاولة إصدار تقريرنا في نواكشوط فكرة عما يواجهه الموريتانيون الذين يرغبون في الحديث علنا عن قضايا حساسة، لا سيما ما يمس العرق أو التمييز أو المحاسبة على انتهاكات الماضي.
في النهاية عقدنا مؤتمرنا الصحفي في غرفة مزدحمة بالحضور في مقر ملتقى منظمات الوطنية لحقوق الإنسان، وهو تجمع من المنظمات غير الحكومية الموريتانية المعترف بها قانونا.
أخبرتنا مصادر موثوقة بأنه في حين لن تمنع السلطات المؤتمر، فسوف يقوم مخربون بالتشويش على الفعالية، وهو أمر متكرر الحدوث يواجه أنشطة حقوق الإنسان التي يجري تنظيمها بصفة مستقلة. وفعلا بعد عرضنا للتقرير مباشرة، جاء سؤال عدواني من "صحفي" استدعى رد فعل قوي من ناشط، وبدأ الجميع بالصياح.
يمكن أن تكون موريتانيا أكثر قمعا من هذا بكثير. فالناشط عبد الله سالم ولد يالي محتجز منذ 24 يناير/كانون الثاني جراء تدوينات على وسائط التواصل الاجتماعي يندد فيها بالتمييز، وحتى وقت قريب كان محمد ولد امخيطير يواجه عقوبة الإعدام بتهمة الردة، بسبب تدوينة على مدونة ينتقد فيها التمييز بين الطبقات الاجتماعية.
سمحت السلطات لفرقنا بدخول موريتانيا بل وحتى قابلتنا. لكن النشطاء يواجهون عقبات كثيرة، مثل قمع الحكومة مؤخرا لمظاهرات لنشطاء ضد الاستعباد، ضد انعدام الأمن الغذائي.
سوف يقوم العديد من وفود الدول الأجنبية والوفود المستقلة في أبريل/نيسان بزيارة نواكشوط لحضور الدورة الاعتيادية الـ 62 للجنة الأفريقية لحقوق الإنسان والشعوب. ستكون هذه فرصة ممتازة ليُظهر قادة موريتانيا كامل الاحترام لحقوق النشطاء المحليين، بغض النظر عن درجة حدة خطاب هؤلاء النشطاء.