)موسكو) – قالت "هيومن رايتس ووتش" اليوم في تقريرها العالمي 2018 إن الحكومة الروسية صعّدت حملتها على المعارضة السياسية والمحتجين السلميين خلال عام 2017، قبل انتخابات 2018.
اتخذت الحكومة أيضا خطوات جديدة لخنق حرية التعبير في الإنترنت ووسائل الإعلام، كما أقر البرلمان قوانين أخرى تقيّد هذه الحريات. ضايقت السلطات النشطاء السیاسیین والمدنیین بشكل شرس وكثفت الملاحقة القضائیة للتعبير على الإنترنت. نفّذ مسؤولو الأمن الشيشانيون، بناء على أوامر من القيادة المحلية العليا، عملية تطهير واسعة النطاق لمكافحة المثليين، في حين أن السلطات الاتحادية لم تحاسب المسؤولين عن الحملة.
قالت تانيا لوكشينا، مديرة برنامج روسيا في هيومن رايتس ووتش: "كان العام الماضي مظلما للأصوات المستقلة في روسيا. مع اقتراب الانتخابات الرئاسية في مارس/آذار 2018، يصعّد الكرملين التدابير القمعية الرامية إلى إحباط المعارضة السياسية، النشاط المستقل، والتعبير النقدي".
في "التقرير العالمي" الصادر في 643 صفحة، بنسخته الـ 28، تستعرض هيومن رايتس ووتش الممارسات الحقوقية في أكثر من 90 بلدا. في مقالته الافتتاحية، كتب المدير التنفيذي كينيث روث أن القادة السياسيين الذين تحلّوا بالإرادة للدفاع عن مبادئ حقوق الإنسان أظهروا أن من الممكن وضع حد للأجندات الشعبوية السلطوية. عندما تضافرت جهودهم مع تحركات الجماهير والفاعلين المتعددين، أثبتوا أن صعود الحكومات المناهضة للحقوق ليس حتميا.
في الأشهر الستة الأولى وحدها من عام 2017، كان عدد الأشخاص الذين غُرّموا أو احتُجزوا لارتكاب انتهاكات مزعومة لأنظمة التجمعات العامة أعلى مرتين ونصف مقارنة بالعام 2016. في معظم الحالات، رفض المسؤولون الإذن بالمظاهرات وارتكبوا الاحتجاز التعسفي، ومضايقة وترهيب المتظاهرين السلميين، بمن فيهم تلاميذ المدارس وطلاب الجامعات، وأهالي الأطفال الذين شاركوا.
تدخلت السلطات بشكل منهجي في الحملة الرئاسية للسياسي المعارض وناشط مكافحة الفساد أليكسي نافالني. رغم عدم أهليته رسميا للترشح، بسبب إدانة جنائية ذات دوافع سياسية، فتح نافالني مكاتب للحملة في معظم مناطق روسيا. فتشت الشرطة مكاتب نافالني، واستولت بشكل تعسفي على مواد الحملة، كما اعتقلت الناشطين بتهم لا أساس لها من الصحة، وداهمت منازل النشطاء المحليين وأقاربهم. تصاعدت هجمات الجماعات القومية المتطرفة والناشطين المؤيدين للكرملين ضد العاملين في حملة نافالني ومكاتبه. خرّب المهاجمون مكاتب الحملة الانتخابية أو منازل العاملين فيها، واقتحموا الاجتماعات، واعتدوا جسديا على النشطاء.
كما وقعت عدة هجمات عنيفة على نشطاء وصحفيين مستقلين. مع اقتراب نهاية ديسمبر/كانون الأول، هاجم مهاجمون ملثمون 3 مدافعين عن حقوق البيئة وصحفي في كراسنودار. أحد الضحايا، أندريه رودوماخا، اضطر للخضوع لعلاج مكثف في المستشفى لكسر في الجمجمة والأنف.
واصلت السلطات حملة تشويه واسعة النطاق ضد المنظمات غير الحكومية المستقلة، وعاقبت 7 مجموعات محلية على التعاون المفترض مع منظمات أجنبية محظورة لكونها "غير مرغوب فيها".
حظرت التشريعات المعتمدة في يوليو/تموز إخفاء الهوية لدى استخدام الرسائل الإلكترونية والبرامج الحاسوبية المصممة لتجاوز الرقابة على الإنترنت. في نوفمبر/تشرين الثاني، اعتمد البرلمان قانونا يسمح للحكومة بتصنيف أي منظمة إعلامية أو مزود معلومات من أصل أجنبي بأنها "وسيلة إعلام أجنبية تؤدي وظيفة عميل أجنبي"، وتطالبها بالامتثال للّوائح التقييدية للمجموعات غير الحكومية المنصوص عليها في قانون "العملاء الأجانب" لعام 2012.
يسمح القانون أيضا للسلطات بمنع المواقع الإلكترونية التي تحتوي على "مواد إعلامية للمنظمات غير المرغوب فيها" دون محاكمة، أو تدعو إلى تجمعات عامة غير مصرح بها وأعمال متطرفة، بما في ذلك المعلومات التي يمكن الوصول إليها من خلال الروابط التشعبية. في ديسمبر/كانون الأول، هددت السلطات بحظر "تويتر" و"يوتيوب" إذا لم يزيلا محتوى منظمة "غير مرغوب فيها" محظورة. لا تزال المفاوضات جارية.
في مطلع الربيع، جمع مسؤولون أمنيون في الشيشان عشرات الرجال الذين يفترض أنهم مثليو الجنس، واحتجزوهم وعذوبهم في منشآت غير رسمية، وكشفوهم أمام أسرهم التي شجعوها على ارتكاب جرائم شرف بحقهم. ردّت قيادة الشيشان على الضغط الإعلامي بأنه ليس هناك أي شخص مثلي في الشيشان، واتهمت الصحفيين والحقوقيين بالسعي إلى زعزعة استقرار الجمهورية. فتحت السلطات الاتحادية تحقيقا، ولكنها لم توفر أي سبيل انتصاف فعال. في مطلع يناير/كانون الثاني 2018، اعتقلت السلطات الشيشانية في "المركز التذكاري لحقوق الإنسان"، وهي مجموعة حقوقية روسية رائدة، مدير قسم الشيشان فيها، أويوب تيتييف، على أساس تهم مخدرات ملفقة.
رغم استمرار ارتفاع معدلات العنف الأسري، أصدرت الحكومة الروسية في فبراير/شباط قانونا يلغي تجريم أعمال العنف الأسري التي لا تسبب ضررا جسديا جسيما.
تعرض العمال في الملاعب التي كان يتم بناؤها لـ "كأس القارات 2017" و"كأس العالم 2018" للاستغلال، الذي شمل عدم تزويدهم بعقود، حجب أجورهم، والانتقام للإبلاغ عن الانتهاكات.
صعّدت السلطات الروسية القمع ضد المنتقدين في شبه جزيرة القرم المحتلة، في المقام الأول ضد تتار القرم. قدمت دعما سياسيا وماديا للانفصاليين المسلحين في شرق أوكرانيا، بينما غضت الطرف عن انتهاكاتهم.
ارتكبت القوات السورية والروسية هجمات غير مشروعة في سوريا، منها ضربات جوية على المدارس والمستشفيات، واستخدام الذخائر العنقودية والأسلحة الحارقة في المناطق المأهولة. حمت روسيا الحكومة السورية من تداعيات انتهاكها قوانين الحرب. استخدمت روسيا حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي 11 مرة منذ عام 2011 لحماية دمشق من تبعات مثل العقوبات أو الإحالة إلى "المحكمة الجنائية الدولية".